آخر تحديث :الثلاثاء-19 مارس 2024-07:51ص

ملفات وتحقيقات


مدرسة العامرية برداع ومُظاهر الإهمال(تقرير)

الخميس - 22 أغسطس 2019 - 03:23 م بتوقيت عدن

مدرسة العامرية برداع ومُظاهر الإهمال(تقرير)

(عدن الغد)خاص:

تقرير / سالم صالح السلالي:

تعد مدرسة العامرية ومسجدها من أهم المعالم الحضارية والتاريخية والأثرية والإنسانية في اليمن، لا سيما وهي منارة علمية وثقافية ساهمت في النهضة الفكرية والتعليمية في حقبة زمنية مهمة من تاريخ اليمن(الدولة الطاهرية)، حيث كانت مدرسة العامرية ومسجدها قبلة لطلاب العلم والمعرفة.

ويقع مسجد ومدرسة العامرية بمحافظة البيضاء مدينة رداع، وتعد مدينة رداع من المدن اليمنية التي تتمتع بكثير من الخصائص، ومنها تعدد المعالم التاريخية والأثرية والإنسانية والحضارية.

بناها السلطان عامر بن عبد الوهاب بن داود بن طاهر في سنة(910هـ). وقد قام بالإشراف على بنائها وزيرة الأمير علي بن محمد البعداني، و ما تزال عامرة حتى اليوم، ولكنها وشيكة الخراب؛ لإهمال نظار الأوقاف لها، لاسيما بعد أن استبيحت أوقافها واستولى عليها الولاة والحكام لأنفسهم.

وقد تعرضت العامرية لمحاولة خرابها من قبل الإمام المهدي محمد بن أحمد بن الحسن (صاحب المواهب) فقد أراد هدمها لأنها في زعمه واعتقاده من آثار كفار التأويل، وهم لا قربة لهم، فتصدى له القاضي علي بن أحمد السماوي المتوفى برداع سنة (1117هـ)، وحذره من عاقبة عمله إن هو أصر على خرابها، وتلا عليه قول الله تعالى: (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها). فتوقف المهدي عن خرابها مكتفياً بهدم معظم شرفاتها تحلة ليمينه.

وقد أهتمت هذه المدرسة بتدريس علوم الشريعة، واللغة، والفلك، والحساب، وغيرها من العلوم، وقد استمرت مدرسة العامرية  أعوام عديدة في عهد الملك المظفر عامر بن عبدالوهاب الطاهري، وكان الملك عامر بن عبدالوهاب من فقهاء الشافعية وعلمائها، واستمرت المدرسة تدرس مذهب الإمام الشافعي رحمه الله الذي أقره الملك الظاهر عامر بن عبدالوهاب مذهباً ودستورا لمملكته حتى توفي في عام (1017هـ)، ثم حولت العامرية إلى مدرسة علمية يدرس فيها مذهب الإمام زيد رحمه الله لعقود متتالية إلى قبيل الثورة اليمنية في عام (1962م)، ثم همشت وضيعت حتى أصبحت معلماً ثقافياً ودرجت من المعالم الأثرية تحت إشراف وزارة الثقافة، وفي السنوات الأخيرة  فتح مسجدها ولا يزال عامراً بالأذان والإقامة والصلاة، والجمعة والجماعة.

ولا تزال مدرسة العامرية ومسجدها شامخة رغم الاهمال الذي تواجهه، وهي تعكس الهوية الوطنية والثقافية والإبداعية للإنساني اليمني، وبالأخص الرداعي.

وبما أن هذا المعلم الحضاري والقبلة العلمية والتعليمية يقع في مدينة رداع، فلا شك ولا ريب أن هذه المدينة نالت حظها من الثقافة والتعليم، وأنه برز منها علماء وأعلام، ولكن لم نجد من أهتم بتاريخها العريق، ولم نجد من ترجم لرجالاتها العظماء، ولم نجد نتاجها العلمي والمعرفي من كتب ومخطوطات وغيرها.

لذا نلخص أهم المشكلات والإهمال الذي تعرضت له العامرية في عدة نقاط:

النقطة الأولى: الإهمال في معلمها الحضاري ومبانيها الهندسية الفريدة، حيث وقد تعرضت لمحاولة هدم من قبل الإمام صاحب المواهب، وما تعرضت له بسبب عوامل التعرية، وإن وجدت بعض المبادرات إلا أنها لم تهتم الاهتمام المطلوب.

النقطة الثانية: الإهمال في تراثها العلمي والمعرفي، حيث استمرت مدرسة العامرية  قرنين في ظل الحكم الطاهري وكانت من أهم معالم الدولة الطاهرية، وقد سخر الملك الظافر عامر بن عبدالوهاب الطاهري أموال وأوقاف وطاقات لهذه المدرسة، ومن بعد الدولة الطاهرية الدولة القاسمية وغيرهما من الدول والممالك التي حكمت اليمن، ومع ذلك لم نجد شيئاً من ذلك التراث، لا مؤلفات ولا مخطوطات، ولم نجد من ترجم لعلماء تلك الحقبة ولطلابها، إلا ما ندر، وهذا من أعظم مظاهر التهميش.

النقطة الثالث: من مظاهر الإهمال أن مدرسة العامرية همشت وأخرجت عن محتواها والهدف الذي أسست من أجله، وهو نشر العلم والمعرفة والتعليم، ودورها في تنمية ونهضة الإنسان اليمني، فقد أصبحت مبنى مهجور يتبع وزارة الثقافة.  

النقطة الرابعة: من مظاهر الإهمال تغييب أوقافها ومصادرتها، والتي كانت الأوقاف من أهم الموارد المساعدة على أستمرارها وأستمرار عملية التعليم فيها.

 وهذه دعوة للباحثين في جميع المجالات أن حضارة رداع، وتاريخها العريق بحاجة ماسة إلى إخراجه إلى النور، ونفض الغبار عنه، وإخراجه  في حلة قشيبة.