آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-08:35ص

ملفات وتحقيقات


(تقرير).. كيف عكست قرارات محافظ عدن إصراره على التغيير؟

الإثنين - 21 سبتمبر 2020 - 08:57 ص بتوقيت عدن

(تقرير).. كيف عكست قرارات محافظ عدن إصراره على التغيير؟

(عدن الغد)خاص:

تقرير يتناول إيجابيات قرارات تكليف مديري المديريات الجدد في عدن ومستقبل المدينة..

كيف عكست قرارات محافظ عدن إصراره على التغيير؟

ما هي أبعاد وغايات القرارات الجديدة؟

تخصصات المكلفين الجدد.. كيف ستنعكس على خدمة عدن؟

ما هي أولويات المديرين المكلفين الجدد؟

ما هي أبرز الوسائل التي يمكن أن يستعينوا بها؟

هل للقرارات مآخذ أو سلبيات.. ما هي؟

إنعاش عدن

تقرير/ بديع سلطان:

بسرعة غير متوقعة، باشرت عددٌ من مديريات محافظة عدن تسليم مهام مديريها السابقين ونقلها إلى المدراء الجدد، الذين تم تعيينهم، مساء السبت، بقراراتٍ صادرة عن محافظ عدن أحمد حامد لملس.

تلقى جميع من في عدن، من أهاليها البسطاء التواقين للتغيير وتحسين أوضاع محافظتهم، وقيادييها الشاغلين مناصب على رأس مديرياتها، أخبار التغييرات التي طالت مديري المديريات بترحيبٍ لافت.

وانعكس هذا الترحيب والقبول الكبيرين على سلوكيات عددٍ من مأموري المديريات السابقة، الذين سارعوا إلى نقل مهامهم لخلفهم، في صورةٍ توافقية تحتاجها عدن كثيراً خلال فتراتها ومراحلها القادمة.

كما أن هذه الحالة من القبول أكدت توق العدنيين للتغيير، ورفضهم للوضع الذي آلت إليه المدينة، خلال ست سنوات من الحرب والدمار والاقتتال، أتت على كل شيء جميل في هذه المدينة.

الكثير من المؤشرات أكدها الترحيب الشعبي والجماهيري، الذي واكب تغييرات محافظ عدن، ودلالات عديدة كشفت عنها قرارات التكليفات الجديدة، ورغم أن البعض حاول التقليل من هذه التغييرات، إلا أن التغيير بحد ذاته يبقى مطلباً ضرورياً وملحاً لمثل هكذا مناصب خدمية وتنموية.

الإصرار على التغيير

الراصد لتحركات محافظ محافظة عدن، أحمد حامد لملس، منذ أول يومٍ أدى فيه مهامه، تتضح له جدية الرجل في تقديم شيء يذكر لمدينة عدن، عكستها تصريحاته التي لم تخلُ هي أيضاً من الجدية والوضوح.

فكلما سنحت للمحافظ فرصة كان يتحدث فيها عن ضرورة تغيير الوضع الحالي للمدينة، وتحسينه بصورة تليق بتاريخ عدن ومكانتها السياسية والاقتصادية والحضارية.

كان آخر تلك التصريحات ما قاله لملس، في منشور على صفحته الرئيسية بالفيسبوك، رصدته (عدن الغد)، قبيل صدور قراراته التي قضت بإعفاء مديري المديريات بساعاتٍ قليلة.

حيث أشار مخاطباً مديري المديريات المعفيين إلى "أن المرحلة القادمة ومصلحة مدينة عدن تتطلب التغيير"، معتبراً أن "هذا التغيير لا يعني بالضرورة انتقاصاً بحق أيّ من مديري المديريات المقالين".

ومن الواضح جداً أن المحافظ يصر على التغيير، وهو الهدف الذي من أجله أصدر هذه القرارات جملةً واحدة، دون اجتزاء، وشملت كافة مديريات محافظة عدن الثمان، بلا استثناء، في تأكيد جديد على أن التغيير جماعي ودفعة واحدة.

