آخر تحديث :الخميس-25 أبريل 2024-08:19ص

أدب وثقافة


الطلقة الأخيرة

الإثنين - 27 مايو 2019 - 12:30 ص بتوقيت عدن

الطلقة الأخيرة

كتب / عصام مريسي

أشتد هبوب الرياح وحجبت الرؤية وشدد العدو هجومه على مواقع المقاتلين وأحكم تسديد الأهداف بتوجيه ضربات موجعة ،سقط الشهداء تلو الشهداء وكلما غير المقاتلين مواقعهم تبعتهم قذائف العدو وكأنها موجهه بتوصيف دقيق, ما زالت الرياح تقذف بالغبار وتحجب الرؤية وما زالت قذائف البغاة تقتنص الأبطال لكن العزائم ما زالت تتوهج وتلتهب لاستئصال شرذمة الاعداء وتطهير البلاد ، قائد المجموعة شاب ذو عزيمة صلبة واصرار على الانتصار فهو ينطلق هنا وهناك بين المقاتلين يتفقد أحوالهم ويشد من عزائمهم لكن القلق قد تسرب إليه كيف اصبحت كل ضربات الأعداء مركزة ولا تخطئ أهدافها في الأمر سر هكذا كان يحدث نفسه .

لا تزال الرياح تعصف والغبار يملأ الساحات وتنعدم معه الرؤية والقائد البطل يتنقل بين مواقع الجبهة التي يشرف عليها ويقود مجوعتها حتى يقدم على مجوعة من أفراد فصيلته يسألهم عن المعركة:

كيف المعنويات ؟ هل من نواقص

بصوت موحد تنطلق حناجر المقاتلين وبعزائم قوية يجيبون قائدهم:

المعنويات عالية .. والنصر بأذن الله حليفنا

ومن بين العزائم الملتهبة ينبري صوت متلعثم يحاول هزَّ العزائم المتصاعدة:

لكن الذخير توشك أن تنتهي .. والطرف الأخر يملك الكثير ويبدو أن التعزيزات تتوالى عليهم

بعزيمة واثقة بالنصر وقدرات المقاتلين وصمودهم يدوي صوت القائد الشاب ليزيد المقاتلين حماسة:

ما يمتلكه المقاتلون من عزائم  أقوى من طلقاتهم ومدافعهم

ينصرف القائد نحو المؤخرة في الجبهة ليعود بما تيسر من طلقات يجدها يعيد لأصحاب النفوس المهزومة شيء من الثقة المفقودة ليهم  فلم يجد سوى أخر طلقة من صاروخ الأر بي جي يحتملها على كتفة ليعود إلى ثغرة الجبهة التي أقلقه حال المقاتل فيها وكان صاحبه الذي لمس تغير في همته ’ ما زالت الرياح الموسمية في أغسطس تعصف بحبات الرمال فتهيجها حتى تغطي الأفق بهالة من العتمة المغبرة وقبل أن يصل يسمع المقاتل يتحدث رغم عدم وجود أحد غيره معه ، كان يريد أن يقاطعه ما زاحاً هل أصابه الجنون وقبل أن يطلق مزاحه تصل إلى مسامعه بعض العبارات التي توحي بالخيانة :

الجبهة تكاد تكون خاوية .. يمكنكم التقدم والسيطرة

تلك العبارات وقعت في صدر القائد كصواريخ هشمت كل معنى للصداقة والوطنية والأمانة

يحس المقاتل بقرع أقدام القائد فينهي المكالمة ويعيد جهاز الاتصال إلى جيبه ويبادر بالسؤال :

هل وجدت ذخيرة نستطيع أن نكمل بها المعركة

يرشق القائد صديقه المقاتل المنهزم برصاص عينيه قبل أن يبادره بالإجابة حتى يرتبك الصديق الخائن وهو يضع كلتا أصابع يديه على أدنية ويحاول الفرار بنظره عن عيني زميله القائد:

نعم وجدت أخر طلقة ولكني سأوجهها إلى صدرك . بعد أن تسلمني جهاز الاتصال 

بعد أن يستلم جهاز الاتصال يوجه الاتصال إلى الأعداء ويرسل لهم رسائل صوتية:

عليكم التراجع فقد وصلت تعزيزات للفصائل المرابطة معززة بالدبابات والمدافع ربما يصل التعزيز إلى حجم لواء وبعد قليل سينطلق سلاح الجو لمحاصرتكم عند التراجع .. للأهمية عليكم الانسحاب الفوري وترك كل المواقع التي وصلتوا اليها

والجندي الخائن مازال منكسر العينين منتظر الجزاء ، يحمل القائد سلاحه ويوجهه صوب صدره ويطلق الرصاصة الأخيرة التي تدوي الساحة ويظن الأعداء أن التعزيز قد وصل وتتطاير أشلاء الخائن تتطاير فتقع على الصخور المحيطة , تنسحب جحافل الاعداء تاركة عتادها وذخيرتها لتغتنمها القوات المدافعة وتصل التعزيزات لتتقدم الجموع وتحتل المواقع التي خلفتها قوات الأعداء بعد انسحابها.