آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-07:50ص

ملفات وتحقيقات


لماذا كانت بريطانيا والقوى المعادية الأخرى تراهن على سقوط النظام من خلال الأزمة المالية التي كانت تمر بها جنوب اليمن ؟

الإثنين - 14 سبتمبر 2020 - 11:12 ص بتوقيت عدن

لماذا كانت بريطانيا والقوى المعادية الأخرى تراهن على سقوط النظام من خلال الأزمة المالية التي كانت تمر بها جنوب اليمن ؟

(عدن الغد)خاص:

"عدن الغد " تنفرد بنشر مذكرات ( ذاكرة وطن جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية 1967-1990) للرئيس علي ناصر محمد : الحلقة ( )

متابعة وترتيب / الخضر عبدالله :

تنفرد ( عدن الغد ) بصحيفتها الورقية وموقعها اللالكتروني بنشر أبرز وأهم المذكرات االتي سبق لــ" عدن الغد " أن قامت بنشر ها ( ذاكرة وطن - والطريق إلى عدن - القطار .. رحلة إلى الغرب- وعدن التاريخ والحضارة ) للرئيس علي ناصر محمد .

وفي هذه المرة ستقوم " عدن الغد " بنشر مذكرات جديدة من حياته ( جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية 1967-1990 ) .

وتعد هذه المذكرات الجزء الخامس من محطات وتاريخ الرئيس الأسبق علي ناصر محمد رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية .

حيث يذكر لنا في مذكراته عن وقائع وأحداث وتغيرات المت بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية من عام (67- 90م ) حيث يقول الرئيس ناصر :" لا شك في أنّ قارئ هذه المذكرات سيجد نفسه مشدوداً إلى الماضي ومستغرقاً فيه، وربما تولّد لديه انطباع قوي بأنّ تجربة اليمن الديمقراطية لم تكن سوى صراعات عنيفة من أجل السلطة أو في سبيلها، وأنّ صفحات هذه التجربة لا تحمل ما يمكن الاعتزاز به، فضلاً عن أنْ ليس في تقديمها ما يمكن الاستفادة منه والتعويل عليه أو التفاؤل به... بقية التفاصيل من المذكرات نسردها في أثناء السطور وإليكم ما جاء فيها ..

المسألة الزراعية

يعرض لنا الرئيس علي ناصر في هذه الحلقة المهمات المطروحة أمام الجبهة التي كتبها فصيل عبداللطيف حيث يقول :" يعرض فيصل عبد اللطيف في كتابه المهمات المطروحة أمام قيادة الجبهة على الوجه الآتي:
1- المسألة الزراعية: إنّ خطّنا العام بالنسبة إلى هذه المسألة واضح في توجهنا نحو الإصلاح الزراعي، خاصة أنّ الثورة على النظام شبه الإقطاعي في الريف قد مكّنها من أن تسيطر على كثير من أراضي السلاطين وكبار الإقطاعيين، ولكن كيف نفهم التوجه نحو الإصلاح الزراعي؟ وكيف نشرِّع القضية؟ أيكون ذلك بتفتيت الإقطاعات إلى قطع أرض صغيرة توزَّع على صغار الفلاحين أو على الفلاحين المعدمين، وكذلك على بعض القبائل والعشائر من البدو الرحَّل لأجل ربطها بالأرض، وبالتالي التمكن من السير نحو خطوات جادة وأساسية للقضاء على العقلية والسلوك القبليين والعشائريين، أم يجدر بنا أن نعمل منذ البداية على إقامة جمعيات تعاونية؟ أم نتوجه نحو سيطرة الدولة على هذه الأراضي وإقامة مزارع نموذجية عليها ترتبط بخطة الدولة للتنمية العامة؟ أم نسير ضمن هذه الحلول العامة مجتمعة؟ إنّ تعقّد القضية الزراعية يستدعي تركيز كافة الجهود لحلّها، فالحياة نفسها باتت تفرض إيجاد هذا الحل مهما تكن العقبات والمصاعب، ولا يمكن حلّها بنقل تجارب الآخرين التي لا تراعي خصائص التجربة والواقع في بلادنا.

المسألة الصناعية

و حول المسألة الصناعية يستدرك ويقول :" - المسألة الصناعية: من المعروف أنّ الاستعمار لم يترك في بلدنا أيّ أساس صناعي إنتاجي يمكن أن يعتمد عليه البلد. والدليل القاطع على ذلك، أنّ ثمانين بالمئة من اقتصادنا الوطني اقتصاد خدمات، ولقد ظل الرأسمال الوطني أسير ارتباطه بالرأسمال الأجنبي، ومتجهاً نحو الحصول على الربح السريع من خلال المشاريع الخدمية المختلفة التي أُقيمت في الأساس لخدمة قوات الاحتلال البريطانية وقواعدها ومعسكراتها. إذاً، يبرز سؤال صعب: كيف يمكن أن نستحدث قطاعاً صناعياً منتجاً؟ وعلى عاتق من يقع إنشاء هذا القطاع؟ هل تتحمل الدولة مسؤولية قيامه، أم تُتاح الفرصة لإسهام الرأسمال الوطني إلى جانب الدولة؟ وهكذا نرى أنّ السؤال ظلّ قائماً - كما هو - مرحلةً من الزمن، ولم يحظَ بجواب يكون قاطعاً وواضحاً وجازماً.