هدف خدمي وتنموي

يرى محللون أن القرارات الجديدة للمحافظ لملس لها العديد من الأهداف والغايات الخدمية والتنموية، المساندة لجهوده في تحسين الوضع العام في المدينة.

وما يدل على هذه الأهداف الخدمية أنها شملت تغييراً في مرافق ومؤسسات مهمة لها علاقة وثيقة بالخدمات العامة والأساسية في عدن، ولعل على رأسها المياه والكهرباء والتعليم.

ويشير المحللون إلى أن المحافظ يريد من خلال تناول هذه المؤسسات بالتغيير إلى التأكيد على مساعيه الرامية إلى إشعار المواطن بأن القادم سيكون أفضل.

كما أن الإقالات أو الإعفاءات الجماعية وبهذا الشكل الموحد، يبعث برسالة إلى الجميع أن ليس هناك أحد مستهدف، وأن الهدف الوحيد لكل هذه الإجراءات هو تحسين مستوى الخدمات، واستعادة التنمية من جديد، وليس ثمة غاية من خطوة كهذه سوى تحسين أوضاع عدن وخدمة أهاليها.

مديرو مديريات تكنوقراط!

اللحظات الأولى للتغييرات في مناصب السلطات المحلية بالمديريات، كانت مليئة بالتفاؤل والتأييد الكبيرين لمثل هذه القرارات، التي من المؤكد أنها تصب في خدمة عدن.

غير أن ما تلا ذلك من ساعات شهدت محاولات من بعض الجهات والشخصيات التقليل من أهمية وجدوى القرارات، في ظل الظروف الصعبة والاستثنائية التي تمر بها عدن، واليمن عموماً.

حيث شكك البعض في أن أياً من الشخصيات المكلفة غير قادر على إحداث أي تغيير حقيقي على الواقع، وسط نزاعات سياسية وعسكرية متكررة تشهدها عدن، ووسط حرب ما زالت رحاها مستمرة على طول البلاد وعرضها.

غير أن اطرافاً أخرى ترى عكس تلك الرؤية، وتؤكد أنه يمكن لعدن أن تحظى بفترة ومرحلة أفضل من تلك التي مرت عليها خلال السنوات الست العجاف الماضية، وأن ثمة مؤشرات ودلالات تؤكد على هذه الفرصة التي يمكن أن تفوز بها عدن.

وبحسب مراقبين فإن من تلك المؤشرات، الصبغة العلمية والتربوية والمهنية المتخصصة التي صُبغت بها شخصيات المكلفين بإدارة المديريات الثماني، فيما شبهها كثيرون بأنها صبغة "تكنوقراط" مهنية، كشفت عنها السير الذاتية لمديري المديريات الجدد.

حيث تشير تخصصات المكلفين إلى مهنيتهم في مجالات نوعية، بالإضافة لامتلاكهم خبرات علمية وأكاديمية وتربوية، قلما نجدها في كثير من المسئولين وشاغلي المناصب العليا والمتوسطة في عدن وغيرها من المدن اليمنية.

ومن المؤكد أن هذه التخصصات العلمية وما يتعلق بها من دلالات مرتبطة بالكفاءة والتخصص غير كافية لإحداث تغيير جذري في الوضع العدني العام، لكنها تعتبر عاملاً مهماً في مقومات نجاح أي عمل خدمي أو تنموي مبني على خطط علمية مدروسة، وخطوات إجرائية محددة.

وقد لا تكون هذه المعايير أو العوامل متوفرة في جميع المديرين المكلفين بإدارة شئون المديريات الثماني، إلا أنها متواجدة في نسبة كبيرة منهم، ونجاح أي من المديرين الجدد، من المؤكد أنه سيدفع بالآخرين للمضي على نفس الخطى.

