آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-04:38ص

ملفات وتحقيقات


فيما الحرب تخوض عامها السادس: الأذى النفسي يطال أغلب اليمنيين وصاروا يخضعون لظروف في غاية القسوة

السبت - 15 فبراير 2020 - 02:04 م بتوقيت عدن

فيما الحرب تخوض عامها السادس: الأذى النفسي يطال أغلب اليمنيين وصاروا يخضعون لظروف في غاية القسوة

(عدن الغد)خاص:

تقرير / الخضر عبدالله : 

هكذا ضاعفت الحرب أعداد النفسيين والمرضى والمشردين في اليمن  ولم تترك هذا لحرب المستمر في أحداً من دون أثر بليغ في روحه أو جسده أو ماله، وقد يكون الموت أهون تلك الآثار، كما يقول بعض اليمنيين، فضحايا الحرب في اليمن، ليسوا اولئك الذين سقطوا ضحايا بين قتلى وجرحى، وليسوا ايضا اولئك الذين صاروا ضمن قوائم المشردين او النازحين، بل ان هناك ضحايا آخرون ربما لم تتحدث عنهم الحرب حتى الان، وهم اولئك الذين صاروا مصابين بصدمات نفسية بالغة، وما أكثرهم اليوم في اليمن اليوم، بل ما أكثرها الاسباب التي تكالبت واجتمعت لتقود عشرات الآلاف من الناس الى هذا الواقع المؤلم.

فقد أصبحت اليمنييون  يشهدون حربا مفتوحة منذ خمسة  أعوام، من اتجاهات بينية مختلفة، ففي حين هناك الحرب التي يشنها التحالف العربي في اليمن مستهدفا مليشيا الحوثي، هناك حربا أخرى يقوم بها الحوثيين في عدة محافظات يمنية مع الجيش الوطني التابع للحكومة الشرعية.

ارتفاع نسبة المرضى

إذا تأملنا في معظم اليمنيين  لرأينا أن الأذى النفسي قد طال أغلب اليمنيين، وذلك بسبب الحرب المستمرة والاعتقال والقتل بقذيفة او رصاصة طائشة ، إلى جانب انقطاع الراتب وقلتها .  والامراض التي تتوالى على الناس دون وجود أي وسائل إنقاذ او مساعدة، فالحياة في اليمن باتت بلا أي ضوابط بعد سقوط المنظومة الأخلاقية، وانتشار مافيا الفساد التي تسيطر على كل مقدرات ومفاصل البلاد .

إذا تابعنا تقارير  الخصائيين والأطباء   تفيد بارتفاع نسبة المرضى النفسانيين، خصوصا أن اليمنيين صاروا يخضعون لظروف في غاية القسوة.

أسر تصاب بحالات نفسية

يقول  صلاح عبدالباقي  احد اقارب الذين طال لهم الأذى النفسي جراء الحرب في اليمن  في حديثه لـ " عدن الغد " أنه تفاجأ باتصال أحد اقربائه من عشيرته ، ويطلب منه المجيء الى الحي الذي نزحوا إليه ، والاسرة ضمن الأسر التي نزحت مع دخول تعز دائرة الحرب، وفقدت  العائلة رب الأسرة ومعيلهم الوحيد في بداية الحرب، في حين مصالحهم وبيوتهم تعرضت للدمار والضرر.

ويتابع عبدالباقي : " أصبح بالدهشة  وتفاجأت بقريبي هذا انه قد أصيب بمريض نفسيا، وهو بدون ملابس، وحالته النفسية  مزمنة ، حينها قمت باسعافه الى المصحة النفسية ، والى الان مازال يخضع للعلاج المكلف جدا، ثم  بعده بأيام تفاجأنا بتعرض أم قريبي لنفس القصة والمرض، وأصبحنا نعالج اثنين من أسرة واحدة تعاني  من المرض النفسي".

وأضاف صلاح  عبدالباقي : " السب في أصابتهم بالمرض النفسي مقتل الاب الذي يعد  السبب الاول في تعرض هؤلاء للمرض النفسي، اضافة الى انهم فقدانهم مصدر رزقهم وتعرض بيتهم في شارع جمال التي كانوا يعتمدون على ايجاراتها في تدبير حياتهم للقصف".

الفقر سبب رئيسي للمرض النفسي

يقول  الطبيب النفسي  صالح عبد الله الشراعي :" لاحظنا  سبب تعرض الأشخاص للأمراض النفسية  نلاحظ أن السبب الأول هو الفقر، وكلما زاد الفقر والجوع  نتج عنه زيادة المرض النفسي كالاكتئاب والوسواس القهري وغيرها من الامراض  الخاصة بالمرض النفسي ، فهذه المشاكل عواقبها الجوع وسوء التغذية ,وكذا تظهر في عدم القدرة على التعلم، وعدم القدرة على النوم، ونتائج كثيرة يصاب بها الكثيرين،من الأشخاص ولاسيما  صغار السن الذين يصابون باضطرابات في السلوك على مدار الحياة وتصبح عندهم عادة مستديمة ".

ويضيف :" ومن أسباب المرض النفسي عند الأطفال والمدنيين بشكل عام  انعدام الامن ، فهدم البيوت وإطلاق الصواريخ وضرب بالمدفعية والسلاح الثقيل  كل هذا يسهم في أسباب المرض النفسي .

الاطفال يعانون قلق نفسي مستمر

كشفت دراسة ميدانية حديثة عن العديد من المشاكل النفسية التي يعاني منها الأطفال في ظل الحرب والعدوان الذي تشنه قوات العدوان على اليمن حيث بينت الدراسة وجهات نظر الأطفال عن مشاكلهم وانفعالاتهم من خلال استخدم الأطفال لمصطلحات (الخوف, عدم الأمن, والقلق والغضب)  للتعبير عن ردود الفعل العاطفية لوصف شعورهم وانفعالاتهم.

