آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-06:51م

ملفات وتحقيقات


منطقة (حُمَّة) بيافع.. فصول وقصص من المعاناة والحرمان والطريق أولى الصعاب ومطلب جميع الأهالي

الأربعاء - 25 مارس 2020 - 08:06 م بتوقيت عدن

منطقة (حُمَّة) بيافع.. فصول وقصص من المعاناة والحرمان والطريق أولى الصعاب ومطلب جميع الأهالي

يافع(عدن الغد)خاص:

تقرير/حاتم العمري:


قبل يومين، كانت لنا زيارة استطلاعية إلى منطقة (حُمَّة) برفقة الأخ/ الأستاذ علي ناصر الحامدي رئيس المجلس الانتقالي بمديرية سرار يافع محافظة أبين.

كانت انطلاقتنا من سرار مركز المديرية في تمام الساعة الحادية عشر والنصف قبل الظهر،باتجاه الشرق في يوم جميل وماطر وقطعنا مسافة أكثر من 5 كيلو متر لنصل بعدها إلى "مضيق المرصد" وهو الطريق المؤدي إلى منطقة حُمّة،دخلت بنا السيارة وادي المرصد الضيق المليء بالصخور والوهدات المنتشرة على جانبي الطريق والتي توازي بعضها حجم السيارة.


إن النزول في ذلك الطريق بالسيارة وخاصة في موسم الأمطار مغامرة حقيقية ومجازفة في ظل وضعه القائم،أما صعوده فليس ممكنا إلا بسيارة حديثة على أن تحال بعد ذلك إلى الصيانة،وكنا نتوقع أن يصيب السيارة العطب في أية لحظة وهي تتمايل بنا يمينا وشمالا وتحتها صخور تلامس قاعدتها بين الحين والآخر،فالطريق وعر وصخور الوادي لاتلين ولاتنحني إطلاقا.


تخطينا طريق المرصد وصخوره التي تدير الرأس ووصلنا وادي حُمّة وتحديداً منطقة "أرنبة" وأمطار الخير والبركة تتساقط على المنطقة، بعد رحلة (لذيذة) المتاعب.


"حُمّة" أحدى مناطق مديرية سرار وتبعد عن عاصمة المديرية بنحو 15 كيلو متر تقريبا، وتضم عددا من القرى هي:- أرنبة،أسفل أمْهَا،الحصن،ذمنمر،نجد سعود،مثيلة،نجدالصر،أمعضيبة،ذمّكل،املحيف الثمري،كحلة،امعضب،هورة،والهباة.


وتقع "حُمّة" شرق المديرية، وتحيط بها سلسلة جبلية من جميع الجهات فهي أشبه ماتكون بغرفة مغلقة،صورة قاتمة ترسخها الأوضاع المأساوية للمنطقة في ذاكرة زائرها، هموم ابناؤها لاتحصى ولاتعد والطريق أولى الصعاب ومطلب جميع الأهالي.


ومن خلال زيارتنا هذه كشفنا الستار عن أهم مشروع حيوي وهام يربط المنطقة بمديريتي سرار ورصد إلا أن ماوجدناه اوصلنا إلى حقيقة أن إشكالية الطريق الوعرة غير المعبد تعد بمثابة سور يخفي وراءه مآسي المئات من المواطنين،بل وكافية لتوضيح كثير من المعاني والمفردات ظل يحتفظ بها قاموس المعاناة خلف الجبال.


"حُمَّة" محرومة من الطرقات حيث أن الطريق الذي يربط المنطقة بمديرية سرار طريق رديء ووعر،ويعاني الأهالي صعوبة كبيرة في نقل مستلزمات الحياة اليومية وإسعاف المرضى عند انقطاع الطريق،إذ أن السيارات تمر في بطن الوادي وهو في الاصل مجرى للسيول التي تأتي من كل روافد المديرية وتصب في وادي المرصد وتؤدي إلى جرف الطريق واختفائها تماما، ممايضاعف من حجم المأساة وعندها تبدأ مهمة سفينة الصحراء"الجمل"في نقل احتياجات المواطن، والمريض من أهالي المنطقة تصبح عملية إنقاذ حياته من بين المستحيلات وإيصاله حياً إلى مستشفى رصد يدخل من بين الحظوظ.


الأستاذ علي ناصر الحامدي حدثنا عن فصول من المعاناة والحرمان جراء صعوبة الطريق، وعن قصص أمهات تعسرنَّ وتم إسعافهن فوق نعوش الموتى وعلى ظهور الجمال ..ولو تيسر ل"فيكتور هوجو"رؤيتها لسطرها ضمن رائعته "البؤساء".

