آخر تحديث :الإثنين-25 نوفمبر 2024-12:12ص
أخبار عدن

كاتب سياسي يعقب لـ(صحيفة عدن الغد)

الأربعاء - 10 نوفمبر 2021 - 04:17 م بتوقيت عدن
كاتب سياسي يعقب لـ(صحيفة عدن الغد)
(عدن الغد)خاص:

تلقت صحيفة(عدن الغد) تقيباً من الكاتب السياسي اليمني صالح عبد الله مثنى بشأن ذكر اسمه في مذكرات الرئيس علي ناصر محمد والتي نُشرت في الصحيفة الورقية بتاريخ 9 نوفمبر 2021م ، وعملاً بحق الرد تنشر (عدن الغد) الرد كما هو على النحو الآتي:-

(تعقيب)

نشرت صحيفتكم " عدن الغد" يوم ٩ نوفمبر ٢٠٢١ م ما أعتقد أنه جاء في مذكرات الاخ علي ناصر محمد عن إنَّي حذرته من مؤامرة تدور حوله  ، وأنا هنا أنفي ذلك نفياً قاطعاً  ، فلم أحادثه مرةً واحدة خلال تلك السنوات ، بعد ان قرر خروجي من البلد بأي ثمن، رغم رفضي لعروضه بتعييني سفيراً في الخارج .

- عندما علمت بانه ينوي كتابة مذكراته عبرت له عن أملي  بان تتضمن استخلاص لدروس وعبر الماضي لصالح الحاضر والمستقبل ، وبما لا يسيئ لأحد ويشكل اضافةً للمكتبة الوطنية، ولكن للأسف جاءت لتثير جراحات تمنينا ان تندمل ،  وفي وقت كاد الناس ان يضعوها خلفهم ليتحدَّوا من جديد لمواجهة التحديات المتزايدة التي تهدد وحدة الجنوب وسلامته ومصيره ، ولذلك تفاعلوا بوطنية عالية مع دعوة التصالح والتسامح ، من صميم قلوبهم ، وحالما أخذ ينشرها في صحيفتكم الموقرة تمنينا عليه إيقاف ذلك لأنه يشعل من جديد ثقافة الكراهية ونزعات الإنتقام وبعث العداءات المناطقية المقيتة ، وأظنه استجاب ولا أدري بواعث نشرها من جديد !

- انا لم أكن يوماً من هواة دعاة الانشقاقات الداخلية ، ولا التحريض عليها ، ولا من الموالين لها ، على العكس تماماً سعيت بكل جهدي لتهدأت التوترات التي كانت تتصاعد قبل يناير ، محذراً من مخاطر انزلاقها إلى مواجهات ستطيح بالجميع وتلحق الضرر بالحزب والدولة والوطن ، وكان ذلك دأبي منذ ظهور تلك الانشقاقات بعد الاستقلال الوطني في العام ١٩٦٧م .

 - في العام ١٩٦٨م ، كنت مسؤلاً عن القيادة المحلية في الضالع ، جاءنا الرئيس قحطان الشعبي للمشاركة في احتفالات ١٤ أكتوبر وزع خلالها عقود انتفاع بأراضي الإصلاح الزراعي ، في تلك الفترة كان الأخ سالمين وبعض أعضاء القيادة العامة مقيمين عندنا بالضالع، بعد أحداث انقلاب مارس وانتفاضة ١٤ مايو ، والتي أحدثت صدعاً كبيراً بتنظيم الجبهة القومية وحكومة الإستقلال ، وفي الكلمة التي ألقيتها بإسم القيادة المحلية في المهرجان الجماهيري الذي أقيم بميدان الصمود بتلك المناسبة ، خاطبت الرئيس بالقول : " أنكم بإقرار قانون الإصلاح الزراعي يا فخامة الرئيس تكونوا قد حددتم بالفعل طريق التوجه الإشتراكي ، وهذا يدعو إلى إتساع نطاق المؤامرات ضد الثورة والوطن ، مما يتطلب وحدة تنظيم الجبهة القومية ؛ وحدة الجبهة الداخلية ؛وحدة الحركة الوطنية اليمنية ". وبالرغم من أن الأخ الرئيس قد رد علي بالكلمة التي ألقاها قائلاً : " إنَّ تنظيم الجبهة القومية موحد ؛ إن تنظيم الجبهة القومية متماسك ". إلَّا أنه في المساء استدعاني ، وقال : هذا هو الأخ سالمين عندكم وأنا أطلب من الأخ علي عنتر ومنكم ان تقنعوهم بالعودة إلى عدن ، ونحن نفتح لهم صدورنا ، وفعلاً جاءنا بعدها الأخ فيصل عبد اللطيف والتقى بنا بمنزل الاخ علي حسين القرين ، ونسقنا لفتح حوار مع الأخ سالمين ورفاقه من أعضاء القيادة العامة حتى تم الاتفاق على عودتهم الى عدن .