أولويات أمام المكلفين الجدد

يدرك القادمون الجدد لتولي مهام وشئون المديريات أن المهمة لن تكون مجرد نزهة، خاصةً وأنهم ملمون بطبيعة الظروف الصعبة والاستثنائية التي تمر بها مديرياتهم، كجزء من المدينة الأم عدن.

غير أن القبول بالتحدي أفضل بكثير من الاعتذار عن خدمة أهالي وأبناء عدن، الذي صبروا وضحوا كثيراً حتى يروا مدينتهم أفضل، ويعيشوا مثلما يعيش معظم سكان الدنيا.

كما أن هناك تركة ثقيلة تقف أمام المكلفين الجدد، تركة تنوء بحملها الجبال، غير أن أبناء عدن تحملوها وساروا بها وهي على كاهلهم طيلة ست سنواتٍ كاملة، دون أن ييأسوا من إمكانية تغيير هذا الوضع ذات يوم.

ولا يغيب عن أذهان القادمين الجدد الملفات المفتوحة والساخنة التي اكتووا بها هم أيضاً باعتبارهم جزءا من أبناء وساكني هذه المحافظة، عايشوا وكابدوا معاناة أهاليها وشاركوهم مآسيهم.

ولعل أبرز هذه الملفات تتمثل في الجوانب المعيشية والخدمية والتنموية، فهذا الثالوث المترابط والذي لا ينفك عن بعضه، لا يبدو أنه من السهولة بمكان، خاصةً في ظل تعقيدات مترابطة ومتداخلة تحكم هذه الملفات.

وبحسب متابعين، يمكن لمديري المديريات الجدد أن يعملوا على تفكيك هذه الملفات حتى يسهل معالجة صعوباتها، من خلال بدء التركيز على جزئيات منها، في سبيل حل الإشكالية الكبرى برمتها.

فلا يخفى على مواطني ومديري المديريات أيضاً أن مشكلة المياه تأتي على رأس أولويات الخدمات في عدن، وتشترك معظم المديريات بهذه المعضلة، التي يبدو أن مسبباتها عديدة ومترابطة، تبدأ من آبار وحقول الضخ في شمال عدن، ولا تنتهي عند الإمدادات وشبكة التوصيلات إلى المنازل في كل مديرية.

كما لا تختلف الكهرباء التي لا تقل أهمية عن مشكلة المياه، فأساس هذه الخدمة، جذوراً وأبعاداً، يرجعها البعض إلى ارتباطات سياسية وتدخلات عليا، تتعمد تعذيب المواطنين وتنغيص حياتهم.

ولمعالجة هذه الجزئيات يتحتم على مديري المديريات، بقيادة المحافظ نفسه، الضغط على أصحاب الشأن المتسببين بالتلاعب بورقة خدمات الكهرباء والمياه، والذود عن حقوق المواطنين عند السياسيين الذين يستخدمون هذه الخدمات كابتزاز واستغلال في مماحكاتهم الضيقة.

كما أن ملفي التعليم والصحة ليسا بمنأى عن الأولويات التي تقفز إلى رأس قائمة المديرين الجدد، ويحتاجون إلى أفكار ابتكارية ونوعية خلاقة، لتجاوزها ومعالجة أية إشكاليات قد تعتري هذين الملفين.

الاستعانة بالشباب والمغتربين

أثبتت الكوارث الطبيعية والصحية التي ألمت بعدن خلال الشهور الماضية أن أبناء المدينة من الشباب، وعبر مبادراتهم الذاتية ومنظماتهم الفاعلة حققوا ما عجزت عنه السلطات الحكومية وسلطات الأمر الواقع التي سيطرت على المدينة قبل نحو عام.

وتجلى ذلك واضحاً من خلال حملات الإغاثة والدعم التي نفذتها المبادرات الشبابية خلال كارثة السيول والفيضانات التي اجتاحت عدن، وما أعقبها من أوبئة وحميات عصفت بالأهالي، بالتزامن مع جائحة كورونا، وأثناء كل ذلك قدم الشباب جهوداً إغاثية وبذلوا وقتهم وجهدهم للتوعية والإرشاد، وجمع التبرعات لإنقاذ المدينة.

