آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-10:52ص

حوارات


في حوار مع "عدن الغد".. رانيا عبد الله: الكتابة هي استراحتي من زحمة الواجبات وروتينية الحياة

الجمعة - 05 أبريل 2019 - 05:56 م بتوقيت عدن

في حوار مع "عدن الغد".. رانيا عبد الله: الكتابة هي استراحتي من زحمة الواجبات وروتينية الحياة

عدن(عدن الغد)خاص:

 

 

حاورها/ سعيد المحثوثي

 

رانيا عبدالله فتاة ولدت ونشأت في عدن الجمال والثقافة وتشعر تجاه ذلك بالمسؤولية لإعادة هذين الوجهين لمدينتها بعد أن طُمسا، فتسعى للمساهمة بنشر الوعي الثقافي باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

عضو في مبادرة آفاق الثقافية التي تُعنى بنشر الوعي بأهمية القراءة.

مؤمنة بذاتها و بما تصنعه الإرادة و العقل في تجاوز مايسمى بالمستحيل إن استخدما بالشكل الصحيح...كما تؤمن بأن الكلمة مفتاح الفعل، وبدورها في عصر التفت فيه العالم للحرب الباردة باستخدام الكلمة، ونسي أن الكلمة يمكن أن تستخدم بالحد الآخر لها كعامل رئيسي في رفعة الإنسان وتقدمه وتمكينه من مهمته الأسمى في الوجود وهي خلافة الأرض؛ لا هدمها.

أديبة وقاصة نُشرت لها العديد من المقالات والقصص والخواطر في الصحف والمواقع المحلية والعربية، وصدرت لها مؤخراً مجموعة قصصية موسومة ب (وقع أقلام).

علاقتها بالأدب بدأت مبكراً منذ الطفولة حيث شغفت بقراءته ولمع في وجدانها انتماؤها إليه وأطلقت لخيالها العنان في سمائه، بدأت تمارس كتابته كطالبة مدرسية يثنى عليها من قبل معلماتها فيما تخط وتسعد هي بفرص مرسومة بممارسة خَطِّه، أما أولى محاولاتها المستقلة فكانت بكتابة الرسائل للصديقات ثم بداية المشوار مع القصة القصيرة.

لفت انتباهها دائماً فن القصة القصيرة، فكانت تمسك الصحيفة فتقلبها رأساً على عقب لتكون بداية القراءة قصة قصيرة تجدها هنا أو هناك، تفكر في المغزى وتعيد القراءة مستمتعة بالصياغة والزخرف الأدبي الرشيق الذي تمتاز به القصة القصيرة، ثم بدأت تحاك في فكرها ووجدانها قصص كثيرة كانت أول من تحرر منها إلى الورق قصة بعنوان (عاد ليختنق) مازالت محتفظه بها حتى الآن.. كان لنا معها هذا الحوار الشيق الماتع .. فأهلا وسهلا:

 

■ما هي قصة كتاب وقع أقلام؟ وعن أول قصة نشرت لك حدثينا؟

-وقع أقلام قصة قلم بدأ يقع على الورقة مبكراً، يتعثر وينهض ويمضي في طريقه سنة تصافح تاليتها حتى عانق وقعه دفتي كتاب، فكان نتاجاً للتجربة والفكرة والقراءة والخيال ومايترسخ من شعور في الوجدان، حوى عنواين مختلفة كتبت بفن القصة القصيرة لقناعة بحرفية هذا الفن في إيصال الفكرة بتركيز فلسفي وقرع باب الشعور في خفة ورشاقة.

واجه التعثر في خروجه إلى النور لكن بفضل الله تجاوزه بإشراف أستاذي القدير ناصر الوليدي الذي بدد كل ظلمة اعترضت طريقه فهو من رافقه منذ البداية إشرافاً ونصحاً وهو أيضاً من قام بنشر أول قصة قصيرة منه في الصحف بدايةً للمشوار الذي تكلل اليوم بالنشر ككتاب.

 

■ لماذا لم تبرز في الساحة الأدبية اليمنية أديبات مثل رضوى عاشور وأحلام مستغانمي وغيرهن من أعلام الأدب العربي؟

 

-- إن كنا سنقارن فلنوسع الصورة أكثر للمقارنة، فالأدب جزء لا يتجزء من بيئته فللإنصاف دعنا نقارن بين البيئة اليمنية والبيئة المصرية والجزائرية من جميع النواحي، تعليمية وفكرية واجتماعية وستجد الفرق الشاسع، وإن كان الأساس الفطري متساوي من ناحية الموهبة؛ لكن تبقى البيئة عامل أساسي ومؤثر في تطورها، وأظن أن ذلك ينطبق أيضاً على الأدباء الذكور؛ ومع هذا فأنا لا أستبعد أن تخلق هذه البيئة في زمن العولمة أديبات يتجاوزن رضوى ومستغانمي؛ بل وأكاد أجزم أنه أمر وارد جداً لأني أرى بوادر مبشرة بذلك.

