آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-02:59ص

ملفات وتحقيقات


الفن المعماري اليمني وأصالته التاريخية (2---2).

الأربعاء - 20 مارس 2019 - 06:27 م بتوقيت عدن

الفن المعماري اليمني وأصالته التاريخية (2---2).

تقرير/محمد مرشد عقابي:

 

العمارة اليمنية تحظى بشهرة عالمية واسعة لما تتمتع به من ميزات متنوعة من حيث توافقها مع البيئات المختلفة المحيطة وتلبيتها على مر العصور لاحتياجات مستخدميها، وفي العقود الاخيرة ومع تطور مناحي الحياة العصرية بشتى مجالاتها تعرضت هذه الثروة التراثيه في وطن الحضارات والتأريخ للعبث بقصد او بدون قصد نتيجة للجهل بقيمتها التأريخية والعلمية والعالمية او بسبب الاهمال ومن ثم الهدم والمتاجرة بالارض، ووتواصلاً لما بداءناه في الحلقة الاولى (الماضية) لمناقشة هذا الموضوع اليوم نستكمل ما تبقى من لقاءات حيث يقول المهندس عارف مسعود حيدرة ساتحدث في هذا المقام عن قضية اسكان الفقراء والبناء العشوائي فاذا نظرنا الى هذا الجانب سنرى تنوع وتعدد الدراسات والابحاث التي تتناول المباني السكنية العشوائية حيث تم تناول البيئة المعمارية الخاصة في اسكان الفقراء المنتشرة بصورة اوسع واسرع من معدل التنمية والتطوير، وهناك مناطق تحتوي على قيم عمرانية وتاريخية وظيفية او جمالية بجانب احتوائها على نشاط سكني واصبحت تمثل احد التحديات التي تواجه عملية التنمية المعمارية بشكل عام والبيئة بشكل خاص.

واضاف : تحسين بيئة سكن الفقراء سيعمل على رفع المستوى الصحي والنفسي والامني والخدمي لديهم ولن يتأتى ذلك الا من خلال جدية التخطيط من اجل انتشال اوضاع هذه الفئات وإيقاف نمو هذه المناطق من خلال فتح شوارع رئيسية حولها واعتبارها محدد لنموها وتطورها، توفير ميزانية مالية خاصة لكل جهة وتشكيل وحدة تحسين البيئة السكنية لمناطق اسكان الفقراء، تجهيز مناطق لمن سيتم تعويضهم ووضع ضوابط ملزمة قبل عملية التنفيذ، اشراك القطاع الخاص للمساهمة في دعم هذه المشاريع.

 

المهندس شائع نبيل ادهم يقول : لاشك ان العمارة الحديثة لليمن قد فرضت حضوراً قوياً وانتشاراً واسعاً لاسيما في المدن الرئيسيه، ونجد ان النهضة العمرانية سواء اكانت محلياً او دولياً قد ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بالتطور التكنولوجي في مجال البناء والتشييد ووجود عوامل عدة ادت الى هذه التنمية العمرانية منها الزيادة في حجم الانفاق على اعمال البناء والتشييد واعطاء نسبة كبيرة من الاستثمارات في هذا المجال بالاضافة الى توظيف رؤوس الاموال لانشاء بنية تحتيه قوية يرتكز عليها التطور العمراني ونشوء عمارة حديثة كما ساهم الازدياد الكبير في عدد السكان وهجرة السكان من الريف الى المدينة في دفع عجلة التوسع العمراني في المدن ومع كل هذا يجب التعامل مع هذا التطور على اساس التكامل والانسجام والتآلف بين البيئة الطبيعية والمحلية والبئية العمرانية المستحدثة وعدم الانجرار الى النسخ من عمارة مستوردة ذات طابع معماري يختلف عن طابعنا وبيئتنا المحلية فمثلاً بناء الانشاءات الخرسانية في البلدان ذات المناخ الحار لايعالج تأثير الطقس الحار على الخرسانة ولا يدرس ما تفقده من مميزات اساسية مثل القوة والمقاومة وغيرها، لذا نؤكد على استخدام مواد البناء المحلية واعادة تشكيلها بما يواكب التطورات والانسجام مع البيئة المحلية المحيطة والعوامل المناخية وانشاء عمارة مميزة تحافظ على طابعها واصالتها التقليدية من التدهور الحاصل بمرور الزمن.