لهذا يعتقد مراقبون أن على مديري المديريات الجدد التمسك بخيار الشباب والمبادرات التي نجحت في تحقيق خدمات إنسانية، والاستعانة بهم كونهم أدرى باحتياجات المدينة وأهاليها، كما أن أياديهم النقية البعيدة عن أية غايات أخرى غير بريئة تؤهلهم ليمسكوا بزمام الأمور والخدمات، من باب المساندة والدعم، بإشراف السلطات المحلية.

كما أن الكوارث الماضية في عدن، كشفت عن جهود كبيرة بذلها مغتربون من خارج البلاد، ساهموا بأموالهم في دعم وإنقاذ عدن في أحلك ظروفها وأزماتها الصحية.

وكانت بصمة المغتربين واضحة في الجوانب الصحية على وجه الخصوص، حيث تركز دعمهم في إمداد المستشفيات والمستوصفات والمراكز الصحية في أكثر من مديرية.

ومن شأن هذه الأساليب والوسائل كالشباب والمغتربين أن تمد المجالس المحلية والسلطات في المديريات بحلول مبتكرة تساهم في تكاتف مجتمعي لمعالجة الكثير من الملفات الساخنة، في الجوانب الخدمية والتنموية.

مباركات وآمال

التكليفات التي شهدتها عدن على مستوى السلطات المحلية كان لها صدى واسع، ليس فقط في عدن، بل وحتى على مستوى اليمن عموماً.

ونالت القرارات التأييد بدءاً من عدد من مديري المديريات المعفيين، كمدير مديرية خورمكسر ماجد الشاجري، ومدير مديرية المعلا فهد مشبق، وغيرهم ممن سارعوا إلى تنفيذ القرارات في اليوم التالي، عبر عملية التسليم والاستلام التي تمت بسلاسة.

بالإضافة إلى إشادات عدد من المسئولين والوزراء، الذين رأوا في القرارات بداية جديدة وإنعاشا للآمال مرة أخرى في مدينة عدن التي عانت الكثير.

كل تلك الإيجابيات ومشاعر التفاؤل مثلت دفعة قوية للحلم العدني، وعودة المدينة إلى سابق عهدها الحضاري والتنويري والجمالي، كما شكلت حافزاً لمتخذي القرار للمضي قدماً في مزيد من الإجراءات الجريئة، التي تصب في خدمة عدن والعدنيين.

مآخذ القرارات

القرارات على كافة مميزاتها، وأبعادها الإيجابية، إلا أنها لم تخلُ من بعض السلبيات التي رآها عدد من الناشطين والسياسيين، لكنها لا تتعلق بجوهر التغيير الذي هو من متطلبات واحتياجات مدينة عدن الملحة.

لكن كان يمكن لهذه المآخذ إذا تم تجاوزها أن تعطي ألقاً وميزة إضافية للقرارات المطلوبة هذه.

حيث أشارت عدد من الناشطات السياسيات إلى خلو قائمة التكليفات الخاصة بالسلطة المحلية، من أي امرأة عدنية لشغل أحد هذه المناصب المحلية.

وكانت الانتقادات تدعو إلى ضرورة إشراك نساء عدن في تولي مثل هذه المهام الخدمية، خاصةً وأن المدينة تزخر بالعديد من الكفاءات النسوية المؤهلة لتقلد مناصب مماثلة.

قرارات ملحة

كان لا بد من اتخاذ مثل هذه القرارات والتكليفات، على الأقل لتغيير الدماء المتكلسة الجالسة على كراسي المناصب الخدمية والتنموية في عدن، بحسب مراقبين.

ومن شأن هذا الإجراء أن يجدد الأمل في روح مدينة عدن، وأرواح العدنيين التواقين لكل جديد، والحالمين بواقع أفضل مما هو جارٍ حالياً، وهو أمل يحدو الجميع، ويتمناه الكل حتى يتحقق بشكل ملموس.