آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-06:25م

ملفات وتحقيقات


(تقرير) مع مؤشرات إنهاء الحرب.. هل هناك مطالب بإعادة أحمد علي إلى الواجهة؟

السبت - 27 فبراير 2021 - 10:54 ص بتوقيت عدن

(تقرير) مع مؤشرات إنهاء الحرب.. هل هناك مطالب بإعادة أحمد علي إلى الواجهة؟

(عدن الغد)خاص:

تقرير يتناول أسباب وأبعاد عودة المطالبات برفع العقوبات الأممية عن أحمد
علي عبدالله صالح

ما حظوظ الرجل لأن يكون الرئيس القادم لليمن؟

هل يملك القدرة على العودة للمشهد السياسي أم أنه ضعيف؟

لماذا تتجاهل الشرعية دعوات رفع العقوبات عن أحمد علي؟

تجديد العقوبات عاماً إضافياً.. هل هو مؤشر لاستمرار الصراع؟

لماذا الدعوة لرفع العقوبات الآن؟

تقرير / بديع سلطان:

ارتبط اسم أحمد علي عبدالله صالح، نجل الرئيس اليمني السابق، ببدايات
الصراع والأزمات التي ما زالت تداعياتها تضرب البلاد منذ عقدين كاملين.

فقبل عشر سنوات، تماماً، في فبراير 2011 خرجت جموع اليمنيين في معظم
المدن اليمنية؛ لمطالبة النظام السابق بالرحيل والتخلي عن رغبة "التوريث"
التي سعى إليها منذ بداية الألفية الثالثة.

هذا السعي، لم يبرز منذ عشر سنوات فقط، بل بدأ عقب الانتخابات الرئاسية
المباشرة الأولى التي شهدتها اليمن، عام 1999، حينها تبنى النظام الحاكم
فكرة "توريث" الحكم، ومنذ ذلك الوقت بدأ نجم الرئيس المتوقع القادم
بالصعود، بفضل والده.

كان الرئيس علي عبدالله صالح، يدفع نجله بكل قوة ليظهر على السطح، فأسند
إليه قيادة ما عرف بقوات "الحرس الجمهوري"، والتي اتهمها كثيرون بأنها
قوات عائلية بحتة قبل أن تكون قوات جمهورية أو وطنية.

حينها كانت الأحزاب السياسية تبتز النظام الحاكم، لمنعه من فرض فكرة
التوريث، وكان النظام يمالئ الأحزاب والسياسيين، ويتجنب مواجهتها حتى
يستطيع تمرير هذه الفكرة، فلجأ إلى تمديد عمر الأحزاب في البرلمان الحالي
الذي لم يشهد أية انتخابات برلمانية تذكر منذ عام 2003.

وفي خضم هذا الوضع، برزت قيادات سياسية وعسكرية تناهض توريث أحمد علي
عبدالله صالح لخلافة والده، فكان الخوف منها متعاظماً، واستطاع صالح
"الأب" أن يستنزف تلك القيادات في حروب عبثية في أقصى الشمال اليمني مع
الحوثيين.

وهي سلسلة الحروب التي بدأت عام 2004، ولم تفضي إلى أي نتائج ملموسة
وحقيقية، غير أن مراقبين كثر اعتبروها حرباً على قضية التوريث، أكثر منها
حرباً لمواجهة الإمامية الجديدة في صعدة.

ثورة فبراير والتوريث

كان أبرز أهداف ثورة فبراير، التي احتفلت قبل أسابيع بمرور عقد كامل على
انطلاقها، إسقاط توريث أحمد علي عبدالله صالح.

ويبدو أن هذا ما دفع كثير من القيادات العسكرية اليمنية التي عارضت صالح
"الأب" إلى الانضمام لصفوف الثورة منذ أيامها الأولى، نكاية برأس النظام،
ورفضاً للتوريث، وتلك الشخصيات العسكرية ما زالت متواجدة على هرم الحكومة
الشرعية اليوم.

