آخر تحديث :الخميس-28 مارس 2024-11:40ص

ملفات وتحقيقات


(تقرير).. كيف سيبدو المشهد في حالة تغيير المحافظين؟

الأربعاء - 13 يناير 2021 - 11:10 ص بتوقيت عدن

(تقرير).. كيف سيبدو المشهد في حالة تغيير المحافظين؟

(عدن الغد)خاص:

تقرير يتناول مصير وأوضاع المحافظات الجنوبية بعد تغيير محافظيها بآخرين

هل ستنتهي حالة الاستقرار والتنمية التي شهدتها بعض المحافظات؟

هل ستنتهي الصراعات في المحافظات التي شهدت نزاعات متواصلة منذ سنوات؟

هل ستعود شبوة مجدداً إلى الاضطرابات وغياب الدولة وانعدام التنمية؟

هل ستشفع إنجازات بن عديو ببقائه محافظاً وهل سيتمسك به أبناء المحافظة..
أم سيلاقي مصير الميسري؟

كيف ستواجه حضرموت التغيير.. وهل سنشهد محافظاً كالبحسني يوازن بين الأوضاع؟

هل سنشهد مرحلة اضطراب جديدة في حضرموت؟

تغيير المحافظ في أبين.. هل سيسهم في انتشالها من الانقسام أم أن تعقيدات
الأوضاع فيها أكبر؟

كيف سينعكس تغيير المحافظين على لحج وسقطرى؟

(عدن الغد) القسم السياسي:

اعتبر كثيرون أن قانون السلطة المحلية الذي أقرته اليمن بداية الألفية
الثالثة، وتحديداً عام 2001، بمثابة انتصار للحكم المحلي، وأحد الأساليب
العملية للتخفيف من وطأة البيروقراطية المركزية.

وإنصافاً للحقيقة، فقد أسهمت هذه التجربة في تفعيل الجوانب التنموية على
المستوى الشعبي والمحلي، بعيدا؟ عن تعقيدات وتأخير المركزية، كما منحت
هذه التجربة مزيد من السلطات والصلاحيات لمحافظي المحافظات.

وساهمت تلك الصلاحيات بتحسين البنى التحتية في المحافظات والمديريات إلى
حدٍ ما، وانعكست على الخدمات العامة، والمعاملات الرسمية والحكومية، إلا
أن الأمر لم يكن كاملاً، ولم تكن السلطات المحلية مطلقة أو كاملة
الصلاحيات.

وجاء العام 2006، ومعه انتخابات الرئاسة اليمنية، التي ترافقت مع
انتخابات المحافظين، لأول مرة في تاريخ اليمن، غير أن هذه التجربة لم
يكتب لها النجاح، وانتهت انتخابات المحافظين "بالتعيين"، من قبل رئيس
الجمهورية حينها.

غير أن ذلك التاريخ حمل معه مزيدا من الصلاحيات لمحافظي المحافظات أكثر
بكثير مما كان قبل خمس سنوات، ومضى الأمر على ما هو عليه حتى مرور البلاد
بأزمات 2011، ومؤتمر الحوار الوطني (2013 - 2014)، الذي جاء بمصطلح جديد
للحكم المحلي.

ذلك المصطلح لم يكن سوى "النظام الاتحادي أو الفيدرالي" الذي يعزز من حكم
الأقاليم نفسها بنفسها، ويخفف من قيود المركزية بشكل جذري، ويمنح
الأقاليم آفاقا واسعة للتحكم بثرواتها ومواردها، وحتى منح أبنائها مناصب
سياسية وخدمية، تكون حصراً عليهم.

غير أن أزمة أواخر 2014، واستيلاء المليشيات الحوثية على صنعاء، وهرولتها
نحو بقية محافظات البلاد، منعاً لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني وتمرير
مسودة دستور اليمن الجديد، وما تلاها من اندلاع حرب 2015، عرقلت عملية
تنفيذ مخرجات الحوار، وحرمت الأقاليم من فرصة حكم ذاتها والتصرف
بمواردها.

دويلات المحافظات المحررة

وفي ظل وضعٍ كهذا، أسفرت عملية تحرير عدد من محافظات اليمن من قبضة
وسيطرة المليشيات الحوثية، عن حالة لم تشهدها البلاد من قبل.

