آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-06:51م

أدب وثقافة


قصة :طائرة من ورق الثانية

الأحد - 18 أغسطس 2019 - 06:34 م بتوقيت عدن

قصة :طائرة من ورق  الثانية

عدن(عدن الغد)خاص:

 

بقلم:عصام مريسي

بريق أنوار الطائرات التي هبطت على ساحة المدينة يحولها إلى مسرح للألوان يخطف أبصار الحاضرين ، والصمت والسكون إلا انفاس الحاضرين الذاهبة في شهيق وزفير يكسر حواجز الصمت ، والصغير المختبئ في السرداب ما زال ينظر من فوهة في السرداب لما يجري على أرض مدينته التي يحاول الفضائيين السيطرة عليها وهم يوجهون اهالي البلدة للمغادرة:

على جميع السكان إخلاء المدينة والتوجه نحو السفن الراسية في المحيط  ومن يتخلف سوف يكون مصيره الموت

تعج المدينة بحركة الأهالي وهم يحاولون الفرار والأخرون ينقادون لتنفيذ التوجيهات من قائد الغزو ويسرعون مهرولين نحو السفن الراسية وهم يصطرخون فيما بينهم:

هيا استعدوا لركوب السفن قبل أن تزدحم بالمغادرين

ما زال الكثير ملتزمون في أماكنهم تلفهم الحيرة والدهشة فيما يدور حولهم والأخرون يندفعون نحو مرافئ السفن الراسية يزدحمون على مصاعد السفن يبحثون لهم عن أماكن للجلوس ولو على حافة السفن راضين بمصيرهم غير منتفضين على ما يدور في مدينتهم مستسلمين .

ما زالت الفوضى تملأ المدينة والناس منقسمون بين راضٍ ورافض لما يجري في المدينة ، تتشابك الأصوات بين صراخ ونحيب وهتاف حتى لا يعلم السامع المقصود ، ينهض الصبي ويدفع الخوف والدهشة بعيداً عن نفسه ويمتطي شجاعته الدفينة في نفسة ويغادر السرداب تحت يبصر أشعة الشمس الذهبية تضلل مدينته وساحلها بأقراص الذهب ويطلق صرخة مدوية تهز أركان المدينة:

لا ترحلوا وتتركوا مدينتكم للغرباء.. لا ترحلوا

تتجه أبصار الجموع نحو مصدر الصوت فإذا به الصبي الذي كان يعتقد موته حين اقبلت أفواج الغزاة من خارج الكوكب، تنقطع الأصوات وتبرق النظرات ويتجدد الامل ويتجه الجمع نحو الصبي الثائر وهو ما يزال يصدر التوجيهات :

خذوا أسلحتكم ، معاولكم ، عصيكم .. دافعوا عن مدينتكم بكل ما تستطيعون ، لا تتركوا الخوف يتسلل إلى مخادع قلوبكم .. أحموا المدينة ، أحموا المدينة

يعمد الجمع إلى اسلحته وأدوات عملهم ويتجهون مندفعين نحو الغزاة يوجهون لهم الضربات الموجعة ويدب الخوف في صفوف الغزاة يحاولون التراجع وبعضهم يتمتم :

لقد قيل لنا أن المدينة غير محصنة وسكانها منقسمون مستسلمون لن يدافعوا عن المدينة

يصعد الغزاة على مركباتهم ويعودون مدحورين ، يسقط الصبي من كثرة جراحه في معركة الدفاع عن المدينة، يتجه السكان نحو ه وهو يشير أليهم بأصابعه أن يتوحدوا ويشبك بين أصابع يديه ويلفظ كلماته الأخيرة قبل أن يلفظ أنفاسه:

أحموا المدينة .. دافعوا عنها

يغمض عينيه مفارق الحياة وجموع الناس تشيعه وتدفنه تحت ثرى الأرض الذي مات من أجلها والسنتهم لا تتوقف عن ذكره:

لقد كان شجاع .. لقد حمى المدينة ، قدم روحه فداء للمدينة

تنطلق الجموع مقفلة بعد دفن القائد الصغير وتكتسي المدينة بفرح النصر وألم الفاجعة برحيل قائدهم البطل.