آخر تحديث :الثلاثاء-23 أبريل 2024-12:42م

ملفات وتحقيقات


تقرير يرصد إجراءات ومواقف محافظ حضرموت من التطورات الأخيرة التي شهدتها المحافظة

الثلاثاء - 30 يونيو 2020 - 12:48 م بتوقيت عدن

تقرير يرصد إجراءات ومواقف محافظ حضرموت من التطورات الأخيرة التي شهدتها المحافظة

(عدن الغد)خاص:

البحسني والانتقالي.. هل انتهى شهر العسل؟

هل يجعل البحسني حضرموت إقليما مستقلا؟

كيف استطاع البحسني الرقص على رؤوس الثعابين؟


تقرير/ عبدالله جاحب


ليس من السهل أن تكون محافظا لمحافظة مثل حضرموت، التي تشكل مساحة شاسعة
من الرقعة الجغرافية لليمن، وتعتبر من أغنى المحافظات بالثروات الحيوية
النفطية والغازية والبحرية، وأكثرها أهمية من حيث الموقع الجغرافي.

والأعظم من ذلك أنها أحد أقوى مكامن الصراع والنزاع السياسي والعسكري،
وتسيل لعاب الأطماع والمآرب الخارجية.

كان على اللواء فرج سالمين البحسني أن يكون شرعياً، وانتقالياً، والأصعب
من ذلك وجب عليه أن يسير وفقاً للسياسة والنهج الذي يفرضه التحالف العربي
في كثير من المحافظات الجنوبية المحررة.

لم يكن طريق اللواء فرج سالمين البحسني مفروشا بالورود ومعبدا بالياسمين
وخاليا من المطبات السياسية والمنغصات العسكرية.

تولى اللواء فرج سالمين البحسني منصب محافظ محافظة حضرموت في 29 يونيو
2017م، خلفا للواء أحمد سعيد بن بريك، الذي جرت إقالته بعد انضمامه
للمجلس الانتقالي الجنوبي.

وسعى محافظ حضرموت اليمنية المعين من الحكومة الشرعية اليمنية، اللواء
الركن فرج سالمين البحسني، لإدارة هذه المحافظات من خلال سياسة نقيضة لما
اتبعه سلفه المحافظ السابق، اللواء أحمد بن بريك، وعبر تجاوز بعض
الاختلالات الإدارية والفنية التي شهدتها المحافظة خلال عام ونصف عام من
حكم بن بريك. والبحسني هو المسؤول اليمني الوحيد حالياً الذي يجمع بين
منصبين، عسكري ومدني، إذ يحتفظ إلى جانب منصبه كمحافظ لحضرموت بقيادة
المنطقة العسكرية الثانية التي تتخذ من المكلا مقراً لها.

وهو حاصل على ماجستير من أكاديمية (فرونزا) للدراسات العسكرية في روسيا
عام 1983، وأحد القادة العسكريين الذين أعادتهم الحرب في اليمن إلى
الواجهة بعد قرابة 20 عاماً في المنفى، إذ غادر البلاد مع عشرات من
القادة والمسؤولين الجنوبيين بعد حرب الانفصال في صيف 1994م.

وصل المحافظ البحسني ووجد الكثير من المشاكل والتحديات في ظل ظروف تقسيم
مناطق محافظة حضرموت، سياسيا وعسكريا، والتي تشهدها المحافظة بين أجندة
محلية وإقليمية ودولية.

ويحيط بها الكم الهائل من التحديات التي جعلت البحسني كالذي يتراقص على
رؤوس الثعابين المسمومة، وأيقن أن لا مجال للأخطاء والسقوط الذي قد يكلف
المحافظة فاتورة باهظة وثمنا كبيرا سياسيا وعسكريا واقتصاديا.

نجح البحسني بأن يكون المحافظ الاستثنائي الذي توسط جميع الأطراف
السياسية، والسير في خطوات متوازنة فوق رؤوس الثعابين في محافظة حضرموت.

وجد البحسني نفسة على كرسي محافظة تشكل ثمانين بالمائة من الاحتياطات
النفطية في اليمن، وبذلك صادف الرجل "ثعابين" اقتصادية تجعل من المحافظة
مركز صراع اقتصادي.

إضافة إلى الصراع النفطي والنزاع الاقتصادي، كانت مناطق السيطرة في
محافظة حضرموت بين قوات موالية للإمارات في ساحل حضرموت، وأخرى موالية
للجنرال علي محسن الأحمر نائب الرئيس اليمني في مناطق وادي وصحراء
حضرموت.

ومن هنا بدأت رقصة البحسني، وخوض معركة الرقص فوق رؤوس الثعابين المسمومة.

