آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-11:22ص

ملفات وتحقيقات


(تقرير) .. لماذا أصبح دور الأمن سلبياً في ملف الأراضي ومن المستفيد من فتح هذا الملف؟

الثلاثاء - 26 يناير 2021 - 01:49 م بتوقيت عدن

(تقرير) .. لماذا أصبح دور الأمن سلبياً في ملف الأراضي ومن المستفيد من فتح هذا الملف؟

(عدن الغد)خاص:

تقرير يبحث في الصراع المحموم حول الأراضي بعدن وتهديد أمن المدينة

أين هو دور القضاء ولماذا لم تشرع المحاكم في فض النزاعات بين المتصارعين؟

ما الذي يمكن للحكومة والسلطة المحلية في عدن فعله لوقف نزيف الدم واستمرار النهب؟

من الذي يعبث بأراضي المنطقة الحرة ولماذا لا يفتح ملف فساد الأراضي حتى الآن؟

الأراضي.. الملف الشائك في عدن!

(عدن الغد) خاص:

تدور منذ اسبوع تقريبا اشتباكات مسلحة بين فصائل متنازعة على قطعة ارض
تقع بالقرب من السجن المركزي بمديرية المنصورة العاصمة عدن واستخدمت فيها
الاسلحة المتوسطة.

وتعيش مدينة عدن حمى البسط على الاراضي في مناطق واسعة منها في ظل ضعف
سلطة الدولة وتراخي وتهاون الاجهزة الامنية التي تعمل خارج اشراف وزارة
الداخلية.

وفجر الاثنين تجددت الاشتباكات المسلحة بين فصائل مسلحة إثر النزاع حول
أرضية قرب السجن المركزي في مديرية المنصورة شمال مدينة عدن العاصمة
المؤقتة للبلاد.

وقال مصدر محلي ان مسلحين يتبعون قائدًا أمنيًا وأحد النافذين المحليين،
هاجموا بالأسلحة الخفيفة قوة أمنية تتمركز في محيط الأرضية المتنازع
عليها، ما أدى لاندلاع اشتباكات استخدمت فيها الأسلحة المتوسطة.

وقال سكان محليون في مدينة المنصورة إنهم سمعوا دوي انفجار وإطلاق نار
متبادل من أسلحة متوسطة في أرجاء المديرية، وأصيب أحد عناصر في المواجهات
فيما انسحب المسلحون عقب الهجوم.

وتسيطر حاليا قوة من الحزام الأمني على قطعة الأرض التي تقع وسط منطقة
سكنية مأهولة بالسكان على مقربة من السجن المركزي واثنين من أكبر
المستشفيات الخاصة في المدينة.

فتنة الأراضي

يقول هاني اليزيدي مدير عام مديرية البريقة السابق انه حذر من قبل من
واقع سيء ستشهده عدن قد يؤدي الى فتح باب اقتتال على الأراضي لا يقل عن
صراع المناصب.

واضاف: ولآن مديرية البريقة تتصدر المشهد الاكبر في هذا الصراع بسبب
المساحات الشائعة التي وضعت تحت تصرف المنطقة الحرة وتحت مسمى المشيخة
وقفت على خطر يحدق بعدن وناديت فلا مجيب.. اليوم سيفتح باب شر كبير لهذا
الصراع بعد أن استلمت اطراف مبالغ ضخمة، وكل طرف يبيع من جهته ولا يعلم
كل طرف انهم يبيعون ويشترون في حدود بعض.

وتابع: الان عندما خاف المشترون من انه قد يحسم الأمر باتفاق الرياض بدأ
كل طرف بالنزول ليبني ويثبت حقه، فتفاجأوا ان كل طرف دخل في حدود الآخر..
الأمر سيكون معقدا جدا ولا يمكن ان يحلوا مشاكلهم بينهم لان الفارق
ملايين بل مئات الملايين، وسيعمد كل طرف لاستخدام القوة وهنا سنجد معركة
من نوع اخر.

واشار الى انه حذر كثيرا من المتورطين في هذا الملف وان طلب المال لا
يأتي بطرق غير مشروعة، لكن الوضع يشهد فوضى وتداخلا وقوى متشاكسة
والوثائق اعتراها تزوير وتلاعب.