- وأثناء الأزمة التي تجددت لاحقاً في زمن الرئيس سالمين ، كنت سكرتيراً ثانياً  لمنظمة الحزب في لحج ، وحين كانت الجماهير تهتف سالمين سالمين سالمين ، كتجسيد لحالة انشقاق داخلي جديد ، جلست مع الأخ علي شايع وقلت له : إذا تصاعد الخلاف على هذا النحو سينفرط عقد المسبحة وبايقع يا سفينة جري الصنبوق ؛ لندعو للمحافظة على وحدة القيادة ، وفي المهرجان الذي الذي نظمناه لاحقاً في الحوطة عاصمة المحافظة ،  دفعنا بهتافات ، سالمين ، علي ناصر ، عبد الفتاح  ، ثم دعيت إلى إيقاف تأميم أملاك المواطنين خارج القانون ، ووقف اعتقالات أعضاء فصائل العمل الوطني،  بعدها جرت محاولة لاغتيالي دبرها بعض أعضاء لجنة المحافظة المتورطين بتلك الممارسات ، على أثرها دعاني الرئيس سالمين ، وأبدى أسفه لما حدث وكنت واثقاً ولازلت بانه لم يكن خلف تلك المحاولة ، عرض علي حينها العمل عنده مديراً لمكتبه للشؤون الداخلية وقال لي بالحرف الواحد : لن أقبل أي ورقة تدخل إلي أو تصدر من عندي  قبل ان تطلع عليها وتبدي رأيك فيها " ، اعتذرت وقلت له : والله يا أخ الرئيس لو يستمر الخلاف على ما هو عليه فإنكم ستنتهوا جميعاً في آخر المطاف ". ، وقد ذكّرت اللجنة المركزية للحزب بهذه المحادثة عندما اجتمعنا في قبو مقر الناصريين بصنعاء بعد حرب ١٩٩٤م . قبلها كان الرئيس سالمين قد استدعاني بعد عودتنا من دورة دراسية استمرت عامين بالمانيا في بداية السبعينات ، كان ضمنها الإخوة مقبل ، وعلي سالم لعور ، وحسين قماطة ، وفاروق مكاوي ، وسعد سالم فرج ، وأحمد شنبره ، واحمد علي هيثم ، وسألني حينها :  كيف تشوف الأوضاع بعد عودتكم ؟ قلت له : إلى الآن لم نتمكن بعد من الإحاطة بكل شيء . قال لي : اجلس سأقول لك وأخذ يتحدث "تذكر بعد الحركة التصحيحة في  يونيو ٦٩ شكلنا محكمة لمحاكمة فلول العهد البائد من اعداء الثورة من الإخوة فلان وفلان وفلان ، بدى عليهم التردد وشعر البعض بالارتباك ، فأخذت العناصر المعادية القيام بعمليات التخريب والإغتيال لبعض كوادرنا كما تعرف ، ولذلك قررنا ان نتغدى بهم قبل ان يتعشوا بنا ، حينها تدخلت وقلت له : قد يكون  ذلك دفاعاً عن النفس ولكني أخشى أن يتحول بيننا ، فرد علي ان ذلك لن يحصل وانا أعدك . 