ومن الواقعية القول إن ثورة فبراير استطاعت بالفعل إسقاط جهود التوريث
حينها، لكنها لم تستطع إخراج النظام السابق من المشهد، أو على الأقل رأس
النظام، الذي ظل متحكماً بالتفاصيل.

وقد تكون ثورة فبراير قد نجحت في هيكلة قوات وألوية الحرس الجمهوري التي
كان قائدها أحمد علي صالح، كما نجحت في إبعاده عن الساحة اليمنية،
وتعيينه سفيراً لدى أبو ظبي؛ إلا أنها لم تنجح كلياً في القضاء على
النظام بشكل تام.

وهو ما تجلى فعلياً على الواقع، من خلال الانتقادات التي تلقتها ثورة
فبراير في ذكراها العاشرة، وتحميلها مسئولية ما وصلت إليه اليمن من تدهور
وتردٍ على مختلف الأصعدة.

ولم يقف انتقاد فبراير عند هذا الحد، بل تجاوزت ذلك لتشمل الدعوات بعودة
رموز النظام السابق، ورفع العقوبات عنهم، وعلى رأسهم أحمد علي عبدالله
صالح.

وهي دعوات اعتبرها مراقبون بأنها انتكاسة لأهداف ثروة فبراير في إسقاط
فكرة التوريث، خاصةً وأن دعاوي ومطالب عودة نجل صالح، باتت اليوم أقوى من
ذي قبل.

لماذا الآن؟

تصاعد الدعوات، حالياً، وفي هذا التوقيت تحديداً، لرفع العقوبات عن نجل
صالح، وعودته إلى الداخل اليمني، يبعث على الكثير من التساؤلات.

فالدعوات المتصاعدة، ترافقت مع مطالب دولية، تبنتها الإدارة الأمريكية
الجديدة، برئاسة جو بايدن لإنهاء الحرب في اليمن، وتحقيق تسوية سياسية
بين الأطراف المتصارعة.

ويبدو أن هذا التوجه الدولي والإقليمي الذي بدأ يتبلور مؤخراً لإنهاء
الحرب، دفع باسم نجل صالح للظهرو مجدداً على الساحة، خاصةً وأن الرجل
يتمتع بالكثير من القوى المساندة.

وهذه القوى الإقليمية وحتى الدولية المساندة لنجل صالح، قد تبدي
استعدادها للوقوف إلى جانب الرجل ودعمه للتواجد في سدة الحكم، وفق مصالح
وأجندات معينة، تتناسب مع الوضع الجديد للبلاد، ورؤية العالم الجديدة
لليمن.

بالإضافة إلى أن محللين يرون أن إرث ثورة فبراير تعرض للكثير من
الانتقادات، بعد أن وصلت البلاد إلى أوضاع مأساوية لم تشهدها في تاريخها
من قبل، يلصقها كثيرون بممارسات المنتسبين للثورة.

لهذا يتحدث البعض عن ضرورة عودة النظام السابق الذي قامت ضده ثورة
فبراير، لأن الثورة باختصار أثبتت فشلها- بحسب وصفهم- ومن الطبيعي
استعادة الوضع الذي كان قبلها.

حظوظ الرجل

المراقب للدعوات التي ضجت بها الساحة السياسية مؤخراً بشأن عودة أحمد
علي، يتأكد له أن الرجل يمتلك الكثير من الجهات الداعمة له، ولأركان
نظامه لتوليه مقاليد الحكم في اليمن.

هذه الجهات، منها ما هو محلي، ومنها قوى إقليمي، فبدءاً من فصيل حزب
المؤتمر الشعبي العام الموالي للرجل، وحتى من فصائل مؤتمرية أخرى منضوية
في إطار الحكومة الشرعية ذاتها، مازالت متمسكة برموز مؤتمر كأحمد علي،
ومروراً بدول قريبة من اليمن، تبنت نجل صالح منذ وقت مبكر، حتى قبل نشوب
حرب 2015، وترى فيه إمكانية تأمين مصالحها وأجنداتها في اليمن.

كل هذه الحظوظ السياسية يمكن أن تدفع به للتواجد على رأس نظام الحكم،
مستقبلاً على الأقل.