إذ باتت كل محافظة من المحافظات المحررة بمنأى عن أي حكم مركزي، وكأن
النظام الاتحادي والفيدرالي الذي خرج به مؤتمر الحوار دون أن يعلن عن
تطبيقه بشكل رسمي.

وأصبحت محافظات مثل مأرب، عدن، حضرموت، شبوة، المهرة، تحكم نفسها بنفسها،
وكأنها "جزر منفصلة" عن بعضها البعض، أو كأنها دويلات من المحافظات
"المستقلة".

وهذا الواقع الجديد، تمخض عنه مرحلة ما بعد التحرير، وعززه غياب الدولة
خارج الوطن، فيما يبدو وكانه وضع سلبي للغاية.

لكن.. بعض المراقبين أوجد لهذا الوضع الكثير من الجوانب الإيجابية، بحيث
أن موارد المحافظات وصلاحيات التصرف في إيراداتها كانت تذهب نسبة كبيرة
منه إلى الخدمات والتنمية، وانعكست على خير تلك المناطق، وكأننا نشاهد
بالفعل تطبيقاً للنظام الفيدرالي الاتحادي.

وتجلى هذا الأمر كثيراً في محافظات شبوة، مأرب، وحضرموت، التي عاشت خلال
السنوات الماضية استقراراً أمنياً وتنموياً وخدمياً، لم تشهده طيلة
ثلاثين سنة سابقة.

حتى أن محافظيها باتو بسلطات واسعة، ويتحكمون بكل صغيرة وكبيرة في نطاق
جغرافيتهم، واستطاعوا تسيير الأوضاع وشئون المحافظات، لدرجة أنه يصعب
التفكير بالكيفية التي قد تصبح عليها محافظاتهم عقب مغادرتهم لمنصب
المحافظ.

وهي الأخبار التي بدأت بالتداول مؤخراً، كأحد تبعات تنفيذ اتفاق الرياض،
وارتباطاته الهامة.

تغيير المحافظين

قبل أسابيع، كشف قيادي بارز في المجلس الانتقالي الجنوبي أن الأيام
القادمة ستشهد قرارات رئاسية جديدة، ستشمل تغيير محافظين ومدراء الأمن في
المحافظات الجنوبية، وفقاً لاتفاق الرياض الذي ترعاه السعودية.

وأوضح القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي المفاوض بالرياض، محمد
الغيثي، في حديث لقناة الحدث، رصدته (عدن الغد) أن تغيير المحافظين
ومدراء الأمن سيتم خلال هذا الاسبوع، ومن بينها تغيير محافظ شبوة ومدير
أمنها.

وأوضح الغيثي أن المجلس الانتقالي حريص على تنفيذ كافة بنود اتفاق الرياض
بما يخدم تطلعات الشعب الجنوبي.

وأضاف أن إعلان الحكومة الجديدة ستعقبه خطوات وقرارات كثيرة من شأنها
إعادة الأمن والاستقرار وتطبيع الأوضاع والنهوض بالمحافظات الجنوبية.

ولم يكن القيادي في المجلس الانتقالي وحده من كشف هذه القرارات، قناة
اليمن الفضائية التابعة للحكومة الشرعية، تحدثت عن مثل هذه التغييرات،
وأشارت إلى موعد تعيينات لمحافظين جدد للمحافظات الجنوبية تحديداً، بحسب
اتفاق الرياض.

وقالت القناة: إنه سيتم صدور قرارات جمهورية بتعيين محافظي محافظات
حضرموت، أبين، شبوة المهرة، مأرب، لحج، والضالع.

واللافت في هذه التسريبات الإعلامية، إذا صحّت، أنها تطال محافظي محافظات
حققوا الكثير من الإنجازات المشهودة لمحافظاتهم، بعيداً عن أية حسابات أو
مناكفات سياسية.

تبعات التغيير القادم

يُحذر مراقبون من حدوث تفاوت بين المحافظين القدامى والمحافظين الجدد،
خاصةً بالمقارنة مع ما حققه المحافظون السابقون من تنمية وازدهار في
محافظاتهم.

ويعتقد البعض أن محافظات مثل شبوة، حضرموت، وحتى مأرب، قد تدفع ثمن هذا
التغيير، عطفاً على ما بذله محافظوها من جهود، في أكثر من جبهة تنموية
وخدمية وأمنية.

