آخر تحديث :الثلاثاء-16 أبريل 2024-01:18م

ملفات وتحقيقات


ما زال تاريخ جزيرة (ميون) المبكر يكتنفه الغموض .. فلماذا تركت بريطانيا الجزيرة شبه اطلال ؟

الأحد - 09 أغسطس 2020 - 09:03 ص بتوقيت عدن

ما زال تاريخ جزيرة (ميون) المبكر يكتنفه الغموض .. فلماذا تركت بريطانيا الجزيرة شبه اطلال ؟

(عدن الغد)خاص:

"عدن الغد " تنفرد بنشر مذكرات ( ذاكرة وطن جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية 1967-1990) للرئيس علي ناصر محمد : الحلقة ( السادسة )

متابعة وترتيب / الخضر عبدالله :

تنفرد ( عدن الغد ) بصحيفتها الورقية وموقعها اللالكتروني بنشر أبرز وأهم المذكرات االتي سبق لــ" عدن الغد " أن قامت بنشر ها ( ذاكرة وطن - والطريق إلى عدن - القطار .. رحلة إلى الغرب- وعدن التاريخ والحضارة ) للرئيس علي ناصر محمد .

وفي هذه المرة ستقوم " عدن الغد " بنشر مذكرات جديدة من حياته ( جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية 1967-1990 ) .

وتعد هذه المذكرات الجزء الخامس من محطات وتاريخ الرئيس الأسبق علي ناصر محمد رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية .

حيث يذكر لنا في مذكراته عن وقائع وأحداث وتغيرات المت بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية من عام (67- 90م ) حيث يقول الرئيس ناصر :" لا شك في أنّ قارئ هذه المذكرات سيجد نفسه مشدوداً إلى الماضي ومستغرقاً فيه، وربما تولّد لديه انطباع قوي بأنّ تجربة اليمن الديمقراطية لم تكن سوى صراعات عنيفة من أجل السلطة أو في سبيلها، وأنّ صفحات هذه التجربة لا تحمل ما يمكن الاعتزاز به، فضلاً عن أنْ ليس في تقديمها ما يمكن الاستفادة منه والتعويل عليه أو التفاؤل به... بقية التفاصيل من المذكرات نسردها في أثناء السطور وإليكم ما جاء فيها ..

الحديث مع المسؤولين والمواطنين عن مهمتنا

ويروي لنا الرئيس علي ناصر في هذا العدد عن مهامة كمحافظ في الجزر حيث يقول :" في اليوم التالي تحدثنا مع المسؤولين والمواطنين في الجزيرة الهلالية الشكل عن مهمتنا، وعن اهتمام حكومة الثورة بهذه الجزيرة وبقية الجزر اليمنية. وأعطيناهم بعض الوعود لتطوير جزيرتهم التي كانت يوماً من الأيام مزدهرة ومتطورة، ومحطة للوقود ولحركة السفن بين الشرق والغرب. وكان عدد سكانها آنذاك يزيد على (5000) نسمة قبل أن تتحول حركة الملاحة والتجارة إلى ميناء عدن الذي سلبها موقعها(1) . كانت طموحاتنا أكبر من إمكاناتنا بكل تأكيد، لكننا كنا نملك الأمل والثقة بالمستقبل لتطوير هذه الجزيرة التي أفل نجمها، كما أشرت.

بشاعة ما تركة الاستعمار البريطاني في الجزر

وحول مناقشة الرئسي ناصر مع القيادو المحلية للجبهة القومية والعسكريين يسترسل بالقول :" اقشتُ مع القيادة المحلية للجبهة القومية والمسؤولين الإداريين والعسكريين في الجزيرة مستلزمات النهوض السريع بحياة أهلها. فلا بد أولاً من تكوين صورة واقعية عن أوضاعها القائمة، ولا بد بعد ذلك من استثمار الإمكانات المتوافرة فيها، بما يقتضيه ذلك من إعادة بناء جذرية. لم يكن بوسعنا تكوين هذه الصورة دون ملامسة عيانية لحياة الجزيرة. وهكذا قمنا بجولة في شعابها التي يبلغ ارتفاعها 245 قدماً عن سطح البحر، فإذا بنا أمام بشاعة ما تركه الاستعمار البريطاني من آثار، مما لا تقوى الذاكرة على نسيانه، حتى إننا حرنا بأي حلقة للإصلاح نمسك في البداية.
كانت الحياة بدائية شبيهة بالأساطير أو التوصيفات التي تضفيها كتب التاريخ على حياة الإنسان المبكرة في العصر الحجري. ولولا تلك المنشآت القليلة المهدمة التي استخدمتها القوات البريطانية في الجزيرة في مجال الاتصالات، لاستحال علينا أن نفرّق بين ما نشاهده هنا وأية بقعة من مجاهل العالم التي نشاهد بعضها في السينما كعجائب في القرن العشرين.
لم تكن الجزيرة مهملة فحسب، فقد أمعن البريطانيون في إيذائها بتهديم تلك الأبنية القليلة التي شيدوها فيها طوال عشرات السنين من وجودهم هناك، وكأنهم يرفضون حتى عبارة "شكر" لهم يمكن أن ترد لقاء ما بنوه!! لقد هدموا الأبنية البسيطة التي كانت تقدم الخدمات الشحيحة، كمركز الإسعاف الطبي في باب المندب وبناية الفندق الصغير، وبضعة مساكن كانت مخصصة للضباط والجنود البريطانيين، ووصل بهم الأمر ــ حسبما قيل لنا ــ إلى حدّ بيع الأخشاب المتهاوية تحت الأنقاض، بالإضافة إلى الأثاث، الذي كان من الممكن الاستفادة منه.

