آخر تحديث :الخميس-18 أبريل 2024-05:10م

ملفات وتحقيقات


(تقرير).. إلى أين وصلت خطوات تشكيل الحكومة الجديدة؟

الأربعاء - 25 نوفمبر 2020 - 09:37 ص بتوقيت عدن

(تقرير).. إلى أين وصلت خطوات تشكيل الحكومة الجديدة؟

(عدن الغد)خاص:

تقرير يتناول أسباب تأخر الإعلان عن تشكيل الحكومة اليمنية الجديدة..

هل اشتراط الشرعية تنفيذ الشق الأمني والعسكري هو من عرقل الحكومة؟

هل الشرعية في موقف سليم وصحيح بتمسكها بعدم تشكيل الحكومة إلا بتطبيق
الشق الأمني والعسكري؟

هل قرر صقور الشرعية الكبار النزول إلى المعركة بأنفسهم؟

لماذا ترفض بعض الأطراف تعيين العيسي وزيراً للداخلية؟

أين اختفت الحكومة؟

القسم السياسي (عدن الغد):

تبدو جميع الطرق موصدة أمام الوصول إلى خط النهاية الماراثونية لتشكيل
الحكومة اليمنية الجديدة.

فكلما اقتربت الأطراف المتشاورة في الرياض من خط النهاية، تباعد هذا الخط
مرة أخرى، لتبدأ من جديد مرحلة أخرى من الركض والعبث.

قرابة خمسة أشهر من استئناف مشاورات تشكيل الحكومة اليمنية الجديدة، منذ
إقرار آلية تسريع تنفيذ الرياض منتصف يوليو الماضي، دون أن تحقق تلك
الآلية شيئاً على الأرض سوى تعيين محافظ لعدن.

وبعد أسابيع من التقارير والتسريبات التي كانت تؤكد أن إعلان الحكومة
اليمنية الجديدة سيكون وشيكاً، ها هي الشهور تمر وتمضي دون أن يتم
الإعلان عن الحكومة المرتقبة.

حتى أسباب تأخر الإعلان عن الحكومة حظيت هي الأخرى بتقارير وتسريبات،
بعضها يشير إلى أن استكمال التوافق حول الحصص والحقائب الوزارية لكل مكون
من المكونات المشاركة في المشاورات، وبعض يتحدث عن الاختلاف حول بعض
الأسماء، وكل تلك التسريبات تبقى مجرد "تسريبات" لم تتأكد بعد، إلا أنها
بدت مادةً صالحةً للاستهلاك الإعلامي على الأقل.

غير أن مراقبين يربطون التأخر في إعلان الحكومة الجديدة بما هو أعمق من
الأسماء أو الحصص وتقاسم الحقائب الوزارية، رغم أن هذه الجزئية بالنسبة
للأحزاب اليمنية والمكونات والفصائل الجنوبية مسألة وجود، وليس مجرد أمر
هامشي.

ولعل ما هو أعمق من الأسماء والحصص متمثل في رؤية الأطراف المتشاورة
واستشرافها لما بعد الإعلان عن الحكومة، وإمكانية أن تمضي قدماً في العمل
السياسي وتستثني ما دونه من أعمال أمنية وعسكرية، قد تكون أكثر أهمية
وتأثراً وتحكماً بالمشهد العام من تشكيل الحكومة نفسها.

ويبدو أن هذا هو مربط الفرس، الذي جعل من الحكومة اليمنية الجديدة تتأخر
عن الظهور إلى النور، وجعل منها مجرد أسماء حبيسة الأدراج، في انتظار
تنفيذ ما هو أهم من الحكومة ذاتها.

تراتبية الملفات العالقة

كانت الدواعي التي جمعت الفرقاء السياسيين اليمنيين في الرياض للتشاور
حول تشكيل الحكومة اليمنية الجديدة، دواعٍ عسكرية وأمنية في المقام
الأول، تمثلت في أحداث أغسطس 2019، التي يعرف تفاصيلها الجميع.

