آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-11:46ص

أخبار وتقارير


القسم السياسي بصحيفة (عدن الغد) يرصد تفاصيل وأسباب محاولة اغتيال محافظ حضرموت اللواء ركن فرج سالمين البحسني

السبت - 06 يونيو 2020 - 05:20 م بتوقيت عدن

القسم السياسي بصحيفة (عدن الغد) يرصد تفاصيل وأسباب محاولة اغتيال محافظ حضرموت اللواء ركن فرج سالمين البحسني

القسم السياسي بصحيفة (عدن الغد) :

من يحاول جر حضرموت إلى مربعات الصراع؟

 

- ما هي الأسباب التي دعت إلى محاولة اغتيال البحسني؟

 

- ماذا فعل محافظ حضرموت حتى يكون هدفاً للاغتيال؟

 

- ما الذي قدمه البحسني لمحافظته حتى استطاع تحقيق النجاح الأمني والتنموي؟

 

- من هي الأطراف المستفيدة من اغتيال محافظ حضرموت؟

 

- لماذا يريد البعض جر حضرموت إلى صراعات الجنوب؟

 

أثارت حادثة محاولة اغتيال محافظ محافظة حضرموت (شرق اليمن) اللواء ركن

فرج سالمين البَحسني، قائد المنطقة العسكرية الثانية، قبل أيام الكثير،

من الجدل.

 

ومكمن الجدل المثار يتركز في أنها أول محاولة لاغتيال مسئول حكومي ومحلي

رفيع، ومحافظ إحدى أهم وأبرز المحافظات اليمنية اقتصادياً وجغرافياً.

 

كما أن الجدل يعود إلى أن الحادثة وقعت في أكثر محافظات ومناطق اليمن

سلماً واستقراراً، محافظةٌ بعيدةٌ عن الصراعات السياسية والأمنية التي

تغرق فيها بقية المناطق والمحافظات، خاصةً في الجنوب.

 

وهذا ما يثير الكثير من التساؤلات، بل وحتى التعجب، من استهداف رأس

محافظة حضرموت وهرم قيادتها المحلية والعسكرية وفي هذا التوقيت بالتحديد،

والذي تعيش فيه البلاد برمتها العديد من الأزمات السياسية والأمنية التي

لا تنتهي.

 

وما يجعل من محاولة الاغتيال تتصف بالريبة والشك، تورط "تشكيل عصابي" في

تنفيذها، بحسب معلومات أعلنت عنها النيابة العامة في محافظة حضرموت.

 

 

 

تفاصيل القضية؟

 

وللحصول على صورة أوضح وأكثر تفصيلاً عن مجريات العملية ومن يقف وراءها،

نستعرض المعلومات التي نشرتها النيابة العامة إعلامياً، بالإضافة إلى

اجتهادات وتفاصيل نشرتها بعض وسائل الإعلام حول القضية.

 

حيث قالت النيابة العامة في محافظة حضرموت: إنها بدأت إجراءات جمع

الاستدلالات المتعلقة باكتشاف "تشكيل عصابي" يهدف لاغتيال اللواء فرج

سالمين البحسني محافظ محافظة حضرموت وقائد المنطقة العسكرية الثانية في

الجيش اليمني.

 

وأضافت النيابة العامة في بيان صحفي رصدته (عدن الغد) أن التحقيقات تجري

مع عددٍ من هذا "التشكيل العصابي" الذين تم ضبطه، وأن النتائج الأولية

للتحقيق أظهرت اشتراك "آخرين" يجري تعقبهم.

 

وكشفت النيابة عن هدف هذه العصابة، والمتمثل في اغتيال محافظ حضرموت ونشر

الفوضى بالمحافظة، دون أن توضح الجهة التي يعملون لصالحها، أو الداعمة

لهم.

 

وأكدت النيابة الجزائية أنها وجهت الأجهزة الأمنية والعسكرية بتكثيف

الجهود لجمع الاستدلالات حتى يكتمل ملف القضية لإحالته إلى القضاء ليتسنى

التصرف وفقاً للقانون.

 

 

 

من هو المتورط؟

 

المعلومات التي أعلنت عنها النيابة العامة كانت بعيدة عن الوضوح، كما هو

حال أية تصريحات من هذا القبيل، والتي تحاول من خلاله السلطات المعنية

إعطاء معلومات عامة وغير محددة أو غير مباشرة؛ حتى لا تبوح بكل ما تملك

من خيوط التحقيقات.

 

ولا يمكن أن تتحدث النيابة عن الأشخاص أو المتورطين بعملية الاغتيال وما

زالت عملية التحقيقات جارية ولم تنتهِ بعد، كما أنها لا يمكن أن تُسمي

وتحدد كل من له يد في عملية الاغتيال إلا إذا أثبتت ذلك بالدلائل

والبراهين.

 

غير أن تقارير صحفية- غير مؤكدة- تحدثت عن مخططٍ كبير جرى الإعداد له

لاغتيال محافظ محافظة حضرموت من قبل ضباط وجنود مقربين منه، سواء من

معاونيه في السلطة المحلية أو في قيادة المنطقة العسكرية الثانية.

 

بالإضافة إلى تداول وسائل إعلام يمنية خبر اعتقال عددٍ من الموظفين

والعاملين في ديوان محافظة حضرموت في القضية نفسها.

 

وبحسب مواقع إخبارية يمنية نقلت عن مصادر أمنية، فإن محاولة اغتيال

المحافظ اكتشفت عقب ضبط محاولة إخراج تسجيلات خاصة من غرفة المراقبة

الخاصة بسكن المحافظ، والمتهم فيها مسئول تقني عن منظومة كاميرات

المراقبة.

 

وأضافت المصادر نفسها أن المسؤول التقني اعترف بوجود شبكة تعمل بديوان

المحافظة تتكون من ثمانية أشخاص عملوا خلال أسبوعين على رصد تحركات

المحافظ، ورفع تقارير عنها إلى بعض الجهات، التي لم يفصح عن هويتها.

 

وانتشرت خلال الأيام الماضية شائعات في حضرموت بعد احتجاز عدد من

الشخصيات المقربة من المحافظ بينها المصور الخاص للمحافظ، الذي اعتقل

الأربعاء الماضي.

 

وكان من اللافت إعلان الناطق الرسمي باسم المنطقة العسكرية الثانية، هشام

الجابري، على اكثر من وسيلة إعلامية أن احتجاز مصور المحافظ سببه ارتكاب

مخالفة للقانون العسكري.

 

وأضاف الجابري في تصريحاته التي رصدتها (عدن الغد) أن مصور المحافظ جندي

منتسب لقيادة المنطقة العسكرية الثانية، ويحمل رقماً عسكرياً، وسيحاكم

عسكريًا وفقًا للأنظمة والقوانين العسكرية لارتكابه أعمالا منافية

للقانون.

 

ولم يوضح الناطق طبيعة تلك الأعمال المخالفة للقانون، لكنه قال: إن

المنطقة العسكرية الثانية حريصة "على مصالح المواطنين ومصالح حضرموت وعدم

السماح بالإضرار بها وبمقدراتها".

 

 

 

الجهات التي تقف أمام المتورطين

 

وفق مجريات العمل الأمني فإن الكشف عن بعض المتورطين في أي عملٍ إجرامي

قد يقود إلى الجهات والأطراف التي تقف خلف المتهمين المباشرين في أية

حادثة.

 

لهذا من الطبيعي أن ينتج عن التحقيقات مع كل من يشتبه به ذكر عدد من

الأطراف والجهات الداعمة أو الممولة أو حتى على الأقل المحرضة لعملية

محاولة اغتيال محافظ حضرموت.

 

ورغم أن كل ما يتم نشره أو الحديث عنه هو مجرد تكهنات أو اجتهادات، إلا

أنها قد تكون في بعض الأحيان مبنية على معطيات ومقدمات منطقية يمكن

الاعتداد بها.

 

وهو ما تسبب بترديد بعض وسائل الإعلام والمواقع الإخبارية أسماء بعض

المكونات السياسية الساعية إلى فرض ذاتها في مناطق تقل فيها شعبيتها

وحاضنتها الاجتماعية.

 

حتى أن البعض ربط محاولة اغتيال المحافظ بلقاء هذا الأخير قيادة المجلس

الانتقالي الجنوبي في محافظة حضرموت، بعد يومين فقط من كشف مخطط محاولة

الاغتيال والقبض على "التشكيل العصابي".

 

وهو أمر غير منطقي أن يتم الربط بين جهة اجتمع بها المحافظ والتفاعل

بمجرد أن موعد اللقاء كان عقب محاولة اغتيال المحافظ بيومين فقط.

 

لكن الجهات التي يمكن أن تستفيد من "إزاحة محافظ حضرموت" عن قيادة

المحافظة كثيرة ولا يمكن الجزم بتورط طرف أو جهة ما إلا بالدلائل

والبراهين التي تبحث عنها وتوفرها التحقيقات الحقيقية والعميقة.

 

 

 

لماذا البحسني؟

 

كثير من علامات التعجب والاستفهام أثارتها أنباء الكشف عن محاولة اغتيال

محافظ حضرموت اللواء فرج البحسني، ويعود ذلك الاستغراب والتساؤل إلى

العديد من العوامل.

 

أبرزها أن البحسني يُصنف بأنه أحد المسئولين المنفتحين على الجميع، ولا

يميل إطلاقاً إلى طرف أو جهة أو انتماء سياسي معين على حساب الآخرين.

 

وهذا ما أكده خلال لقائه بقيادة المجلس الانتقالي، حين شدد على أهمية

تكاتف الجميع وضرورة وحدة الصف خلال هذه المرحلة الصعبة، وتوحيد الجهود،

وقال "إن حضرموت عزيزة على جميع أبنائها، ومسؤولية الحفاظ عليها آمنة

ومستقرة هي مهمة الجميع أيضاً"، وفق ما أوردته صفحة المحافظة على موقع

الفيسبوك.

 

كما يحسب للمحافظ البحسني أنه جعل من حضرموت أولى المحافظات التي تستعد

لمواجهة وباء كورونا، وجعلها أول محافظة يمنية تلتزم بالحظ الشامل حماسةً

للمواطنين من تفشي الوباء، وهذه النقطة تحديداً أكدت حرص المحافظ على

حياة أهالي وسكان المحافظة.

 

ومما يُحسد عليه اللواء البحسني قائد المنطقة العسكرية الثانية، وتُحسد

عليه حضرموت أنها استطاعت أن تنأى بنفسها عن أي صراعات داخلية بين

مكوناتها الأهلية والمحلية، تماماً كما جنبت نفسها الخوض في الصراعات

السياسية التي تشهدها المحافظات الجنوبية.

 

وكل ذلك بسبب سياسة المحافظ اللواء فرج البحسني الذي دائماً ما يؤكد على

ضرورة توحيد الجهود، وجعل الاستقرار والأمن والتنمية الهدف الرئيسي لأي

عمل تشهده حضرموت.

 

حتى أن المحافظ ما فتئ يكرر في كل مناسبة حرصه على عدم جر المحافظة إلى

أي نوع من أنواع النزاعات، وخاصةً العسكرية منها، حفاظاً على تلاحم

النسيج الاجتماعي الحضرمي، وحتى الجنوبي واليمني.

 

كل تلك العوامل، ربما جعلت ممن حاول استهداف البحسني في عملية الاغتيال

يرى أن إزاحة هذا الرجل من المشهد أمر لا بد منه؛ حتى يتم المخطط في جر

حضرموت نحو الصراعات السياسية التي تكتوي بنيرانها عدن وأبين والضالع

وشبوة وسقطرى وحتى المهرة.

 

 

 

مواقف البحسني

 

إنجازات البحسني وأعماله التنموية في حضرموت، وحرصه على وحدة أبناء

المحافظة ومكوناتها السياسية مهما تباينت اهتماماتها، لم تكن وحدها هي من

أغرت جهات وأطرافا- غير معلومة حتى الآن- على محاولة اغتياله.

 

فهناك الكثير من الأسباب والعوامل التي كانت وراء التخطيط لإزاحة محافظ

حضرموت عن المشهد المحلي والعسكري، لعل أبرزها تأكيد البحسني مراراً

وتكراراً على عدم السماح بتنفيذ أي عمل عسكري (مليشياوي) داخل حضرموت.

 

حيث أكد في منتصف مايو الماضي أن السلطات المحلية لن تسمح بأي عمل عسكري

خارج المؤسسات العسكرية والأمنية الرسمية، وقال البحسني في خطاب صوتي

موجه لأبناء حضرموت إنه "سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق من يعمل

خارج مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية".

 

كما سبق له أن حذر "القائمين على أي عمل عسكري خارج المؤسسات الرسمية بأن

ذلك لا يخدم حضرموت ولا يخدم المصالح العليا للوطن".

 

ونوه إلى أن محافظة حضرموت تمتلك قوة عسكرية وأمنية واحدة، وأن أي مظاهر

لقوة عسكرية خارج هذه المؤسسات غير مقبول، وأن القوة العسكرية والأمنية

بالمحافظة تأتمر بأمر قائد واحد ورئيس واحد للجنة الأمنية بالمحافظة.

 

كما كان محافظ حضرموت دائم الدعوة للمواطنين بأن "يقفوا صفاً واحداً حتى

لا تتعرّض حضرموت والوطن اليمني الكبير لمتاهات جديدة".

 

ويبدو أن الحس الوطني والممتد على مستوى اليمن بشكل عام يبدو أنه شكل

مشكلة لمعارضي البحسني ومناهضيه، الذين وجدوا ضالتهم في كيل الاتهام له.

 

وهذا الحس الوطني بدا جلياً في دعوات محافظ حضرموت المتكررة لكافة

الأطراف اليمنية والفرقاء السياسيين إلى وقف أي أعمال أو تصعيد عسكري،

وتوحيد الجهود في المرحلة الحالية لمواجهة وباء كورونا".

