آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-09:59ص

ملفات وتحقيقات


تقرير: كيف فقدت عدن والمحافظات المحررة قياداتها المؤسسية؟!

الثلاثاء - 15 سبتمبر 2020 - 10:55 ص بتوقيت عدن

تقرير: كيف فقدت عدن والمحافظات المحررة قياداتها المؤسسية؟!

(عدن الغد)خاص:

تقرير يرصد وضع مؤسسات الدولة بين عدن وصنعاء بعد ست سنوات حرب.. الوضع
الأمني أنموذجاً..

مؤسسات الدولة.. بين تسريح الكفاءات وتعيين الأقارب والأنصار!

هل أقام الحوثيون نظاما مؤسساتيا أم دينيا كهنوتيا؟

كيف فقدت عدن والمحافظات المحررة قياداتها المؤسسية؟!

التعيينات.. إلى أين تقود الشرعية والانتقالي والحوثي؟!

بين الدولة واللا دولة.. إلى متى سيظل هذا الوضع؟!

غياب الدولة !

تقرير / محمد حسين الدباء:

إن أية سلطة حاكمة ترتبط بشكل مباشر- وبغض النظر عن الطريقة التي وصلت
بها لموقع المسؤولية- بمستوى الخدمات العامة التي تكفلها وتوفرها لمواطني
الدولة، وقدرتها على ترسيخ الاستقرار وتعزيز الأمن وفرض سيادة القانون في
البلد، وقد أدى الصراع المستمر في وطننا منذ ست سنوات إلى تراجع مستويات
الخدمات العامة والاستقرار والأمن وفرض سيادة القانون بشكل كبير، وهذا
يضع السلطة القائمة على تلك المناطق، سواء سلطة الحوثي في صنعاء وما
يتبعها من محافظات أو سلطة عدن والمحافظات المحررة بين الشرعية
والانتقالي، في مأزق حقيقي.

الحوثي هل أقام نظاما مؤسساتيا أم دينيا؟!

بدأ الحوثيون، منذ سيطرتهم على العاصمة صنعاء بالقوة العسكرية، في
السيطرة على أهم مؤسسات الدولة القائمة، إضافة إلى مؤسسات جديدة أنشأوها
بعد الانقلاب، لتوفير الموارد المالية المطلوبة للإنفاق على المجهود
الحربي، فهل نجح في إدارته لهذه المؤسسات أم أخفق؟!.

أنشأ الحوثيون نظاما للإدارة عن طريق تعيين (مشرفين) في كل مؤسسة من
مؤسسات الدولة، حيث يشرف هؤلاء على جميع القرارات اللازمة لإدارة الحياة
اليومية، ويرفعون القرارات الكبرى للإدارة العليا للحوثيين، ويركز هؤلاء
المشرفون بشكل أكبر على حفظ الأمن.

ولم يقدم الحوثيون على تغيير المسئولين على تلك المؤسسات أو فصلهم، فقط
أضافوا لكل مؤسسة مشرفا لإداراتها، وهم بهذا يعتمدون على أصحاب الخبرة كل
في مجاله وتخصصه وهذا الأمر جعل مؤسسات الدولة أكثر انضباطا في صنعاء من
المحافظات المحررة، ليظهر سؤال مهم كيف فقدت عدن خاصة والمحافظات المحررة
عامة قياداتها ومسئوليها في مؤسسات الدولة؟!.

يرى مراقبون أن سلطة الحوثي نجحت في بعض المؤسسات وأخفقت في بعضها الآخر،
مشيرين إلى أن إخفاقها لا يقارن بالإخفاق في مناطق سلطة الشرعية
والانتقالي خاصة في الجانب الأمني، مؤكدين أن المؤسسة الأمنية في إطار
سلطة الحوثي أكثر انضباطا، بل إنها تعد أفضل من مؤسسات النظام السابق
الأمنية إن قورن بينهما، مضيفين أن تركيز الحوثيين كان المؤسسات
الإيرادية والعسكرية والأمنية.

وأكد آخرون أن الحوثيين عمدوا إلى إحكام قبضتهم على المؤسسات الإيرادية
وتغيير بعض مسئوليها وكوادرها لتمويل الأجهزة الأمنية والعسكرية
والتجارية والإعلامية والسياسية والتعبوية الشعبية، تحت مسمى المجهود
الحربي.

وأكد صحفيون أن الأمن في صنعاء مختلف، مشيرين إلى الأجهزة الأمنية وقادة
الشرط والضباط الأكفاء لم يكونوا من تعيينات الحوثي، مؤكدين أن الاستقرار
الأمني في صنعاء تقوده مؤسسة أمنية عمرها عقود، مضيفين أن نجاح هذه
الكفاءات التي في ضبط الأمن بمناطق سيطرة الحوثي ليس له مصلة بالحوثي ولا
جماعته.

مؤسسات الدولة في عدن والمحافظات المحررة

عاشت عدن والمحافظات المجاورة لها خلال ست سنوات تحت ثلاث سلطات متعاقبة
ومتنوعة الولاءات والانتماءات (الحوثية، والشرعية، والانتقالي)، وكل سلطة
عمقت من جراحها، حيث غابت الخدمات من كهرباء وماء، وضاع الأمن فيها حتى
أصبحت الاغتيالات (علامة مسجلة) في مدينة السلام عدن، وغاب أمنها للأسف
الشديد.

وأكد مراقبون أن الانفلات الأمني في عدن والمحافظات المحررة وصل لدرجة لم
تعهدها عدن واليمن من قبل، مشيرين إلى أن غياب كوادر مؤسسات الدولة
واجهزتها الرسمية الأمنية والاعتماد على كوادر غير مؤهلة رمت بها أمواج
الوساطات والولاءات الضيقة للواجهة أضعف مؤسسات الدولة.

