آخر تحديث :الأربعاء-24 أبريل 2024-02:23م

ملفات وتحقيقات


(تقرير) بعد ثمانية أشهر من تعيين المحافظ أحمد لملس.. ما الذي تحقق؟

الإثنين - 05 أبريل 2021 - 11:15 ص بتوقيت عدن

(تقرير) بعد ثمانية أشهر من تعيين المحافظ أحمد لملس.. ما الذي تحقق؟

(عدن الغد) خاص:

تقرير يقدم جردة حساب لعمل محافظ عدن والظروف التي تعيق تحقيق تغيير ملموس...

من الذي أعاق المحافظ في أداء مهامه؟

ما دور المليشيات والكيانات المسلحة المتفرقة في تقويض جهود لملس؟

هل حالت لوبيات النفوذ المسيطرين على موارد الدولة دون تحقيق المحافظ

لأهدافه وإظهاره كالعاجز؟

كيف انصدم المحافظ الإيجابي والنزيه بواقع فوضوي وفاسد؟

كيف تأكد للكثيرين أن تعيين محافظ نزيف اليد ليش كافياً؟

هل يقودنا هذا الوضع إلى رفض سلطات المليشيات وضرورة استعادة الدولة؟

القسم السياسي

أبرز ما تجسد من اتفاق الرياض، المبرم مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 2019، بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، كان تعيين أحمد حامد لملس محافظاً لمحافظة عدن، أواخر يوليو/تموز 2020.

أو على الأقل، هذا ما أجمع عليه المواطنون والسياسيون من شتى الانتماءات، مع توقعاتهم بأن تشهد عدن تغييراً أكيداً على مختلف المستويات الخدمية والمعيشية وحتى الأمنية.

لكن.. وبجردة حساب بسيطة لعمل المحافظ لملس خلال نحو ثمانية أشهر ماضية، يتضح أن شيئًا من التوقعات وسقف الأحلام المرتفع لم يتحقق.

وظلت عدن تعاني من انعدام الخدمات ومتطلبات الحياة الأساسية، بل والطبيعية، وتعتبر من أولويات أي دولة في العالم.

فالكهرباء والمياه تفاقمت أوضاعها وانحدرت نحو مزيد من التدهور والتردي، كما أن مرتبات منتسبي الجيش والأمن لم تنتظم وما زالت متأخرة.

ولن نخوض في قضية تردي العملة المحلية وانعكاسها على ارتفاع المواد الغذائية وتدني مستوى المعيشي للمواطنين بسببها، بحكم أنها من سياسات الحكومة وليست من اختصاصات المحافظ، رفم جلوس لملس في أيامه الأولى على رأس المحافظة مع شركات الصرافة وبذل جهود لمعالجة تردي الريال اليمني.

كل ذلك لم يتغير منذ تولى لملس مسئولية المحافظة، بل أن مراقبين ومواطنين يؤكدون أن التردي بلغ مستويات أعلى من ذي قبل.

المحافظ النزيه والإيجابي

لا يختلف اثنين على تمتع المحافظ أحمد حامد لملس بصفات الإيجابية والنزاهة، وخبرته السابقة والطويلة في الإدارة المحلية، في مديريات ومحافظات أخرى.

ويبدو أن هذا السبب الذي دفع المواطنين في عدن إلى التفاؤل بوجود شخص بخبرة لملس في سدة المحافظة.

بحسب عدد من الكتاب والصحفيين، فإن أحمد حامد لملس هو محافظ لمدينة استراتيجية وذات أهمية قصوى، جاء من عباءة المجلس الانتقالي، غير أنه كسب إجماع كافة الفرقاء السياسيين.

ويؤكدون أن الرجل معروف من القاصي والداني وأبناء عدن لأكثر من عشرين عاماً، مليئ بالحيوية والنشاط وفاعل ومتمرس وصاحب حضور قوي، وكاريزما لافتة.

غير أن هذا المحافظ النزيه والإيجابي والفاعل، اختفى في الأشهر الأخيرة، وبدأ اسمه في عدٍ تنازلي بين مواطني المدينة وخارجها، بعد أن كان ملئ السمع والبصر عند وصوله من الرياض ومباشرة عمله.

يصفه سياسيون بأن شهوره الأولى كانت عبارة عن صولات وجولات في أرجاء عدن، وعمل خلالها على تغطية الحكومة التي كانت غائبة، وامتلك قرارًا شجاعًا قولاً وفعلاً.

وبالفعل عمل في غضون ثلاثة أشهر ما لم تقوم به حكومة المحاصصة طوال أربعة أشهر من وجودها في عدن، بحسب وصف الصحفي الجنوبي علي منصور مقراط.

حيث يشير إلى بعض إنجازات لملس في حلحلة بعض الملفات الساخنة، بما فيها دفع راتب شهر للجيش والأمن، ممن اعتصموا قبل أشهر قبالة مقر التحالف العربي.

كما نجح في إثناء المتقاعدين العسكريين على إغلاق بوابات الموانئ والمنشآت الاقتصادية في مدينة عدن، وهو ما رفع أسهم الرجل عند الكثير من المواطنين، وأثبت أنه رجل دولة.

لملس اليوم

يرى كثير من المتابعين، أن لملس الأمس ليس هو لملس اليوم، وذلك عطفاً على استمرتار التردي الحاصل في الخدمات داخل عدن.

بالإضافة إلى شخص المحافظ عن الكثير من القضايا الجسيمة التي تعانيها عدن، وعلى رأسها مشكلة الكهرباء.

الأمر الذي خلق اعتقاداً عند نسبة كبيرة من المواطنين، وأهالي مدينة عدن، أن الرجل بات مقيداً ومكبلاً بالعديد من الإجراءات البيروقراطية، وربما الحسابات السياسية، وحسابات النفوذ الشخصي والمالي للوبيات متوحشة أحاطت بالمدينة وحاصرتها من كل جانب.

ويبدو أن هذا التشخيص، دقيق بما فيه الكفاية، ليفسر للمتابعين كيف عمل قادة النفوذ المسشتري في عدن، على تحجيم قدرات المحافظ، والحد من جهوده، ليس ضعفاً في شخص لملس، بقدر ما هي حساسية الوضع الذي تعيش فيه عدن.

ولعل هذا الشعور انتقل مؤخراً إلى المواطنين، الذي استشعروا أن محافظ عدن يواجه ظروفاً وأوضاعاً أقوى من طموحاته، وتفوق خططه.

ويبدو أن أبرز تلك الجهات التي تمنع المحافظ من منارسة مهامه على أكمل وجه هي التشكيلات الأمنية والعسكرية المسيطرة على مدينة عدن، والتي تتهارض وتتقاطع مصالحها مع جهود المحافظ لملس ورغبته في تغيير الوضع العام للمدينة.

لوبيات عسكرية ونافذة

الوحدات العسكرية والأمنية التي تزخر بها مدينة عدن، لم تعد وظيفتها فرض الأمن، بقدر ما باتت تهيئة الأجواء لذوي النفوذ للبسط والنهب والسيطرةعلى عدن، بحسب ما يؤكده مراقبون ومحللون.

وتبدو هذه الوظيفة للوحدات العسكرية والأمنية المتناحرة في عدن، تحول دون تحقيق المحافظ رغبته في التغيير وتحسين أوضاع وظروف المدينة، ليس على مستوى إزالة ومكافحة البناء والبسط العشوائي، ولكن حتى في مجال السيطرةعلى إيرادات وموارد الدولة.

حيث يعتقد كثير من المراقبين أن المنشأت الحيوية والاقتصادية في عدن، والتي كان يمكن أن تكون مصدراً لتطوير الأوضاع والخدمات في المدينة، باتت اليوم في يد المتنفذين المحميين بتشكيلات أمنية وعسكرية تعيق عمل المحافظ في مكافحة مثل هذه الأعمال.

ويتأكد لبعض المتابعين أن مثل هذه اللوبيات المحمية بالأطقم العسكرية والأمنية لوحدات متناحرة ومشتتة وغير تابعة لقيادة معروفة أو موحدة، لن تسمح بأن ينفذ المحافظ رؤيته وجهوده في تغيير وجه المدينة، واستعادة دورها الحيوي اقتصادياً وسياسياً وجمالياً.

المحافظ النزيه.. ليس كافياً

يعتقد سياسيون أن المحافظ لملس جاء في الوقت غير المناسب، لفرض قدراته وخبراته وعكسها على الوضع الخدمي والمعيشي في عدن.

فالأوضاع المتدهورة أمنياً واقتصاديا تضرب كل مفاصل الدولة بكل محافظاتها ومناطقها وليس فقط مدينة عدن، ما يؤكد أن الأمر متعلق بسياسة عامة للحكومة، لن تقوى جهود محافظ واحد على معالجتها، خاصةً في مدينة كعدن تتقاذفها لوبيات الأمن والفساد.

قد يقول قائل أن محافظين كثر في محافظات جنوبية وأخرى شمالية محررة حققوا بجهودهم استقراراً وخدمات لمحافظاتهم، مثل شبوة ومأرب مثلاً.

لكن ما يغفله هؤلاء أن شبوة أو مأرب تختلف تفاصيلها اليومية عن عدن التي تفتقر للتركيبة الاجتماعية المتجانسة، كما أنها غارقة في وحدات أمنية لا تأتمر بإمرة جهات موحدة وقيادة واحدة بأجهزة موحدة مثلما هو الحال في شبوة ومأرب.

وهذا يقودنا إلى التأكيد على أن المحافظ النزيه والإيجابي والمجتهد والفاعل، ليس كافياً لعمل وتحقيق إنجازات ملموسة، فهناك أيضاً متطلبات لا بد منها، كتضافر كافة مؤسسات وأجهزة الدولة، وتوظيفها بيد المحافظ وحده.

وهو ما تفتقد إليه عدن، وتعاني منه، ويحول دون تحقيق شيء ملموس وحقيقي.

وهو ما يعني ضرورة استعادة أجهزة الدولة، ونبذ دور المليشيات التي لم تجنِ سوى الخراب وتعطيل الخدمات، ولم تأتِ بأي خدمات أو تحسين للحياة المعيشية التي يكابدها المواطن البسيط.

ولعل المحافظ لملس قد أدرك فعلياً أنه لن يستطيع أن يقوم بمفرده بكل تلك المسئوليات، فاليد الواحدة لا تصفق، ولا بد من عودة كيان الدولة لتوفير كافة احتياجات المواطنين.