فنتائج تلك الأحداث العنيفة والدموية، كانت عبارة عن مكاسب عسكرية وأمنية
للطرف المنتصر حينها، والتي تسببت بطرد الحكومة اليمنية وقواتها من
العاصمة المؤقتة عدن، والاستيلاء على المؤسسات والمرافق العامة للدولة.

لهذا تبدو الحكومة الشرعية متمسكة بضرورة إنهاء مظاهر الاستيلاء والسيطرة
العسكرية على مقدرات الدولة، وتسليم معسكراتها للقوات التابعة لها أو على
الأقل للقوات الراعية لاتفاق الرياض الذي أعقب أحداث أغسطس، قبل الخوض في
أي إعلان عن جوانب سياسية.

فالاتفاق تضمن في بنوده الرئيسية، جوانب عسكرية وأمنية، يتلوها جوانب
سياسية، وبحسب طرح الموالين للحكومة الشرعية فإن من الواجب أولاً إنهاء
المظاهر العسكرية من الاستيلاء على مقومات الدولة ومؤسساتها، قبل الحديث
عن أي جانب أو ملف سياسي.

كما يعتد أنصار الشرعية بأنهم قدموا لخصومهم في المجلس الانتقالي الجنوبي
بوادر لحسن النية، من خلال تمرير قرار تعيين محافظ لمدينة عدن، وهو أحد
البنود السياسية وليست الأمنية أو العسكرية، غير أن الشرعية لم تجد ما
يقابل حسن النوايا هذه، من جانب الانتقالي، سوى التمسك بما سيطر عليه
بالقوة خلال أغسطس 2019.

وبناءً على كل ما سبق، يبدو تمسك الحكومة الشرعية بالتراتبية في تنفيذ
اتفاق الرياض منطقياً، بحسب مؤيديها، على الأقل.

ولعل هذا ما يؤخر الإعلان عن الحكومة اليمنية الجديدة، حتى يبادر
الانتقالي أولاً بتنفيذ الملفات العسكرية والأمنية من الاتفاق.

تراتبية الانتقالي

في المقابل، لا يستسيغ أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي مسألة تقديم
الملفات الأمنية والعسكرية على نظيرتها السياسية.

فالانتقالي ينظر إلى اتفاق الرياض كوحدة واحدة، يجب أن تُنفذ بشكل متوازٍ
ومتزامن، دون تقديم ملف على آخر، بحسب طرح أنصاره ومؤيديه.

بل أن البعض منهم يرى أن الإعلان عن الحكومة الجديدة ومباشرة أعمالها أمر
لا بد منه، وفي غاية الإلحاح والحاجة، خاصةً في ظل تدهور الخدمات
والاحتياجات العامة والأساسية في عدن ومحافظات الجنوب، وهو ما يحمل
الانتقالي مسئوليته للحكومة الشرعية.

لهذا يعتقد الانتقالي أنه من الأولوية تشكيل الحكومة الجديدة، باعتبارها
الشق السياسي لاتفاق الرياض، ثم البدء بدراسة تنفيذ بقية الملفات الأمنية
والعسكرية الأخرى.

ويؤكد معتنقو هذا الرأي من الانتقالي أن تشكيل الحكومة وبدء ممارسة
مهامها سيعمل على تنفيذ بقية البنود والملفات بطريقة سلسلة ومنطقية،
بوجود وزير للدفاع يشرف على الجوانب العسكرية، ووزير للداخلية معني
بالأمور الأمنية، وهو أمر منطقي بالنسبة للتراتبية الخاصة برؤية
الانتقالي وأنصاره تجاه تنفيذ بنود اتفاق الرياض.

خلافات الأسماء والحقائب.. والملفات الساخنة

الأسباب المعلنة حول عدم إنجاز وإعلان الحكومة الجديدة، لا تزيد عن كونها
خلافات حول الأسماء المختارة لشغل الوزارات، أو حول الحصص الموزعة على
المكونات والأحزاب السياسية اليمنية المشاركة في المشاورات الماراثونية.

غير أن هذه الأسباب لا تعدو كونها أسباباً سطحية، يمكن أن أن تضاف إليها
مسألة تقديم الشق الأمني والعسكري على الملفات السياسية، أو العكس.

