آخر تحديث :الخميس-25 أبريل 2024-05:11م

ملفات وتحقيقات


(تقرير).. ما موقف الحراك الجنوبي من اتفاق الرياض؟

الإثنين - 11 يناير 2021 - 10:31 ص بتوقيت عدن

(تقرير).. ما موقف الحراك الجنوبي من اتفاق الرياض؟

(عدن الغد)خاص:

تقرير يتناول مصير مكونات الحراك الجنوبي بعد تنفيذ اتفاق الرياض

هل أضرت اتفاقية الشراكة مع الشرعية بمطالب الحراك؟

ما هي خيارات الحراك السلمي.. وإلى أين ستمضي؟

مظاهرات الحراك لم تثمر منذ عقد ونصف.. فهل ستتواصل؟!

هل ستتواصل مطالبه بالانفصال أم تقتصر على الانتقالي؟

بعد المتغيرات السياسية.. أين سيقف الحراك؟!

بعد المتغيرات السياسية.. أين سيقف الحراك؟!

القسم السياسي - عدن الغد:

انطلق الحراك الجنوبي السلمي في منتصف العشرية الأولى من الألفية
الثالثة، 2007، وذلك خلال قوة ونفوذ عهد نظام صالح، الذي تعامل مع
احتجاجات بطريقة قمعية وعنيفة.

ورغم ذلك استمر الحراك الجنوبي ملتزماً بسلميته التي لم يحد عنها، ومضى
يواجه نظاماً في أعتى مراحل قوته، ولم يتنازل عن مطالبه في استعادة دولته
الجنوبية.

كان الحراك الجنوبي في بداياته تحت قيادة نخبة من الشخصيات العسكرية التي
استطاعت توجيه بوصلة الحراك والتحكم فيها، ومنع انعطافها نحو مسارات
عنيفة، أو حتى التنازل عن مبادئها.

حتى أن مشاركة فصائل من الحراك في مؤتمر الحوار الوطني 2013 - 2014، شهدت
تمسكاً واضحاً للحراكيين بمطالبهم، دون أي انتقاص، بل أن البعض انسحب من
المؤتمر اعتراضاً حين رأى أن ثمة انحرافاً في تبني قضية الجنوب.

بينما استطاعت فصائل أخرى، الحصول على امتيازات كبيرة للجنوب من مؤتمر
الحوار، تمحورت حول توزيع الثروة والسلطة بشكل مرضي، شهدت بها قيادات
حراكية، في ظل دولة اتحادية وفيدرالية يحكم فيها كل إقليم نفسه بنفسه.

عقب ذلك، ترقب كثيرون تطبيق مخرجات الحوار وتحويلها إلى واقع، حتى يتغير
الوضع في الجنوب وفي مدينة عدن، التي حظيت بخصوصية وامتيازات عديدة، غير
أن أزمة أواخر 2014، وسقوط صنعاء بيد المليشيات الحوثية، وما تلاها من
اندلاع حرب 2015 حالت دون ذلك؛ نتيجة إشعالها من قبل أطراف محلية
وخارجية، لم يكن تنفيذ مخرجات الحوار في صالحها.

واللافت في كل تلك المراحل أن الحراك الجنوبي لم يحد عن خطه السلمي، ولم
ينتهج أي نهج عنيف حتى في ظل استمرار الحرب، والفوضى الأمنية والعسكرية
التي شهدها الجنوب خلال السنوات الست الماضية.

الانتقالي منافساً للحراك

مع استمرار حالة اللا استقرار التي عاشتها عدن والجنوب عموماً، عقب 2015،
قادت تلك الظروف نحو تأسيس كيان جنوبي جديد.

هذا الكيان الجديد كان مختلفاً عن كيانات وفصائل الحراك السلمية، حيث كان
مدعوماً من أطرافٍ خارجية، كما امتلك أجنحةً عسكرية وتشكيلات مسلحة تأتمر
بأمره وأوامر من يقف خلفه.

كان ذلك في بداية مايو 2017، حين تأسس المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي
أخذ على عاتقه تحقيق نفس مطالب فصائل الحراك الجنوبي، غير انه انتهج
نهجاً مغايراً، اعتمد على القوة العسكرية المسلحة والمواجهة؛ بهدف الوصول
إلى غاياته وأهدافه.

وبغض النظر عن واقعية ما تحقق من مطالب الانتقالي في استعادة الدولة من
عدمه، إلا أن المجلس الانتقالي استطاع الوصول إلى السلطة، ومشاركة النظام
في الحكومة، عبر فرض واقع عسكري في عدن، والدخول في مشورات مع الحكومة
الشرعية، تمخض عنها اتفاق الرياض، الذي ضمن استيعاب الانتقالي في السلطة.

