
الأحكام الحوثية ..ماذا تكشف؟
(أحكام الحوثيين تنم عن غباء سياسي وتكشف مدى إستحالة تعايش الجماعة مع بقية شرائح المجتمع) !
واضح جدا ان سلطات الإنقلاب خلال إصدارها لتلك الاحكام القضائية أنها لم تراع قط الأبعاد والرسائل السياسية التي يمكن ان تقرأ من هكذا فعل متهور، فضلا عن تجاهلها تماما لحساسية الظرف الذي تمر به الازمة اليوم.
نحن نتحدث هنا عن جهود دولية مبذولة على نطاق واسع بهدف تهئية الارضية والدفع بالاطراف اليمنية نحو القبول بمبادرة ( الاعلان المشترك) وتنفيذها واقعا، غير ان صدور مثل هذه الاحكام والتصرفات الرعناء التي تبدو خارج سياق النص السياسي المتعلق بأهمية احترام جهود السلام ومساعي انهاء الصراع، والبعيدة كل البعد عن اي عرف دبلوماسي يتصل بأدبيات " إبداء حسن النية وإستشعار المسؤولية " تجاه جهود المجتمع الدولي، إنما هو دليل قاطع على غباء تلك السلطات وعجزها عن فهم الواقع السياسي للصراع ومتطلبات المرحلة .
الاحكام التي أقل ما يمكن ان توصف به بأنها جاءت كمسرحية ( شاهد ماشافش حاجة)، والتي جمعت عريضة الاتهام فيها "الشامي على المغربي" ..! مؤتمر، إصلاح، مستقلين، مقاومة جنوبية، ساسة، عسكر، وحتى مثقفين، جميع هؤلاء ورغم تناقضاتهم السياسية إتفقوا بنظر الحوثيين على التخابر مع العدو ضد الوطن، والأغرب أيضا ان كل هؤلاء كانوا تحت عدسة الرصد الحوثية طيلة السنوات الماضية، قبل ان يتم اليوم إتخاذ القرار بمحاكمتهم دفعة واحدة !
ثم ياعزيزي حتى وإن افترضنا ان مقصد الحوثيين من وراء هذه الاحكام هو محاولة التأكيد على إستقلالية القضاء وعدم ارتباطه بالمسار السياسي للجماعة، فان مجرد تفحصك سريعا لقائمة أسماء المتهمين والدعوى القضائية المسيسة بشكل فاضح سينفي ذلك الافتراض بشدة، وأساسا تلتزم الجماعة الحوثية نهج التوظيف السياسي لكل المناسبات والاحداث التي تعلن عنها كانت دينية او تربوية او حتى على هيئة حدث قضائي لافت، كما هو حال احكام الاعدام التي صدرت بحق معارضيهم اليوم، ومع ذلك نرى ان الاشكالية الاكثر غباء ليست في فعل التوظيف السياسي ذاته لتلك الاحكام بقدر ماهي ناجمة عن التوقيت الغير مدروس لإصدارها .
يبدو حقا ان الجماعة ذات الطابع الايديولوجي الطبقي لاتواجه مشكلة في استهداف كافة اطياف المجتمع اليمني طالما انهم مختلفون معها فكريا وسياسيا.
مشهد ( الشيطنة والإقصاء) يتكرر، ولكن هذه المرة عبر مطرقة القضاء، وهو بالمناسبة تأكيد إضافي وقرينة اخرى تؤكد صعوبة قبول الجماعة بالاخر وإستحالة تعايشها مع اي شريك نقيض لمشروعها العصبوي وان كان يحمل نفس الهوية والإنتماء الديموغرافي .

- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها