آخر تحديث :الأربعاء-17 أبريل 2024-02:05ص

ملفات وتحقيقات


(تقرير) .. هل نجحت (11 فبراير) كثورة أم أخمدت وأحبطت؟

السبت - 13 فبراير 2021 - 09:51 ص بتوقيت عدن

(تقرير) .. هل نجحت (11 فبراير) كثورة أم أخمدت وأحبطت؟

(عدن الغد)خاص:

تقرير يتناول مسيرة ثورة فبراير وما تحقق من أهدافها بعد عقد كامل من عمرها

هل كانت اليمن بحاجة إلى ثورة أم أن الأوضاع كانت مستقرة؟

هل هي سبب النكبات التي توالت على اليمن.. أم أن القوى التقليدية أفشلتها؟

أين ثوار 11 فبراير.. ولماذا غادروا اليمن؟

هل يعقل أن يكون هناك ثائر من الخارج.. أم أن الظروف أجبرتهم على المغادرة؟

هل جاء الثوار بالحوثيين أم (صالح) الذي تواطأ معهم؟

ما الذي تحقق من 11 فبراير؟

(عدن الغد) القسم السياسي:

ثمة جدل على مواقع التواصل الاجتماعي، حول جدوى ثورة 11 فبراير، التي
انطلقت قبل عشرة أعوام، ضد نظام حكم الرئيس السابق علي عبدالله صالح.

هذا الجدل البيزنطي، الذي لم يصل إلى أي نتيجة، أو حتى نقطة اتفاق، دفع
الناشطين الافتراضيين إلى الانقسام قسمين.

أحدهم كان يُحمّل ثورة فبراير مسئولية ما وصلت إليه اليمن من نكبات
ومشاكل سياسية واقتصادية، وحرب ضروس، وحتى أزمة إنسانية هي الأسوأ على
الإطلاق عالمياً، بحسب توصيف منظمات الأمم المتحدة.

بينما القسم الآخر، يشير إلى أن ثورة فبراير خلّصت اليمنيين من جور نظام
"ديكتاتوري مستبد" تحكم بالبلاد طيلة 33 عاماً.

هذا الجدل الذي يبدو أنه عقيماً، يقود إلى ضرورة سبر أغوار عشرة أعوام من
مرحلة ما بعد علي عبدالله صالح، تغيّرت بموجبها اليمن جذرياً، وشهدت
منعطفات تاريخية، وتدخلات خارجية لم تشهده طيلة ستة عقود تقريباً من
تاريخها المعاصر.

إرهاصات الثورة ومآلاتها

عقب نجاح ثورة 18 ديسمبر 2010، وسقوط نظام الرئيس التونسي زين العابدين
بن علي، إثر ثورة شعبية وشبابية عفوية، انتقلت رياح التغيير شرقاً، ليصل
صداها إلى دول عربية أخرى.

بعد تونس، كانت مصر أولى الدول العربية التي انتقلت إليه ثورات ما سميّ
لاحقاً "بثورات الربيع العربي"، فاندلعت الاحتجاجات الشعبية في 25 يناير
2011، لتجبر نظام الرئيس المصري حسني مبارك على التنحي في 18 فبراير.

وبالتزامن، كان ثوار اليمن ينتظمون في ساحات الحرية والتغيير على مستوى
مختلف المدن اليمنية، فبدأت في تعز وصنعاء تحديداً في 11 فبراير 2011،
وفي عدن خلال 16 فبراير.

وكبقية الثورات في تونس ومصر وحتى ليبيا، قوبلت الاحتجاجات الشعبية
والشبابية العفوية بالقمع، وهو ما حدث في اليمن، وسقط العديد من الشهداء
والجرحى، إلا أن كل تلك الأحداث لم تكن تحمي الأنظمة الحاكمة بقدر ما
كانت تُسرّع في زوالهم، وفق مراقبين.

وكلما قويّ عود الثورة الشبابية، التي تمسكت بعفويتها وتلقائيتها في
بداياتها الأولى، وخلوّها من العلاقة بالأحزاب أو الأهداف ذات الحسابات
غير البريئة، كانت القوى الانتهازية تتربص بها لتلتحق بركبها.

سعت الكثير من الأحزاب اليمنية إلى تصفية حساباتها مع النظام الحاكم،
فالتحقت بالثورة النقية، وصبغتها بصبغتها الانتقامية، وتم "ركوب الموجة"
بنجاح، لتتصدر الأحزاب السياسية مطالب الساحات وتُقصي الثوار الأصفياء
بمطالبهم البريئة المباشرة.

