آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-11:23ص

ملفات وتحقيقات


اللاجئون الأفارقة كالمستجير من الرمضاء بالنار : هربوا من جحيم الموت إلى القسوة والتشرد في اليمن

السبت - 20 أبريل 2019 - 07:11 م بتوقيت عدن

اللاجئون الأفارقة كالمستجير من الرمضاء بالنار : هربوا من جحيم الموت إلى القسوة والتشرد في اليمن

عدن(عدن الغد)خاص:

رصد / الخضر عبدالله :

ازداد عدد اللاجئين الافارقة المقبلين من السواحل اليمنية  في هذه الفترة بالتحديد والتي تمثل موسما لتهريب الافارقة بحرا ، في رحلة أشبه ما تكون بالمغامرة باتجاه الموت.

وبات اليمن،، ورغم فقره، وجهة مفضلة للاجئين الهاربين من الموت في دول شرق إفريقيا، كي يستقروا في اليمن أو يعبروا منه باتجاه دول الخليج. لكن الوضع بات مأساويا .. صحيفة " عدن الغد " رصدت بعض حالات اللاجئين الذين التقتهم وهم يعبرون من مدينة عدن إلى أبين ..   

موسم التهريب يودي بحياة أعداد من البشر :

قالت الأمم المتحدة  في تقرير لها نشر مؤخرا "إن موسم التهريب يودي بحياة أعداد من البشر في خليج عدن، حيث يستقل صوماليون وإثيوبيون زوارق ترغمهم طواقمها في كثير من الأحيان على النزول منها بعيدا عن الشواطئ اليمنية"

ليس لدي خيار إلا الهجرة :

"الموت أو الرحيل.. لم يكن لدي خيارٌ آخر حين قررت الهجرة من بلدي إلى اليمن"، يستهل الشاب الصومالي  يافث سيمو (28عاماً) -والذي تعكس ملامحه حالته البائسة- حديثه مع " عدن الغد " ، ويقول: "عزمت الرحيل وأنا أحلم بحياة أفضل، لكن لا شيء تحقق حتى الآن".

اضطر سيمو لسلوك طرق غير شرعية كي يصل إلى اليمن، بعد أن قرر ذلك مع أصدقائه الذين هاجروا معه آملين الحصول على فرصة عمل جيدة. مع احتمال مواصلة الرحلة إلى السعودية ففرص العمل هناك متاحة بشكل أكبر. لكن جميع أحلامهم ذهبت أدراج الرياح في أول ساعة حطت فيها أقدامهم شواطئ مدينة احور وشبوة .

مآسي نزوح تتكرر :

يظل اليمن أشبه بهمزة الوصل، وتبقى الحدود اليمنية، مع السعودية من جهة و مع دول القرن الإفريقي من جهة أخرى، ممرا لعبور الهجرات غير الشرعية التي تودي بحياة العديد من اللاجئين. فحالات غرق مراكب المهاجرين السريين من الصومال وإثيوبيا وإريتريا إلى الشواطئ اليمنية كثيرة، وماتزال تلك الرحلات الخطرة مستمرة حتى اليوم بالرغم من مواصلة الحرب في اليمن.

في المقابل تقول إحصاءات رسمية إنه يجري تهريب المهاجرين الأفارقة، والذين تتراوح أعدادهم بين 200 إلى 500 شخص يومياً، على متن قوارب من السواحل الصومالية والإريترية إلى السواحل اليمنية. ومن ثم يتوجهون سيراً على الأقدام أو بواسطة ناقلات خاصة بمهربين إلى الحدود البرية الوعرة بين السعودية واليمن للتسلل إلى المناطق الجنوبية للمملكة العربية السعودية.

مراكب  منها ما يوصل ومنها ما يتحطم :

و يرجع كثيرٌ من مسؤولي المنظمات الدولية أسباب استمرار رحلات المهاجرين غير الشرعيين إلى اليمن، رغم انفجار الأوضاع في اليمن، لأسباب تتعلق بقدرة زعماء شبكات التهريب في إقناع زبائنهم بالهجرة والتقليل من خطورة الوضع في اليمن، فضلاً عن الآمال العريضة والوعود الكاذبة التي يحتال بها المهربون على المهاجرين، بقدرتهم على إيصالهم من اليمن إلى السعودية، عن طريق عملاء لهم في الحدود الفاصلة بين البلدين.