 

المهندس سالم عبد الباقي باذيب يقول : في عدن تتجلى الهوية المعمارية اليمنية في ابهى صورها وانماط البناء التقليدي لما تحمله من موروثات حضارية وتاريخية وثقافية متعددة، وبالنسبة لي فانا ارى ان مخاطر دخول الانماط الغربية في العمارة اليمنية سيقود الى الاخلال بهذا النمط التقليدي الاصيل وسيؤدي الى طمس هويته المتميزة التي تجذب انظار واعجاب الكثير من خارج اليمن، كما اطالب كافة الجهات الرسمية ان تقوم بدورها في حماية هذه الهوية المعمارية والطابع البنائي اليمني الاصيل والمتفرد، وعدم السماح للاعتداءات بان تطال هذا النسيج الحضاري من خلال سن التشريعات الملزمة والتقيد بقوانينها وتطبيقها وتنفيذها بحذافيرها.

واستطرد : من الملاحظ عدم وجود الاهتمام الكافي بالعمارة اليمنية المرتبطة بالتراث بل وفي بعض الاحيان اهمالها والتغاضي عن العبث بها فمن هنا يجب ان تتضافر كافة الجهود الرسمية والشعبية لتنظيم برامج وحملات وطنية اعلامية وارشادية تخلق وعياً بيئياً وحضارياً يساهم في الحفاظ على هذا الموروث الثقافي والحضاري، كما يجب على الحكومة ان تسن القوانين والانظمة التي تهدف للحفاظ على الطابع المعماري اليمني وعدم المساس بهويته والحد من البناء العشوائي في المخططات المدنية وتوعية الناس بمضاره، كما يجب الاهتمام باقامة مجمعات سكني لذوي الدخل المحدود كونها اكثر الفئات التي تلجأ الى خيار البناء العشوائي غير المدروس في حالة عدم توفر المسكن المناسب، كذلك يجب ترميم وصيانة وإعادة تأهيل المباني التراثية باعتبارها موروثاً حضارياً وثقافياً يجب المحافظة عليه وتطوير الفضاءات البيئية حوله، ايضاً يجب حث الجهات المختصة على تنظيم برامج وحملات توعوية وتثقيفية لتنمية الوعي البيئي والحضاري للتراث المعماري اليمني واظهار قيمته الكبيرة للاجيال وإشراك كافة القطاعات ومنظمات المجتمع المدني والهيئات والجمعيات والمؤسسات والمراكز المعنية بقضايا الثقافة والتراث في ذلك، والعمل على تشجيع استخدام مواد البناء المحلية التي تتناسب مع البيئة المحلية ومناخها السائد، وعدم افراغ الانشطة الاقتصادية والسياحية حوالي الامكنة التراثية بحجة المحافظة عليها الامر الذي يؤدي الى نتائج عكسية.

 

المهندس امير الدين محمود عبد العزيز يقول : للحفاظ على معالم العمارة اليمنية وتجنيبها التحديات يجب اولاً توعية العامة باهمية الحفاظ عليها لكونها تعتبر من التراث التقليدي الذي يعد قيمة حضارية وثقافية وتاريخية ووطنية وانسانية عظيمة، وتوثيق المعالم التاريخية بالرفع الهندسي والتصوير وابرازها عبر وسائل الاعلام المختلفة واعداد قاعدة بيانات متكاملة عن المدن اليمنية التقليدية وخصائصها المعمارية العمرانية والاهتمام بالعمارة التقليدية وجعلها ضمن مناهج التعليم المعماري في كليات واقسام العمارة في الجامعات اليمنية.

واضاف : يجب ايضاً الحفاظ على الفراغات الحضرية (الساحات، الميادين، المناطق الخضراء) داخل المدينة القديمة، واعادة تاهيل وتوظيف بعض المباني القديمة بعد ترميمها بشكل يتناسب مع البيئة المحيطة وعدم اهمال التخطيط الاجتماعي الذي بات مطلوباً بإلحاح اثناء دراسة التطوير العمراني لمراكز المدن القديمة، ومن الضرورة ايجاد تشريعات ولوائح تعمل على ايقاف العبث بالمباني التاريخية وتساهم في تحديد طابع عام لمباني المنطقة الواحدة الى جانب وضع انظمة ملزمة بعدم استحداث مواد البناء الحديثة في المواقع ذات الطابع المعماري التقليدي القديم الا وفق معايير تضمن الحفاظ على طابع المنطقة التاريخي والحضاري.

واردف : يجب ان تتوفر خدمات البنى التحتيه في مناطق التوسع العمراني وتحديد مواقعها حسب الحاجة، والعمل على رفع كفاءة مهندسي التخطيط والبلديات وعمل دورات تدريبية لهم بهدف تحديث وتنشيط معلوماتهم والحد من ظاهرة البناء العشوائي وتفعيل دور الرقابة والاشراف والاستعانة بالكادر المحلي من ذوي الخبرة والكفاءة في مجالات التخطيط والتصميم والتنفيذ والدعوة لتوعية شاملة باهمية الحفاظ على الشخصية المميزة للفن المعماري التقليدي اليمني.