آخر تحديث :الأربعاء-24 أبريل 2024-06:59ص

صفحات من تاريخ عدن


حقائق تاريخية عن عدن لم يعلمونا إياها

الأربعاء - 18 نوفمبر 2020 - 05:07 م بتوقيت عدن

حقائق تاريخية عن عدن لم يعلمونا إياها

كتب/عفيف السيد عبدالله

تؤكد شواهد تاريخية كثيرة، مطبوعة في موسوعات المعرفة العالمية، وكتب التاريخ التي يمكن الوثوق بها والإعتماد عليها. أن عدن لم تكن عاصمة لأية دولة. وأنه حكمها أولادها الأصليين لقرون طويلة ممتدة من قبل الميلاد. يديروها ويتدبروها وحدهم بكل براعة وكفاءة واقتدار. ويرجع إلى الله، ثم اليهم الفضل أنها عاشت خلالها في مقدار كبير من الثراء واليسر.وبجهودهم نجحت، ونمت، وتطورت، وتحضرت، وتمدنت. ومن العصور الفديمة الذي شغلته عهود آشور وبابل والبيزنطيين واليونان والرومان ومصر.   

والحق أن تاريخ عدن، ممتلىء وزاخر بحقائق تبعث على الدهشة. وأولها، الذي يستحق الكثير من الاعتبار، الزمان الطويل الذي مضى على وجودها. فهي واحده من اقدم مدن وموانىء العالم التاريخية. وقد ذكرت في الثوراة، كتاب العهد القديم، حزقيال، الأصحاح 27، الأية 22 ، (592 قبل الميلاد). كما جاء ذكرها أيضا في كتاب البريبلوس (القرن الثالث الميلادي) الذي تعود اليه أكثر معارفنا عن التجارة اليمنية قديما. ومن ضمن ما جاء فيه أن عدن توقفت عن العمل بعد أن دمرها كرب ايل وتر.   

ومن الحقائق التي أذهلت بها عدن العالم، وشدت إهتمامه. هو تقدمها والسبق في توحيد الألوهية. وهو نفي العبادة عن كل كائناً من كان سوى الله تعالى . في حين، كان ما حولها من الممالك اليمنية القديمة تعبد القمر (المقه). إذ كانت عدن من مناطق الوجود المميز لليهود. ويعتبرون من أقدم الطوائف اليهودية في العالم.   

وتثبت الحفريات في بيت شاريم في فلسطين المحتلة على تمركزهم في عدن، في فترة الميشنا اليهودية (القرن الثالت- القرن الثاني قبل الميلاد). وأداموا فيها منذ ذلك الوقت إلى أن أجبرهم الإنجليزعام 1947م إلى الهجرة إلى إسرائيل.( وكان قوامهم بلغ آنذاك في عدن 8550 فرد) لكن كثرة منهم أختارت التوجه إلى بريطانيا والولايات المتحدة الامريكية. ومعروف عن يهود عدن أنهم كانوا مناهضون وخصم للصهيونية.   

 وعدن هي مهد التجارة الدولية، بكل مافي الكلمة من تعبير. وسهلتها ووسعت في مداها. نظرا إلى موقعها الإستراتيجي الهام، وحسن إدارة أبناءها ميناءها الطبيعي الخرافي. وإلى كونها نقطة إلتقاء للسفن القادمة من  قارات آسيا وأوربا. ولديها إمكانات إيجابية للتموين، والتبادل التجاري. وكان لهذا الارث العظيم ،الأثر الكبير في صياغة تاريخها وثقافتها المميزة.   

  ومن العصور القديمة، التي شغلتها عدن يشمل عهود بابل، وأشور، والفرس، واليونان، والرومان. وبطول تاريخ عدن القديم، كانت تخرج من نواصيها، عن طريق البحر والبر، تجارة عظيمة. ومنها قوافل البخور واللبان والبهارات والأعشاب الطبية. وهي سلع كانت ثمينة ولها أهمية قي حياة الشعوب القديمة. ومن هذه القوافل العدنية والحضرمية، كان مبعث الرومان إطلاق إسم "السعيدة". وأرسلوا حملة إلى اليمن، سنة 24 قبل الميلاد. كما جاء في كتاب البريبلوس.

وفي القرن الحادي عشر، كشفت وثائق مذهلة، عثر عليها في أقدم كنيس يهودي في مصر، عن روابط  ثقافية، ودينية، وتجارية، طورها المجتمع  العدني مع المجتمعات في منطقة البحر المتوسط. وعن إتصالات مع رؤساء الأكاديميات اليهودية في مصر.  بل وحتى دعم يهود عدن تلك المراكز الأكاديمية ماليا.

 وعدن هي المدينة الوحيدة في الكون، التي زارها كل الرحالة العالميين المشاهير. بل أن بعضا منهم كرر زيارته لها أكثر من مرة. وتكمن أهمية هذه الشواهد على واقع الإزدهار الحضاري، والتجاري، وأهمية عدن في العصور الوسطى.  