ويبدو هذا السبب الأخير أكثر منطقية لتحميله مسئولية تأخير إعلان الحكومة
الجديدة، باعتباره من الأسباب التي يمكن لها أن تقضي على مكاسب المجلس
الانتقالي العسكرية المحققة في عدن، بعد أحداث أغسطس الدامية.

فالجانب الأمني والعسكري قد يجد صعوبة كبيرة في التنفيذ، كونه ملفاً
ساخناً متعلق ببقاء الانتقالي من عدمه، لهذا يخشى هذا الأخير من التفريط
فيما حققه من مكاسب عسكرية وأمنية، حيث بات المتحكم الأول بعدن ولحج
والضالع وأجزاء من أبين، ومن المستحيل التنازل عن مل هذه الإغراءات
السلطوية بهذه السهولة.

لكن في المقابل فإن موقف الشرعية ليس أقل قوةً، فهي تتمسك بكونها دولةً
تم الانقلاب على مؤسساتها والاستيلاء على معسكراتها وطردها من عاصمتها
حتى ولو كانت مؤقتة.

وليس من الممكن أن تمضي هذه الدولة في تشكيل الحكومة الجديدة والإعلان
عنها دون أن تعود إليها هيبتها ومؤسساتها ومعسكراتها، وكيف لها أن تضمن
عمل الحكومة المرتقبة دون أن تكون حمايتها بيدها، بل بيد خصومها.

ويرى سياسيون أن طرح الحكومة الشرعية منطقي للغاية، وموقفها سليم وصحيح
إلى أبعد الحدود في منع الإعلان عن الحكومة قبل تنفيذ الملفات الأمنية
والعسكرية.

صقور جدد

ويبدو أن الحكومة الشرعية تفطنت لمثل هذا المأزق، الذي قد يقودها إليه
المجلس الانتقالي الجنوبي، لهذا فهي قد طرحت مجموعة من الأسماء التي
ستكون بديلةً لغيرها من الشخصيات في تولي حقائب وزارية سيادية وذات أهمية
قصوى.

وترى الحكومة الشرعية أنه في حالة رفض الانتقالي لأسماء مثل وزير
الداخلية أحمد الميسري للاستمرار في تولي هذه الحقيبة، تحت مبرر مشاركته
في أحداث أغسطس 2019، فبإمكان الشرعية أن تطرح أسماء لا تقل حجماً
ومكانةً عن الميسري.

لهذا خرجت التسريبات تشير إلى إمكانية نيل رجل الأعمال اليمني أحمد
العيسي حقيبة الداخلية، خلفاً للميسري، وهو شخصية يراها مراقبون بأنها
أكثر شراسةً وحميةً للشرعية، وأحد الصقور المحسوبين على صفوف الحكومة
اليمنية.

وهو ما يعتقد مراقبون أنه كشف كامل لأوراق اللعبة من قبل الحكومة
الشرعية، في مواجهة تعنت المجلس الانتقالي ورفضه لشخصيات وأسماء سابقة
موالية للحكومة.

كما يصنف البعض أن الشرعية بدأت تتعامل مع المرحلة المقبلة بشكل مختلف عن
الماضي، وأنها نزلت إلى ساحة المعركة مع خصومها بكل ثقلها السياسي،
تحسباً لما هو أسوأ من مراحل قادمة.

ويعتقد محللون أن الحكومة اليمنية تسعى إلى توقع تحركات مناوئيها من
الشخصيات أو الكيانات أو حتى الدول، ووضع شخصيات موالية لها وقوية وتتمتع
بقوة وصرامة، لمواجهة أي مستجدات أو تطورات جديدة.

ويبدو أن سببا كهذا كفيل بتأخير الموافقة على قوام للحكومة الجديدة، في
ظل تواجد أسماء كالعيسي وغيره من الصقور الجدد في صفوف الشرعية ضمن
وزرائها، وهو ما قد ترفضه المكونات المشاركة في مشاورات تشكيل الحكومة
وعلى رأسهم المجلس الانتقالي، خاصة وأن الرئيس اليمني ملزم بالتشاور مع
الانتقالي لتمرير عدد من وزرائه السياديين، بحسب آلية تسريع تنفيذ اتفاق
الرياض.