- وعندما اندلعت ازمة جديدة داخل القيادة بعد رحيل الرئيس سالمين كنت نائباً لوزير أمن الدولة لشؤون مكافحة التخريب الاقتصادي  ولمدة لم تزد عن عام واحد ، طلبت من الأخ وزير أمن الدولة آنذاك الأخ محمد سعيد عبدالله محسن سحب مطالبته بالحاق الإستطلاع السياسي للقوات المسلحة بأمن الدولة ، لأن ذلك سيفجر خلافاً كبيراً مع قيادة وزارة الدفاع ، وذهبت للأخ علي عنتر وقلت له : المسألة لا تحتاج كل هذا التصعيد للمطالبة بإزاحة عبد الفتاح ومحسن ، هؤلاء ليس لديهم لا جيش ولا قبائل ويمكن التفاهم معهم بالحوار والمنطق ، وقد تجر هذه الخلافات ما بعدها مع إخوة آخرين لديهم أتباع بين القوى العسكرية والأمنية والمجتمع  وستدخل البلاد بصراعات أخرى لا نهاية لها  ، كان هناك من يسمع تلك الإتصالات ويذهب بها إلى الرئيس علي ناصر ، وبدى أنها أثارت حنقه ، ولذلك أقالني فور إزاحة الاخ محسن من وزارة أمن الدولة ، وبعدها أصر باجتماع المكتب السياسي على إتخاذ قرارا بتعييني سفيراً في الخارج ، في عصرية ذلك اليوم استدعاني الأخ علي عنتر  وأبلغني بالقرار ، وسألته : كيف وافقتم وقد رفضت عرضه لي عدة مرات ، انا ليس لدي رغبة بالخروج من الوطن بعد ان قضيت أكثر من ثمان سنوات في الدراسة بالخارج والعمل الدبلوماسي ، قال الراجل كان مصرًا  ، وقد سأله الأخ جار الله :  أين تريد تعيينه ، فأجابهم : في كينيا . ولماذا في كينيا ، يرعى بقر عقب عليه جار الله  ، الأخ صالح من أكفأ الكوادر ويستحق ان  يعيَّن بأهم سفارة لنا في الخارج ، وإذا كانت هي موسكو فنحن مقتنعين بالأخ صالح بن حسينون ، وبالأخ عبده علي عبد الرحمن في سوريا - إذا كانت دمشق هي اهم ثاني سفاره - "، وأضاف الأخ علي عنتر حينها تدخلت واقترحت ان يتم تعيينك بلندن على أساس أنهنه سيرفض لأنه لا يقبل ان يستبعد منها الأخ  محمد هادي عوض أقرب السفراء إليه ، وأضاف كلاماً آخر  ، ولكنه وافق على الفور وأتخذ القرار.

- ومع ذلك ظللت ابذل جهودي واتصالاتي لتخفيف التوترات المتصاعدة داخل القيادة ، حضرت مؤتمر الحزب في أكتوبر ١٩٨٥م ، وقبل عودتي للعمل بالسفارة دعاني الأخ علي ناصر للغداء معه في منزله بفتح التواهي ، وحينها سألني : كيف تشوف الأوضاع ؟ أجبته على الفور :  إنها تشبه برميل بارود ينتظر من يشعله لينفجر بالجميع وستنتهوا كلكم  . وسألني : وما هو الحل في تقديرك ؟  قلت له : اقول لك ما قلته للأخوة علي عنتر وصالح مصلح ، وماذا قلت لهم ؟ - سألني - فأجبته بإن يتعاملوا معك كرئيس وأن تشاركهم في إتخاذ القرارات ، في تلك اللحظة دخل علينا الأخ احمد مساعد حسين ،ونحن على الغداء ، قال له اسمع ما يقول الأخ صالح بان نتفاهم مع علي عنتر وصالح مصلح ، ولفت كل منهم للآخر وساد الصمت ، وعشيت مذبحة يناير استدعيت للسفر الى عدن ولكن الله لطف ، فقد اعتذرت لان عندي حالة مرضية عائلية . وتلك هي كل الحكاية مع فخامة الرئيس علي ناصر وحالة الصراعات المؤسفة التي ساعدت في ضياع دولة ووطن . 

- وطبعاً لدي الكثير ما أقوله وبمصداقيه فعلاً ، ولكني آثرت تسجيلها بالصوت والصورة ، وأودعتها في أكثر من مكان لنشرها عند الضرورة المبينة على تلك التسجيلات.

أمّا في هذا الرد فأكتفي بهذا القدر التزاماً بموقفي الداعي إلى عدم التشهير بالتاريخ الوطني ، ولا الكذب بعرض أحداثه ، ولا الإساءة إلى دعوة التصالح والتسامح ووحدة الصف ، ودعوتي بضرورة انخراط الجميع  بحوار جنوبي للمساعدة في إنقاذ الجنوب والوطن مما يهدد فعلاً وحدته وسلامته ومصيره ، وينقذ حياة مواطنينا الذين يساقون بتدابير ممنهجة الى مجاعة جماعية وموت مهين ، بغرض دفعهم لتغيير قناعاتهم الوطنية ومطالبتهم  بالحرية وتقرير المصير واستعادة بناء دولتهم المدنية المستقلة ، وتكاملها مع الأشقاء في شمال اليمن والشراكة الاقليمية والدولية البناءة ، والله المستعان .!

  صالح عبد الله مثنى .

  ١٠ / نوفمبر / ٢٠٢١ م