 

وبحسب خبر رسمي، نشر على صفحة المحافظة، أكد البحسني خلال حديث صحفي

أُجريَ معه عبر الانترنت مع السيد مايكل كيتنج المدير التنفيذي للمعهد

الأوروبي للسلام في بروكسل (منظمة)، على أهمية استمرار مساعي الحوار ودعم

محاولات المبعوث الأممي لليمن والجهود الدولية والإقليمية في إيجاد صيغة

لجلوس كل الأطراف على طاولة حوار واحدة.

 

وأضاف الخبر أن المحافظ دعا إلى "أن تكون لعامة الشعب الكلمة الفصل في

الوصول إلى حلول لإنهاء الأزمة السياسية في اليمن، من خلال تنظيم استفتاء

عام للشعب للمشاركة برأيه بشفافية وتحت غطاء دولي وإقليمي لتحديد مصيره،

والعمل على تهيئة الظروف المناسبة للاستفتاء بعد نهاية الحرب وتحديد فترة

زمنية مناسبة يتم بعدها إشراك المواطنين في استفتاء عام يقولون من خلاله

رأيهم ويدلون بأصواتهم لتحديد مصيرهم".

 

ولعل اليمن برمتها تفتقد كثيراً إلى مثل هذه الشخصيات المتوازنة والمتزنة

والتي تسعى إلى تقديم الحكمة والالتقاء على كلمة سواء، وليس تأجيج

الأزمات والصراعات وإشعالها.

 

 

 

موقف البحسني من القضية الجنوبية

 

لكن ما يُلفت الانتباه هي المواقف التي يتبناها محافظ حضرموت اللواء فرج

البحسني تجاه القضية الجنوبية، أو حتى نكون أكثر دقة، مواقفه تجاه

الممارسات الأخيرة لبعض المكونات السياسية.

 

فهو لا يُحبذ إقصاء المكونات التاريخية التي تبنت قضية أبناء الجنوب في

مهدها، منذ عقود طويلة، ويدعو إلى تكاتف الجهود وتكاملها في سبيل تحقيق

أحلام وتطلعات الجنوبيين.

 

حيث يقول في بعض أحاديثه: "إن الجنوبيين بمختلف انتماءاتهم بحاجة إلى

توحيد الصفوف وأن يكونوا عوناً للجهود الدولية والإقليمية خاصة وأن هدفاً

واحداً يجمعهم".

 

وأضاف: إن "على الجنوبيين أن يعلموا بأن الوضع الحالي يحتاج لكل أبنائه

وأن قضية الجنوب هي قضية كل أبناء شعب الجنوب والكل يتبنّاها ولكن

بأساليب وطرق مختلفة، لذا على الجميع أن يعودوا إلى منصة حوار واحدة تضمن

لهم الهدف الذي ينشدونه، وأن عليهم تقدير الموقف جيدًا وعدم ترك الفرصة

للآخرين للنيل من هدفهم وذلك بوحدة الصف والتلاحم".

 

مبدياً حرصه على لم الشمل الجنوبي، واليمني عموماً، معتمداً بخبرة حضرموت

التنموية ونجاحاتها في مجال الاستقرار الأمني وتعزيز السلام، وذلك عندما

أشار إلى "استعداد السلطة المحلية بحضرموت لدعم أي جهود دولية أو إقليمية

من شأنها أن تسهم في تقريب وجهات النظر على مستوى الجنوب وعلى مستوى

الوطن انطلاقاً من الدور الكبير والمهم لمحافظة حضرموت وتجربتها في نجاح

الملف الأمني والجنوح للحلول السلمية".

 

 

 

تماسك حضرمي

 

ربما كل تلك الخصال والسمات التي تميزت بها حضرموت ومحافظها لم ترق

للكثيرين من مروجي الصراع ومحبي النزاع، ولم تعجبهم حال حضرموت وهي تنعم

بالاستقرار والتنمية، فراحوا يخططون لاغتيال محافظها حتى تهتز أركان

السلطة المحلية وتسقط حضرموت في وحل الصراع، بحسب مراقبين.

 

وهذا التماسك ليس وليد اليوم، ولكنه إرثٌ حضرمي بامتياز عاشته المحافظة

طيلة المراحل السياسية التي مرّت بها، ما قبل الاحتلال البريطاني وما

بعده، وتجلى ذلك في رفض الحضارم لمشاريع تقسيم محافظتهم، وتمسكهم بلحمتهم

الجغرافية الواحدة.

 

فهناك من لا يستسيغ مثل هذا الوضع المستقر؛ لهذا سعى إلى تحريك أوراق

الأزمات وتهديد أمن المحافظة وجرها إلى الصراعات، وهو ما رفضه وسيرفضه

أبناء هذه المحافظة التاريخية الأصيلة.