آخر تحديث :الخميس-25 أبريل 2024-07:51م

ملفات وتحقيقات


البنك المركزي والتحدي الصعب.. من سرق الوديعة؟! (تقرير)

الخميس - 28 يناير 2021 - 01:49 م بتوقيت عدن

البنك المركزي والتحدي الصعب.. من سرق الوديعة؟! (تقرير)

(عدن الغد) خاص:

تقرير يتناول اتهامات لجنة العقوبات الدولية للبنك المركزي اليمني وجماعة الحوثي..

لماذا اتهم تقرير لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة البنك المركزي بالفساد؟

ماذا قال تقرير لجنة العقوبات عن الحوثيين وكيف اتهمهم بتبذير المليارات على المجهود الحربي؟

ماذا قال البنك المركزي اليمني في رده على تقرير لجنة العقوبات؟

كيف تعامل البنك المركزي مع الاحتجاجات اليومية المطالبة بصرف المرتبات؟

لماذا لم تقم الحكومة بمعالجة الملف الاقتصادي حتى الآن وكيف تم تبديد الوديعة السعودية؟

 

أثار تقرير لجنة العقوبات التابع للأمم المتحدة جدلا واسعا في الشارع اليمني بعد ان كشف حجم الفساد والتلاعب بالأموال في البنك المركزي اليمني التابع للشرعية اليمنية في ظل تردي الاوضاع الاقتصادية وتفاقم هبوط سعر العملة المحلية مقابل النقد الخارجي، كما اشار التقرير الى التلاعب وعملية غسيل الاموال التي يقوم بها البنك لصالح فئات معينة من التجار تحظى بدعم من مراكز النفوذ، مشيرا الى ان الوديعة المقدمة من السعودية والتي بلغت ملياري ريال تم التلاعب بها والعبث بها بصورة لم يستفد منها الاقتصاد اليمني في الوقت الذي انتقد التقرير جماعة الحوثي واتهمها هي الاخرى بالتلاعب بالأموال وتسخير المليارات من الدولارات للمجهود الحربي في وقت لم تدفع رواتب موظفي الدولة في مناطق نفوذها وسيطرتها.

وكان مراقبو العقوبات بالأمم المتحدة، اتهموا، في تقرير صدر الثلاثاء، المليشيات الحوثية بغسل الأموال والفساد "بما يؤثر سلبا على وصول إمدادات غذائية كافية"، وقالوا إن الحوثيين استغلوا ما لا يقل عن 1.8 مليار دولار من إيرادات الدولة في 2019 في تمويل المجهود الحربي.

وتزامن التقرير السنوي الذي يُرفع إلى مجلس الأمن الدولي بشأن الالتزام بتطبيق العقوبات الدولية على اليمن مع قول مسؤولين من الأمم المتحدة إن البلاد على شفا مجاعة واسعة يحدق فيها الخطر بملايين المدنيين.

وقال المراقبون إن السعودية أودعت ملياري دولار لدى البنك المركزي اليمني في يناير كانون الثاني 2018 في إطار برنامج للتنمية وإعادة الإعمار. وكان المقصود أن يمول هذا المبلغ خطا ائتمانيا لشراء سلع مثل الأرز والسكر والحليب والدقيق لتعزيز الأمن الغذائي ومن أجل استقرار أسعار تلك السلع محليا.

لكن تحقيق الأمم المتحدة كشف أن البنك المركزي في اليمن خالف قواعد تغيير العملات وتلاعب في سوق العملة "وغسل جزءا كبيرا من الوديعة السعودية بمخطط معقد لغسل الأموال" در على تجار مكاسب بلغت قيمتها نحو 423 مليون دولار.

وذكر تقرير الأمم المتحدة "مبلغ الاربعمئة وثلاثة وعشرين مليون دولار أموال عامة تم تحويلها بشكل غير مشروع لمؤسسات خاصة. الوثائق التي قدمها البنك المركزي اليمني لم توضح سبب انتهاج مثل تلك الاستراتيجية المدمرة".

وقال المراقبون إنهم يعتبرون ذلك "عملا من أعمال غسل الأموال والفساد ارتكبته مؤسسات حكومية، وهي في هذه الحالة البنك المركزي اليمني وحكومة اليمن، بالتواطؤ مع رجال أعمال وشخصيات سياسية في مواقع هامة لصالح مجموعة مختارة من التجار ورجال الأعمال تتمتع بامتيازات خاصة".

 

المجهود الحربي

وقال تقرير الأمم المتحدة إن المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين شهدت تحصيل ضرائب وإيرادات أخرى للدولة مطلوبة لدفع الرواتب وتقديم خدمات أساسية للمواطنين. ويقدر التقرير أن الحوثيين حوّلوا 1.8 مليار دولار على الأقل في 2019 عن الغرض المخصص لها واستخدموا "قسما كبيرا منها" لتمويل المجهود الحربي.

ولم يرد الحوثيون بعد على طلب بالتعليق على الاتهامات الواردة في تقرير الأمم المتحدة.

وتدخّل تحالف عسكري تقوده السعودية في اليمن عام 2015 دعما لقوات الحكومة المعترف بها دوليا في مواجهة الحوثيين. ويعتبر الصراع على نطاق واسع حربا بالوكالة بين السعودية وإيران. ويحاول مسئولون من الأمم المتحدة إحياء محادثات سلام لإنهاء الحرب في اليمن الذي يعاني أيضا من انهيار اقتصادي وإثر جائحة فيروس كورونا المستجد.