 

 

■أين موقع المرأة في الأدب العربي ؟

-موقع المرأة العربية في كل ميادين الحياة موجود ويتسع يوماً بعد آخر ويتقدم، وموقعها في الأدب رغم كل القيود التي تكبلها بارز ومميز عن شقيقها الرجل لكونها برأيي تتخذه بعد نضال مضاعف، فنحن نعلم جيداً أن المرأة تعاني في مجتماعتنا الكثير بسبب خلط الدين بالعادات والتقاليد لتقيد كل يوم بفتوى مجتمعية ديننا الحنيف بريء منها ولاتمت له بصلة، فنحن نعيش في مجتمع اعتاد وضع المرأة تحت مجهر العيب والعار والمطلوب أن تبقى بلا حراك لأن أي حركة منها ترصد في إطاره.

ومع هذا فهي تتحفنا دوماً بقلمها الأنيق، النابض بالإحساس والمرصع بالرزانة المحاكة بدقة العقل بتحفة أدبية تخلد اسم المرأة في عالم الأدب بماء الذهب ولنا في رضوى عاشور ومي زيادة وغادة السمان خير الأمثلة.

 

■يقولون إن الكتابة تولد بالفطرة ثم بعد ذلك يتم صقل الموهبة بالأدوات فما رأي أديبتنا بهذا؟

-أتفق تماماً مع هذا القول، فبرأيي أن الفنون بصفة عامة هِبَة ربانية كبذرة يختار الله عز وجل أين يضعها ولا تنمو وتصبح شجرة مثمرة إلا بالرعاية وأشعة شمس، فالكتابة فن وأخص منه الجانب الأدبي لكونه خليط العقل والروح ومن الصعب اكتساب هذا الخليط إن لم تكن البذرة موجودة أساساً، وتبقى الكتابة كغيرها من المواهب لا تلمع إلا بالصقل والأهم أن يكون الصاقل ماهراً ويميز قدرات الموهبة التي بين يديه فالمواهب تتفاوت وهكذا هي الكتابة.

 

■بعيدا عن كونك أديبة .. هل أنصف الأدب المرأة ؟

-الأدب كما قلت مسبقاً جزء لايتجزء من بيئته، والبيئة التي لاتنصف المرأة ستجد انعكاس ذلك في أدبها، لكون الأدب مرآة لبيئته، وبما أن مجتمعنا غارقٌ في ميزانه المختل بالمرأة وحقوقها ومايزال ينكر عليها إنسانيتها المتساوية مع (شقيقها) الرجل فكيف سنجد أدباً منصفاً بعد ذلك؟ إن الناظر للأدب العربي أوحتى العالمي في فترات زمنية تكاد تكون قريبة سيجد دور المرأة غالباً هامشي أو كضحية، وإن شق طريقاً أوسع سيكون في إطار عاطفي يجسدها محوراً لأحداث متشعبة تكون مفصولة عنها في ذات الوقت ولا تلتقي معها إلا عاطفياً، وكأن هذه المرأة خُلقت لتكون عامل من عوامل حياة الرجل المتعددة مع أن الطبيعي أنها مناصفة له فيها!

والحق يقال فإن المرأة نفسها تكون أحياناًسبباً رئيسياً في ذلك!

 

 

■هل أثنت قاصتنا يوماً على المرأة في قصصها؟

-لم أثنِ أو أذم لا المرأة ولا الرجل في قصصي، أنا فقط التقط صورة من الواقع وأخلطها بالخيال بكاميرا قلمي لتخرج الصورة عقلانية أو وجدانية تنقل واقعاً مرَّ على خيالي، فتارة أركز على المشكلة وتارة أتصور الحل وأضعه وللقارىء الحكم على الإصابة والخطأ فيه، فأنا أكتب عن الإنسان للإنسان دون التفكير في نوعه، وبرأيي أن هذا هو الأصح، فالفروق النوعية محدودة في إطار معين، إطار وظيفي أو بايولوجي له ضوابط تولى تنظيمها الدين. والأدب رسالته أن يكون صوت الضمير ومرآة الفكر ولايشغله ثناء أو ذم.

