آخر تحديث :الخميس-18 أبريل 2024-08:19م

أخبار وتقارير


صورة وتعليق: قاتل امه في تعز.. هل دمرت الحرب اخلاقنا وقيمنا؟

الجمعة - 19 يوليه 2019 - 02:35 م بتوقيت عدن

صورة وتعليق:  قاتل امه في تعز.. هل دمرت الحرب اخلاقنا وقيمنا؟

تعز((عدن الغد)) خاص

هذا دم عجوز ذبحها ابنها في إحدى مناطق شرعب السلام امس، أخذ السكينة وطعن والده وأخوه وقتل أمه وذهب، ربما تمكن الأب من مقاومة ابنه، وفعل الأخ مثل ذلك، لقد نجوا من موت محقق، وظلت الأم، بجسدها النحيل وعينيها الغائرتين تواجه نهايتها المرّة ، ظلت خائرة القوى، مكسورة في صميم قلبها وعاجزة عن حماية نفسها، كانت تنظر في عيني ولدها وتتلقى الطعنات منه بصمت حتى فاضت روحها إليك يا الله. 

 

هل همست له بكلماتها المرتعشة: أني أمك..؟ هل ترجته ألا يؤذي صدرها الذي أرضعه يومًا، هل ودعته بنظراتها الأخيرة وتمنت له حياة طيبة..؟ 

أظنها فعلت، لكنها لم تتوقع أن تبلغ القسوة بولدها لدرجة القتل، ربما لم تتخيل أن يفعلها، ربما لم تسمع من قبل عن وحشية من هذا النوع، وربما استلطفته قليلًا وفشلت، وحين أحست بالموت في حلقها منحته وصيتها الأخيرة، ثم استسلمت هناك، عند عتبة البيت ونامت إلى الأبد. 

 

يا الله، ستصل إليك الأم مخضبة بالدم وستطلب منك أن تغفر لولدها، ستصل إليك ممزقة الجسد، حزينة تمسح دموعها، وتطلب الشفاعة لولدها، وكعادة الأمهات حين يبررن أخطاء أبناءهن ليحموهن من العقاب، ستبحث عن عذر تقدمه لك لتعفو عن ولدها، كي يخف وجعها قليلا. ولا أدري كيف يرتعش قلب الإنسان ويهوي إلى أعماقه حين يتخيل مشهد كهذا.؟ 

 

الجريمة مخيفة، من ذلك النوع الذي تنهار معه كل حدود الفظاعة المتخيلة، وتبلغ الوحشية مستويات غير متوقعة، وما هو مخيف أكثر ارتفاع هذا النوع من الجرائم بشكل مفزع، فلا تكاد تمر يوم دون خبر صادم يشبه هذه الحالة، وما يصلنا منها هو القليل، مقارنة بما يظل حبيس دائرة ضيقة ولا يصل للرأي العام. 

 

سقوط الدولة يفتح باب الجريمة بكل أبوابها، لم تعد الجرائم حالة فردية شاذة، الأمر أصبح يشبه الظاهرة، ولا يمكن فصل ما يجري عن حالة الخراب النفسي الذي نعيشه في الواقع، وتعمل الحروب والمآسي على تغذيته. 

من يصدق أننا بلغنا هذا المستوى الفادح من الوحشية، حياتنا تتسرب من بين أيدينا ومآسينا تجاوزت قدرتنا على إحصاءها، وكل يوم نتمزق أكثر وتنهار ثوابت الحياة دفعة واحدة. 

 

هو هو قاتل أم ضحية، هل قتل أمه أم قتل نفسه..؟ ماذا لو كُتب لك أن تعودين يا أماه، هل ستوافقين على قتل ولدك أو تنطربين لسماع الكلمات المؤذية بحقه.؟ 

 

سامحينا أيتها المرأة الطيبة، لم يقتلك ولدك فحسب، لقد قتلناك جميعًا، قتلك التأريخ الممزق لهذه البلدة، قتلتك الحياة المدمرة، قتلتك الدولة التي لم تبن مستشفى للأمراض النفسية، وقتلك الحكام السفلة حين أهملوا شؤون المجتمع ورعاية الإنسان، خلقوا المآسي وتركوا الناس فريسة للإحباطات والكربات حتى وصل الحال بالشاب أن يقتل أمه. أنا لا أبرر لولدك جريمة مصادرته لحياتك؛ لكنني لا أقوى على الاستعراض عليه، أشعر تجاهه بالشفقة الممزوجة بالقهر، أتصور الحادثة وأحس بمرارة في حلقي، تتوه مني الكلمات يا أمي، لا أدري كيف أعالج هزيمتي بالكلمات ولا أدري ماذا أقول.؟ 

 

كن رفيقًا بنا يا الله.