آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-01:45م

ملفات وتحقيقات


خالد اليماني .. استقالة بطعم الإقالة !!

الأحد - 16 يونيو 2019 - 09:11 م بتوقيت عدن

خالد اليماني .. استقالة بطعم الإقالة !!

(عدن الغد)خاص:

تقرير / محمد حسين الدباء

قدم وزير الخارجية خالد اليمني استقالته بعد أكثر من عام على تسلم منصبه بالتزامن مع توجه روزماري ديكارلو، مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى العاصمة السعودية الرياض، لبحث الأوضاع في اليمن.
أرجى موقع (العربي الجديد) استقالة اليماني إلى بروز تباينات خلال الأشهر الأخيرة بينه وبين الرئيس عبدربه منصور هادي، بالترافق مع تصاعد الانتقادات للجانب الحكومي واتهامه بالإخفاق في مسار مفاوضات السلام، إلى جانب تدهور العلاقة بين الحكومة اليمنية وبين الأمم المتحدة بوصفها الوسيط في السياق.
استقالة أم إقالة !!
يرى مراقبون أن استقالة خالد اليماني كانت بنكهة (الإقالة)، خصوصا أن الاستقالة لم تُعلن على حسابات الوزير الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعي، بقدر ما جرى تسريبها إلى وسائل الإعلام.
وأكد المراقبون استقالة (الإقالة) اليماني مرتبطة بالتطور اللافت وبين أزمة الحكومة مع الأمم المتحدة؛ إذ جاء الإعلان عنها بالتزامن مع توجه مساعدة غوتيريش إلى الرياض، حيث من المقرر أن تلتقي روزماري ديكارلو مع الرئيس هادي ومسؤولين سعوديين للتباحث بشأن الأزمة التي برزت بين الشرعية والمبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث؛ إذ إن الحكومة ترفض استقبال الأخير، ومنحته الشهر الماضي (فرصة نهائية) بعد أن اتهمته بارتكاب تجاوزات على ضوء التطورات المرتبطة باتفاق ستوكهولم بشأن مدينة وميناء الحديدة غربي البلاد.
وأوضح المراقبون السياسيون أن الخلاف بين هادي واليماني، والذي أدى إلى استقالة الأخير، قد جاء بسبب إخفاقات مرتبطة بإدارة الأزمة مع الأمم المتحدة، وبالتالي تسعى الشرعية بهذا التغيير إلى تعزيز موقفها ضد غريفيث، بما من شأنه إجراء مراجعات مرتبطة باتفاق الحديدة وبالموقف الأممي هناك، أو أن اليماني ذهب لتعود الأمور بين الشرعية والأمم المتحدة، إلى ما كانت عليه، في ظل الضغوط الدولية، والموقف الذي تبناه مجلس الأمن الدولي، بدعم المبعوث الأممي رغم تحفظات الحكومة على مواقفه الأخيرة.
ستوكهولم وفشل اليماني
وأرجعت المصادر سبب الاستقالة إلى (فشل اتفاق ستوكهولم للسلام)، مشيرة إلى أن توقيع الوزير خالد اليماني عليه بشكله الحالي أعطى الحوثيين طريقا للمراوغة في بنود الاتفاق الفضفاضة.
وأنقذ اتفاق ستوكهولم الحوثيين من الانهيار العسكري في الحديدة وأظهر أن صراع بين طرفين متكافئين وهو ما يشكل مكسبا تكتيكيا لهم باعتبار أن مشاركة المليشيا الحوثية في الاتفاق يعد بمثابة اعتراف دولي بها كطرف على الساحة الدولية بما يشرعن وضعها السياسي في مقابل الحكومة الشرعية، وهو ما يتجاوز المقررات الدولية لا سيما القرار 2216 الذي يوصف ما قامت به في 21 سبتمبر 2014 بأنه "انقلاب على الشرعية".
