آخر تحديث :الأربعاء-24 أبريل 2024-01:28ص

ملفات وتحقيقات


تحليل سياسي: هل سيسهم تشكيل حكومة الشراكة بتحويل عدن إلى عاصمة فعلية للشرعية؟

الثلاثاء - 27 أكتوبر 2020 - 09:57 ص بتوقيت عدن

تحليل سياسي: هل سيسهم تشكيل حكومة الشراكة بتحويل عدن إلى عاصمة فعلية للشرعية؟

لماذا ظلت قيادة الشرعية تدير أمور البلاد من الخارج؟

تنفيذ اتفاق الرياض هل سيهيئ الأجواء السياسية في عدن وينهي حالة
الاحتقان والمماحكات؟

ماذا تريد الدول الشقيقة والصديقة من الحكومة كي تعيد فتح سفاراتها في عدن؟

كيف أسهمت المماحكات السياسية في انقسام الأمن وتدمير الخدمات؟

عدن أمام مرحلة جديدة تكون أو لا تكون

تحليل/ باسم فضل الشعبي:

دعا محافظ العاصمة عدن احمد لملس، أمس، عند لقائه السفير جمال عوض ناصر،
المستشار في وزارة الخارجية، الدول الشقيقة والصديقة لإعادة بعثاتها
الدبلوماسية إلى عدن وفتح سفاراتها ومكاتبها القنصلية.

يبدو المحافظ لملس اكثر حماسا لإعادة عدن الى وضعها الامني المستتب الذي
يؤهله لدعوة المنظمات والسفارات والقنصليات للعودة الى عدن وافتتاح
مكاتبها، لكن في المقابل هل ستعمل الحكومة الجديدة على مساعدته لتحقيق
هذا الهدف؟.

تواجه عدن تحديات كبيرة، ومنذ ست سنوات لم تعرف الاستقرار ولم تنجح
الحكومات المتعاقبة ولا القيادة السياسية ولا المحافظون المتعاقبون على
المضي بها قدما نحو الاستقرار لعوامل عديدة من ابرزها الانقسامات
السياسية والامنية والتدخلات الخارجية التي ساهمت بصورة سلبية في جعل عدن
حبيسة الهواجس الامنية، الأمر الذي وقف عائقا امام عودة المنظمات الدولية
اليها وافتتاح مكاتبها الرئيسة فيها، كما لم يحفز الوضع في عدن على عودة
القنصليات وافتتاح السفارات.

لكن اليوم يصبح الامر مختلفا، لاسيما مع تباشير التوقيع على اتفاق الرياض
القاضي بتحقيق الشراكة بين المجلس الانتقالي المسيطر امنيا على عدن وبين
الشرعية التي تتواجد اداريا فيها، ولن يكون هناك اية أعذار جديدة، لاسيما
اذا ما تم الاتفاق على تشكيل حكومة الشراكة والمناصفة، وهي الحكومة التي
يأمل اليمنيون ان تعلب دورا كبيرا في حلحلة العديد من المشكلات والملفات
وأولها انهاء الانقسام في عدن وعودة الاجهزة الامنية تحت قيادة واحدة
وانهاء المظاهر الامنية والشروع في تطبيع الاوضاع وعودة الاستقرار.

هل تصبح عدن عاصمة فعلية؟

على الرغم من ان عدن كانت عبارة عن عاصمة للشرعية اليمنية خلال السنوات
الست الماضية إلا أنها لم تكن عاصمة فعلية، حيث ظلت القيادة اليمنية تدير
امور البلاد من العاصمة السعودية الرياض ولحقت بها الحكومة حيث لم تستقر
طويلا في عدن بسبب الاحتكاكات مع المجلس الانتقالي وغياب الامن، لكن
اليوم هل سيتبدل الوضع وتصبح عدن عاصمة فعلية خصوصا بعد تشكيل الحكومة
وتنفيذ بنود اتفاق الرياض.. وهل ستعود اليها المنظمات والسفارات والبعثات
الدبلوماسية؟ انه سؤال كبير بحاجة الى اجابات شافية من قيادة الدولة
والحكومة فهي القادرة على الاجابة عن هذا السؤال لأن الأمر بيدها، اما
اذا ظلت كعادتها خارج البلاد فإن الامور ستتعقد اكثر وسوف يؤدي ذلك الى
فشل الحكومة وعودة الصراع من جديد.