حيث يُنظر إلى شخصيات مثل اللواء فرج البحسني، ومحمد بن عديو، وسلطان
العرادة، بأنهم من صقور الشرعية، الذين حافظوا على محافظاتهم من الانجرار
في الصراعات العسكرية، كما حافظوا على استقرارها الأمني، ووفروا لها
الكثير من مقومات التنمية، افتقدته منذ عقود.

لكن ثمة مخاوف من أن يطال هؤلاء الرجال مصير مشابه لمصير رجالات الشرعية
كالميسري والجبواني وجباري، الذين باتوا خارج المشهد السياسي.

والملاحظ أن أبرز محافظتين جنوبيتين عاشتا حالة من الاستقرار النسبي
أمنياً وخدمياً، هما حضرموت وشبوة، خاصةً عقب 2015، ستكونان في قلب
التغيير القادم، وهو ما يزيد من التساؤلات حول مصير المحافظتين، وتبعات
هذا التغيير، بعد سنوات قليلة من الاستتباب الخدمي والأمني.

في المقابل، ينتظر من التغيير القادم أن يضع أسئلة أيضاً حول مصير
محافظات مثل لحج وأبين وسقطرى، في ظل الصراعات التي عصفت وتعصف بها منذ
ست سنوات، حتى ان عجلة التنمية والاستقرار الأمني تعثرت فيها تماماً؛
نتيجة النزاعات التي لم تغادرها.

مصير شبوة

لا ينكر أي منصف ما تحقق في عتق ومحافظة شبوة، خلال عامين كاملين من
قيادة بن عديو لها، على المستوى الخدمي والتنموي، كتشييد الطرقات
واستعادة عمل الموانئ وتنفيذ مشاريع تعليمية وخدمية، وافتتاح مشاريع
سياحية جديدة.

يأتي ذلك عقب عقود طويلة من الحرمان الذي عانت منه شبوة، وغياب الدولة
وانعدام التنمية خلال تعاقب الأنظمة السياسية اليمنية، والتي لم تكن شبوة
فيها سوى ساحة للصراعات والاضطرابات الأمنية والمواجهات القبلية والثارات
العبثية، في مقابل استغلال ثرواتها دون أن يحظى أبناؤها بخيراتها أو
يستمتعون بها.

ولهذا يخشى مراقبون أن تعود المحافظة لمثل هذا الوضع السابق، وتذهب كل
إنجازات بن عديو أدراج الرياح، وفق تحذيرات مناصري بن عديو.

غير أن الواقع يؤكد أن محافظة شبوة يمكن لها أن تحظى بأحدهم لا يقل
مسئوليةً عن بن عديو، وربما قد يكون أفضل منه، بعيداً عن التطبيل للرجل
أو الحديث عن خسارة شبوة لجهوده، فكما وُجد بن عديو، قد يوجد غيره.

وربما قد يبني بديل بن عديو على ما بناه هذا الأخير، ويبدأ الخلف من حيث
ما انتهى إليه سلفه، فلا مكان للتحذير من تغيير المحافظين، الذين ربما
يكونون قد نجحوا في مرحلة تناسبت مع جهودهم، وأصبحوا الآن صالحين لمراحل
أخرى، وفق رؤية محللين.

حضرموت المتوازنة

ذات الأمر ينطبق على محافظة كبرى وذات أهمية بمثل مكانة حضرموت، التي
تعتبر عصبا اقتصاديا هاما بالنسبة لليمن، غير أن التناقضات التي عاشتها
خلال العقود الماضية جعلت من قيادة محافظة بمواصفاتها أمراً ليس بالهين.

ويبدو أن أهم نجاح حققه اللواء فرج البحسني هو تعامله "الناعم والذكي" مع
الاضطرابات التي كادت تودي بالمحافظة، لولا أسلوب وسياسة "التوازن" التي
انتهجها الرجل، وجعل من المحافظة ملاذاً للاستقرار والأمان، خلال السنوات
الخمس الماضية.

لهذا تكاد تكون مهمة خليفته على هرم المحافظة صعبة إلى حدٍ ما، وتحتاج
تروي في معالجة الاحتجاجات والتجاذبات السياسية التي تعيشها المحافظة بين
الحين والآخر، خاصةً مع وجود قوات ووحدات عسكرية حكومية في الوادي، تمثل
إشكالية بالنسبة لبعض المكونات السياسية.