وأضاف آخرون أن نشطاء محليين بعدن تداولوا يوم الأحد صورة لمحققين من
شرطة عدن وأخرى من جهاز الشرطة في صنعاء، وتظهر الصورة الفرق الشاسع بين
الطرفين، حيث يظهر محققو الشرطة في صنعاء بهندام مرتب ودونما أي تعاطي
للقات في حين يظهر محققو الشرطة في عدن بحالة يرثى لها.

وعلق مدونون على الصور مؤكدين أنها تعكس الفارق الشاسع بين الشرطتين
وكوادرهما، مشيرين إلى أن مشهدا كهذا شهدته تعز حيث ظهر أشخاص يقولون
إنهم من الشرطة لكن أشكالهم في الحقيقة لا توحي بذلك.

وأكد صحفي أن السلطات التي سيطرت على عدن وتعز خاصة والمحافظات المحررة
عامة عملت على إزاحة كل الكوادر المؤسسية لتصفية حسابات سياسية، مشيرا
إلى أن من أخذوا المسئولية الأمنية ليس لهم علاقة بالأمن لا من قريب ولا
من بعيد، بل أن أغلبهم لم يكونوا من منتسبي المؤسسة الأمنية.

التعيينات.. إلى أين تقود الشرعية والانتقالي والحوثي؟!

أصبح قانون (تعيين الأقارب والمناصرين) في اليمن عرفا سواء عند الحوثيين
أم عند الشرعية والانتقالي، فهم يلحقون أقاربهم ومناصريهم بمؤسسات الدولة
رغم عدم كفاءتهم ومؤهلاتهم.

وقال مراقبون: "إن السلطات الثلاث في اليمن تختلف في توجهاتها السياسية
لكنها تتفق في مسألة تعيين الأقارب والأنصار دون النظر إلى مؤهلاتهم أو
خبرتهم، مشيرين إلى أنه في حالة الانتقاد أو الاعتراض على هذه التعيينات
حتى ولو كنت من أنصارهم فتصبح من الأعداء وستكال لك التهم بالخيانة،
مؤكدين أنه من المستحيل إقناعهم أن تعيينات الأقارب والمناصرين غير
المدروسة ستقود إلى الفساد كما قيل: إذا استطعت إقناع الذباب بأن الورود
أفضل من النفايات، حينها تستطيع إقناع الفاسد بأن الوطن أغلى من المال"!.

وأكد الصحفي الخضر عبدالله اليافعي أن "توظيف الأقارب في حد ذاته ليس
فسادا إلا بتحقق أمر، هو أن يكون التوظيف على حساب غيرهم ممن هم مؤهَلون
ومستحقون للوظائف، فينعدم العدل ومبدأ تكافؤ الفرص"!، مشيرا إلى أن
"ظاهرة تعيين الأقارب في وظائف عليا بمؤسسات الدولة تثير القلق من تحول
المؤسسات إلى إقطاعيات عائلية تسيطر على مفاصل الدولة وتستنزف مقدراتها".

وأضاف اليافعي أن "الروابط العائلية أو المصالح الشخصية أصبحت ‏معايير
أساسية للوصول إلى الوظائف العليا في اليمن، رغم أن الحصول على هذه
الوظائف حق يكفله الدستور اليمني لأي مواطن وفقاً لمبدأ العدالة
والمساواة في تولي الوظائف العامة"، مشيرا إلى أن هناك تقارير تؤكد منح
رتب عسكرية لأبناء قيادات في الجيش والأمن في السلطات الثلاث (الحوثي
والشرعية والانتقالي).

وسنذكر في هذه العجالة مثلا لتعيينات الحوثي والشرعية والانتقالي غير
المدروسة، حيث كشف الصحفي نبيل الأسيدي، رئيس لجنة التدريب والتأهيل
بنقابة الصحفيين اليمنيين، عن تعيين النجل الأكبر لوزير الخارجية السابق،
عبد الملك المخلافي، وكيلا مساعدا لوزارة التخطيط والتعاون الدولي لقطاع
العلاقات الدولية، مشيرا إلى أن وزيرة الشئون الاجتماعية والعمل، ابتهاج
الكمال، قامت بتعيين ابنة وزير الصحة ناصر باعوم، مندوبةً للوزارة في
مركز الملك سلمان للإغاثة وهي ما زالت متخرجة من الجامعة حديثا، ولم تعمل
في أي وظيفة سابقة!.

ولا يفرق الحوثيون عن الشرعية في تعيين الأقارب والمناصرين، فقد أقدموا
على تعيين إبراهيم أحمد الحوثي رئيسا لمجلس إدارة بنك التسليف التعاوني
الزراعي، رغم عدم كفاءته وأن هناك كوادر متخصصة تم تهميشها، قبله عين
زعيم الحوثيين عبدالملك ابن عمه محمد علي الحوثي رئيسا لما تسمى (اللجنة
الثورية العليا)، كما عين شقيقه يحيى الحوثي وزيرا للتربية والتعليم في
حكومة الانقلاب.

ولا يبتعد الانتقالي عن الشرعية والحوثي في تعيين الأقارب والأنصار حيث
عين اللواء عيدروس الزبيدي القائد علي صالح احمد النوبي قائدا للواء 13
صاعقة جنوبية، رغم صغر سنه، مع وجود كفاءات عسكرية جنوبية ذات خبرة كبيرة
وواسعة.