آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-07:37م

ملفات وتحقيقات


(تقرير) .. من هي الجهات التي تسيطر على إيرادات الدولة وتمنع وصولها إلى البنك المركزي؟

الثلاثاء - 16 فبراير 2021 - 10:16 ص بتوقيت عدن

(تقرير) .. من هي الجهات التي تسيطر على إيرادات الدولة وتمنع وصولها إلى البنك المركزي؟

(عدن الغد)خاص:

تقرير يتناول عدم قدرة الحكومة على تحصيل الإيرادات وتأثير ذلك على عمل
البنك المركزي

لماذا فشلت الحكومة في تحصيل إيراداتها منذ ست سنوات وكيف يؤثر ذلك عليها؟

لماذا ترفض عدد من المحافظات التوريد للبنك المركزي في عدن؟

من هو الثقب الأسود الذي يلتهم النصيب الأكبر من الإيرادات؟

هل ستساهم الإيرادات غير المحصلة في صرف رواتب الموظفين بانتظام؟

إيرادات الدولة والثقب الأسود

(عدن الغد) خاص:

طالب محافظ العاصمة عدن أحمد حامد لملس، بمساواة الرسوم الجمركية في
ميناء عدن والمنافذ البرية والجوية ببقية موانئ ومنافذ البلاد الأخرى،
وكذا منح عدن نسبة من مواردها المالية أسوة بالمحافظات الأخرى.

وأكد المحافظ لملس في تصريح لوسائل الإعلام، عقب مشاركته بمعية وزير
المالية سالم صالح بن بريك، امس الإثنين، في الحفل الذي أقامته مصلحة
الجمارك بمناسبة اليوم العالمي للجمارك: إن ذلك تسبب بعزوف رجال الأعمال
عن عدن، وهذا أمر لا نرتضيه، ولا نرتضي تدخل الجهات الأمنية والعسكرية في
عمل المنافذ الجمركية كذلك.

وأضاف لملس قائلاً: نحن مازلنا ملتزمين، ولكن عدم ضبط المحافظات الأخرى
بإيداع إيراداتها في البنك المركزي يجعلنا نتدخل من أجل تنمية عدن ولن
تبقى عدن بمنأى عن مواردها.

وكشف الخبير الاقتصادي الدكتور مساعد القطيبي، عن المحافظات التي ترفض
توريد أي مبلغ إلى البنك المركزي اليمني، منذ عام 2015م. وأفاد الدكتور
القطيبي، من خلال منشور نشره على حسابه بموقع الفيس بوك، "منذ 2015م لم
تورد محافظة مأرب فلساً واحداً من إيراداتها إلى البنك المركزي بعدن، ومع
ذلك يتم إرسال عشرات المليارات من الريالات شهرياً إليها من البنك
المركزي بعدن!.

وأضاف القطيبي: وعلى غرار مأرب تمردت محافظات أخرى عن البنك المركزي
اليمني ومنها الجوف والمهرة، ناهيك عن المحافظات غير المحررة في الشمال،
ولكن جميع هذه المحافظات (المتمردة وغير المحررة) تتسلم من البنك المركزي
بعدن عشرات المليارات من الريالات شهرياً.

وأوضح: واقع الحال في عدن يختلف كلياً عن تلك المحافظات؛ فبمجرد أن توقفت
عدن عن توريد جزء من إيراداتها إلى البنك المركزي والتي وردتها إلى البنك
الأهلي اليمني وفقاً لقرار الإدارة الذاتية للجنوب أقاموا الدنيا عليها
ولم يقعدوها، وتكالب عليها كل من في الشرعية من حكومة ومحكومين، وقاموا
بمعاقبتها بشتى أنواع العقاب الجماعي.

وخلص الدكتور القطيبي إلى القول: ورغم خطورة وسوء الأوضاع في عدن
والمحافظات المجاورة لها إلا أن ذلك لم يزدها الا صمودًا وثباتًا.

المهرة ترفض

وماتزال محافظة المهرة ترفض توريد ايراداتها للبنك المركزي، وكانت قيادة
السلطة المحلية بمحافظة المهرة شرقي اليمن رفضت في عهد المحافظ باكريت
توريد إيرادات المحافظة المالية إلى المركز الرئيسي للبنك المركزي اليمني
بعدن.

وجددت قيادة سلطة المهرة قرارها بالاحتفاظ بإيرادات المحافظة من خلال
اجتماع استثنائي مشترك لأعضاء الهيئة الإدارية للمجلس المحلي وأعضاء
المكتب التنفيذي بمحافظة المهرة برئاسة باكريت عقد في منتصف العام 2019.

واستنكر اللقاء وفقا لمركز المهرة الإعلامي التابع لسلطة المهرة، مذكرات
النيابة العامة وهيئة مكافحة الفساد التي اتهمت المحافظ باكريت بمخالفة
القانون.

واستهجن الاجتماع عدم انضباط المذكرات إجرائياً وعدم مراعاة معاناة
المحافظة في مواجهة أضرار إعصارين ضربا المحافظة العام الماضي دون قيام
الحكومة بواجباتها.

واعتبر المجتمعون التسريب الإعلامي الذي رافق صدور المذكرات بأنه جاء
بغرض الإساءة المقصودة والتشهير الإعلامي المغرض وتشويه المحافظة
ومحافظها.

وشدد الحاضرون على ضرورة رد الاعتبار للمحافظة من خلال رفع مذكرة للرئيس
توضح موقف المحافظة من هذه المذكرات ومطالبته بمحاسبة كل من يقف خلف هذه
الخطوات "العبثية".