ويرى مراقبون أن الشخصية العسكرية للمحافظ البحسني كانت رمانة الميزان في
ضبط إيقاع الأوضاع، وفرض الأمن في حضرموت، التي أصبحت ملاذاً للمطاردين
والفارين من جحيم الفوضى الأمنية في المدن المضطربة.

لذلك يعتقد المحللون أن خليفة البحسني يجب ان يكون عسكرياً وذا خبرة في
إدارة الشئون الأمنية والإدارية معاً، حتى يحقق المعادلة الصعبة.

معضلة الانقسام الأبيني

ثمة وضع مغاير ومختلف تعيشه إحدى أهم المحافظات الجنوبية، دفعت ثمناً
باهظاً في مسيرة الصراع اليمني والجنوبي منذ عقود.

محافظة أبين، التي مازالت تعيش وضعاً منقسماً، أثّر على طبيعة الحياة
اليومية، وجعل المحافظة متشظية بين شرق وغرب، الأول تسيطر عليه قوات
الحكومة الشرعية، والآخر خاضع لسيطرة قوات المجلس الانتقالي.

وإذا تمت التغييرات في مناصب المحافظين، فإن أبين تحتاج إلى شخصية
توافقية، تستطيع أن تنهي الصراع والانقسام الذي دفعت وتدفع ثمنه
المحافظة، منذ أكثر من ستين سنة.

بل أن أبين باتت اليوم انعكاسا حقيقيا لطبيعة سريان الصراع الجنوبي -
الجنوبي، وترمومتر واضح على درجات تصاعد أو هبوط مستوى هذا الصراع
والانقسام.

لذا، فهي بحاجة إلى من ينتشلها من وحل الانقسامات وتوجيه طاقات أبنائها
نحو التنمية والبناء، وتوفير الخدمات، وتعزيز النسيج الاجتماعي، رغم حالة
التعقيدات السياسية والاجتماعية التي تبدو مستحيلة المعالجة أو الحلحلة.

لحج وسقطرى الوديعتان

تظهر كل من محافظتي لحج وسقطرى، كوديعتين وسط مجموعة من المحافظات
الغارقة في الصراعات.

وقد حظيت سقطرى ولحج خلال السنوات الأخيرة، بمحافظَين أثبتا قدرتهما على
تقديم شيء لأبناء كل محافظة، حتى أن البعض صنف كلا من اللواء عبدالله
تركي محافظ لحج، ورمزي محروس محافظ سقطرى بأنها صقران من صقور الشرعية،
كل بطريقته وأسلوبه.

فالمحافظ التركي استطاع استمالة الانتقالي لكنه بقيَ على ولائه للشرعية،
ولم يُدخل محافظته في أي صراعات عسكرية أو أمنية، وحافظ على وداعتها، على
العكس تماماً من المحافظ المسالم رمزي محروس في المحافظة المسالمة سقطرى،
والتي فُرضت عليها المواجهات والاقتتال نتيجة عوامل إقليمية ودولية؛
متعلقة بمكانة وموقع وأهمية الجزيرة.

ولعل التغيير في كل من سقطرى ولحج، قد يكون "التغيير الأسهل" لمحافظيها
من بين جميع محافظي المحافظات الجنوبية الأخرى، ربما بسبب الوضع الحالي
الذي تعيشه سقطرى، وتحول السيطرة فيها لصالح المجلس الانتقالي، ونظراً
للحالة التي تفضل لحج أن تبقى عليها وأن تكون بمنأى عن الصراعات
والنزاعات.

مخاوف التغيير

حتمية التغيير لا مفر منها، وهو حالة لا بد منها، وتتحقق بطرق شتى
وعديدة، سواء بالإقالة مثلاً أو الاستقالة، أو حتى بالتعيين في أماكن
ومناصب رفيعة أخرى، أو بآليات مختلفة.

ويعتقد مراقبون أن التغيير لا يجب أن يحمل معه أية مخاوف، بل على العكس،
ربما يكون التغيير سبباً لاستمرار التطوير والتحسين، مع إمكانية أن يحمل
معه مؤشرات التراجع والتدهور.

لكن يبقى التغيير حتميا ومُلِحا، عطفاً على تغيرات المراحل السياسية التي
تمر بها البلاد، حينها ينجح من أراد لنفسه النجاح وخدمة المواطنين،
وسيفشل من سعى لنفسه فقط، ولم يلتفت لمحافظته واحتياجات الناس.

فالمواطن هو الوحيد القادر على الحكم على المسئولين.