وقال اليزيدي: كان الشهيد فيصل ضبيان ضحية الصدق والوفاء لعدن ولم يتم
العمل بتقريره الذي قتل من اجله.. وعندما يبدأ مجرمو الأراضي بقتل صوت
ليحموا مصالحهم فقد اعلنوا انهم سيسفكون الدماء من اجل حفنة التراب
المنهوبة لأنها كنز مرمي في خبوت عدن الشائعة.

وأضاف: رسالتي توقيف كل انواع البسط والبناء ووضع آلية للخروج من هذا
المنزلق قبل ان تزهق ارواح لا تقل عن عدد الارواح التي ازهفت في الأحداث
الدامية الأخيرة.

دور القضاء الغائب

يعد ملف الأراضي بعدن من أبرز ملفات الفساد الذي شهد صراعا داميا راح
ضحيته عشرات القتلى والجرحى منذ بداية استحواذ من يوصفون بأنهم نافذون في
السلطة- عقب الحرب الأهلية بين شطري اليمن عام 1994- على مساحات شاسعة
شكلت مصدر ثراء للكثير منهم.

ووفقا لدراسات ميدانية سابقة أعدتها منظمات محلية بالتعاون مع مؤسسات
حكومية فإن ملف الأراضي بعدن يعد أحد الأسباب الرئيسة في احتقان الوضع
السياسي بالجنوب.

وخلصت تلك الدراسات إلى أن ملف الأراضي في المحافظات الجنوبية، وعدن
تحديداً، أصبح مشكلة سياسية واجتماعية واقتصادية خطيرة للغاية تهدد
الوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي.

وكشف تقرير صادر عن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، نشاطاً ملحوظاً
للوبي الفساد المحكم سيطرته على أراضي عدن، حيث أثبت التقرير تلاعباً
بعقود الأراضي وإيراداتها، وإخفاء العشرات منها.

وتحدث التقرير عن تجاوزاتٍ حدثت خلال الفترة من 2014 حتى منتصف 2018،
وأثبت وقائع فساد في تعديل مخططاتٍ وصرف عقودٍ مزورة، وتدخل نافذين في
عملية تمكين لوبي الأراضي من نهب مساحات واسعة في عدن، راح ضحيتها آلاف
المستفيدين ممن يملكون عقوداً رسمية منذ العام 1991، بالإضافة إلى تزوير
عقود أراضٍ مملوكة لمواطنين.

وخلص التقرير إلى وجود تعديلات على مخططات، تمت بإشراف قيادات في السلطة
المحلية لعدن، واستنادا الى أحكام قضائية من قبل بعض القضاة والموظفين في
السلك القضائي؛ بغرض تمكين مدعي الملكية والناهبين من مساحات واسعة من
الأراضي.

وحصلت أكثر التجاوزات في الأراضي بمناطق جبل حديد ومديريتي البريقة ودار سعد.

إذن، كل هذه المشاكل، وكل هذا الإضرار بمصالح الناس، وفي عدن تحديداً، مع
كل هذه الفوضى والعبث الذي يوشك أن يسقط المدينة في بئر سحيقة من ظلمات
بعضها فوق بعض، يبرز سؤال كبير هنا: أين دور السلطة القضائية في البلاد
مما يجري، وهل هي موجودة وحاضرة في هذا المشهد المعقد؟.

ثم إذا كانت السلطة القضائية موجودة (شكلاً)، ولكنها غير حاضرة بقوة في
هذا الشأن الكبير، فهنا يكبر السؤال: لماذا هي عاجزة؟.

لكن، إذا كانت هذه السلطة موجودة وحاضرة وسط كل هذا الظلم والظلمات،
وليست عاجزة إلى ذلك الحد، لكنها جزء من المشكلة، وجزء كبير منها، وليست
جزءا من الحل، هنا تسقط كل الأسئلة، وندرك حجم المصيبة التي أصابت هذه
البلاد وهذه المدينة تحديداً!.

