آخر تحديث :الثلاثاء-19 مارس 2024-07:51ص

ملفات وتحقيقات


كيف نجح الإماميون في العودة مجددا إلى حكم اليمن ؟

الإثنين - 28 سبتمبر 2020 - 03:37 م بتوقيت عدن

كيف نجح الإماميون في العودة مجددا إلى حكم اليمن ؟

(عدن الغد) متابعات


يتساءل اليمنيون كيف نجحت الإمامة في العودة مجددا إلى سدة الحكم في اليمن بعد عقود من دحرها وكشف حقيقتها للناس.

ولم يخطر ببال الجمهوريين، أن الإمامة بعد أكثر من خمسة عقود من اندلاع ثورة سبتمبر العظيم، ستعود لإخضاع البلاد من جديد وأن تلك النبرة الاستعلائية السلالية المريضة التي دفنها الثوار عشية السادس والعشرين من أيلول المجيد ستعود مجددا لتصطدم بتطلعات اليمنيين، وبصورة أشد بشاعة من ذي قبل.


فلقد عادت الإمامة لاعتبارات كثيرة، عادت وبكل وحشيتها، وقبح أفكارها الظلامية الغابرة؛ لتسمم حياة اليمنيين من جديد، وربما لتعطي دروسا بليغة لأجيال قادمة حول معنى الجمهورية وفداحة التفريط بها أو التغاضي عن هذا السرطان الذي أرهق اليمن لثمانية قرون ويعاود الظهور كلما غفل اليمنيون عنه.

فمنذ ما سمي بـ"المصالحة الوطنية" عام سبعين، لم يهدأ بال الملكيين عقب إخفاقهم في حصار الجمهورية، ومحاولات وأد الثورة المباركة وإعادة النظام الإمامي بدعم محلي وإقليمي بل ودولي.

هدف مدروس

لقد سعى الملكيون لاستثمار النوايا الحسنة للجمهورية الفتية في المصالحة الوطنية، والتي وضعت شرط قبول الملكيين الجمهوريين مقابل إشراكهم في السلطة، وهو الخطأ ذاته الذي يتجدد اليوم، وهل كان انقلاب الحادي والعشرين من سبتمبر المشؤوم إلا واحدا من مسلسلات الإمامة وأكاذيبها وخدعها.

خمسون عاما من عمر الجمهورية الفتية التي لم تكتمل أركانها بعد؛ نتيجة عوامل كثيرة أبرزها: سياسة المخلوع صالح الذي مكن من خلالها الملكيين من التغلغل في جسد الجمهورية، والسيطرة على المناصب الحساسة في التعليم والقضاء والسلك الدبلوماسي والإعلام والإفتاء، بل إن بعض الوزارات كانت مغلقة للإمامين وحدهم.


وفي السياق، قال رئيس منتدى جذور للفكر والتنمية عمار التام، إن الاختراق للجسد الجمهوري من قبل الإماميين بدأ مبكرا بشكل مدروس.

وأضاف التام، خلال حديثه لبرنامج "المساء اليمني" على قناة "بلقيس" مساء أمس، أن الإماميين كانوا يمثلون نصف الدولة بعد اتفاقية الطائف في 1968، وكان لديهم أشخاص داخل الصف الجمهوري نفسه بعد أحداث ثورة 26 سبتمبر وحصار صنعاء.

وعزا التام تغلغل الإماميين (الهاشميين) في الصف الجمهوري قبل ثورة سبتمبر إلى نسبة التعليم التي تفردوا بها بحكم معطيات ما قبل الثورة، بعكس بقية أبناء القبائل الذين لم يحظوا بتعليم جيد، وبالتالي تواجد الهاشميين في الصف الجمهوري كان بسبب مؤهلاتهم، بحسب التام.

فرصة واستغلال


ولفت إلى أن الحرب والمواجهة بين الإماميين والجمهوريين من 1948 حتى ثورة 26 سبتمبر 1962، بالإضافة إلى الحروب التي اعقبت ثورة 26 سبتمبر، استهلكت الكثير من الكوادر الجمهورية.

وأردف قائلا: "تلك الأحداث والمواجهات قضت على الكثير من الكوادر الجمهورية، فمنهم من أُعدم وقتل، ومنهم من شُرد وسجن، ومنهم من تم نفيه خارج البلاد، وبالتالي كل ذلك جعل من الساحة فارغة سوى من الهاشميين".


وزاد: "تحت لافتة الجمهورية، حدد الهاشميون مسارات فكرية واجتماعية وسياسية وعسكرية، واستغلوا قبول الشعب اليمني بهم كيمنيين بعد الحروب الطويلة التي اعقبت ثورة 26 سبتمبر".

وأشار إلى أن هذه الجماعة والفئة الأقلية (الهاشميين) ليست من فئات المجتمع اليمني، كونها ترفض الانسجام والتعايش مع المجتمع، وتحسن التمويه والخداع، ذاهبا بالقول إلى أنه كان هناك غفلة كبيرة من قبل الصف الجمهوري في عدم إدراك هذه المسألة.

نقاط البداية

وتحدث التام عن نقاط البداية التي كبحت جماح الصف الجمهوري، وهي ما أعقب ثورة سبتمبر من إعدامات ومن تصرفات انتقامية دون الاستناد إلى قانون أو آليات دستورية، وبالتالي كل ذلك أوجد ردة فعل لدى أوساط المجتمع وحساسية من هذه التصرفات، وفي مقابل ذلك أحسن الهاشميون في الدعاية لمثل هذه الأحداث، ومن خلالها بدأ كبح جماح الصف الجمهوري، بحسب التام.

وعن أسباب عودة الإمامة إلى المشهد من جديد، أوضح رئيس دائرة التوجيه المعنوي السابق محسن خصروف أن هناك ثلاث مراحل مفصلية تسببت في تغول الإمامة في الصف الجمهوري، وتتمثل المرحلة الأولى منذ قيام ثورة 26 سبتمبر، وحتى 5 نوفمبر 1967، ومن 5 نوفمبر حتى 13 يونيو 1970، ومن 13 يونيو حتى عام 1977، وهي مرحلة اغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي، واعتبرها خصروف المرحلة التي حصلت فيها الانتكاسة الكبيرة للجمهورية.

وأضاف أن النشاط الإمامي بدأ في التغلغل في صفوف النظام الجمهوري بعد توقيع المصالحة في 1970، حيث تقلد عدد من الهاشميين عدد من المناصب، حينها بدأ القاضي عبدالرحمن الإرياني يحذر من ذلك.

ولفت إلى أن حادثة اغتيال إبراهيم الحمدي مثلت انتكاسة كبيرة للجمهورية، كون الدولة في عهد الحمدي كانت أكثر ثورية ووطنية، لافتا إلى أن صعود نظام علي عبدالله صالح بعد اغتيال الحمدي فتح الباب على مصراعيه أمام تغول الهاشميين في الصف الجمهوري، وسلمهم أهم الوحدات العسكرية، وتغلغلوا في صفوف الحرس الجمهوري بكل قوة.

ويرى خصروف أن تسليم علي عبدالله صالح أهم المناصب في قوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة للهاشميين لم يكن عفويا بقدر ما كان مرتبا لذلك، مشيرا إلى أن صالح كان يظن أن تغلغل الهاشميين في تلك المناصب سيحافظ على نظامه إذا ما تعرض للخطر.

المصدر : قناة بلقيس