لهذا يعتقد مراقبون أن الثورة الشبابية في فبراير، واجهت موجتين من
الثورة المضادة، الأولى تجسدت في سرقة جهود الثوار الأوائل المستقلين غير
المنتمين لأي أحزاب، والثانية عقب الدعم الخارجي لبعض القوى الداخلية؛
بهدف إسقاط ما أنتجته ثورة الأحزاب اللاحقة.

أهداف الثورة.. نجحت أم أُخمدت؟

يعتقد محللون أن ثورة فبراير احتفظت بهدفها الرئيسي في إسقاط النظام
الحاكم، وهو ذات الهدف الذي تبنته القوى السياسية الانتهازية خلال الأشهر
اللاحقة، ونجحت في تحقيقه بالفعل، لكن نسبياً وليس بشكل مطلق.

حيث يرون أن رأس النظام وإن كان قد رحل عن سدة الحكم في البلاد، إلا أن
بقية أركان نظامه كانت ما زالت متحكمة في شئون البلاد، سواء من الحزب
الحاكم أو حتى من بقية الأحزاب الأخرى التي شاركته تحالفات ومصالح عديدة.

لهذا يعتقد المحللون أن أهداف ثورة فبراير تحققت لكن بشكل جزئي، بعد أن
ركبت موجتها أحزاب وقوى سياسية، استغلت الثورة في حساباتها مع النظام
السابق، في الوقت الذي أقصي الثوار الأوائل أو حوربوا في ساحات التغيير
والحرية.

ورغم هذا الاستغلال الحزبي إلا أن "روح الثورة" لم تمت، وظلت مطالبها
تطارد حتى أولئك الذين ركبوا موجتها، ونالوا مناصب ومكاسب على حساب هذه
الثورة.

ونتيجةً لذلك فقد تحققت العديد من الأهداف التي طالبت بها الثورة
والثوار، خاصةً على مستوى كشف الفساد، وثورات النظام السابق، وإعادة
هيكلة الجيش وتحويله من إقطاعية عائلية إلى مؤسسة وطنية.

ويبدو أن مثل هذه الخطوات التي جاءت بفضل الثورة الشبابية، لم ترق لكثير
من القوى الإقليمية والدولية التي رأت في الثورة الشبابية اليمنية خطرًا
يهدد مصالحها.

ويؤكد مراقبون أن الربيع اليمني تعرض لاغتيال من قبل ثورة مضادة نفذتها
أدوات محلية ويمنية، بتوجيهات ودعم خارجي، اغتالت بموجبها أحلام اليمنيين
بيمن جديد ومغاير.

ولعل اليمن الجديد، تجسد حقيقةً، لكن بطريقة أسوأ وليس أفضل، بفعل تربص
القوى الداخلية والخارجية بالثورة الشبابية.

نكبات اليمن.. مسئولية من؟

يُحمّل كثيرون ثورة فبراير وثوارها مسئولية ما وصلت إليه البلاد من نكبات
وأزمات عسكرية وسياسية وإنسانية، عصفت بما تبقى من دولة وبما تبقى من
حياة.

حيث يقارن أصحاب هذا الرأي بالوضع الحالي للبلاد والصراعات المتتالية
التي تعيشها شمالاً وجنوباً، وبوضعها في زمن النظام السابق وما قبل ثورة
فبراير.

وقد يكون الوضع مختلفاً بالفعل ويحمل تناقضاً واضحاً، غير خافٍ على أحد،
غير أنه من الإجحاف تحميل ثورة شبابية عفوية خرجت تلقائياً تبعات
وممارسات أحزاب وقوى سياسية غير بريئة، بحسب ما يراه محللون.

فالتكالب الذي واجهته ثورة فبراير من الداخل والخارج، كان أكبر من
إمكانياتها، وقدرات من تبنوا أهدافها، خاصةً وأن كثر منهم لم يفهموا
مجريات وكواليس اللعبة السياسية التي عصفت بالبلاد برمتها.

وبالمقارنة بين إمكانيات القوى المتربصة من الخارج، وأدواتها الداخلية،
وبين قدرات الثوار ومن يقف معهم من القوى، يرى مراقبون أن المعادلة لم
تكن متكافئة، لهذا كانت النتائج التي نراها اليوم كارثية.

والكارثة بالأمر، أن القوى التي انقلبت على الثورة ارتهنت للخارج، ومنحته
كل مقدرات البلاد ليتصرف بها، تجسيدًا لمبدأ "الثورة المضادة".