وذكر مراقبو الأمم المتحدة أن "هناك أدلة آخذة في التزايد على أن أفرادا أو كيانات داخل الجمهورية الإسلامية الإيرانية ضالعة في إرسال أسلحة أو عتاد للحوثيين" بما يشكل انتهاكا لحظر أسلحة مفروض من الأمم المتحدة. وتنفي إيران إنها تقدم مثل هذا الدعم للحوثيين.

 

البنك المركزي يرد

وأصدر البنك المركزي اليمني، أمس، بيانا ردا على قرار لجنة العقوبات، استغرب فيه المزاعم المنقولة عبر بعض وسائل الإعلام عن تقرير فريق خبراء لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن بأنه رافق تنفيذ الوديعة السعودية المقدمة للحكومة اليمنية في 2018م، عمليات فساد وغسيل الأموال، مؤكداً بأن كل الإجراءات التنفيذية التي اعتمدها البنك المركزي كانت على مستوى عال من الشفافية وطبقت عليها كافة معايير الالتزام المصرفي ومعايير التجارة الخارجية الدولية، وفي جميع مراحلها التي اشتركت في تدقيقها وفحصها العديد من الأطراف التي لا يمكن التشكيك في نزاهتها وكفاءتها، وتشمل الى جانب البنك المركزي اليمني مؤسسات مالية ورقابية إقليمية ودولية.

كما اعتمد البنك المركزي في تحديد سعر الصرف على ما قرره قانون البنك المركزي اليمني وسعى الى انتهاج سياسة حذرة في تحريك سعر الصرف في وقت شهد السوق تقلبات حادة أدت الى عدم استقرار أسعار السلع الأساسية التي تهم المواطن في حياته المعيشية.

وقد حرص البنك عل ممارسة اقصى درجات الشفافية والعدالة في تعامله مع جميع طلبات التجار المستلمة من البنوك التجارية، ما لم تكن مخالفة لمعايير الالتزام الدولية.

ويرى البنك المركزي أن فريق الخبراء- إن صح ما نسب إليه- ربما استند الى ادعاءات ومعلومات مضللة من بعض الجهات المعادية لليمن والتي تستهدف البنك المركزي اليمني ووجوده ونشاطه في عدن على وجه الخصوص.

علماً بأن إدارة البنك المركزي اليمني قد وجهت دعوة لفريق الخبراء لزيارة مقر البنك الرئيسي بعدن للقيام بإجراءات الفحص اللازمة للوثائق الخاصة بالوديعة السعودية والتثبت من الوقائع، حيث لبى الفريق الدعوة لزيارة البنك المركزي.

كما سيقوم البنك المركزي بدراسة تقرير فريق الخبراء فور صدوره بصورة رسمية وسيتم تقديم الردود المعززة بالدلائل والوثائق والمستندات التي تثبت معايير الشفافية التي ينتهجها.. ولن يتردد باطلاع الرأي العام المحلي والشركاء الدوليين على تلك الردود إذا أستوجب الأمر.

 

الناس بدون مرتبات

ويأتي تقرير لجنة العقوبات الصادر عن الامم المتحدة في ظل اوضاع معقدة تشهدها العاصمة عدن متمثلة في الاحتجاجات اليومية التي ينفذها عمال ومتقاعدون امام البنك المركزي اليمني للمطالبة بصرف مرتباتهم الشهرية المتوقفة منذ شهور، حيث نظمت الهيئة العسكرية عددا من الوقفات الاحتجاجية امام البنك المركزي بعد اعتصام مفتوح اقامته امام مبنى التحالف العربي استمر زهاء اربعة اشهر دون ان يتحقق لهم ما اردوا، حيث تشكو الهيئة العسكرية من مماطلة البنك المركزي في صرف الرواتب المتأخرة لمنتسبيها على الرغم من وجود الاموال داخل البنك ووجود توجيهات بالصرف من قبل الجهات المسؤولة، وبالإضافة للعسكريين هناك ايضا الموظفون الأمنيون يعانون من تأخر صرف مرتباتهم لذات السبب، ويستمر هؤلاء في اعتصاماتهم أمام البنك حتى يتحقق هدفهم بصرف كامل المرتبات المتأخرة.

ويعاني الوضع الاقتصادي من ترد كبير بفعل هبوط سعر العملة اليمنية مقابل العملات الأجنبية دون ان تقوم الحكومة التي مضت ثلاثة اسابيع على وجودها في عدن من تحريك هذا الملف ومعالجة الازمة ويقابل ذلك ارتفاع في اسعار المواد الغذائية والاستهلاكية وارتفاع شريحة الفقراء بصورة كبيرة الامر الذي ينذر بكارثة كبيرة قد تصل الى المجاعة كما تحذر من ذلك منظمات وجهات خارجية.

ويرى مراقبون ان الملف الاقتصادي هو اهم الملفات المطروحة امام الحكومة واذا عجزت عن ايجاد حلول له سوف ينالها الفشل في كافة الملفات الاخرى، في الوقت الذي تمتنع جهات داعمة ومانحة من تقديم الدعم والمنح لليمن وكذا الودائع بسبب الفشل في الملف الاقتصادي وعدم معالجة الاختلالات في البنك المركزي اليمني والمؤسسات الاقتصادية الاخرى.