الحوثي يكافئ اليماني برسالة عفو !
وجه محمد علي الحوثي القيادي البارز في ميليشيا الحوثي الانقلابية دعوة إلى ‏وزير الخارجية المستقيل خالد اليماني للعودة إلى صنعاء الخاضعة لسيطرتهم، مخاطبا إياه "لا تثريب عليك يا خالد".
وقال عضو ما يسمى بـ(المجلس السياسي الأعلى) محمد علي الحوثي في حسابه على "تويتر": "قلنا سابقا إنه لا يمكن يمنحون الصلاحيات واليوم يبحثون عن لجوء بأمريكا".
وأضاف الحوثي: "نقول له عد إلى بلدك وعاصمتك التي عملت ضدها طيلة سنوات العدوان ونحن نقول لك لا تثريب عليك يا خالد".
وتابع قائلاً: "يؤسفنا أن نرى اليمنيين في مثل هذه الحالة وان كنت قد تقرأ ما كتبت ربما بلغة أخرى، لكن واجبنا الوطني أن نفعل هكذا".
اليماني برتقالة يمنية تم امتصاصها !
ومن جانبه علق الصحفي صلاح السقلدي على استقالة خالد اليماني بقوله: "خالد اليماني برتقالة يمنية تم امتصاصها خليجيا حتى الجفاف قبل أن يتم رميها بأقرب مكبّ نفايات".. مؤكدا أن كثيرا من التفسيرات داخل الشرعية أرجعت سبب إقالة وزير الخارجية اليماني إلى سبب أن الرجل كان مهندسا لاتفاق أوسلو الذي تعتبره الشرعية انتصارا سياسيا للحوثيين وأنه - أي اليماني - لم يحدد مؤخرا موقفا صارما من المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفيت الذي تتهمه الشرعية بالانحياز إلى جانب الطرف الآخر "الحوثيين".. في وقت تتهم فيه هذه الشرعية الحوثيين بأنهم يقفون ضد تنفيذ هذا الاتفاق, في تناقض صارخ لخطابها السياسي والإعلامي، فهي في الوقت الذي تعتبر فيه اتفاق أوسلو أتى لمصلحة الحوثيين فأنها تتهمهم بعرقلته, وأنها هي من يسعى لتنفيذ هذا الاتفاق الذي ترى فيه كارثة سياسية وخدمة مجانية لخصومها.
وأشار السقلدي إلى أن اليماني مثله مثل ممن سبقوه فشل بمهمته أو بالأحرى أفشل من قبل سلطة هي بالأصل فاشلة ومسلوبة القرار السياسي والإرادة الوطنية بعد أن تم استخدامه من قبل التحالف هو والسلطة التي يمثلها.. مؤكدا أن اليماني أكد أكثر من مرة أن الحرب تشارف على نهايتها وأن الحوار هو السبيل الوحيد للخروج من هذه الدوامة كان ضحية موقفه هذا من قبل جهات يمنية يتملكها الهلع من أي حديث عن وقف الحرب التي ترى في وقفها نهاية لمستقبلها السياسي ونهاية لمصدر رزقها وتكسبها المالي والمادي. أما موقف التحالف" السعودية والإمارات" من اليماني فهو لا يبعد كثيرا من موقف الشرعية ، فهذا التحالف يرى منذ شهرين تقريبا ضرورة ازاحة الرجل من المشهد لموقفه المهادن لموقف جريفيت والأمم المتحدة ،مع أن السعوديين قبل أيام اشادوا بموقف المبعوث الأممي- بحسب مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية روزماري ديكارلو التي زارت الرياض والتقت بالرئيس هادي, ومن موقفه أي اليماني المتذمر من إعادة تفعيل دور مجلس النواب وإعادة رموز المؤتمر الشعبي العام الى الواجهة مرة أخرى.
نتنياهو واستقالة اليماني