والرحالة هم: ماركو بولو أثناء رحلته مع والده وخاله عام 1269م. وإبن بطوطة عام 1330م. والرحالة الصيني المسلم الشهير الادميرال شينج هي، والملقب (بالفارسية) بحاجي محمود شمس الدين عام 1492م. والرحالة الايطالي فارتيما دي عام 1504م. وجان دو لاروك الفرنسي ما بين الفترة 1708م – 1713م. وجميعهم أشادوا بها ووصفوها بأنها مدينة مهمه، وثرية جدا، وفائقة الجمال، وأن ميناءها هو من الأفضل في العالم.

ومن آثار عدن التاريخية القديمة، ما لايزال باقيا حتى الآن، وتدل على عمق حضارتها الإنسانية، هي صهاريج عدن. وفي حين عرف العالم نوع  الآثار المنتشرة بكثرة الذي تمجد للموتى. تعد صهاريج عدن من الأثار التاريخية القديمة الكبيرة النادرة التي كُرست لصالح حياة الانسان.

وقدرها الباحثون بنحو خمسه وخمسون صهريجا. ومن مكوناتها المدهشة، أنها خزانات مياه ضخمة جدا، وعميقة، وواسعة للغاية، بعضها محفورة في جلمود الجبل. تبدا في راس وادي الطويلة، وتتوزع متصلة ببعضها البعض، ضمن شبكة مياه، كان يستخدمها السكان على امتداد المدينة. 

ومن أبرز معالم عدن التاريخية أيضا، هي قلاعها، وحصونها القديمة (تسعة قلاع) . التي قال عنها الرحالة الايطالي الارستقراطي المشهور فارتبما دي، ضمن وصفه لعدن، أنه لم يرى مثلها من قبل في مدينة عند مستوى سطح البحر. وقال أيضا ابن خلدون في وصفها "وعدن هذه من أمنع مدائن اليمن".

ومن تلك القلاع قلعة صيرة. وتدلل وقائع وأحداث وتبعات معركة عدن التي دارت فيها.أنه كانت للانجليز حامية في عدن عام 1800م. بناء على إتفاقية عقدوا بشأنها عام 1802م، مع المُعسر سلطان لحج محسن بن فضل. وبعد تنامي نفوذهم في الهند، وغزو الفرنسيون مصر، أثار ذلك حماس الانجليز في احتلال عدن.

وبدأت الخطوة المتسلسلة الأولى للإحتلال بإدعاء بريطانيا أنه تم الاستيلاء على بضاعة من السفينة "داريا دولت" المملوكة لشركة الهند الشرقية البريطانية, الذراع الاستعماري، والتجاري، والسياسي، للإمبراطورية البريطانية في الهند وجنوب آسيا. وبعد ان رفض الانجليز عروض السلطان، وتنازلاته، هرب السلطان الى لحج. الا ان أهالي عدن دافعوا عن مدينتهم ببطولة.      

 وبدا الاحتلال بتكيلف القائد هنري سميت بالاستيلاء على قلعة صيرة. وهو قائد متمرس. شارك لاحقا في حرب الافيون ضد الصين (1839م- 1842م). وحرب القرم ضد روسبا عام 1853م, ومات وهو برتبة أدميرال. ووضعت تحت امرته ثلاث سفن حربية متطورة و700 مقاتل. وشمل دفاع أبناء عدن عدد مماثل من الجنود ، و33 قطعة سلاح، ومن ضمها مدفع تركي.

واسفرت المعركة في الجانب الانجليزي ، عن 17 قتيل وجريح ، واغراق طراد بحري. وفي جانب ابناء عدن، سقوط 150 شهيد وجريح، وأسر 139 مقاتل (رحمة الله عليهم جميعا)، وخسارة 33 قطعة سلاح والمدفع التركي. وسقوط قلعة صيرة. وبعدها، أعتبر الاستحواذ على عدن أولى فتوحات الملكة فيكتوريا.

والحق، أن هذه الملامح المحدودة لإرث عدن العظيم . تثبت لنا، أنه يتحتم الأمر الآن ، تحقيق ما يصبو اليه ابناء عدن. وهو إجراء تغييرات حقيقية ذات أهمية في حكم المدينة. وحافزاً كبيراً، لتبني أن تعود عدن للعدنيين. وتحت الهوية اليمنية.

اذ تمر عدن، في الوقت الحاضر، بفترة هي من الأسوأ في تاريخها, وفصل قاتم جدا غير مبشر بخير. وكما زارت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسوده السودان، لتقديم المتهمين الذين تلاحقهم المحكمة، بتهم إرتكاب جرائم حرب في دارفور إلى العدالة. يمكن دعوتها أيضا لزيارة عدن. لأن ما يجري فيها هي قضية مقبولة أمام المحكمة. وقضايا جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية لا تسقط بالتقادم.