فثمة تحفظات كثيرة، ويتوقع مراقبون أن يبرر الانتقالي رفضه لاسم العيسي،
فيضاف ذلك إلى قائمة أسباب تأخر الإعلان عن الحكومة المرتقبة.

المعرقلون

يتبادل الطرفان الاتهامات بالتورط بعرقلة تنفيذ اتفاق الرياض، خاصةً فيما
يتعلق بتشكيل الحكومة الجديدة الجارية مشاوراتها في العاصمة السعودية.

حيث ترى الحكومة الشرعية أن الانتقالي لا ينوي تنفيذ اتفاق الرياض، فهو
فقط يريد المشاركة في الحكومة الجديدة واقتناص مكاسب سياسية شخصية
لقياداته، وفق مؤيدي الشرعية، كما أنه يسعى للفوز بالتواجد كشريك في
الحكومة ليس إلا، رغم أنه كان يصفها مراراً بأنها حكومة فساد وإرهاب.

فيما ينظر الانتقالي إلى أن هذه هي الفرصة المناسبة لتطهير الحكومة
اليمنية من سيطرة "جناح الإخوان" عليها، وأن تواجده فيها سيكون مانعاً
وحائلاً دون مزيد من الفساد والإرهاب، وفق أنصاره، وهذا المطلب ليس
مطلباً انتقالياً فحسب، ولكنه توجه إقليمي ودولي.

وعطفاً على ذلك التفاوت والتناقض، يدعي كل طرف أن الطرف الآخر يمضي نحو
عرقلة تشكيل الحكومة الجديدة، بينما هما بالأصل يسعيان إلى الحيلولة دون
أن ينفذ أي منهما أهداف الطرف الآخر، على حسابه الشخصي.

ووفق هذه الحصيلة يبدو الطرفان بأنهما معرقلان حقيقان لإعلان تشكيل
الحكومة اليمنية الجديدة، يتشاركان المسئولية معاً.

لا شيء رسمي

ثمة أمر في غاية الأهمية، تغفل عنه كثير من الجهات المعنية بتحليل وقراءة
المشهد العام في اليمن عموماً، وهو أن اتفاق الرياض وبنوده الأساسية لم
يطلع عليها أحد بشكل رسمي.

فكل ما يدور من أحاديث أو تطرق للبنود ليس سوى تسريبات، حيث لم يشاهد
الاتفاق أو لم يعلن عن تفاصيله ونصوصه رسمياً، ولم تظهر للعلن صور أوراقه
الرسمية والقانونية التي يمكن أن يعتد بها عند تفنيد رؤية أو حجة طرف أو
ترجيحها على حساب الطرف الآخر.

لهذا ستبقى الحسابات الخاصة بأحقية البنود المنفذة قبل الأخرى حبيسة
العارفين بالبنود، والمشاركين في وضعها، والموقعين عليها شخصياً، وهؤلاء
لا يصرحون ولا يتحدثون للعلن، فكل ما بأيدينا من بنود اتفاق الرياض،
وخارطة تشكيل الحكومة الجديدة محض تسريبات ليس إلا.

عوامل خارجية

وبعيداً عن رؤية كلا الطرفين، ينظر المحللون المستقلون إلى أن تأخر
الإعلان عن تشكيل الحكومة المرتقبة يعود إلى عدة عوامل وموجهات متعلقة
حتى بإرادة اللاعبين الإقليميين والدوليين المؤثرين في الشأن المحلي.

حيث لم تقتصر أسباب تعثر الإعلان عن الحكومة الجديدة على الانتقالي أو
الشرعية وحدهما، ولكنها تتداخل فيها عوامل خارجية، تحرّك تلك الأدوات
الداخلية المتمثلة في الانتقالي والشرعية.

وهذا ما يراه عدد من المحللين الذين يعتقدون أن الإيعاز بالعرقلة تأتي من
الخارج، حتى لا يتحقق لليمنيين أي استقرار أو تنمية.