ويرى مراقبون ان هناك فرصة كبيرة امام القيادة الشرعية للعودة إلى الداخل
والعمل مع الناس وهذا بحد ذاته سوف يلعب دورا كبيرا في المعركة الحربية
الدائرة مع مليشيات الحوثي، حيث يعتقد خبراء ان ضعف الشرعية خلال السنوات
الماضية هو استمرارها بدون عاصمة سياسية فعلية.

عودة الاستقرار

يعتبر الملف الامني هو التحدي الأكبر امام الحكومة الجديدة وقيادة السلطة
المحلية في عدن، اذ ظلت حالة الانقسام في الاجهزة الامنية تشكل تهديدا
خطيرا وكبيرا في استعادة عدن لطبيعتها المدنية، وقد حرمت المدينة من فرص
عديدة كانت ستضعها في موقع مقبول على المستوى التنموي.

لقد توقفت عجلة التنمية في عدن تماما خلال الست السنوات الماضية بفعل
الجانب الامني وتضارب المصالح والمهام وتداخل الادوار وعدم استقرار
الحكومة حيث لم تحظ عدن بمشاريع كبيرة تحسن من مستوى الخدمات، وظل هذا
الملف يورق المدينة وسكانها طوال الوقت وما يزال، كما ان المنظمات
الدولية ظلت مشاريعها محدودة حيث لم تتجاوز الاعمال الاغاثية واعمال
الاستجابات الاولية، وملف الإعمار غاب تماما عن اهتمام الداخل والخارج،
وكل الجهود التي برزت في هذا المجال غير كافية لإعادة اصلاح ما خربته
الحرب الملعونة.

وبحسب مراقبين، فإن ايجاد مناخ امني مساعد يتطلب توحيد الاجهزة الامنية
وضمها جميعا تحت قيادة وزارة الداخلية بحيث تكون تحت قيادة واحدة منعا
لتعدد الولاءات والاجراءات والتصرفات التي اضرت فيما مضى كثيرا بالملف
الامني لاسيما وان العديد من منتسبي الاجهزة الامنية انخرطوا في العمل
الامني دون تلقي تدريبات كافية، حيث غاب التعامل المهني مع كثير من
القضايا الامنية التي تسببت بمضاعفات كبيرة او اضرت بعدد من الناس والاسر
بقصد او بدون قصد.

وأمس الإثنين، في عدن فتحت المظاريف الخاصة بإعادة تأهيل وترميم أقسام
الشرطة بمديرية المنصورة والبالغ تكلفتها 45 مليون ريال بتمويل محلي،
ويعد هذا المشروع من المشاريع الهامة التي تعمل على تأهيل الجانب الامني
ويفترض تعميمه على بقية المديريات، ويبقى الجندي في الجهاز الامني هو
الهدف الأسمى للتأهيل والتدريب سواء تم ذلك محليا ام خارجيا.

ملف الخدمات

يعتبر ملف الخدمات من أهم الملفات العالقة امام الحكومة الجديدة
والمرتقبة حيث ادى تدهور هذا الملف وغياب الاهتمام به خلال السنوات
الماضية الى تعقيدات كبيرة امام الحكومة والسلطات المحلية فضلا عن كونه
اسهم في مضاعفة معاناة المواطنين من خلال الانقطاعات المستمرة في
الكهرباء والمياه.. ان استمرار الوضع كما هو عليه في هذا الملف لن يؤهل
عدن لتصبح عاصمة قادرة على الوفاء بشروط العيش الكريم لمواطنيها كما انه
قد يعيق الحكومة والسلطة المحلية ويسبب لهما الحرج الكبير امام المنظمات
الدولية والسفارات، حيث من غير المعقول ان تتحول عدن الى عاصمة فعلية
وحقيقية وهي من دون خدمات بسيطة.