واستثمر البحسني علاقاته الودية مع الإماراتيين، في إعادة بناء عدد من
الألوية والوحدات العسكرية في المنطقة العسكرية الثانية التي يقودها
أيضاً. كما تلقت القوات الحضرمية الأمنية دعماً أميركياً، باعتبار أن
المكلا، التي سقطت في يد تنظيم "القاعدة" في إبريل/نيسان 2015 ولمدة عام
كامل، لا تزال تحت تهديد الجماعات الإرهابية. وخلافاً لقوات "النخبة
الحضرمية"، التي تتألف من 30 ألف جندي، وتتولى حماية مدينة المكلا
ومنافذها كقوة أمنية فقط، يقود البحسني أيضاً قوات مسلحة في إطار المنطقة
العسكرية الثانية في الجيش اليمني، وهي ألوية "شبام"، و"الأحقاف"،
و"الريان"، و"بارشيد"، فضلاً عن 4 ألوية في المهرة وسقطرى، تخضع إدارياً
لقيادة منطقته. وحافظ البحسني على علاقة متوازنة مع الحكومة اليمنية
والإمارات طيلة السنوات التي أعقبت تقلده منصب المحافظ في يوليو/تموز
2017. كما أن مطار الريان  لا يزال قاعدة عسكرية رئيسية للقوات
الإماراتية التي لم تغادر حضرموت حتى الآن.

استخدم البحسني سياسة الرقص السياسي وإضافة إلى الرقصة العسكرية التي
يتمتع بها المحافظ البحسني في أكبر مراكز الصراع والنزاع السياسي
والعسكري والاقتصادي في محافظة حضرموت، فهل نجح البحسني بأن يرقص على
رؤوس الثعابين، وهل يستطيع النجاة من اللدغ السياسي والعسكري المسموم من
تلك الثعابين المحيطة بكرسي محافظة حضرموت.

البحسني والانتقالي.. هل ينتهي شهر العسل؟

كان البحسني قريبا من الأطراف السياسية وكان وسطا من جميع الأطراف
السياسية في محافظة حضرموت.

ولم يتخذ البحسني أيضاً موقفاً عدائياً حيال المجلس الانتقالي الجنوبي،
الذي قويت شوكته منذ 2018، لكنه في المقابل لم ينفذ رغبات المجلس
الانتقالي في ضم واحتضان حضرموت والسيطرة عليها، ولكن كان البحسني في
منطقة الوسط، حيث حافظت النخبة على علم الجمهورية اليمنية فوق اكتاف
عناصرها، خلافا لباقي القوات التي أنشأتها الإمارات في عدن وأبين وشبوة
والتي ترفع علم دولة الجنوب.

كان هناك شهر عسل بين البحسني والمجلس الانتقالي الجنوبي، ولكن سرعان ما
تغير اتجاه البوصلة، بعد أن اجبرت الخطوات التي قام بها "الانتقالي" في
عدن بإعلان الإدارة الذاتية وحالة الطوارئ، فقد اتخذ البحسني موقفا من
المجلس الانتقالي، بعد إعلان رفضه "الإدارة الذاتية " ووصفها بالقرار
"غير المسؤول".

ووجه محافظ محافظة حضرموت، قائد المنطقة العسكرية الثانية، اللواء فرج
سالمين البحسني، رسالة شديدة اللهجة بعد دعوات للتظاهر.

وقال البحسني في خطاب صوتي "إن السلطات المحلية لن تسمح بأي عمل عسكري
خارج المؤسسات العسكرية والأمنية الرسمية".

وأضاف أنه "سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق من يعمل خارج مؤسسات
الدولة العسكرية والأمنية".

وأصدر رئيس اللجنة الأمنية بالمحافظة "توجيهات للأجهزة العسكرية والأمنية
بمنع أي تجمعات مسلحة"، وذلك بعد ساعات من استعراض مسلح قام به المجلس
الانتقالي الجنوبي.

وحذر المحافظ "القائمين على أي عمل عسكري خارج المؤسسات الرسمية بأن ذلك
لا يخدم حضرموت ولا يخدم المصالح العليا للوطن".

وأشار البحسني إلى أنه منذ تحرير ساحل حضرموت في 24 أبريل 2016م انتهجت
قيادة السلطة المحلية والعسكرية بالمحافظة نهج بناء المؤسسات العسكرية
والأمنية والمدنية، وتم قطع شوطاً كبيراً في هذا الاتجاه، وذلك خدمةً
للوطن وفي اتجاه وضع اللبنات الأولى لبناء دولة المؤسسات والنظام.

