آخر تحديث :الخميس-25 أبريل 2024-01:56م

ملفات وتحقيقات


(تقرير).. هل تُمهّد زيارة محافظ شبوة إلى الرياض لإقالته؟

الإثنين - 25 يناير 2021 - 10:34 ص بتوقيت عدن

(تقرير).. هل تُمهّد زيارة محافظ شبوة إلى الرياض لإقالته؟

(عدن الغد)خاص:

تقرير يبحث في مستقبل محافظ شبوة محمد بن عديو بعد زيارته إلى العاصمة السعودية..

ما المنصب الجديد الذي ينتظر بن عديو؟

هل سيتمسك به الرئيس هادي محافظاً لشبوة.. أم أنه سيفرط به؟

كيف ستبدو شبوة بعد تعيين محافظ جديد.. وهل ستتواصل مشاريع التنمية؟

هل ستسقط المحافظة من يد الشرعية كما سقطت عدن؟

كيف سيتقبل الشارع الشبواني إقالة بن عديو؟

هل سيبدأ الرجل مستقبلاً سياسياً جديداً مع صقور الشرعية الآخرين؟

(عدن الغد) القسم السياسي:

أثار استدعاء محافظ محافظة شبوة، محمد صالح بن عديو، إلى العاصمة
السعودية الرياض، حيث يتواجد الرئيس اليمني، بطلب من هذا الأخير، الكثير
من التساؤلات والتكهنات حول أسباب الزيارة وأبعادها وخلفياتها.

فكثيرون ألمحوا إلى أن عهد الرجل كمحافظ لشبوة بدأ بالأفول، وأنه مُقدم
على مرحلة جديدة من مستقبله السياسي، ربما تكون بعيداً عن المحافظة التي
تربع على سدتها منذ ما يزيد على عامين.

وفي الوقت الذي حذر البعض من حصول مثل هذا الاستبعاد، بإخراج رجل بحجم بن
عديو من محافظةٍ يتربص به خصوم الشرعية، وقد تتسبب هذه الخطوة في إضعاف
جبهة الشرعية وتقوية خصومها، إلا أن البعض الآخر يرى أن إخراج بن عديو من
المشهد أمر لا بد منه لنزع فتيل أية أزمات بدأت تلوح بالأفق.

كما أن آخرين يرون في استبعاد بن عديو- إذا ما تحققت- لا تأتي كاستهداف
للرجل، بقدر ما أنها تأتي في سياق عام لتغيير محافظي المحافظات المحررة،
وفق اتفاق الرياض، وليس في الأمر استهداف متعمد لبن عديو أو استبعاد
مقصود لشخصه.

والجدل المثار مؤخراً، جاء بعد عامين من الأحداث الجسيمة التي عاشتها
شبوة في عهد بن عديو قبل وبعد أحداث ومواجهات أغسطس 2019.

فالمحافظة التي عانت حرماناً وإهمالاً منذ عقود طويلة، بدأت بالانتعاش
خلال تولي المحافظ الحالي مقاليد الأمور فيها، فهناك من يشيد بالرجل وبما
حققه من مشاريع وأعمال لم تشهدها شبوة طيلة تاريخها.

وبالتوازي، ثمة من يعتقد أن عهد بن عديو كان الأسوأ على الصعيد الأمني
والعسكري، بالإضافة إلى جوانب التجاوزات المالية والفساد التي تتهم بها
قيادة المحافظة ومسئوليها، مع تشديد قبضة الأمن القمعية، بحسب البعض.

ووفق هذا التناقض بين النظرتين المختلفتين لعهد بن عديو في شبوة، كان
الجدل على أشده، بشأن استدعائه وزيارته إلى العاصمة السعودية الرياض،
للقاء الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي.

هل سيفرط الرئيس بمحافظ شبوة؟

يتوقع كثير من المتابعين أن الرئيس اليمني قد يفرط بمحافظ شبوة بسهولة؛
عطفاً على ما يتعرض له من ضغوط كبيرة، سواء من القوى المحلية أو
الإقليمية.

حيث ترى القوى المحلية أن بن عديو عمل على تشديد القبضة الأمنية، وتفاقمت
في عهده عمليات القمع والمداهمات، وتسخير المحافظة لقوى "معادية للجنوب
وللجنوبيين"، بحسب رؤية قيادات في المجلس الانتقالي الجنوبي وإعلامييه.