وكانت نيابة الأموال العامة الابتدائية المختصة بقضايا الفساد قالت في
المذكرة المرفوعة لمحافظ البنك المركزي الأسبوع الماضي إنها توالي
التحقيق في القضية الجنائية رقم 2 لعام 2019، بوقائع الإضرار بمصلحة
الدولة وتعطيل القوانين المنسوبة إلى محافظ المهرة راجح باكريت.

وأعلن البنك المركزي إغلاق فرعه بالمهرة الحساب المخالف للقانون، والذي
سبق وأن طالب محافظ البنك المركزي بإغلاقه.

وكان محافظ البنك المركزي اليمني حافظ معياد يومها قد اتهم مطلع يونيو
المنصرم، محافظ محافظة المهرة راجح باكريت برفض التوريد إلى البنك
المركزي بعدن مهددا بالاستقالة.

وما تزال المهرة حتى اليوم ترفض توريد ايراداتها للبنك المركزي بالإضافة
لمحافظة مأرب التي تديرها الشرعية.

العبث بالإيرادات

لم تتمكن الحكومة حتى اليوم من ضبط ايرادات الدولة سواء في عدن او
المحافظات الاخرى الخاضعة لسيطرتها حيث تسيطر جماعات متنوعة على هذه
الايرادات بينها مسؤولين وضباط امن وجنود وغيرها من الجماعات ويقود هذا
الفشل الى اعاقة عمل البنك المركزي وعدم توفر الايرادات الكافية على
الرغم من قيام الحكومة من صرف رواتب هذه الجهات من المبالغ المالية
المطبوعة في الخارج الامر الذي يسبب عجزا في البنك المركزي.

ويعاني البنك المركزي من عجز مالي كما تقول ادارته والسبب رفض المحافظات
والمصالح الإيرادية من توريد ايراداتها اليه من ضرائب وجمارك ورسوم أخرى
حيث فشل البنك من صرف رواتب العسكرين لشهور سابقة وكذا رواتب الامنيين
وها نحن ندلف الى منتصف شهر فبراير ولم يقم البنك بصرف رواتب يناير لكثير
من الجهات والمصالح الحكومية على عكس الشهور السابقة حيث كانت تصرف
المرتبات في تاريخ 20 من كل شهر.

وبالوضع الذي تعيشه الحكومة حاليا فإنها لن تستطيع تحسين أوعيتها
الايرادية ولا إلزام الجهات الايرادية بالتوريد للبنك المركزي فالحكومة
تعيش حالة من الضعف والتضعضع وهذا يكفي لجعل المحافظات والمصالح الحكومية
تتمرد عن توريد الايرادات للبنك المركزي اليمني.

الثقب الأسود

لا تملك الحكومة الشرعية قدرة لفرض سيطرتها على الإيرادات بما فيها
إيرادات النفط والاتصالات والجمارك، حيث تعاني من مشاكل أهمها:

الأولى: يمنع التحالف تصدير النفط إلى الخارج بين (2014-2018) وحتى
اليوم 2021 وعندما بدأ التصدير تواجه الأنابيب التي تنقله هجمات متعددة
في شبوة.

الثانية: معظم الإيرادات المتحصلة من الموانئ تمر عبر ميناء الحديدة حيث
يحصل الحوثيون على الإيرادات في ظل حالة من استمرار التعطيل لميناء عدن
الدولي، عدا حالة الفساد من المسؤولين المحليين في ظل ضعف الرقابة
الحكومية بفعل الحرب.

الثالثة: لازالت جماعة الحوثي مسيطرة على شركات الاتصالات دون أي اجراءات
حقيقية من قبل الحكومة الشرعية لإيقاف ملايين الدولارات من التدفق إلى
الجماعة المسلحة في صنعاء، إلى جانب قدرة الجماعة في تحصيل أموال الضرائب
والجمارك والزكوات وعدم قدرة الحكومة في تحويل المناطق المحررة إلى مناطق
مثالية قادرة على استيعاب الناس.

الرابعة: الفساد المستشري في رأس هرم الشرعية وتحكم مسئولين وأقاربهم
ببعض اجهزة الدولة التنفيذية والتلاعب بالإيرادات وخلق تحالفات فساد داخل
منظومة الشرعية وبناء ولاءات قائمة على المصالح الشخصية المتبادلة
واستغلال الحرب للثراء.

وما يشير إلى عدم تمكن الحكومة من السيطرة على الإيرادات هو تضمن أحد
بنود اتفاق الرياض بين الحكومة والمجلس الانتقالي متعلق بترتيب الجانب
الاقتصادي، وأبرزها إدارة موارد الدولة، بما يضمن جمع وإيداع جميع
إيرادات الدولة، بما فيها الإيرادات النفطية والضريبية والجمركية، في
البنك المركزي بالعاصمة المؤقتة عدن والصرف بموجب الميزانية المعتمدة وفق
القانون اليمني، وتقديم تقرير دوري يتسم بالشفافية عن إيراداتها
ومصروفاتها للبرلمان للتقييم والمراقبة.

وبمجرد أن تتمكن الحكومة من تحصيل كافة إيراداتها وتقوم بإيداعها في
البنك المركزي بعدن ويتم الإنفاق بموجب الموازنة ووفقا للقانون، فإن ذلك
سيعطي للحكومة فرصة للسيطرة على مواردها وردم الثقب الأسود في النفقات،
الأمر الذي سيؤدي إلى دعم الريال اليمني، الذي انهار أكثر من الضعف خلال
سنوات الحرب، وتحسين الوضع الاقتصادي عموماً.