احتيال مالي وانتهاكات مروعة :

 

وفي ظل هذا الواقع يجد كثير من المهاجرين أنفسهم فرائس سهلة لشبكات التهريب ويتعرضون لانتهاكات مروعة أثناء رحلاتهم أو بعد وصولهم إلى اليمن، هذا إن حالفهم الحظ ولم يموتوا غرقاً في البحر بسبب تهالك القوارب التي يتم فيها نقل النازحين.

احتيال المهربون :

في حديث  لمحرر صحيفة " عدن الغد "  يقول اللاجئ الاثيوبي اقبال يوسف  : "يحتال المهربون في الكثير من الأحيان على الأشخاص الراغبين في دخول السعودية، إذ يطلبون منهم دفع مصاريف الرحلة مقدماً ومن ثم يتركونهم على الشواطئ اليمنية".

مأساة نازحة :

وفي قصة مأساة نزوح مروعة حدثت لسيدة إثيوبية، طلبت منا عدم الإفصاح عن اسمها والاكتفاء بالرمز إليه (ك.س). تقول السيدة: عزمت الهجرة من أديس أبابا بعد اتفاقي مع مهرب لإيصالي إلى الصومال ثم إلى اليمن.

وتواصل في الحديث قائلة :"اصطحبني المهرب مع مجموعة من الشباب والشابات إلى سيارة مغلقة لا يكاد يدخل فيها الهواء وانطلق بنا ليلاً بسرعة جنونية إلى أن وصلنا الصومال. غير أنه بعد أن أوصلنا إلى الحدود الصومالية عاد مرة أخرى يطالبنا بدفع مبلغ إضافي مقابل الوصول إلى الشواطئ اليمنية. وعندما علم أنني الوحيدة التي لم تعد تمتلك النقود رمى بي في منطقة مشبوهة، يكاد يكثر فيها البلاطجة والمدمنين".

وتتابع حديثها، بنفس متقطع والدموع تسيل من عينيها، "لقد تم الاعتداء عليّ جنسيا، وتناوب على اغتصابي عدد من المدمنين. كنت لا أزال بكراً. عانيت ذلاً كثيراً حتى تمكنت من جمع تكاليف الرحلة ومواصلة طريقها عبر البحر لتصل شواطئ المكلا بعد ثلاثة أيام.

الحياة من اجل البقاء :

فاقمت الحرب في اليمن من أوضاع اللاجئين. وفي نهاية شهر مارس/آذار الماضي تعرض مخيم النازحين (المرزوق) للقصف، ما أسفر عن مقتل 45 شخصاً على الأقل، وإصابة 65 آخرين. في حين دمرت الحرب في مدينة عدن جنوب البلاد نحو 150 مسكناً من مساكن اللاجئين في حي البساتين، وتشير الإحصاءات الميدانية إلى أن قرابة 350 لاجئاً صومالياً لقوا حتفهم أثناء الحرب بين الحوثيين وقوات الرئيس هادي في المناطق الجنوبية لليمن، في المقابل أصبحت قدرة المنظمات الإنسانية على تقديم المساعدات والخدمات للمهاجرين في ظل الحرب صعبة للغاية.

العمل أفضل من الجوع :

تكاد تكون فرص اللاجئين الأفارقة بالحصول على فرص عمل في اليمن محدودة للغاية. ومن يحالفه الحظ يعمل بأجرٍ لا يتجاوز 30 دولاراً في الشهر، فضلاً عن ممارسة كثير من اللاجئين لمهن بسيطة كغسل السيارات، أو الاتجاه إلى التسول.

أحلام ضائعة وفقدان أمل :

ويرغب كثير من اللاجئين الأفارقة المتواجدون حالياً في اليمن اللجوء إلى دول أخرى أو العودة لأوطانهم، بعد تفاقم أوضاعهم جراء الحرب التي طال أمدها في هذا البلد الفقير.

السيدة مارية سيف ، عندما التقتها " عدن الغد " في إحدى شوارع مدينة عدن كانت تبكي وهي تحتضن طفلها الرضيع. تقول: "ما عدت أحتمل البقاء في ظل هذه المأساة والتعب "، مشيرة إلى أنها جاءت إلى مكتب المفوضية لمطالبة المسؤولين لنقل لجوئها إلى أي بلد آخر. في حين يقول طارق من الصومال : إن هناك العديد من اللاجئين تحطمت أحلامهم، فهم لم يستطيعوا الحصول على فرصة حياة كريمة في اليمن ولا مواصلة رحلتهم نحو دول الخليج الغنية. وما يتمناه طارق ورفاقه من اللاجئين هو العودة إلى الوطن. لكن تكاليف الرحلات باهظة بسبب ارتفاع أسعار الوقود والحصار المفروض على اليمن.