آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-07:13ص

ملفات وتحقيقات


تقرير: شبوة.. هل دخلت حرب الموانئ مع الكبار؟!

الأربعاء - 12 أغسطس 2020 - 10:19 ص بتوقيت عدن

تقرير: شبوة.. هل دخلت حرب الموانئ مع الكبار؟!

(عدن الغد)خاص:

تقرير يرصد قرار رئاسة الجمهورية بتشغيل ميناء قنا في شبوة ونتائجه

الاقتصادية والسياسية..

هل تنجح شبوة في الاستفادة من تجربة ميناء عدن أم تلحق به؟

كيف ستدخل محافظة شبوة معترك الموانئ اليمنية؟

لماذا قررت الرئاسة تشغيل ميناء (قنا) الآن.. وماذا قال بن عديو بهذا الشأن؟

ما المعطيات الاقتصادية والسياسية التي سيحملها تشغيل ميناء (قنا)؟

هل ينجح محافظ شبوة (سياسيا واقتصاديا) في كسر قوانين اللعبة (الإقليمية والدولية)؟

شبوة.. هل دخلت حرب الموانئ مع الكبار؟!

تقرير / عبدالله جاحب:

وقعت بكين اتفاقية في العام 2013م مع الحكومة اليمنية لتطوير ميناء عدن الاستراتيجي في مشروع تبلغ تكلفته 507 ملايين دولار بتمويل صيني، ويتضمن المشروع الذي تم توقيعه مع مؤسسة موانئ خليج عدن توسيع وتعميق محطة الحاويات بميناء عدن، وبناء رصيف إضافي بطول ألف متر وعمق 18 مترا، وتعميق وتوسعة القناة الملاحية الخارجية بطول 7400 متر، وعرض 250 مترا، وعمق 18 مترا، إضافة إلى قناة الملاحة الداخلية بطول 3800 متر، وعرض 230 مترا وعمق 18 مترا.

لكن حرب الموانئ والممرات البحرية في البحر الأحمر بصفة خاصة ومنطقة الشرق الأفريقي بصفة عامة حالت دون ذلك، ووقفت عائقا وحجر عثرة أمام تطوير ميناء عدن الاستراتيجي، الذي يعيش حالة ركود وخمول في نشاطه وحركة الملاحة فيه.

حاولت الصين إحياء اتفاقيتها وتعزيز طريقي الحرير البري والبحري عبر مبادرة حزام واحد وطريق واحد،  حيث سيربط الطريقان، عبر تطوير وإنشاء طرق تجارية وممرات اقتصادية، أكثر من 60 دولة في آسيا وأوروبا وأفريقيا، لكن الحرب في اليمن فتحت الباب لتعزيز النفوذ السياسي والاقتصادي على ميناء عدن ودخول الميناء معترك حرب الموانئ!.

شبوة تدخل معركة الموانئ

اليوم تغرد محافظة شبوة لتدخل معترك حرب الموانئ اليمنية، وتجعل من نفسها خصما قويا أمام كبار لعبة حرب الموانئ، وتفتح بابا واسعا لمزيد من التنافس على السيطرة على منافذ الاقتصاد وكبح احتكار الكبار لتلك الموانئ والممرات البحرية.

تدخل سلطة شبوة المعركة وتجعل نصب أعينها ميناء عدن الاستراتيجي وما يعيشه من أوضاع، والاستفادة من كل الهفوات والثغرات والانتكاسات التي أصابت الميناء وأدخلته الموت السريري (الاقتصادي)، وغياهب حرب الموانئ والممرات البحرية.. فهل تنجح شبوة في الاستفادة من تجربة ميناء عدن الاستراتيجي السيئة أم تلحق به؟!.

ومن الموانئ المهمة ميناء (بير علي) والذي يشتهر تاريخيا باسم ميناء (قنا)، يقع على ساحل البحر العربي بالقرب من ميناء ومنشأة بلحاف للغاز وتصديره، ويبعد عن مدينة عتق المركز الإداري لمحافظة شبوة حوالي 140 كيلومترا.

وفي مساحة متقاربة على سواحل شبوة، توجد ثلاثة موانئ هي: النشيمة لتصدير النفط، وبلحاف لتصدير الغاز، وقنا الميناء التجاري، وهو ميناء طبيعي مهيأ لرسو السفن، واستخدم في العام ٢٠١٦ لاستيراد المشتقات النفطية بشكل غير رسمي، ثم تم المنع بعد ذلك.

(قنا) يواجه العاصفة الاقتصادية والسياسية

دخلت محافظة شبوة منعطفا اقتصاديا وسياسيا جديدا، واقتحمت أسوار اللعبة السياسية الدولية والاقتصادية الإقليمية، وبدأت محافظة شبوة رحلة الاكتفاء الذاتي الذي سيكون منخفضا سياسيا واقتصاديا محملا بالكثير من التقلبات المناخية (اقتصاديا وسياسيا).

وافقت الرئاسة اليمنية على تشغيل ميناء (قنا) البحري في مديرية رضوم التابعة لمحافظة شبوة جنوب شرقي اليمن، وجاء ذلك في تصريحات لمحافظ شبوة محمد صالح بن عديو، خلال اجتماعه مع أعضاء المكتب التنفيذي بالمحافظة، الأحد الماضي في عتق، وقال فيها: "إن رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي وجّه مؤخرا بإعادة تشغيل ميناء (قنا) البحري في مديرية رضوم"، مضيفا "أن رئيس الجمهورية أعاد تشغيل الميناء لبدء استيراد المشتقات النفطية".

