آخر تحديث :الخميس-28 مارس 2024-02:47م

ملفات وتحقيقات


من مذكرات الرئيس علي ناصر محمد: لماذا نصح عبدالله بن حسين الأحمر بعدم تصعيد الحرب في الوديعة مع السعودية..وماذا كان موقف الشيخ أبو لحوم بمساعدة للجنوبيين في معركتهم؟

الأربعاء - 25 نوفمبر 2020 - 03:18 م بتوقيت عدن

من مذكرات الرئيس علي ناصر محمد: لماذا نصح عبدالله بن حسين الأحمر بعدم تصعيد الحرب في الوديعة مع السعودية..وماذا كان موقف الشيخ أبو لحوم بمساعدة للجنوبيين في معركتهم؟

(عدن الغد)خاص:

"عدن الغد " تنفرد بنشر مذكرات ( ذاكرة وطن جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية 1967-1990) للرئيس علي ناصر محمد : الحلقة (   السادسة  و الاربعون     )

متابعة وترتيب / د / الخضر عبدالله :

تنفرد ( عدن الغد ) بصحيفتها الورقية وموقعها اللالكتروني بنشر أبرز وأهم المذكرات االتي سبق لــ" عدن الغد " أن قامت بنشر ها ( ذاكرة وطن - والطريق إلى عدن - القطار .. رحلة إلى الغرب- وعدن التاريخ والحضارة  ) للرئيس علي ناصر محمد .

وفي هذه المرة ستقوم " عدن الغد " بنشر مذكرات جديدة من حياته ( جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية 1967-1990 ) .

وتعد هذه المذكرات الجزء الخامس  من محطات وتاريخ الرئيس الأسبق علي ناصر محمد رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية .

حيث يذكر لنا في مذكراته  عن  وقائع وأحداث وتغيرات  المت  بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية من عام (67- 90م )  حيث يقول الرئيس ناصر :" لا شك في أنّ قارئ هذه المذكرات سيجد نفسه مشدوداً إلى الماضي ومستغرقاً فيه، وربما تولّد لديه انطباع قوي بأنّ تجربة اليمن الديمقراطية لم تكن سوى صراعات عنيفة من أجل السلطة أو في سبيلها، وأنّ صفحات هذه التجربة لا تحمل ما يمكن الاعتزاز به، فضلاً عن أنْ ليس في تقديمها ما يمكن الاستفادة منه والتعويل عليه أو التفاؤل به... بقية التفاصيل من المذكرات  نسردها في أثناء السطور  وإليكم  ما جاء فيه ..

إعلام صنعاء مناعة ضد الفهم

نشرنا في العدد الماضي  سبب احتلال السعودية وعمان لأراضينا وجزرنا اليمنية  وكيف شنت الحرب فيها .. ولمن  كان الانتصار ؟
وفي هذا العدد يروي لنا الرئيس علي ناصر تكليفة من قبل الرئيس سالم ربيع علي بنقل رسالة إلى القاضي عبدالرحمن الإرياني رئيس المجلس الجمهوري في تعز .. وكيف تمت مناقشة قضية الحرب في الوديعة ويستدرك بالحديث ويقول :" وفي أثناء الحرب كلّفني الرئيس سالم ربيع علي نقلَ رسالة إلى القاضي عبد الرحمن الإرياني، رئيس المجلس الجمهوري في "تعز" في الأسبوع الأول من كانون الأول/ ديسمبر 1969م . (1)
استقبلَنا رئيس المجلس الجمهوري، القاضي الإرياني في تعز، وناقشنا معه قضية الحرب في الوديعة، وطلبنا منه مساعدتنا بطيارين على الطائرات السوفياتية ميغ 17 لتخفيف الضغط عن قواتنا العسكرية التي تخوض الحرب دون غطاء جوي، وقد وافق على هذا الطلب، وطلب أن ننتقل إلى صنعاء لمناقشته مع الفريق حسن العمري، لكنه نصحنا بتجنّب الحرب مع السعودية، وبالدخول في حوار معها، لأننا (الشمال) عانينا من  هذه الحروب مع السعودية على مدى 7 سنوات، وها نحن نجري حواراً معها لإقامة علاقات بين النظامين، وقد كلّف الأخوين الشاعر عبد الله عبد الوهاب نعمان (الفضول) (2) وعبد الكريم العنسي مرافقتَنا.
بينما كنّا في جبل سمارة في طريقنا إلى صنعاء براً، إذ بإذاعة صنعاء تذيع أنّ "الفريق العمري" قد استقبلنا، وكادت الدهشة تصعقنا، فكيف يكون قد قابلنا ونحن ما زلنا في الطريق، وبيننا وبين الوصول إلى صنعاء بضع ساعات أخرى؟ فما كان منّي إلّا أن التفتُّ إلى عبد الله عبد الوهاب "الفضول" ، وكان وزيراً للإعلام، وقلت له: يبدو أنّ "الإعلام عندكم لديه قدرة فائقة على التنبؤ"، وتلقى الفضول دعابتي بروحه المرحة وبدعابة مماثلة، قائلاً: "الإعلام عندنا عنده مناعة ضد الفهم".
في صنعاء التقينا الفريق حسن العمري بمنزل متواضع من الطين، وبدا متحمساً لمساعدتنا في الدفاع عن الأراضي اليمنية، ووعد بإرسال الطيارين الذين طلبناهم بعد العيد مباشرة، بينما معركة "الوديعة" كانت في أشدّها ولا تحتمل التأجيل. وقد أدى هذا التأخير في تقديم المساعدات التي طلبناها من الأخوة في الشمال إلى حسم القوات السعودية المعركة، وذلك بالتعاون مع الطيارين الباكستانيين، ونحن كنّا لا نزال ننتظر وصول الطيارين من صنعاء.