لكن.. ثمة أمور عديدة تعرض فيها نجل صالح للكثير من الانتقادات، وشككت في
قدراته كشخصية قادرة على ضبط إيقاع اليمن، على الأقل ليس كما كان يفعل
والده الراحل.

فالقائد العسكري قفز إلى قيادة ألوية الحرس الجمهوري، والتي تعتبر أكثر
ألوية الجيش اليمني تسليحاً وتدريباً وتأهيلاً نوعياً، كان على يد القوات
الأمريكية تحديداً، واختصر مسافات صاروخية للوصول إلى منصب ورتبة حُرم
منها كثير من المستحقين.

ويعتقد كثيرون أن أحمد علي استفاد واستغل نفوذ والده الذي أوصله إلى رتبة
عميد في زمن قياسي، دون أي مميزات وقدرات أو مبررات حقيقية، سواء كانت
عسكرية أم سياسية.

كما أن قوات وألوية الحرس الجمهوري كانت خاضعة لإدارة شخصيات عسكرية
مقربة من صالح، أخذت على عاتقها كل العمل والإعداد والإشراف، ولن يكن نجل
صالح سوى واجهة لقيادة هذه القوات، بالإضافة إلى خضوع الألوية لتصرف
أجهزة مكافحة الإرهاب الأمريكية ودعمها المتواصل.

وهذه السمات التي قد تكون عيوباً في شخصية الرجل، تثبت عدم تمرسه في
العمل العسكري، واعتماده الكلي على رجالات والده، ونفوذه الذي تلاشى
حالياً ولا وجود له.

موقف الحكومة الشرعية

في ظل كل هذا الجدل، والدعوات الدولية والمحلية لرفع العقوبات عن أحمد
علي عبدالله صالح، يبقى موقف الحكومة اليمنية ضبابياً وغامضاً تجاه
القضية.

ووفق مراقبين، فمن الطبيعي أن يكون موقف الحكومة الشرعية غير واضح، بسبب
جدلية ومكانة أحمد علي من الحكومة.

فثمة خلاف بين الجانبين، خاصة وأن رأس الشرعية يتبنى صراعاً لرئاسة حزب
المؤتمر الشعبي العام، الذي تشظى إلى عدة أجنحة وفصائل، أحدها ينتسب إلى
أحمد علي ذاته.

وربما قد يكون هذا الخلاف بين شخص الرئيس هادي وشخص نجل صالح كان وراء
ترحيب الحكومة الشرعية، يوم الجمعة، بتجديد العقوبات الأممية بحق أحمد
علي ورموز النظام السابق.

في الوقت الذي يؤكد مراقبون أن الحكومة يجب أن ترحب باستمرار العقوبات
عاماً آخراً، خاصةً وأنها تشمل قيادات من الانقلابيين الحوثيين، وهي ذات
العقوبات التي فرضها مجلس الأمن منذ أبريل عام 2015.

تجديد العقوبات واستمرار الحرب

في الوقت الذي اعتقد البعض أن رفع العقوبات عن رموز نظام صالح، بداية
لنهاية الحرب والوصول إلى تسوية سياسية للصراع اليمني، يرى آخرون أن
تجديد العقوبات يعتبر ضوءً أخضر لاستمرار الصراع والحرب.

ويعتقد محللون دوليون أن إضافة عام آخر للعقوبات بحق قيادات نظام صالح،
والقيادات الحوثية، يؤكد أن الحرب ستستمر على الأقل عاماً آخراً، قد يشهد
ترتيبات وتفاهمات ما قبل التسوية.

باعتبار أن العقوبات إحدى وسائل وأدوات الضغط على أطراف الصراع،
واستغلالها لتمرير صفقات التسوية، حتى ضد الحكومة المعترف بها دولياً.

حيث يمكن أن تكون العقوبات الأممية أداة لابتزاز الحكومة المعترف بها،
كما أنها وسيلة لتقييد الأطراف الراغبة بعرقلة أو رفض أية تفاهمات وصفقات
لتحقيق التسوية المرتقبة.