من سقطات خالد اليماني في مسيرته القصيرة في منصب وزير الخارجية اليمني، والتي كان لها دور محوري في تراجع حظوظه بالبقاء في المنصب، مشاركته في مؤتمر وارسو الذي انعقد فبراير الماضي؛ إذ جلس في المعقد المجاور لنتنياهو، على نحو بدا أقرب إلى رسالة (تطبيع)، خصوصا أن اليماني قام بإعارة ميكروفونه لنتنياهو، بعد أن ادعى الأخير، أن الميكرفون الخاص به معطل، وهو ما أدى إلى ردود فعل يمنية وعربية ساخطة، وصلت إلى المطالبة بإقالة اليماني.
اليماني ووزارة الخارجية
خلافا لأغلب الوزراء والمسؤولين اليمنيين، الذين صعدوا من خلفيات حزبية أو سياسية متنوعة، وصل اليماني إلى منصب وزير الخارجية باعتباره أحد موظفي الوزارة الذين تدرجوا في السلم الوظيفي، وجاء تعيينه خلفا لوزير الخارجية السابق عبدالملك المخلافي، بما يتمتع به الأخير من تاريخ وخبرة سياسية لعقود، جعلت من تغييره واستبداله باليماني، بنظر بعض اليمنيين، خطوة غير محسوبة من قبل الشرعية، منذ البداية.
ولد خالد حسين محمد اليماني، في مدينة عدن عام 1960، ونال الشهادة الجامعية ودرجة الماجستير في الصحافة من جامعة هافانا بجمهورية كوبا عام 1990، وإلى جانب لغته العربية، يجيد اليماني الإنجليزية والإسبانية، وعمل منذ عام 2003 متخصصا ومساعدا في مكتب وزير الخارجية عن ملف العلاقات اليمنية مع دول الأميركيتين.
اعتبارا من العام 1991، بدأ خالد اليماني العمل في الإصدارات الإعلامية الخاصة بالوزارة حتى عام 1994، ثم مسؤولا عن ملف أفريقيا في مكتب وزير الخارجية حتى عام 1998، ثم مسؤولا سياسياً وإعلامياً في سفارة اليمن بماليزيا، حتى عام 2000، ثم في المنصب نفسه ولكن في سفارة اليمن لدى واشنطن حتى عام 2003.
وعقب ذلك، عُين في عام 2005 وحتى 2009 نائبا لسفير اليمن لدى بريطانيا، ثم نائبا لمدير مكتب وزير الخارجية، ولاحقا عمل بين أكتوبر 2009 وحتى ديسمبر 2010، كبيرا لمفاوضي الوفد الدائم لليمن لدى الأمم المتحدة في نيويورك، وفي الفترة من 2011 وحتى 2012، عمل نائبا لرئيس دائرة مكتب وزير الخارجية ثم رئيسا للمكتب حتى عام 2013.
واعتبارا من يوليو 2013 وحتى ديسمبر 2014، عمل اليماني نائبا للمندوب الدائم لليمن لدى الأمم المتحدة، ثم مندوبا دائما خلفا لخالد بحاح، الذي عُين أواخر عام 2014 رئيسا للحكومة، ونال اليماني درجة وزير مفوض عام 2009 ودرجة سفير في وزارة الخارجية بقرار جمهوري عام 2014.
وقبل تعيينه وزيرا للخارجية، كان المنصب الأهم الذي شغله اليماني، مندوبا دائما لليمن في الأمم المتحدة، خلال السنوات الأخيرة، وقد عين الرئيس اليمني في نوفمبر 2018، محمد عبدالله الحضرمي، نائبا لوزير الخارجية، وهو القرار الذي بدا مؤشراً على بدء تدهور العلاقة بين الرئيس والوزير المستقيل، علماً أن الأخير أطاح بأحد رجال هادي، وهو أحمد عوض بن مبارك، من منصبه كمندوب دائم لليمن في الأمم المتحدة، بعد أن كان بن مبارك يشغل المنصب إلى جانب كونه سفيراً لليمن في واشنطن، وهو المنصب الذي لا يزال يشغله حتى اليوم.