بينما تعتقد القوى الإقليمية أن أي توتر أو تصعيد في المحافظات الجنوبية،
قد يؤدي إلى تعقيد عملية المضي في تنفيذ اتفاق الرياض، لهذا يستوجب الأمر
التخلي عن بعض "الشخصيات المثيرة للحساسية"، وذلك بحسب طرح السعوديين
رعاة اتفاق الرياض.

وجميع تلك الضغوط التي يتعرض لها الرئيس اليمني قد تعجل برحيل بن عديو من
شبوة، في تكرار لمشهد استبعاد الميسري وعدد من رجالات صقور الشرعية، بهدف
إتاحة الفرصة لتنفيذ آمن لاتفاق الرياض.

في المقابل، يستبعد آخرون قيام الرئيس اليمني بمثل هذه المجازفة، خاصةً
في الوقت الذي تمثل فيه شبوة أحد المعاقل المهمة للشرعية اليمنية، حيث
وقفت قوات الشرعية هناك عقب أحداث أغسطس 2019 أمام تمدد قوات المجلس
الانتقالي نحو المحافظات الشرقية، بعد سيطرتها على عدن.

ولم تكتفِ شبوة بذلك، بل مضت تمثل مدداً ودعماً لقوات الحكومة المتمرسة
في أبين، وضمنت بقاء أجزاء من أبين وشبوة بكاملها وحضرموت بيد الشرعية
وقواتها.

ويعتقد أصحاب هذا الرأي أن أي تخلٍ عن بن عديو، هو تخلٍ عن كل تلك
الإنجازات العسكرية، بالإضافة إلى الأعمال والإنجازات الإيجابية الأخرى
التي حققها الرجل اقتصادياً وتنموياً.

لهذا فإن بقاء بن عديو محافظاً لشبوة ما زال قائماً، خاصةً وأنه قام مساء
أمس الأحد، بالتزامن مع تواجده في الرياض، بإصدار تعيينات إدارية في
المحافظة، حيث قام بتغييرات في قيادة مكتب الأشغال، بعد أيام من حزمة
قرارات شملت أيضاً قطاع الأراضي والمساحة، على خلفية مزاعم بالفساد.

وتدل هذا التعيينات على أن بن عديو تلقى تعليمات بضرورة التعامل مع ما
يحدث من تجاوزات أو أعمال فساد في محافظته إذا أراد الاستمرار في سدتها،
بحسب مراقبين، رجحوا أن بن عديو حتى وإن تم استبعاده فثمة منصب آخر لا
يقل أهمية في انتظاره.

تداعيات ميناء قنا

المشاريع التنموية في مختلف المجالات الخدمية التي قام بتنفيذها بن عديو،
لم تقف عند حدٍ معين، وشملت شتى مناحي الحياة.

غير أن التصعيد الأخير الذي تسبب بكل هذه الضجة التي حدثت في شبوة، هو ما
قام به المحافظ مؤخراً من إعادة افتتاح ميناء قنا التاريخي، المطل على
بحر العرب، وهو ما أثار حفيظة الكثير من القوى السياسية.

فالميناء يحمل العديد من الأهداف الطموحة، التي تتعلق باستئناف تصدير
النفط والغاز عبره، بالإضافة إلى استحداث عمليات التصدير والاستيراد عبر
هذا الميناء، خاصةً عقب سيطرة المجلس الانتقالي على عدن وميناءها.

فكانت التداعيات الناتجة عن مثل هذا القرار الذي تبناه محافظ شبوة، كبيرة
ومؤلمة، ومزعجة لأكثر من طرف، بالإضافة إلى قوى إقليمية رأت في افتتاح
الميناء خروجاً عما رسمته من مخططات لإبقاء اليمن بلا منفذ نشط يعيد إلى
البلاد فعاليتها الاقتصادية.

فيما اعتبر البعض ممن يسايرون قوى الانتقالي والقوى الإقليمية أن الميناء
يمكن أن يكون وسيلة لتهريب الأسلحة ودعم التنظيمات الإرهابية التي تتخذ
من شبوة ومناطق في أبين أوكاراً لها، بحسب وصفهم.

وبغض النظر عن صحة تلك المخاوف والمحاذير من عدمها، إلا أن هذا الميناء،
القديم الجديد، يبدو أنه حمل ما يمكن تسميته "القشة التي قصمت ظهر
البعير"، والحد الفاصل الذي وصل إليه بن عديو، ووجب عندها إيقافه، وفق
رؤية محللين.