فعلى من يعول الناس إذا لم يجدوا الحل والعدل والإنصاف عند تلك السلطة،
التي يعدونها ملجأهم وحصنهم الحصين، والجدار الأخير الذي يحول بينهم وبين
الهاوية؟!.

"توجه" لإنشاء محاكم متخصصة

وزير العدل السابق بحكومة تصريف الأعمال كان قد صرح لوسائل الإعلام
المختلفة عما وصفه بأنه "توجه حكومي" لإنشاء محاكم متخصصة بقضايا الأراضي
في عدد من المحافظات.

وقال الوزير علي هيثم الغريب، إن وزارته بصدد رفع مقترحات إلى مجلس
القضاء الأعلى بشأن إنشاء محاكم متخصصة تحديداً بقضايا الأراضي في
محافظات عدن وحضرموت ومأرب، للإسراع في تلك القضايا "التي تحتاج إلى
مهنية عالية".

حقوقيون وناشطون علقوا على تصريح الوزير، قائلين: "بعد عقود من عجاف
النهب والسلب والاستيلاء والتجريف لأراضي الدولة وأراضي السكان الأصليين
بعدن، وعقب انحسار جيل كامل من البشر، وسط الفوضى اللا خلاقة، لاتزال
وزارة (العدل) في حكومة (الشرعية) تفكر بـ"التوجه" لإنشاء محاكم متخصصة
بقضايا الأراضي!. أي عدل بائس هذا، وأي شرعية كسيحة هذه؟!".

في السياق أيضا، كان رئيس محكمة استئناف عدن، القاضي فهيم عبدالله محسن،
قد كشف عن مصيبة أخرى من مصائب هذه "السلطة العرجاء"، كما يصفها البعض،
حين أكد أن "القضاء ليس له استقلالية، والسلطة التنفيذية مهيمنة عليه".

وقال في لقاء له مع إحدى وسائل الإعلام: "القضاء يجب أن يكون له
الاستقلالية الحقيقية، وفقا لنص المادة 149 من دستور الجمهورية اليمنية،
وهذا للأسف مجرد قول، فهيمنة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية محل
تجريح من أبسط موظفي السلطة التنفيذية".

غير بعيد من ذلك، ما أقره عدد من القضاة أنفسهم ومن موظفي السلك القضائي
في أكثر من مناسبة، وفي العديد من وسائل الإعلام المختلفة، عن هيمنة
الفساد على الأجهزة القضائية المختلفة.

ومن ذلك ما نراه، على سبيل المثال، في الشكاوى المتكررة والمناشدات
العاجلة للجهات العليا بالدولة ممثلة برئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية،
من قبل العديد من القضاة فيما يتعلق بالفساد في السلك القضائي، وكيف أنه
يوشك أن يصل إلى مرحلة من التغول بحيث تصعب محاربته أو حتى الوقوف بوجهه،
ناهيك عن التغلب عليه.

لملس والعسيري

في تطور لافت بشأن ملف نهب الأراضي، وجه محافظ عدن أحمد حامد لملس مؤخراً
قائد قوات الدعم والإسناد بضبط رئيس جمعية أسر الشهداء ومناضلي الثورة
اليمنية، عبدالرب العسيري، وحماية أراضي الدولة من الاعتداءات وعدم
السماح بـ"المتاجرة بالشهداء".

ويأتي توجيه المحافظ لملس تعقيبا على مذكرة هيئة الأراضي بضبط العسيري
لانتحاله صلاحية هيئة أراضي الدولة من حيث إعداد المخططات وصرف العقود.
وسبق أن وجهت نيابة الأموال العامة مذكرة للعسيري في ٣ ديسمبر الجاري،
للالتزام بعدم توزيع عقود أراض في مخططات الدولة، وتحميله مسؤولية مخالفة
ذلك.

وأكدت الهيئة العامة للأراضي في مذكرة رسمية سابقة أن الجمعية "الوهمية"
التي يقودها العسيري لم تصرف لها عقود رسمية من قبلها, كون الأراضي ملكا
للدولة، ومعظمها صرفت لمواطنين منذ ٣ عقود وأصبحت مدنا قائمة على أرض
الواقع.