وبعيداً عن اعتبار ما حققه الانتقالي كإحدى الخطوات التمهيدية التي قد
توصله إلى استعادة دولته، كما ترى قياداته وإعلاميوه، إلا أن الانتقالي
حقق في ثلاث سنين، ما لم يحققه الحراك السلمي خلال عقد ونصف تقريباً (14
عاماً) من العمل السلمي لتحقيق أهدافها.

وبذلك ينظر كثيرون إلى أن المجلس الانتقالي الجنوبي شكل منافساً للحراك
الجنوبي السلمي الذي تعدد فصائله ومكوناته، وعمل طيلة تلك الفترة بلا
داعم أو سند خارجي، بالإضافة إلى تمسكه بالخيار السلمي.

اتفاق الرياض

ضمن اتفاق الرياض، الموقع بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي
في العاصمة السعودية وبرعاية المملكة والإمارات، بحصول الانتقالي على عدد
من الحقائب الوزارية في حكومة كفاءات سياسية.

ورغم مطالب بعض فصائل الحراك الجنوبي بعدم إغفال تاريخ النضال الذي قاده
الحراك، وضرورة إشراكه في الحكومة الجديدة، إلا أن ثمة فصائل أخرى رفضت
الاتفاق جملةً وتفصيلاً.

وعللت تلك الفصائل رفضها، بأن الاتفاق لم يعطِ للجنوبيين حقوقهم الأساسية
في استعادة الدولة، بل كرست تواجدهم ضمن دولة يؤيدون الفكاك منها.

وهو ما تترجم في رفض أعتى وأقوى وأهم فصائل الحراك السلمي التاريخية،
التي أعلنت موقفها الرسمي من اتفاق الرياض.

موقف الحراك من اتفاق الرياض

مطلع أغسطس من العام الماضي، أعلن فصيل يمني رفضه لاتفاق الرياض، ودعا
أنصاره إلى ما وصفه بـ(التصعيد)، ذلك الفصيل لم يكن سوى المجلس الأعلى
للحراك الثوري لتحرير واستقلال الجنوب.

حيث اعتبر رئيس المجلس، القيادي حسن باعوم، أن الخطوة "تأتي من أجل رص
الصفوف لمواجهة كل من ينتقص من الحق الجنوبي"، بحسب وصفه.

كما أعلن المجلس الأعلى للحراك، رفضه أية (اتفاقيات) تنتقص من مطلب
انفصال الجنوب، وذلك في إشارة إلى "اتفاق الرياض" الموقع بين الحكومة
والمجلس الانتقالي الجنوبي، في نوفمبر 2019.

كان رئيس المجلس الأعلى للحراك الثوري لتحرير واستقلال الجنوب، حسن
باعوم، يتحدث من خلال كلمة مسجلة نشرها نجله عبر "فيسبوك"، بداية شهر
أغسطس 2020، وأعرب فيها عن رفضه "أي اتفاقيات أو مبادرات لا تلبي تطلعات
شعب الجنوب في إقامة دولته المستقلة“.

وأشار إلى أنه "وجّه قيادات الحراك في كافة المحافظات الجنوبية بتصعيد
العمل الثوري، وتشكيل لجان للتواصل مع مختلف القيادات الجنوبية، بما فيها
العسكرية والأكاديمية المؤمنة بالتحرير والاستقلال".

وأوضح أن هذه الخطوة "تأتي من أجل رص الصفوف لمواجهة من ينتقص من الحق
الجنوبي"، في إشارة إلى المجلس الانتقالي، المدعوم من جهات خارجية.

وينذر موقف المجلس الذي يمتلك نفوذاً سياسياً خاصةً في محافظتي عدن
وحضرموت، بمزيد من التعقيد أمام فرص تطبيق اتفاق الرياض، بحسب وصف وكالات
عالمية تناقلت تصريح باعوم، ورصدته "عدن الغد".

وعرف الأعلى للحراك الجنوبي بمواقفه المناوئة للتحالف العربي ممثلاً
بالسعودية والإمارات، وطالب مراراً بخروج التحالف من المحافظات الجنوبية.

وقبل تصريح باعوم، اعتبر المجلس الأعلى للحراك في بيان صادر عنه، أن
اتفاق الرياض "لا يخدم سوى من فرضه على الطرفين (الحكومة والانتقالي) بما
يتيح له السيطرة على خيوط اللعبة في الجنوب"، في إشارة إلى التحالف
العربي.

خيارات الحراك الجنوبي

في ظل هذا الرفض من قبل فصائل أقوى فصائل الحراك الجنوبي، وربما أغلبها،
يتساءل كثيرون حول مصير الحراك، وسط علاقات متوترة بين الأطراف اليمنية.