لماذا اصبحت الجزيرة شبه أطلال ؟

ويستدرك بالحديث :" كانت الجزيرة بعد أن تركوها أطلالاً شبيهة بالمدن التي وطئتها سنابك الغزاة وتركتها شاهدة على الجريمة.
دارت هذه التداعيات في ذهني، وأنا أتأمل ما أراه، فلا أصدق ما تراه عيناي.
أغرب ما سمعته أنّ البريطانيين حاولوا أن يتشبثوا بالجزيرة حتى آخر لحظة. وحدثني السيد إبراهيم عبده عبد الله الشبيلي، الذي ينوب عن الحاكم البريطاني في غيابه، عن الجزيرة وتاريخها وهو يقرأ من ملفات الحاكم البريطاني. وقال لي إن الإنكليز وعدوهم ــ قبل أن يضطروا إلى الانسحاب من الجزيرة ــ أن يحولوها إلى أرقى جزر العالم إذا هم رفضوا الانضمام إلى الحكومة الجديدة وقبلوا بتدويلها. لكنهم (الأهالي) رفضوا ذلك، مفضلين الالتحاق بجحيم عدن على تلك الجنة الموعودة، إذ كانوا واثقين من أنه لو كان بمقدور الإنكليز أن يبنوا تلك الجنة لبنوها خلال مكوثهم الطويل فيها.

رفض خطة بريطانيا .. ما السبب ؟

ويضيف قائلاً :" وفي الأول من أيلول/ سبتمبر 1967م، بعث ممثلو الدول العربية في الأمم المتحدة مذكرة إلى الأمين العام للمنظمة الدولية "يوثانت"، رفضوا فيها خطة بريطانية استهدفت تدويل جزيرة (بريم – ميون)، باعتبار أنّ تلك الخطة انتهاك لقرارات الأمم المتحدة.

كانت مزدهرة

حول عرض الوافد المرافق عن الجزيرة قال :" عرض الشبيلي لي وللوفد المرافق معلومات مهمة عن الجزيرة، وتولى الأستاذ محمد ديرية، الذي كان مندوباً عن الأسماك، الترجمة الحرفية لهذا الملف. وقدم لي فيما بعد (عام 1996) عند عودتي إلى عدن بعد عشر سنوات كاملة قضيتها في المنفى، مضطراً أولاً، ومختاراً ثانياً، تقريراً عن زيارتنا للجزيرة، وأهداني صُورة التُقطت له مع كابتن الزورق "الغزال" الذي أقلنا إلى الجزيرة.

تقارير تلقي بالأضواء على جزيرة ميون وما هو الجديد فيها ؟


وعن التقرير عن جزيرة ميون يردف الرئيس ناصر ويقول :" ومن هذا التقرير أنقل هذه المعلومات المهمة التي أرى أنها تلقي الأضواء على جزيرة بريم (ميون)، وقد جاء فيه:
ما زال تاريخ جزيرة بريم المبكر غامضاً، لكن من المعلوم أنّ المصريين، واليونانيين(*) غرباء على الجزيرة، وكان البوكرك البرتغالي قد نزل فيها عام 1513م، عند عودته من البحر الأحمر، وأقام صليباً في أعلى نقطة في الجزيرة، وسمّاها جزيرة الصليب الحقيقي.
في عام 1738م احتلها الفرنسيون لمدة وجيزة، حيث بنوا فيها ثكنات لمعسكراتهم في الضفة الشمالية من مينائها.
في عام 1798م من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، أرسل لوردان، الوكيل العام، تقريراً يفيد بقرار اتُّخذ في الندوة السرية لمحكمة الناظرين لشركة الهند الشرقية بالاستيلاء على ممتلكات الجزيرة في مضيق باب المندب.
ويتابع قائلاً :" وفي الثالث من شهر أيار/ مايو 1799م استولت شركة الهند الشرقية على جميع ممتلكات الجزيرة بمساعدة سفنهم وأساطيلهم البحرية بقيادة ميوري G.M، وما إن جاء 26 شباط/ فبراير من عام 1800م، حتى كانت الجزيرة تحت وطأة استعمار الشركة، حيث نُصِّب ميوري قائداً على الجزيرة. وفي عام 1857م، بُدئ ببناء الفنار، وانتُهي منه في عام 1861م، وما زال إلى يومنا هذا نقطة مهمة وفناراً ممتازاً يرشد السفن التي تمخر عباب البحر الأحمر. ( تابعونا للحديث بقية )..

-----------------------------------------------------
هوامش /
1-وصل عددهم في عام 1885م إلى 820 فرداً، منهم 276 مواطناً محلياً، و94 من جنسيات أوروبية، و450 من جنسيات أخرى، كالهنود والصينيين والدناقلة Dankalis والصوماليين. وكان أغلب السكان المحليين يعيشون في الجانب الحكومي الذي توجد فيه قرية ميون.
(*) (?) لقبها اليونانيون بجزيرة ديودورس. وأطلق عليها المؤلف وفيلسوف الطبيعة والقائد الروماني بليني الكبير (79 ــ 23 قبل الميلاد) الاسم ديودورس Deodars (Deodorize insula) ودعاها بالاسم نفسه أيضاً مؤلف كتاب البريبلوس Periplus of the Erithrean sea، وهو الكتاب الأكثر مرجعية عن مؤانئ العالم القديم. وسماها البرتغاليون Majun أو Meho المشتق من الإسم المحلي Mayyun.