آخر تحديث :الخميس-25 أبريل 2024-12:10ص

اليمن في الصحافة


اليمن: المنظمات الإغاثية الدولية والمحلية “ثقب أسود” يبتلع المساعدات الإنسانية

الأحد - 21 أبريل 2019 - 05:05 م بتوقيت عدن

اليمن: المنظمات الإغاثية الدولية والمحلية “ثقب أسود” يبتلع المساعدات الإنسانية

(عدن الغد) العربي الجديد

 

بلغ الفساد في أروقة المنظمات الإغاثية الإنسانية الدولية والمحلية مبلغا فجّر غضب الشارع اليمني، ودفع بالكثير من النشطاء الإعلاميين إلى إطلاق حملة للمطالبة بضرورة الكشف عن مصير الأموال الطائلة التي صرفت لليمن كمساعدات إنسانية خلال سنوات الحرب المنصرمة، فيما لم يصل منها للمحتاجين سوى النزر القليل والفتات الذي لا يكاد يذكر.

وفي حين يتم الإعلان بشكل مستمر من قبل الأمم المتحدة والوكالات التابعة لها عن تخصيص مئات الملايين من الدولارات لعمليات الإغاثة في اليمن، لا يرى المحتاجون أثرا لها على الأرض بشكل ملموس. ويرى الكثير من النشطاء الإعلاميين في اليمن أن الإغاثة الدولية لليمن لا تتوازى والضجيج الإعلامي، الذي تقوم به الوكالات التابعة للأمم المتحدة، حيث لا يصل إلى المستحقين الفعليين سوى الفتات، فيما تضيع الغالبية العظمى من هذه المساعدات في “ثقب أسود” بين جيوب العاملين في المنظمات الإغاثية الدولية والمحلية وبين جيوب مسؤولي السلطات المحلية، سواء الحوثيين أو الحكوميين.

وأصبحت قضية المساعدات الإغاثية الدولية حديث الشارع اليمني هذه الأيام بعد أن طفح الكيل لديهم من كثرة ما يسمعونه من هذه المساعدات الدولية لليمن، في حين لا يصل شيئا إليهم ولا يلمسوا منه سوى الفتات الذي لا يسد رمق الجوعى ولا ينقذ حياة المحتاجين، وأصبحت روائح الفساد المحلي والدولي بشأن المساعدات لليمن تفوح في الأفق، خاصة في ظل الغموض وعدم الشفافية في ذلك، وهو ما دفع الكثير من الدول المانحة إلى الإحجام عن الوفاء بالالتزاماتها ودفع المزيد من الدعم الإنساني لليمن.

وللقيام بلفت الأنظار إلى هذه القضية دشن بعض النشطاء اليمنيين حملة إعلامية عبر وسائل التواصل الاجتماعي أسموها باللهجة المحلية “#وين_الفلوس” وبالانكليزية “#YemenNGOBlackhole” وذلك للمطالبة بكشف الفساد المنظم لدى المنظمات الإغاثية الدولية والمحلية وضرورة الشفافية في أدائها والكشف عن المبالغ التي ابتلعتها قيادات وموظفي هذه المنظمات على حساب من تتباكى هذه المنظمات باسمهم في وسائل الإعلام من أجل استجداء عواطف المجتمع الدولي للمزيد من الدعم لليمن.

ونشرت هذه الحملة للنشطاء اليمنيين قائمة بأسماء 62 منظمة دولية ومحلية ممن تلقت مبالغ خيالية من الدعم الدولي باسم الإغاثة لليمنيين المحتاجين وفي مقدمتها المنظمات التابعة للأمم المتحدة، وطالبت المنظمات بضرورة الكشف عن مصير هذه المبالغ التي ابتلعها “الثقب الأسود” لهذه المنظمات والتي لا يصل منها للمحتاجين سوى العشرين في المئة منها.

وذكرت أن هذه القائمة من المنظمات الدولية والمحلية تلقت منذ بداية الحرب نحو 23 مليار دولار لتمويل المساعدات الإغاثية لليمن، منها قرابة نصف مليار دولار خلال الربع الأول من العام الجاري وفقا لما هو معلن رسميا، ولكن لا يعرف أين مصير هذه المبالغ في ظل عدم الشفافية في انفاقها والوجهة التي وصلت إليها فيما السكان المحتاجون يموتون جوعا ومرضا كل يوم.

وطالبت الحملة المنظمات الدولية والمحلية بضرورة الشفافية في أدائها ونشر تقاريرها المالية لمعرفة أين وصلت هذه المساعدات، كما طالبت الدول المانحة بعدم منح المنظمات الدولية المزيد من مبالغ الدعم لأعمال الإغاثة في اليمن ما لم تقم بإخلاء العُهد المالية السابقة لديها، وتقديم تقارير مالية دورية.

وكان مسؤول في مكتب برنامج الغذاء العالمي في اليمن اعترف ان البرنامج تلقى خلال سنوات الحرب أكثر من ثلاثة مليار دولار لصالح أعمال الإغاثة الإنسانية في اليمن، وأن برنامج الغذاء صرف من إجمالي هذا المبلغ ما نسبته 6,5 في المائة للنفقات التشغيلية والإدارية للمنظمة، فيما تتجاوز النفقات التشغيلية لبعض الدولية المنظمات الأخرى 10 في المئة، أما المنظمات المحلية والتي تتلقى تمويلاتها من المنظمات الدولية كمنظمات وسيطة لتنفيذ عمليات التوزيع على أرض الواقع فتصرف من المبالغ التي تتلقاها أكثر من 20 في المئة للأعمال الإدارية والنفقات التشغيلية، غير عمليات الاحتيال والنصب وما يرافق ذلك من فساد مالي.

وعلمت “القدس العربي” من مصادر مقربة من بعض المنظمات الدولية العاملة في اليمن أن أغلب أموال المساعدات الإغاثية المخصصة لليمن تتلاشى عبر فساد هذه المنظمات، وتضيع في أروقة شبكات أصحاب النفوذ وأصحاب المصالح المرتبطة بهذه المنظمات في الداخل والخارج، بدءا من المسؤولين في الدول المانحة وبالذات الخليجية منها، حيث يحصلون على عمولات ورشوات كبيرة مقابل الموافقة منهم على تخصيص مبالغ مالية لبعض المنظمات، في حين يضيع جزء كبير أيضا من تمويلات هذه المساعدات للمسؤولين المحليين في طرفي السلطة المسيطرة على الأرض في اليمن، أي أمراء الحرب في الطرف الحوثي والحكومي.

وكشف أن المنظمات الدولية العاملة في اليمن ينخرها الفساد إلى حد كبير ولكنه يظل محدودا لا يتجاوز 20 في المئة، ولكن المشكلة الأكبر أن أغلب تمويلات المساعدات الإنسانية تضيع لدى الأطراف المنفذة على أرض الواقع، من قبل المنظمات المحلية الشريكة للمنظمات الدولية، والتي غالبا ما يملكها من الباطن مشرفون حوثيون في مناطق سيطرة جماعة الحوثي ومسؤولون حكوميون في الطرف الآخر.