ومن المؤمل أن يكون تشغيل ميناء (قنا) رافدا من روافد الاقتصاد اليمني- يعتبر تصدير النفط المحرك الرئيس له ويمثل 70% من موارده- والذي عطلت الحرب حركته وأدخلته في شلل تام، حيث عانت الدولة ومؤسساتها من أضرار الحرب في تلك الموانئ التي وقعت بين مخالب الساعين لتدمير الموانئ اليمنية وأنياب الحوثيين في ظل ظروف صعبة وانهيار متسارع لاقتصاد البلاد.

إن إعلان البدء بتشغيل ميناء (قنا) في مديرية رضوم  يحمل معطيات اقتصادية جديدة يصاحبها هبوب عواصف سياسية ستضرب المحافظة على المدى القريب، فتشغيل الميناء سيساعد المحافظة على الاكتفاء الذاتي وعدم الحاجة إلى الغير في استيراد وتصدير المشتقات النفطية للمحافظة، وخروجها من نفق جلب السلع والمنتوجات التجارية من المحافظات والدول،  وسيدخلها عالم الاقتصاد من أوسع أبوابه.

ميناء (قنا).. اقتصادي أم سياسي؟!

ويرى مراقبون أن تشغيل ميناء (قنا) يأخذ بعدا سياسيا أكبر من البعد الاقتصادي الذي ستجني ثماره المحافظة على المدى القريب، مشيرين إلى أن هذه الخطوة ستدعم من حضور الحكومة الشرعية اليمنية المعترف بها دوليا واقليميا، وستعمل على إيجاد قفزة سياسية كبيرة قبل أن تكون اقتصادية.

وأضافوا أن تشغيل الميناء يعتبر تحديا مضادا للتحدي الذي يحاول اخضاع المحافظة تحت الكنف الاقتصادي، ويعتبر مواجهة حقيقة للمتغيرات السياسية القادمة التي ستحاول أن تضرب المحافظة.

بن عديو.. هل يكسر قواعد اللعبة؟

يبدو أن المحافظ بن عديو دخل مع الكبار في لعبة السياسة والاقتصاد الإقليمية والدولية، ودخل مرحلة الاكتفاء الاقتصادي، وعزل المحافظة وخروجها من الهيمنة القرارية السياسية، ورمى بالقيود وقوانين لعبة الكبار عرض الحائط، وأصبح يغرد سياديا سياسيا اقتصاديا بمنعزل عن كل اللوائح والأنظمة التي يفرضها وفرضتها معطيات وفصول اللعبة السياسية والاقتصادية الاقليمية والدولية في المحافظات اليمنية.

فهل ينجح بن عديو في كسر القوانين الدولية للعبة، والخروج عن القواعد واللوائح الإقليمية التي فرضتها لعبة المرحلة، أم تكون مجرد مغامرة لن تصمد طويلا أمام التيارات القوية لكبار اللعبة السياسية والاقتصادية الإقليمية والدولية؟!.

أنموذج تاريخي في العصر الحديث

يعد ميناء (قنا) من أهم وأشهر موانئ بحر العرب لمملكة حضرموت لدى الحضارات الأخرى، ومركز نقل البضائع والاستيراد والتصدير، ومحطة عبور أشبه بموانئ التجارة وتجارة الترانزيت في هذا العصر، وباتت الصلات التجارية والثقافية بين جنوب الجزيرة العربية وحوض المتوسط وبلاد الرافدين وشبه القارة الهندية ثابتة منذ نهاية الألف الثاني قبل الميلاد.

ومنذ أوائل عهد البطالسة في مصر أي منذ بداية القرن الثالث قبل الميلاد قامت علاقات بحرية شبه منتظمة بين حوض المتوسط والبلاد المحاذية للبحر الأحمر والمحيط الهندي، وهي علاقات تجارة ساحلية على امتداد الشواطئ وقد بدأت التغييرات الكبرى في تنظيم العلاقات البحرية مع اكتشاف نظام الرياح الموسمية المنسوب إلى هيبالوس Hypallos. فقد أدى هذا الاكتشاف إلى إقامة صلات تجارية منتظمة بين الهند والعالم الروماني وكانت الملاحة المباشرة بين موانئ البحر الأحمر وموانئ الساحل الهندي تقتضي تأسيس وكالات تجارية ومحطات على الساحل الجنوبي للجزيرة العربية قادرة على تقديم الماء والمؤن، ومن ناحية أخرى بدأ نقل المرّ واللبان والصبر الذي كان يتم تقليدياً بواسطة القوافل القادمة من اليمن ويجري أيضاً وبكميات كبيرة عن طريق البحر.

كان ميناء (قنا) في القرن الأول الميلادي محطة صغيرة ونقطة تموين مياه وعدة مستودعات وبناء يستخدم كمنارة في قمة حصن الغراب وأربعة خزانات، ويقوم أقدم المباني التي تم إخراجها أثناء الحفريات على سفح حصن الغراب عند منطلق الدرب المؤدي إلى القمة وهي عبارة عن عدة قاعات مساحة كل منها حوالي 90 مترا مربعا مع أعمدة تدعم السقف، وقد حفرت هذه القاعات جزئياً في الصخور وكانت تستخدم كمستودعات من أجل اللبان المحروق وآثار سلال من الريش، وهذا يتلاءم مع مقطع في كتاب الطواف الذي يشير إلى أن (اللبان الذي ينبت في البلاد يحمل إلى قنا التي تقوم بدور المستودع).