وأشارت نتائج الدراسة التي نفذتها منظمة يمن لإغاثة الأطفال (YCR) حول الآثار النفسية للحرب على الأطفال في اليمن واستهدفت عينة من الأطفال في محافظات  (أمانة العاصمة ومحافظات عدن ,تعز, أبين ) وحصلت “الثورة “على نسخه منها إلى أن (58.2?) من الأطفال عبروا عن شعورهم بالخوف الشديد, فيما عبر 37% منهم بالقلق كما أفاد 36.4 ? بأنهم لا يشعرون بالأمان  و 32.7 ? أفادوا بأنهم يعانون من مشاكل النوم بسبب الخوف من أصوات الأسلحة الثقيلة ومن الغارات الجوية وأصوات مضادات الطيران.

وبحسب نتائج الدراسة فإن مصادر المخاوف الأكثر شيوعا عند الأطفال هي إطلاق الرصاص وأصوات التفجيرات والخوف من الموت والخوف من فقدان احد أفراد الأسرة والخوف من الطائرات وكذا انتشار المسلحين بالإضافة إلى الخوف من المستقبل والخوف من الظلام نتيجة انقطاع الكهرباء لأيام كثيرة .

وبحسب الطبيب النفسي، سليم الخليدي، فإن "نوبات الغضب السريعة والتشنج وردود الأفعال العنيفة تجاه الأحداث اليومية، مثل الضرب الصاروخي، والقصف العشوائي على المدن والأحياء والأسواق، واستخدام السلاح حتى في الخلافات البسيطة، ما بالك في حرب مستمرة منذ ثلاثة أعوام، كل هذا يشير الى حالات نفسية تحدث يوميا".

ويؤكد  الخليدي:  " بان مئات المرضى يعانون اكتئابا حادا، وهذا الاكتئاب يتحول فيما بعد الى سلوك عنفي، حيث تقود البعض حالته النفسية السيئة الى محاولة الانتحار. و إن الأمراض النفسية تتركز في المدن والمناطق التي تشهد، حروبا ونزاعات وأعمال مسلحة مستمرة.

الحرمان الأطفال من التعليم

يؤكد ناشطون ومهتمون يمنيون بأن الحرمان من التعليم سواء للأطفال او للشباب بشكل عام، أوجد حالات نفسية معقدة، وأصبح الكثير من الشباب يخضعون لحالات نفسية معقدة، الى جانب ذلك الأطفال الذين هم الاخرون يعيشون نزوح وتشرد ووضع نفسي صعب.

يقول الناشط الحقوقي اليمني توفيق  غالب عبد المجيد في تصريح سابق له : " ليس هناك اوجاع افضع مما نعانيه  في بلادنا حاليا من مأساة الأطفال الذين وجدوا أنفسهم أمام حرب فتحت عليهم ابواب الويلات، والضغوط النفسية التي افرزتها الحرب، ورسمت معالم بؤس على حياة الكثير من الأطفال وخاصة الذين وقعوا تحت التأثير المباشر لها، كالتجنيد والزج بهم في المعارك أو الذين فقدوا أطرافهم نتيجة القصف المباشر او الالغام التي زرعتها المليشيا في اغلب المحافظات والقرى".

النزوح  المستمر سبب للمرض النفسي

الحرمان من التعليم، والنزوح المستمر، والتشرد، والجوع، والحرمان من اللعب، كلها عوامل كثيرة تلعب في التأثير النفسي على اليمنيين. إذ يقول مهتمون ومختصون نفسانيون، بأن هذا التشرد يترك بصماته على الصحة النفسية للشخص وتكيفه السلوكي مع المجتمع، ويصبح محطة مؤلمة من محطات حياته يصعب على الذاكرة تجاوزها بسهولة، كما يصعب عليه في المستقبل أن يتناسى آثارها لأنها ولطول فترتها ستصبح جزءا من سيرة حياة مرة.

المرضى النفسانين يهيمون في الشوارع

وصار المجتمع اليمني على بعض المرضى النفسيانيين اسم "مجنون"، في دلالة على نظرة دونية لهم، وغالبا ما يهمّشه المجتمع، ولا تعبأ له العائلة بعدما عجزت عن علاجه، ولعدم قدرتها على لجم تصرفاته فتتركه يهيم في الشوارع دون مراعاة لحقوقه الإنسانية .

و أصبح المرضى النفسانيين يهيمون في  الكثير من أحياء شوارع مدن اليمن بشكل عام، وعلى الرغم أن لكثير من هؤلاء المرضى، أسرة وأقرباء، لكنهم اضطروا الى الابتعاد عنهم بعدما فشلت محاولات علاجهم وإبقائهم في المنازل.

وبالإضافة الى رفضهم للعلاج، عادة ما تكون ظروف الأسرة الصعبة، واحدة من الأسباب في التخلي عنهم، خصوصا في الوقت الراهن، في ظل حرب وانقطاع الراتب وغياب فرص العمل، وهي الظروف التي فاقمت من أوضاع المرضى النفسانيين، بل فاقمت أعدادهم.

وما زالت المصحات النفسية في غالبية مدن اليمن غير فعالة، وتحتاج توسعا في أعمالها من الناحية المادية ومن ناحية سبل ووسائل العمل.

غياب الجهات المختصة

يغيب دور وزارة الصحة اليوم في اليمن عن تقديم الخدمات الصحية والطبية، مثل غالبية القطاعات المختلفة، ومن هذه القطاعات قطاع المرض النفسي.