صالح وتسليم البلاد

خلال الجدل العقيم الذي دار في غرف مواقع التواصل الاجتماعي حول ثورة
فبراير وتحمليها ما وصلت إليه اليمن من نكبات وأزمات، برز رأي يحمل
الكثير من الوجاهة، لا يمكن إغفاله.

ويكمن هذا الرأي في أن رأس النظام السابق، لم يستسلم أو يتخلى بسهولة عن
كرسيه، فسعى للعودة مجدداً عبر استخدامه لإحدى القوى المشاركة في الثورة،
ودفعها نحو إسقاط صنعاء في سبتمبر 2014، وبقية البلاد، وهي مليشيات
الحوثي.

وهو ما تحقق بالفعل، وتم تسليم الحوثيين معسكرات الدولة وسلاحها وحتى
صواريخها وطائراتها التي هاجمت بها القصر الرئاسي في عدن، الأمر الذي
استمر إلى اليوم، ونتج عنه تغول الحوثيين في شئون البلاد.

لهذا يعتقد معتنقو هذا الرأي أن صالح وبقية نظامه هم يتحمل مسئولية ما
وصل إليه اليمن من نكبات، بتحالفهم مع الحوثيين، الذين ما لبثوا أن
انقلبوا على صالح وأعوانه في ديسمبر 2017.

ظروف الثورة المضادة

ليس بمقدور أحد أن يدافع عن الثوار الذين يتواجدون خارج البلاد،
ويُنظّرون من داخل غرف الفنادق المكيفة وشققهم الفارهة في عواصم العالم،
خاصةً وهم يفاخرون بثورة فبراير التي يعتقدون أنهم أطلقوها.

فلا يوجد مبرر واحد لتواجدهم خارج البلاد في ظل ما يعشه السواد الأعظم من
اليمنيين، من ضنك العيش وغياب الخدمات.

لكن.. هل كان أولئك الثوار مجبرين على المغادرة، أن أنهم لم يقدروا على
البقاء في الداخل، مع تربص وتهديد من قبل أدوات الثورة المضادة بكل
قيادات وثوار فبراير الأوائل؟.

وقد يكون من الواقع، والحقيقة الجلية، أن بيئة البلاد ما بعد نجاح الثورة
المضادة، لم تعد صالحة لبقاء ثوار فبراير في اليمن، غير أن البعض يرى أن
الأولى بأولئك الثوار المساهمة بفعالية فيما تبقى من ثورة، أو التزام
الصمت، وليس التنظير والحديث عن واقع هم بعيدون عنه.

خاصةً وأن كثيرون من الثوار لم يكن مجبراً على مغادرة اليمني كليةً، حيث
أن عدد مبير من هؤلاء كان يتنقل بين محافظات البلاد مت ما واجه خطراً أو
تهديداً، ويكفيه أنه بقيّ داخل موطنه، ولامس ما يعانيه ويواجهه المواطن
البسيط.

فبراير.. والحوثيون

ثمة قضية لا يمكن المرور عليها مرور الكرام عند الحديث عن ثورة فبراير،
وهي مشاركة الحوثيين في تفاصيلها وإرهاصاتها الأولى، وتواجدهم في ساحاتها
منذ بدايتها.

حيث دفعت عفوية وبراءة الأهداف التي تبناها ثوار فبراير الأوائل، وحتى
القوى السياسية التي ركبت موجتها لاحقاً، بالترحيب بتواجد جماعة مسلحة
مثل مليشيات الحوثي في ساحات الثورة.

بيد أن مجريات الأمور والأوضاع السياسية والعسكرية اللاحقة، أثبتت أن
الحوثيين كانوا يمارسون استراتيجية مؤقتة، ركبوا من خلال موجة الثورة،
لإسقاط نظامٍ حاربهم لسنواتٍ في صعدة، ثم ما لبثوا أن تحالفوا معه، قبل
أن ينقلبوا عليه.

وهذا ما يؤكد أن الحوثيين ومليشياتهم لم يكونوا يتوقون للثورة بأهدافها
التقليدية (خبز، كرامة، عدالة)، بقدر ما كان هدفهم التربص حتى يصلوا إلى
مبتغاهم الذي نراهم اليوم متمسكون به، وليس من السهل التنازل عنه.

وفي ظل تواجد جماعات ومليشيات مثل الحوثي، لا يمكننا الحديث عن أهداف
ثورة فبراير البريئة، التي تحتاج إلى بيئة مناسبة من العدالة الانتقالية
وجبر الضرر والتداول السلمي للسلطة، والاستقرار الأمني والعسكري، والتي
نفتقدها اليوم، ليس بسبب ثوار فبراير كما قد يعتقد البعض، ولكن بسبب
مناوئيهم.