نشر التطورات في معركة الوديعة

ويستطرد في حديثه ويقول :" بعد اللقاء مع الفريق العمري، زرنا المهندس "عبد الله الكرشمي"، رئيس الوزراء، وتناولنا طعام الإفطار والعشاء في منزله المتواضع، والتقينا لأول مرة في حفل العشاء بالشيخ عبد الله بن حسين الأحمر، فوضعناهما في صورة الموقف. وكان الشيخ الأحمر يتابع من خلال راديو الترانزستور أولاً بأول نشرات الأخبار التي كانت تبثّ التطورات في معركة الوديعة، وقد نصح بعدم التصعيد مع السعودية، انطلاقاً من خبرتهم وتجربتهم في الحروب مع الملكيين والسعوديين منذ عام 1962م. لكن يبدو أنه كان يرى أنّ هذه المعركة ستؤدي إلى تخفيف العداء بينهم وبين السعودية، وسينتقل الصراع من حدود الشمال إلى حدود الجنوب، وهذا ما حدث بالفعل بعد المصالحة بين الملكيين والجمهوريين عام 1970م، وكما يقول المثل: "مصائب قوم عند قوم فوائد".

موقف الشيخ سنان ابو لحوم

ويردف قائلاً :" بعد هذا اللقاء انتقلنا إلى أحد الفنادق المتواضعة في قلب العاصمة صنعاء، ويُسمى فندق المخا، وهو فندق صغير وفقير وإمكاناته محدودة، حتى في تقديم وجبات الطعام، فلم يقدّم لنا وجبة سحور، إذ كنا في رمضان، وعند الفجر وصلاة الصبح زارنا كل من الأستاذ الفضول، والأستاذ علي ناصر العنسي، وتحركنا في طريقنا إلى الحديدة، وفي منتصف الطريق طلب الفضول أن نتوقف، وطلب من السائقين أن يفرشوا لنا بعض البطانيات لنجلس ونرتاح على الأرض، وطلب منهم أيضاً إحضار بعض الطعام والمشروبات من شاي وماء لتناول وجبة الفطور في هذا المكان الذي يقع يمين الطريق، فصاح العنسي: حرام عليك يا فضول أن تفطر ونحن لم يبقَ لنا من الوقت إلا أقلّ من 3 ساعات للوصول إلى الحديدة. فعلَّق الفضول، ساخراً، على كلامه: والله إنك لن تدخل الجنة على أكتافنا، وربنا غفور رحيم، ولا على المسافر حرج. ولعلمك، فأنا صليت وصمت لأكثر من 40 عاماً، بينما الرسول (صلّى الله عليه وسلّم) صلى وصام نحو 23 عاماً، "فاحسبها". فقال القاضي: "حرام عليك يا فضول!"، ولكنه ابتسم وضحك واستسلم للفضول. وتناولنا الفطور، وواصلنا رحلتنا إلى الحديدة، وفيها التقينا بمحافظ الحديدة الشيخ "سنان أبو لحوم" الذي قال إنه لا يمكن السكوت عن هذه الاعتداءات، وأعلن أنهم سيقفون إلى جانبنا. وأشار "الشيخ سنان" إلى رفض الإمام احتلال "الشرورة" في الماضي، وقال إنّ مذكرة الإمام بهذا الخصوص موجودة في الخارجية اليمنية وفي الجامعة العربية والأمم المتحدة، إذا لم تُسحَب من الأرشيف. فكيف نقبل باحتلال الوديعة؟! ( للحديث بقية ) ..
--------------------------------------------
هوامش /

1-   سبق لي أن عرفت القاضي الإرياني، ودارت بيننا مناقشات حول الوحدة اليمنية في القاهرة في أواخر عام 1967 م، بحضور فيصل عبد اللطيف، ومحمد أحمد البيشي في منزله بالجيزة. وكان من رأيه أن تتحقق الوحدة على مراحل، تبدأ بالاتحاد وتنتهي بالوحدة.
2- وُلد في ذبحان بالحجرية محافظة تعز في 1917م، وتلقى جزءاً من تعليمه على يد والده الشيخ عبد الوهاب نعمان في صنعاء، حيث كان معتقلاً فيها، ثم درس على يد ابن عمه الأستاذ أحمد محمد نعمان في ذبحان بالحجرية، ودرس بعد ذلك في مدينة زبيد على يد عبد الله المعزبي، من أشهر علماء زبيد. وفي أوائل الأربعينيات كان ضمن الشباب المستنير الذين تجمعوا في تعز، حيث عمل مدرّساً في المدرسة الأحمدية بين عام 1941 إلى عام 1944م . في عام 1944م أمر وليّ العهد أحمد حميد الدين، باعتقال أعداد كبيرة من الأحرار، فكتب الفضول قصيدة توديع وإشادة بالأحرار، منها هذه البيت:
سيروا فما الأغلال في أعناقكم     إلا لمجـــدكـــم العظيم شعـاراً
في عدن اشترك في تأسيس حزب الأحرار اليمنيين مع زعماء الأحرار، الزبيري والنعمان وزيد الموشكي، وعمل مدرساً في مدرسة بازرعة الخيرية.