آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-06:09م

ملفات وتحقيقات


(تحليل سياسي).. لماذا هذا التفاوت بين مرتبات جيش الشرعية وقوات الانتقالي؟

الإثنين - 08 مارس 2021 - 11:02 ص بتوقيت عدن

(تحليل سياسي).. لماذا هذا التفاوت بين مرتبات جيش الشرعية وقوات الانتقالي؟

(عدن الغد)خاص:

تحليل يتناول توقف مرتبات منتسبي القوات العسكرية والأمنية في الشرعية والانتقالي

في الوقت الذي تتكفل الشرعية بمرتبات قواتها يتكفل التحالف بمرتبات

مضاعفة لقوات الانتقالي!

لماذا لا توجد آلية منذ تحرير عدن لتوحيد المرتبات وصرفها بانتظام؟

رغم التفاوت.. القوتان تتشاركان اليوم معاناة توقف المرتبات!

أين تذهب إيرادات الدولة ولماذا لا يتم توجيهها لتوفير المرتبات والخدمات العامة؟

فوضى المرتبات.. من المسئول ولماذا؟!

(عدن الغد) القسم السياسي:

على وقع الاحتجاجات الشعبية التي تشهدها مدينة عدن، تتبادر إلى الأذهان
العديد من التساؤلات حول أسباب هذا التدهور والتردي الكبير في مختلف
القطاعات الخدمية والمعيشية بالمدينة.

ففي الوقت الذي يرزح المواطنون المدنيون تحت تهديد أوضاع مأساوية هي
الأسوأ على الإطلاق، ثمة معاناة لا تقل كارثية عما يواجهه المدنيون.

هذه المعاناة ضحيتها الجنود والمقاتلون ومنتسبو القطاعين الأمني والعسكري
على طول البلاد وعرضها، وليس فقط في مدينة عدن وحدها.

إذ ما يزال عشرات الآلاف، إن لم نقل مئات الآلاف، من الجنود والمقاتلين
محرومين من قوتهم وقوت إولادهم الرئيسي، المتمثل في المرتبات والمعاشات،
منذ ما يقارب أو يزيد على تسعة أشهر.

وهذا الحرمان ليس مقتصراً على فئة معينة دون غيرها من المقاتلين
المحسوبين على طرف دون الآخر، ولكنها متعلقة بكل منتسبي قوات الحكومة
الشرعية أو القوات المنتمية للمجلس الانتقالي الجنوبي.

ورغم هذا الحرمان الذي لا يقدر عليه سوى الجندي والمقاتل اليمني، إلا أن
الجبهات ما زالت مشتعلة، سواء ضد المليشيات الحوثية، أو تلك التي يتمترس
فيها المقاتلون الجنوبيون ضد بعضهم البعض.

وفي حقيقة الأمر فإن هذه المعاناة لها أوجه وأشكال عديدة، ولا تقف عند
مستوى توقف المرتبات منذ شهور، بل أن هناك معاناة في التفاوت والتباين
بين حجم ومستوى المرتبات التي يتقاضاها منتسبو كل طرف من أطراف الطيف
السياسي والعسكري، في الجنوب خاصةً، واليمن عموماً.

فوضى المرتبات وتفاوتها

لا يخفى على كثيرين في عدن، ومحافظات الجنوب عموماً، ما يتقاضاه منتسبو
القوات المنتمية للمجلس الانتقالي الجنوبي من مرتبات تفوق أضعافاً مضاعفة
ما يتلقاه نظراؤهم من الجنود المنتسبين لقوات الحكومة الشرعية.

هذا الوضع شكل أحد أبرز أوجه التناقض، وضاعف المعاناة بين المنتسبين
للقوات المسلحة سواء في الشرعية أو الانتقالي، وكانت هذه المعاناة تحت
الرماد، حتى في ظل استمرار صرف المرتبات خلال السنوات الماضية.

وهو ما نتج عنه ما يصفه مراقبون بـ"فوضى المرتبات"، والتي بدأت منذ
الوهلة الأولى لتأسيس الوحدات والتشكيلات الأمنية والعسكرية، ما بعد عام
2015.

غير أن المعاناة الحالية، والمتجسدة في توقف المرتبات منذ شهور، هي
الأكثر والأعمق أثراً، على المستوى المعيشي لعشرات الآلاف من الجنود.

وهذا الوضع المأساوي، هو ما دفع بعدد من الضباط، حتى أولئك المحسوبين على
المجلس الانتقالي الجنوبي، إلى إبداء سخطهم وامتعاضهم من استمرار حرمانهم
مرتباتهم، واتهام قادتهم بالعيش في "بحبوحة"، فيما الجنود يكابدون شظف
العيش.

لكن.. قيل تناول السخط من قبل ضباط وجنود كلا الجانبين، كان لا بد من سبر
أغوار أسباب التفاوت في مرتبات مقاتلي الانتقالي ونظرائهم من جنود
الشرعية.

فمنتسبو الأول كانوا يتقاضون مرتباتهم بالعملة الأجنبية، الريال السعودي
تحديداً، والتي يتضاعف بناءً عليها المرتب وفقاً لأسعار الصرف، وقد يصل
مستواها إلى ما يزيد على مائتي ألف ريال يمني، بحسب سعر الصرف.

بينما لا يزيد مرتب الجنود المنتسبين للقوات الشرعية على 60 ألف ريال، في
أحسن الأحوال.

وتعود هذه الفوضى إلى سبب جلي، يكمن في أن التحالف العربي هو من يتكفل
بصرف مرتبات جنود الانتقالي، بينما تتحمل الشرعية مسئولية مرتبات
مقاتليها.

غياب السياسات والآليات

بعض الوحدات والتشكيلات الأمنية البارزة الموالية والتابعة للمجلس
الانتقالي الجنوبي، صدرت بها قرارات من رئاسة الشرعية، غير أن التحالف هو
من تكفل بمرتباتها، واستمر كذلك إلى اليوم.

فيما ظلت الشرعية تتحمل لوحدها مسئولية صرف مرتبات منتسبيها المستجدين،
المنتمين إليها ما بعد عام 2015، اعتماداً على مواردها وإيراداتها
الذاتية، دون أي دعم من قبل التحالف.

وهذا- بحسب محللين- قد يحمل في ثناياه الكثير من الإشارات والدلالات
السياسية التي ظهرت ملامحها في العديد من الأحداث الجسيمة التي شهدتها
الساحة الجنوبية تحديداً.

لكنه في ذات الوقت، يؤكد أن هناك غياباً واضحاً للسياسات الموحدة
والآليات المتفق عليها بين التحالف العربي، وبين الحكومة الشرعية، خاصةً
على المستوى العسكري، الذي يعتبر أساس علاقة كل منهما بالآخر.

فالتحالف العربي جاء بطلب من الشرعية اليمنية، لاستعادة هذه الأخيرة، إلا
أنه من غير الملائم أن تغيب مثل هذه التوافقات التي تمس الجوانب المالية
في الملف العسكري تحديداً، وهو جوهر تدخل التحالف لدعم الشرعية، وفق
مراقبين.

حيث يؤكدون أن أمراً كهذا كان يستوجب توافقاً وتوجهاً موحداً، تحكمه
آليات وسياسات واضحة، لتوحيد المرتبات، وصرفها بانتظام؛ تضمن سيطرة
الشرعية أو حتى التحالف على التشكيلات العسكرية المستحدثة.

"المساواة في الظلم"!

ويبدو أن التفاوت في مستوى المرتبات بين مقاتلي الحكومة الشرعية، والمجلس
الانتقالي الجنوبي، أبى إلا أن ينتهي، ويبدأ الجانبان التشارك في معاناة
توقف المرتبات منذ قرابة تسعة أشهر.

وهو ما استدعى الكثير من التساؤلات من قبل مراقبين ومحللين، حول أسباب
هذا التوقف المريب لمرتبات كلا الطرفين.

فلسان حال هؤلاء المحللين، يؤكد أنه حتى لو سلمنا بعدم قدرة الحكومة
الشرعية على انتظام صرف مرتبات منتسبيها على طول البلاد والمناطق
المحررة، وليس فقط الجنوبية، إلا أنه يصعب التصديق أو التسليم بعدم قدرة
التحالف على توفير مرتبات ضباط وجنود ومنتسبي المجلس الانتقالي.

وهو ما اعتبره المراقبون بأنه لا يعدو عن كونه ضغوطات على قيادات المجلس
الانتقالي لتمرير الملفات العسكرية والأمنية لاتفاق الرياض الذي يعاني في
مسيرة تنفيذه.

وأن هذه الأساليب التي يتبعها التحالف هي مجرد وسائل لتسليم مؤسسات
الدولة ومعسكراتها من قوات الانتقالي التي سيطرت عليها في اغسطس 2019.

ورغم أن هذا التحليل يعتبر وارداً ومحتملاً، إلا أن التساؤل الآخر الذي
يبرز إلى السطح، متعلق بأسباب تعثر صرف المرتبات لمنتسبي الحكومة
الشرعية، التي لا تسعى للضغط على مقاتليها، بقدر السعي لتحفيزهم ورفع
معنوياتهم.

خاصةً وأن ثمة إيرادات وموارد تمتلكها الحكومة الشرعية، قادرة من خلالها
على توفير مرتبات منتسبيها في الجيش اليمني، وحتى توفير الخدمات العامة
كالكهرباء وغيرها، في المناطق المحررة.

الأمر الذي يوحي بأن ثمة تجاوزات ومخالفات، يمنحها مراقبون صفةً مناسبة
تدعى "قضايا فساد"، تتلاعب فيها أيادٍ حكومية بأموال الإيرادات وتلتهمها،
الخدمات منعدمة، والجنود بلا مرتبات.

وهذا الأمر قد يقود إلى استحضار أحد التعليقات الساخرة لبعض للكتاب
السياسيين، الذي وصف هذا الوضع في توقف مرتبات منتسبي القوات الشرعية
والانتقالية على السواء، بأنه "مساواة في الظلم"!.

قادة وجنود

ثمة موقف، أثار الكثير من الجدل على الساحة الجنوبية، يلائم الحديث عن
المرتبات، وهو التصريح الذي خرج به أحد ضباط ألوية الدعم والإسناد
التابعة للقوات الجنوبية الموالية للمجلس الانتقالي.

كان الضابط الشاب، وضاح طماح، المنتسب للواء الأول دعم وإسناد، والذي
أسسه الراحل العميد منير اليافعي أبو اليمامة، يتهم قادة الانتقالي وقادة
الألوية الأمنية بالعيش في رغد وبحبوحة العيش، بينما المقاتلون والجنود
لا يجدون قوت وأرزاق أطفالهم.

هذا الحديث يلخص كثيراً من الفوضى التي يشهدها الوضع في المحافظات
الجنوبية، فيما يتعلق بمرتبات الجنود المقاتلين، سواء من الانتقالي أو من
الشرعية.

حيث ينعم القادة والمسئولون بالرفاهية والأموال والأراضي والعيش في
الفنادق والسفر عبر عواصم العالم، والتنقل بينها، في الوقت الذي "يعافر"
الجنود تراب الوطن، ليوفروا أساسيات أطفالهم ومن يعولون، دون أن يتحقق
لهم من أحلامهم وجهودهم شيء!.