ويرى مراقبون ان عدن لكي تتحول الى عاصمة دائمة للحكومة تتطلب ايجاد حلول
ناجعة لملف الخدمات حتى لا يؤدي ذلك الى صدامات مع المواطنين او يتسبب
لها بالحرج امام المنظمات الدولية والسفارات والقنصليات التي دعاها محافظ
العاصمة للعودة الى عدن.

ان حل ملف الخدمات يتطلب حكومة دائمة في عدن ووضعا مستقرا فضلا عن علاقات
دولية كبيرة، فهناك دول داعمة كبيرة يمكن الاستفادة منها لحل هذا الملف،
حيث يرى خبراء ان ملف الخدمات بحاجة لحلول جذرية وجديدة كما انه بحاجة
لدعم كبير، وهذا لن يحدث الا من خلال العلاقات الدولية للحكومة التي يمكن
توظيفها لمصلحة ملفي الكهرباء والمياه على شكل منح وهبات تتمثل في بناء
محطة كهرباء جديدة في عدن تغطي العاصمة والمناطق المجاورة لها واعادة
تنشيط حقول المياه وحفر ابار جديدة واصلاح الشبكات لضمان وصول المياه
لمنازل المواطنين.

الوضع السياسي

ان الاتفاق على تشكيل الحكومة وفق اتفاق الرياض بين الشرعية والانتقالي
يعد مؤشرا ايجابيا قد يساهم في تهدئة الاوضاع في عاصمة اليمن عدن، حيث ظل
الملف السياسي يلعب دورا كبيرا في التنافر خلال الفترة الماضية، فمن
المعلوم ان للانتقالي توجهاته السياسية كما ان للشرعية توجهاتها ومشروعها
السياسي، وظلت الاوضاع سابقا محكومة بتعبير كل طرف عن مشروعه ومحاولة
فرضه على الاخر ولو باستخدام القوة، وظلت التجاذبات والمناوشات خلال
الفترة الماضية طاغية على المشهد ومنعت من التقارب بين الطرفين فضلا عن
كونها فجرت صدامات مسلحة في يناير 2018 وفي اغسطس 2019 استطاع الانتقالي
عبرها السيطرة على مدينة عدن امنيا، غير انه ظل بعيدا عن الادارة الفعلية
للعاصمة، لكن اليوم اصبح الانتقالي هو الحاكم الفعلي لعدن بعد تعيين
امينه العام احمد لملس محافظا للعاصمة ورئيسا للجنة الامنية فيها.

ومن هنا يتساءل مراقبون، هل ستظل لعبة الاعلام والشعارات عاملا منفرا من
جديد في عدن ام ان التفاهمات الجديدة في اطار اتفاق الرياض سوف تخلق جوا
من التقارب السياسي بين الشريكين الجديدين، حيث ان الانتقالي سيصبح جزءا
من الحكومة الشرعية وسوف يشارك عبرها في ادارة شئون البلاد والمشاركة في
الحوارات والمشاورات الخارجية فيما يتعلق بالأزمة اليمنية.

ومن الطبيعي ان يساهم الجو السياسي الصحي في العاصمة عدن وانتهاء
المماحكات السياسية بتهيئة الظروف امام تحول عدن الى عاصمة لكل اليمنيين
في الوقت الذي قد يسهم في تطبيع الاوضاع من جديد وتحقيق تطلعات محافظ
العاصمة بعودة السفارات والقنصليات إليها.

تحليل خاص بصحيفة (عدن الغد)