حيث يشير مراقبون إلى أن المظاهرات والاحتجاجات و"المليونات" التي كان
الحراك الجنوبي يتحكم في إخراجها إلى الشارع، لم تؤتِ أكلها، ولم تحقق
ثماراً حقيقية على الأرض، ولم تكن إلا مجرد (عبث) لا معنى له، وفق وصفهم.

وقد يكون الحراك استطاع تحريك الشارع الجنوبي، إلا أنه عجز عن إدراك
تفاصيل اللعبة السياسية ربما، فرض القبول بوجود داعم خارجي، يساند فكرته،
أو اللجوء إلى خيارات أخرى غير الخيار السلمي حتى يستطيع الوصول إلى
مطالبه.

وكل ما تجنبه ورفضه الحراك، تبناه الانتقالي وأمسك بجميع تلك الأدوات،
واستغلها واستخدمها استخداماً مثالياً، واستطاع الوصول إلى السلطة.

في المقابل، بقيّ الحراك السلمي كما هو، منذ عام 2007، مكتفياً بالشعارات
الخطابات التي لم تحقق شيئًا، وهو ما قد يقود إلى إشكالية تقلل وتشكك من
أساليب الحراك المستخدمة.

غير أن قادة الحراك الجنوبي السلمي يؤكدون مراراً أن هذا الأسلوب الذي قد
يراه البعض غير مجدي، هو من جلب للجنوب فرصة المناصفة في كل شيء من
السلطات والثروات والمناصب، بحسب بنود مخرجات الحوار الوطني الذي شارك
بها الحراك الجنوبي، في إشارة للمناصفة التي تضمنتها الحكومة الجديدة.

ويؤكد أنصار الحراك أن خيارهم القادم هو الاستمرار في الأساليب التي
تبناها المؤسسون ومضوا وفقاً لها، بل وتصعيد وتيرتها، حتى ينال الشعب في
الجنوب كافة مطالبه.

ويبدو أن هذا ما ينتهجه الحراك حاليًا، بحسب تصريحات قياداته الأخيرة،
وصمته على ما يجري بعيداً عن المشاركة فيها.

وينفي عدد كبير من منتسبي الحراك وأنصاره أن اتفاق الرياض، ورغم أن
الحراك يرفضها، إلا أنها ضمنت للجنوب المشاركة بفعالية، في العمل
السياسي، والحصول على المناصفة السياسية التي ضمنها مؤتمر الحوار، وهذا
يعتبر من الإنجازات التي حققها الحراك نتيجة مشاركته وعدم إقصاءه من
مؤتمر الحوار.

كما أن الواضح من بيانات الحراك الأخيرة، أنه ماضٍ في مطالبه، ولن يحيد
عنها رغم ما تحقق لمنافسيه على أرض الجنوب، فمطالب الجنوبيين ليست مقتصرة
على المجلس الانتقالي الجنوبي، وفق موالين للحراك.

بالإضافة إلى أن اتفاق الرياض لا يمكن له أن يقصي أي كيان أو فصيل سياسي
متواجد بقوة على الأرض، وهو ما يؤكده الكثير من المحللين، الذين يعتقدون
أن الحراك الجنوبي سيمضي ويستمر في نضاله، عطفاً على القاعدة الشعبية
والتاريخية التي يمتلكها، والتي أسسها منذ 15 عاماً.

وبناءً على أن الحراك السلمي الجنوبي تاريخياً لم يكن يوماً رهن العلاقة
مع أي طرف دولي أو إقليمي، فهذا يعني أنه سيمضي في نهجه بعيداً عن دول
التحالف العربي أو حتى أي دولة أخرى.

كما أن العلاقة بين الانتقالي والحراك لا تبدو على ما يرام، حتى في ظل
دعوات الحوار الجنوبي - الجنوبي، أو مطالب التسامح والتصالح التي لم
تتحقق.

والجهة الوحيدة التي يمكن للحراك السلمي الجنوبي أن يعقد معها تفاهماً هي
الحكومة اليمنية، التي سبق وأن دخل معها في تفاهمات ضمنت للحراك المشاركة
في مؤتمر الحوار الوطني.

بالإضافة إلى أن الحكومة هي الجهة المخولة للاستماع إلى مطالب الحراك،
وليس الانتقالي أو التحالف، الذي يعتبره الحراك طرفاً خارجياً؛ لهذا قد
يرفض التماهي معه.

ويبقى تاريخ الحراك الجنوبي السلمي، والنخب التي تقوده، هي الضامن
الأساسي لبقاءه على قيد الحياة السياسية الجنوبية واليمنية عموماً.