خراب الطريق وانقطاعها يستمر من 3_4 أشهر حتى يقوم المواطنون بإصلاحها بأنفسهم دون إن يساعدهم احد.

ما أريد قوله هنا"سبق وإن أُجريت دراسة في عام 94م تشير إلى ضرورة شق رهوة الفلاح وهي عقبة تجنبهم المرور بمضيق المرصد وتم عمل الدراسة لها ونزلة المناقصة وحددت فترة الإنجاز لهذا المشروع وحول هذا الطريق كثرة الآراء وطالت الدراسات وكبر حجم هذا الطريق وصغرت مواعيد تنفيذه رغم اهميته فهو شريان الحياة وأمل كبير لكل مواطني حمة شأنه شان قطرة الماء للظمآن إلا أن هذا المشروع ظل في ملف الإهمال والنسيان.


ونتيجة لذلك شرع الأهالي مؤخراً في عملية الشق في أصعب كتلة جبلية عالية شديدة الوعورة وهي عملية شق مشروع طريق (رهوة الفلاح - حُمّة) الجاري تنفيذه على نفقة الأهالي والمغتربين ورجال الخير والعطاء والذي يعد من أكبر المشاريع الأهلية في يافع كلدسرار والذي تم تدشين العمل فيه في 24 أبريل من العام 2016م،حيث يسهل على أهالي مناطق وقرى حمة حركة التنقل دون انقطاع في موسم سقوط الأمطار،وكذا الاستغناء عن جزء من الطريق السابق التي هي عبارة عن مجرى للسيول.


فالطريق السابق "بين الواديين- المرصد" اماكن صالحة وبأمتياز لإقامة مشاريع عملاقة،ومنها مشروع حاجز"امهدارة - بين الواديين"الذي سيشكل انشاؤه نقلة نوعية حقيقية لابناء المديرية لما يمثله هذا الحاجز المائي من مكانة وأهمية كبيرة وموقع فريد من نوعه، حيث يعول عليه حجز أكبر كمية من سيول الأمطار باعتباره ملتقى لجميع الروافد في المديرية لضمان توفر المياه لسكان مديريتي سرار ورصد وبدون هذا الحاجز ستكون المأساة دائمة ومتكررة.


واصلنا التنقل جنوبا برفقة الأخ/علي الحامدي بين جبال تحسن إكرام الضيف حتى منطقة"امعضيبة"مسقط رأس الشاعر والشيخ/ صالح حسن الجلادي "رحمه الله"،ونزلنا في ضيافة الأخ نايف صالح الجلادي مدير مدرسة حُمَّة للتعليم الاساسي وتناولنا وجبة الغداء في منزله.. الأستاذ نايف رجل يثير فيك كل معاني المحبة والاحترام ويأسرك بأخلاقه وتواضعه الجم ويفرض عليك احترامه،فهو يقدم لك الطعام ممزوجا بحبات قلبه وشقاف روحه.


وعلى هامش الزيارة والتي كانت لذات الغرض، وضمن برنامج القيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي بمديرية سرار في النزول الميداني إلى جميع المراكز،عقدت قيادة المجلس الانتقالي عصر اليوم نفسه في مدرسة "حُمَّة" ممثلة برئيس المجلس الانتقالي بالمديرية، الأستاذ علي ناصر الحامدي، لقاء أهلي تشاوري موسع بهدف توضيح وتدارس كثير من القضايا والأمور، وكذا ضرورة تفعيل وتنشيط العمل في المراكز.


وتطرق الحامدي في حديثه حول مشروع طريق(رهوة الفلاح-حُمَّة) حيث قال:" هذا المشروع بالنسبة لسكان حُمّة،وأمْهَا حُمّة هو مشروع بقاء أو رحيل،وبدعم الخيرين ورجال الخير استطعنا ان نقطع شوطا كبيراً فيه وانجزنا أكثر من "80%" وبذلنا من أجل هذا المشروع جهوداً جبارة من أجل المنطقة والصالح العام،ولولا تعاون الجميع لما وصل المشروع إلى هذه النقطة، ونعتبره مكسبا ومنجزاً كبيراً إذا كتب له النجاح،فهو حلم يراودنا جميعا في حُمَّة،وثقتنا إن المشروع ورأءه رجال بهمة وعزيمة جبال حُمّة،وسنعمل على إنجازه ووصوله إلى أخر نقطة وسنبحث عن مصادر تمويل لهذا المشروع حتى لو كلفنا ذلك قوت اولادنا.


داعيا بقية المواطنين الذين لم يساهموا في المشروع إلى المساهمة لمافيه خدمة الصالح العام وتشكيل لجنة لجمع المبالغ من المواطنين.

يذكر أن العمل في الطريق تعثر منذ فترة لأسباب مالية.