كيف ستبدو شبوة؟

بالنسبة للجانب الذي يتوقع إقالة بن عديو من منصبه محافظاً لشبوة، فإنه
يرى أن شبوة ستعود إلى الحاضنة الجنوبية، بعد سنوات من استيلاء قوى
وأجنحة حزبية في الشرعية اليمنية على مقدراتها.

بينما يتوقع آخرون أن شبوة يمكن لها أن تغرق في بحور من المواجهات
والاقتتال الأهلي، في حالة الإتيان بمحافظ ليس على وفاق مع القوات
المسلحة المتواجدة في شبوة، وهي في غالبيتها من أبناء المحافظة، لكن
ولاءها للحكومة الشرعية، وليس لخصومها.

وهذا قد يولد وضعاً عسكرياً وأمنياً غير مستقر، قد يعصف بأمن واستقرار
المحافظة، وربما قد يصل الأمر إلى تكرار سيناريو عدن وسقطرى خلال العامين
الماضيين.

لكن مراقبين يرون أن أي تغيير لمحافظ شبوة يجب أن يأتي بشخصية منتمية
لنفس القوى والأجنحة التي يمثلها بن عديو، وفقاً لاعتبارات سياسة
المحاصصة التي يقوم عليها اتفاق الرياض، ومراعاة لكل أطياف العمل السياسي
في الجنوب واليمن عموماً.

وهذا الأمر إذا ما تم فإنه سيُبقي شبوة في نفس الوضع الذي كان في عهد بن
عديو، خاصةً إذا كان البديل والخلف شخصية مقاربة لشخصية السلف.

وفي ظل وضع كهذا، من المؤكد أن المواطن الشبواني هو الأكثر تضرراً من
التغييرات أو حتى من عدم التغييرات، لأنه في الحالة الأولى ستتفاقم
الأوضاع سوءاً، وفي الثانية ستسمر على سوئها.

فالرجل كما أنه حاز على شعبية وقبول كبيرين من المواطنين في شبوة، إلا أن
ثمة من يختلف معه ويعارضه، بل وحتى يتهمه بالفساد والتجاوزات هو
ومسئولوه.

وهو أمر وارد في ظل التجاذبات السياسية وحالة الصراعات التي لا تعيشها
شبوة فقط، وبل والجنوب برمته.

فالوضع الذي يمكن أن تظهر بناءً عليه شبوة، في أحسن الأحوال، هو
الاستمرار على حالة الصراع العدمي والعبثي.

ما الذي سيتبقى من الشرعية؟

حقيقة أسباب تواجد محافظ شبوة في العاصمة السعودية الرياض، ما زالت
غامضة، ولا يستطيع أحد تأكيدها.

وما يتم تداوله إعلامياً، لا يعدو عن كونه تخمينات وتكهنات، قد تصيب و
تخطئ، لكنها يمكن أن تعمل على خلق توقعات بما سينتظر مستقبل شبوة،
والجنوب بشكل عام في حالة تخلي الرئيس هادي والشرعية عن محافظ ورجل سياسي
بحجم بن عديو.

فهناك من يعتقد أن الشرعية اليمنية ستفقد محافظة أخرى، وصقر آخر من
صقورها إن هي تخلت عن رجلها في شبوة.

فبعد عدن ولحج والضالع وسقطرى، يمكن أن تدخل شبوة تحت سيطرة المجلس
الانتقالي عسكرياً وسياسياً، كما أنها ستخسر أخلاقياً، من خلال تكرار
تخليها عن رجالاتها وصقورها، بدءاً بالسياسي عبدالعزيز جباري، مروراً
بوزير النقل السابق صالح الجبواني، وليس انتهاءً بوزير الداخلية السابق
أحمد الميسري.

وهذا الوضع من التخلي لا يصب في مصلحة الشرعية اليمنية نهائياً، بحيث أنه
يدفع برجالاتها إلى إدراك نهاية مصيرهم المحتوم من التخلي والتهميش مع
تكرار مثل هذه الحوادث كلما أخلص الصقور للشرعية وتفانوا من أجلها.

وقد يقود هذا إلى تجمع سياسي جديد يقوده الصقور المتخلى عنهم، والذين
يمكن أن ينظموا أنفسهم في كيانٍ سياسي قوي لا يناهض خصوم الشرعية فقط، بل
حتى يعارض الشرعية نفسها وسياستها.