ونوه بأن حضرموت قوة عسكرية وأمنية واحدة وأن أي مظاهر لقوة عسكرية خارج
هذه المؤسسات غير مقبول، وأن القوة العسكرية والامنية بالمحافظة تأتمر
بأمر قائد واحد ورئيس واحد للجنة الأمنية بالمحافظة.

ودعا محافظ حضرموت المواطنين بأن "يقفوا صفاً واحداً حتى لا نعرّض حضرموت
والوطن لمتاهات جديدة".

وكان "الانتقالي" نشر صورا لما وصفها بقوات المقاومة الجنوبية بساحل
حضرموت بالتزامن مع اشتباكات بمحافظة أبين المحاذية لعدن.

وقال في بيان إنه عقد لقاء تشاوريا بمقر القيادة المحلية للمجلس
الانتقالي الجنوبي في محافظة حضرموت بمدينة المكلا، داعيا إلى الاستعداد
والنفير العام للدفاع عن العاصمة عدن والمكتسبات السياسية.

وذكر البيان أنه سيقوم بحماية المنشآت العامة والخاصة، بالتنسيق مع
السلطات المحلية بالمديريات والمراكز ودعم وإسناد النخبة الحضرمية والأمن
العام.

وأيد البيان إعلان هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي بخصوص الإدارة
الذاتية وما تضمنه البيان من بنود أخرى، مبديا الاستعداد لتنفيذ توجيهات
القيادة العليا للمجلس الانتقالي الجنوبي.

انتهج البحسني سياسة التقارب وعدم التنافر من المجلس الانتقالي، ودخل معه
في شهر عسل منذ توليه إدارة المحافظة، ولكن تحركات المجلس الانتقالي
الجنوبي في محافظة حضرموت، نسف شهر العسل مع المحافظ، وكان ذلك واضحا
وجليا في بيان البحسني الذي رفض ذلك التحرك جملة وتفصيلاً.

فهل انتهى شهر العسل بين المحافظ البحسني والمجلس الانتقالي الجنوبي في
محافظة حضرموت؟.

هل استطاع البحسني جعل حضرموت إقليما مستقلا؟

ظل محافظ محافظة حضرموت اللواء فرج سالمين البحسني منذ توليه كرسي
القيادة في المحافظة يمسك العصا من الوسط، ويصنع أرضية صلبة تخرج وتجنب
المحافظة ويلات الصراع والنزاع والتناحر والاقتتال السياسي والعسكري الذي
يعصف بطرفي الصراع في المحافظات الجنوبية المحررة المتمثل بالحكومة
الشرعية اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي.

وخطفت محافظة حضرموت الأضواء كثيراً في الآونة الأخيرة، وأصبحت تكشر عن
أنيابها ومخالبها، بعد أن تعرض المحافظ البحسني لأكثر من محاولة اغتيال
في غضون أقل من شهر.

ويرى الكثير من المحللين بأن الرجل يجني ويحصد سياسة تجنيب وعزل المحافظة
اليمنية الأكبر مساحة والغنية بالنفط بأن تكون مسرحا جديدا لمعركة
استقطابات قوية وصراع نفوذ الحكومة اليمنية من جهة،  والمجلس الانتقالي
الجنوبي من جهة أخرى، ونقل سيناريو بعض المحافظات الجنوبية المحررة.

وسعى البحسنى منذ بداية توليه المحافظة لإبقاء حضرموت كإقليم مستقل
بعيداً عن الصراعات في الوقت الحالي، وبعيداً عن سيطرة الانتقالي وربما
الحكومة اليمنية في وقت لاحق.

فهل استطاع البحسني جعل حضرموت إقليما مستقلا والنأي بها عن صراع الشرعية
والمجلس الانتقالي الجنوبي.


البحسني.. الراقص الذي تعددت حوله الثعابين

وجد اللواء فرج سالمين البحسني نفسه محاطا بتشكيلة من أنواع وأصناف
الثعابين التي تحمل بين طياتها "سموما" مختلفة، وتضخ المشاريع السياسية
المتعددة على واقع أرض تخوم النفط والغاز.

يصارع البحسني مشاريع متعددة الوظائف على واقع الأرض في محافظة حضرموت،
ويخوض غمار معارك في جبهات متعددة ومتنوعة وكثيرة.

وفي حضرموت صراع النفط والغاز، وفيها حرب الموانئ،  وجبهات المعابر،
ومتارس المشاريع السياسية المتعددة والمختلفة والمتنوعة بين (الأقاليم
والانفصال والولاية والوحدة والسلطنة والانفراد والسيطرة بالحكم).

وفيها أجندة محلية وإقليمية ودولية تتناحر وتتصارع في سبيل ومن أجل كسب
الهيمنة والاستحواذ.

ففي محافظة حضرموت تتعدد السموم والثعابين، والراقص واحد!.