 

■كيف استطاعت الكاتبة أن توفق بين بيتها ومسؤولياتها وكتابة القصص؟ وهل هناك من عوائق تواجهها؟

-كغيري من الفتيات لي واجبات أتحمل مسؤوليتها سواء من ناحية عائلتي أو من ناحية عملي الخاص.

ولكون الكتابة بالنسبة لي متنفساً فأنا أجدها استراحة من زحمة الواجبات وروتينية الحياة، قد تؤخر تلك المسؤوليات كتابة قصة أو تقلل من أوقات القراءة وهذا هو الرابط السلبي بينهما، وتبقى العوائق أحياناً في التزاحم الذهني والإرهاق البدني اللذين يؤثران طبعاً على الكتابة.

 

■يقولون وأنت تعلمين جيدا تقاليد وأعراف مجتمعنا العربي المحافظ في الغالب إن على الأدبية -قاصة أم شاعرة- أن تقتصر على المواقع الالكترونية وما شابه لنشر ما تجود به قريحتها وأن تهجر الأمسيات والإعلام المرئي بصفة عامة ، فما رأي رانيا بهذا الأمر .؟

-لا نستطيع أن نقول أنه هجراً ولكن طبيعة الأفكار السلبية التي ترسخت في مجتمعات تمجد العرف والتقليد على حساب كل شيء جعلت من مشاركة المرأة محدودة ميدانياً بصفة عامة.

وهكذا الحال مع الأمسيات الأدبية والإعلام المرئي فهي تدخل في شائكة معقدة يدخل فيها حتى الرجل المشارك في تلك الأمسيات الذي تكون له غالباً رؤية مزدوجة تجاه حضور المرأة ومشاركتها، فبينما تجده يصفق لها حيناً، تجده حيناً آخر يتوغل في الحديث بصفة معاكسة حول هذه المشاركة وطبيعتها، مما يجعل زميله الرجل يحجب زوجته أو ابنته أو أخته عن المشاركة بسبب مايسمعه منه.

وإن كنت أفضّْل وأرى أن الحل المرضي من جميع النواحي أن تُقام أمسيات نسائية أدبية تحيي حضور المرأة وتجعله في إطار العرف مقبولاً وفي تبادل الفائدة حلاً عملياً.

وأطمح لتنفيذ هذا الحل مستقبلاً بمشيئة الله.

 

■هل لضيفتنا تأثر بكاتب ما أم لها طابعها الخاص؟

-لايمكنني القول بأنني أتأثر بكاتب معين ولا أن أنفي التأثر، فنحن البشر نتأثر بكل العوامل التي تمر بنا بالمطلق، وحين أركز الحديث على الكتابة والتأثر فيها فأظن أنني أكتسب التأثير من جميع من أقرأ لهم، فكل كاتب يترك في عقلي ووجداني أثراً ولكنه لايخرج بطابع النسخة أو التقليد، فالتأثير يترسخ قطرة مختلفة عن أختها فيتكون طابعي الكتابي الخاص مضاف إليه عوامل تأثير عديدة غيرها.

 

■لو كنت مخيرة هل ستختارين نفسك أديبة؟

-أظنها سمة روحية لا تقبل التحديد سواءً إرغاماً أم اختياراً، والأديب فقط يختار أن يوظف الأدب على الورق بنوع وأسلوب معين أو يكتفي به بين طيات روحه، وإن كان المقصد أن أختار استخدام الأدب لوضع بصمتي وأثري في الحياة، فكما قلت مسبقاً بأنني مؤمنة بأن الكلمة مفتاح العمل وأجد أن تأثيرها عميق وطويل الأمد لخدمة رفعة الإنسان وسموه عن سائر الكائنات، وأطمح لأن أبرز ذلك في أدبي لأترك أثراً حسناً يفيد الإنسان ويغذي روحه بجمال هذا الفن العظيم.

 

■كلمة أخيرة توجهينها للقراء والصحيفة .؟

-للقراء

أتمنى أن أكون ضيفة خفيفة عليهم ويجدون في طيات هذا اللقاء مايسرهم ويرضيهم.

وللصحيفة

أشكر عدن الغد التي لطالما كانت منبراً لقلمي ولكثير من الأقلام الشابة، كما أشكر لها هذه الالتفاتة الكريمة وهذا اللقاء الشيق الذي تنفست فيه أفكاراً ورؤى من خلال أسئلة طرقت أبواباً لم أفتحها من قبل لبيان وجهة نظري فيها.

وأتمنى لها التوفيق في رسالتها الإعلامية.