آخر تحديث :الثلاثاء-19 مارس 2024-07:51ص

ملفات وتحقيقات


في رحيل صديقي فقيد الجنوب د. سالم اليافعي

الإثنين - 03 أغسطس 2020 - 04:48 م بتوقيت عدن

في رحيل صديقي فقيد الجنوب د. سالم اليافعي

عدن (عدن الغد) خاص

في رحيل صديقي فقيد الجنوب د. سالم اليافعي

 

كتب /علي صالح الخلاقي

 

آه..ما أوجع الرحيل. أيها الفقيد النبيل الدكتور سالم أحمد علي الوالي أو الاسم الذي عرفت به (سالم اليافعي) حيث غادرتنا دون وداع يوم الثلاثاء الماضي 28يوليو 2020 عن عمر ناهز 81 عاما.

أرثيك صديقاً شخصياً فقدته بعد أن توطدت علاقتنا في السنوات الأخيرة منذ أن ودعت منفاك الاختياري في بريطانيا التي لجأت إليها بعد الاستقلال الوطني الذي كنت أحد صناعه، لا سيما حينما بدأت الثورة تأكل أبنائها وفقدانك لصديقك الأقرب إلى روحك الشهيد فيصل عبداللطيف الشعبي، وكنت تخشى أن تلقى نفس المصير فغادرت مكرهاً إلى بريطانيا وأنت الطبيب الخاص للرئيس قحطان الشعبي الذي تم الانقلاب عليه في يونيو1969م.  

وبرحيلك يفقد شعب الجنوب مناضلاً من رعيل المناضلين الأوائل، ممن تأثروا بالفكر العربي التحرري الذي كنت قريباً منه خلال سنوات دراستك في مصر العربية، حتى تخرجك منها طبيباً عام 1965م، ضمن أوائل الأطباء الخريجين.

عرفت عن سيرتك النضالية وصلاتك برعيل الثوار الأوائل من مذكرات المناضل والفدائي صالح فاضل الصلاحي "عِمْرَان"  في موقف كنت بالنسبة له المنقذ من مطاردة جنود الاحتلال البريطاني، بعد إحدى العمليات الفدائية في خور مكسر وكنت تعمل في مستشفى الملكة (الجمهورية حاليا) ، فتذكر أنه محاصر ولجأ إلى سكنك في المنازل المخصصة لسكن الأطباء، الواقعة خلف البناية الرئيسية للمستشفى، والمشرفة على ساحل أبين. فوجد الأمان في شقتك كصديق وعضو في الجبهة القومية. وبقي في مسكنك حتى ارتفع الحصار عن الحي وزال الخطر.

وأتذكر ما رويته لي عن لقائك عام 1958م في القاهرة بالسلطان الثائر محمد بن عيدروس وبمعيته المناضل محمد صالح المصلي في فندق رمسيس وأثناء الحديث عن الوضع في يافع وقصف بريطانيا بطائراتها للقارة وغيرها من القرى، أنه اسمعك زاملاً ارتجله السلطان في الحال يقول فيه:

إن قنبلونا والنبي ما همَّنا

 وان دمروا فينا المصانع والبلد

وان هدموا القاره فبا تُبنى ثِنَا

 ما عيب إلاَّ مَنْ ترك واقفي وشد

تركت حياة الرغد في بريطانيا وعُدت قبل 15عاما  محملاً بالآمال في جنوب جديد، واستقر بك المقام في عدن التي أحببتها وتحبها ونحبها ونهيم بها عشقاً. عدت مناضلاً ضد الاحتلال الثاني (الشمالي)  مثلما كنت مناضلاً ضد الاحتلال الأول (البريطاني) وبدأت ذلك النضال منذ عام 1994م من بريطانيا نفسها بكتاباتك ومواقفك السياسية التي أزعجت سلطة عفاش وكنت كابوساً بالنسبة لها لأن صوتك يصل إلى دوائر القرار الأوروبية..

كنت ألتقيك في المنصورة ، وتحديداً في بيت والدك الراحل المكافح طيب الذكر الحاج أحمد علي الوالي، وفي محرابك المفضل الذي كنت تقضي فيه معظم وقتك بين كتبك وذكرياتك وأبحاثك وأشعارك. لا سيما وأنك ارتبط بالكتابة منذ وجودك في بريطانيا واشتهرت كتاباتك السياسية  باسم (سالم اليافعي)، وكنت من خلالها نعم المنافح عن حق شعبنا الجنوبي المشروع في الاستقلال بعد فشل الوحدة المغدورة وتحولها إلى ضم والحاق واحتلال..

ورأيت في رفوف مكتبتك الكثير مما أبدعه قلمك وفكرك في موضوعات شتى  تنم عن موسوعية وتنوع معارفه واهتماماته...وعاتبتك حينها لعدم اهتمامك بالنشر قدر اهتمامك بالتأليف. وقلت إنك تتفرغ لتنقيحها ومراجعتها النهائية وإعدادها للنشر.

كنت متطرفاً في حب الجنوب حد الجنون وفي حب عدن وفي العداء لنظام عفاش والزيود ، وهو تطرف محمود، نتمنى أن يصيب الجميع بعدواه خاصة من يراهنون اليوم بعودة جنوبنا إلى أحضان قوى النفوذ الزيدية في باب اليمن التعيس.

لم تنس وأنت تستعيد شريط الحياة...والذكريات. الزمن الجميل مع رفيق دربك فيصل الشعبي... قائد الثورة الاولى...ومؤسس الجبهة القومية...

واول من سقط شهيدا...كما دونت في مذكراتك... في مخطط استهدف الكفاءات الجنوبية وللأسف لم نفقه اسراره...الاَّ اليوم!!.

في (ديوان...معركة المنصورة) المحرر١ يوليو ٢٠١٢م  قلت متغنياً:

غرد على الساح وانثر فوقه الألقا

وعانق الفجر والتاريخ والشفقا..

وقل لمنصورة الأحرار شامخة

في وجه حقد الزيود...تستشرف الافقا

وتفتح الباب للتاريخ صانعة

عصر الشعوب تدوس الحقد والنزقا!

وتسقي الاحمر الملعون داهقه

رمز الحماقة في صنعاء اذ برقا!!

وفي يوم ٢٨ مايو ٢٠١٢م، حررت الأبيات التالية فخراً بلودر وبالجنوب وكأنك تتحدث عن واقع اليوم:

عرج على قمة التاريخ معتمرا

 وعانق الشمس والتاريخ والقمرا

وقل لشعب الجنوب ها شمس عزتنا

من قلب لودر شعشع نورها النضرا

من قلعة العر قد برقت بيارقنا

وساحة المجد من لودر. اتت دفرا

 

وقل لسنحان جاء اليوم موعدكم

يا عصبة الشر ها قد لج من عثرا..

ومن نجا من ربى النهدين محترقا

آن الأوان ليطرد صاغرا اشرا..

ومن غزا ارض حمير من بلادته

سيذوق اسياف حمير...تقصف العمرا!!

رحم الله الطبيب الإنسان. والمناضل الوطني (سالم اليافعي) الذي كان يتمنى أن يعيش لحظة استعادة الدولة الجنوبية على كامل تراب الجنوب كثمرة طبيعية لنضالات شعبنا وتضحيات الشهداء والجرحى.