آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-12:26ص

أدب وثقافة


قصة غريبة

الخميس - 06 يونيو 2019 - 05:44 م بتوقيت عدن

قصة غريبة

بقلم: ناصر الوليدي

خذ هذه القصة الصحيحة المتصلة السند الثقات رواتها، بل أن صاحب القصة لا يزال على قيد الحياة :

قال الشيخ (صالح ):
كنا نعيش في قرية. ...... شرق مودية بمحافظة أبين، وكان عمري حينها أقل من عشرين سنة قليلا.
حيث كانت لنا أرض فيها زراعة وكنت أنا أحرسها من القرود ومن أغنام البدو، فكنت أقضي معظم الوقت فيها من شروق الشمس إلى بعد غروبها، وكان أبي يناوبني أحيانا ويحضر لي وجبة الفطور والغداء من البيت إلى الأرض.
وفي يوم من تلك الأيام، ذبح أبي كبشا سمينا ذا لحم وفير، ومع قت الغداء حمل إلي إناءا كبيرا مليئا باللحم والمرق بالإضافة إلى خبز(المخلم)، فلما قطع أكثر المسافة من البيت إلى الأرض مر بجانب سدرة كبيرة فلمح أنه يستظل في ظلها رجل بدوي يلبس إزارا(معوز) دون شميز، فلما تجاوزه أبي، ناداه البدوي : يا عبد الله يا عبد الله هل سأجد معك ما يمكن أن تطعمنيه؟ فإني منذ صباح الأمس ماذقت لقمة واحدة .
قال : فعرج إليه أبي وجلس معه في الظل وأخرج له من اللحم والخبز والمرق ما أكل منه حتى شبع وتصبب عرقا من الشبع، فلما لعق أصابعه وقف قائما واتجه نحو القبلة ورفع كفيه وقال : اللهم اغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وارفع درجته وأنزله أعلى الدرجات .. وأخذ يدعو بدعاء كثير.
قال الراوي : ثم جاءني أبي وأكلنا وشبعنا وزاد من ذلك شيء، ثم قص لي أبي قصته مع هذا البدوي
ومرت السنوات سنة بعد سنة وذهب أبي إلى ربه بعد مرض ألم به، ولم تلفت نظري قصة هذا البدوي لأنها قصة عادية تحدث كثيرا في منطقتنا فإطعام الطعام عادة منتشرة يمارسها الغني والفقير .
وبعد سنوات من موت أبي:
كنت ذات ليلة نائما في غرفتي فرأيت في المنام أبي يدخل غرفتي نفسها ويتجه إلي ويجلس عند قدمي ثم يلطم قدمي بيده ويقول : صالح . صالح ، أنا بوك قم قم، فرأيت أنني جلست في فراشي فقال لي : صالح هل تذكر قصة البدوي الذي أطعمته اللحم والمرق والخبز عندما كنا نحرس الأرض،
قلت : نعم. نعم. أتذكرها.
قال : فإن الله قد غفر لي جميع ذنوبي وأنزلني أحسن المنازل بإطعام ذلك البدوي الجائع ودعائه.
فلما قال أبي ذلك نهضت من النوم وكأنني أحس بوجود أبي معي في غرفتي من غرابة الرؤيا.
قال : ثم انتقلت إلى عدن وسكنت في الممدارة وبعد عشرين سنة من إقامتي في عدن رأيت أبي في المنام يفتح باب غرفتي في بيت الممدارة ويجلس عند قدمي ويلطمهما ويناديني ::صالح صالح قم قم، فرأيت أني جلست على فراشي فقال لي : صالح هل لا زلت تتذكر قصة البدوي الذي أطعمته اللحم والمرق والخبز عندما كنا نحرس الأرض ؟
قلت : نعم. نعم أتذكرها.
قال : فإن الله قد غفر لي جميع ذنوبي وأنزلني أحسن المنازل بإطعام ذلك البدوي الجائع ودعائه.
فلما قال أبي ذلك، نهضت من النوم وكأنني أحس بوجود أبي معي في الغرفة من غرابة الرؤيا تلك.