المسألة التجارية

وعن المسـألة التجارية يردف بالقول :" - المسألة التجارية: لقد كانت التجارة في بلدنا مرتبطة عضوياً بالتجارة الاستعمارية "الكبرى"، سواء الداخلية أو الخارجية، وهذا الشيء أمرٌ طبيعي بحكم وجود عدد من الشركات الرأسمالية العالمية في البلاد، ما يخدم مصالح تلك الشركات العملاقة، فتجني الأرباح الطائلة من المنطقة، مستفيدةً من الميناء الذي أعلنته ميناءً حراً للتصدير وإعادة تصدير المنتجات الرأسمالية.

ويضيف في حديثه :" غير أنّ تبدلاً كبيراً حدث بعد الاستقلال، إذ سحبت عدة شركات رساميلها وممتلكاتها، وكان لهذا التصرف تأثيره الفادح، خاصة أنه زامن إغلاق قناة السويس بعد حرب حزيران 1967م، ما شكّل أحد المؤثرات السلبية على صعيد الحركة التجارية والسياحية في البلاد. وكما في الحركة التجارية، كذلك بقيت الحياة المصرفية مرتبطة بالخارج، لأنّ مجمل مفاصل الحياة كانت خاضعة لرؤوس الأموال الأجنبية. إذاً، كيف يمكننا أن نقيم تجارة وطنية متحررة ومرتبطة بخطة التنمية الاقتصادية العامة؟ هل يمكن تحقيق ذلك من خلال إقامة البنك المركزي ليقود الحركة التجارية مع بقاء المنطقة سوقاً حرةً ومفتوحةً للجميع؟ أم أنّ البنك المركزي سيكون أكثر فعالية إذا ما أُلغيت حرية السوق التجارية؟ وما النتائج السلبية والإيجابية المترتبة عن ذلك؟ وهكذا فقد ظلت القضية قائمة.

المسألة المالية

وحول المالية يسترسل ويقول :" - المسألة المالية: إنّ الاستعمار البريطاني حاول في "محادثات جنيف"، وما زال يحاول، أن يمارس ضغوطاً مختلفة على الثورة والنظام الجديد لقاء التزام الحكومة البريطانية تقديمَ الدعم المالي. فمن المعروف أنّ دخل البلاد لا يتعدى خمس الميزانية العامة التي تنفقها خزينة الدولة، ومعنى ذلك أنّ أربعة أخماس الموازنة تعتمد على بريطانيا نفسها. وقبيل انسحاب البريطانيين رُفعَت مرتبات جهاز الدولة العسكري والمدني وأجوره، لخلق عبء إضافي على الدولة الجديدة.

من أين نأتي بالمال؟

وحول مطالبة بريطانيا بالتعويض لاستغلالها للجنوب يروي ويقول :" وإذا كان من حقنا، تعويضاً لاستغلال بريطانيا لبلادنا طوال 129 عاماً، أن نلزمها بتغطية العجز المالي السنوي لأعوام مقبلة، إلّا أنّ حكومة لندن - جرياً على عادة استعمارية معروفة - وجدت في هذا الواقع نقطة ضعف، ومدخلاً للضغط علينا لإملاء شروطها مقابل أيّ دعم مالي يقدم لنا، وهذا ما رفضناه رفضاً كاملاً، وظللنا نرفض كل شروط تمسّ سيادة بلادنا وحريتها. ولكن، بقدر ما يكون رفضنا أية شروط واضحاً، يجعلنا ذلك نعاني حدّة الأزمة المالية التي نواجهها.

ويتابع حديثه قائلاً :" ربما كانت بريطانيا والقوى المعادية الأخرى تراهن على سقوط النظام من خلال الأزمة المالية التي كنا نمرّ بها آنذاك، فهل نتيح لبريطانيا بعد أن طردناها من بلادنا الفرصة لتحقيق هذا الحلم؟ وكيف يسعنا أن نواجه الأزمة؟ إنّ ذلك يضعنا جميعاً أمام مسؤولياتنا التاريخية، فنتصدى للمعضلات بكل صلابة وصمود. في الوقت نفسه، كيف يمكن - والحالة هذه - أن تقوم الدولة بالأعباء، وأن توفر من الموارد المالية ما يتيح لها السير بثبات للتخفيف من حدة الأزمة؟ أَمِنْ خلال "التقشف" العام الذي يجب أن نطبقه بوعي وقناعة وإدراك؟ أم من طريق الاستحصال على الدعم المالي الخارجي؟ ولكن ما الدول التي تعطي مالاً سائباً؟ وحتى إن وُجدت هذه الدول، فإنّ ذلك الدعم سيكون رهناً بالمنحى السياسي الذي سنتجه نحوه، هل يكون الحل - أخيراً، لا آخراً - عبر التنقيب عن ثرواتنا الطبيعة الدفينة، المعدنية منها والنفطية؟ وكم سنحتاج من الوقت لنكشف مثل هذه الثروات… وبكميات "تجارية"؟ ( للحديث بقية )..