آخر تحديث :الخميس-28 مارس 2024-09:52م

ملفات وتحقيقات


(تقرير) ملصقات على السيارات .. سخرية من الواقع واقوال حكيمة وعواطف متنقلة

الخميس - 14 فبراير 2019 - 06:57 م بتوقيت عدن

(تقرير) ملصقات  على السيارات .. سخرية من الواقع واقوال حكيمة وعواطف متنقلة

تقرير / الحضر عبدالله:

اثناء مرورنا في الشوارع  من منا لم يلفت انتباهه على جملة قصيرة، أو ربما حكمة، أو غيرها من الكلمات والصور والحروف التي عادة ما يضعها السائق على ظهر سيارته أو غيرها من وسائل النقل التي يكتسب من خلالها قوت يومه .

 

السائقون من الشباب يتفنون في مدلولاتها، بل ويتقنون وضعها في مكان بارز من السيارة، كي يشاهدها البعيد قبل القريب، تختلف في معانيها وأفكارها من شخص إلى آخر، يحرصون كثيراً على إبراز أفكارهم وتوجهاتهم وربما مشاعرهم على زجاج مركباتهم، كنوع من حرية التعبير، أو إثبات الذات  , تحت وطأة عامل المراهقة، الذي يفرض الكثير من التوجهات على أولئك الشباب.

 

وهذه الظاهرة  المنتشرة بين  السائقين من الشباب  عادة لها مسبباتها، حيث يقف التميز أمام البعض سبباً مباشراً، كما أن البعض الآخر يعبر عن ما بداخله من "معاناة" و"حب" و"غرام" ب"التلميح" فقط، وعدم توضيح أكثر من ذلك.

 

"عدن الغد " حاولت الاقتراب أكثر من هؤلاء الشباب لمعرفة أهداف الملصقات، وإلى أي مدى أصبحت هذه الفكرة رائجة بينهم؟.

 

عبارات مبهمة :

في البداية برّر " مختار قائد" سبب وضع هذه الأبيات الشعرية ومقطوعات من أغان معروفة ومشهورة على مركبته؛ بأنها تُعد نوعاً من التعبير عن المكنون الذي لا نستطيع البوح به أو إظهاره، لنضع جزءاً من حقيقته أمام كل الناس بشكل مبهم، أو كدلالة على التميز لدى البعض الآخر، مشيراً إلى أن أفضل ما يمكن وضعه هو الأبيات الشعرية.

 

وأوضح " سليم  صلاح " أن العبارات المبهمة هي ما يروق له، بل ويحرص على وضعها دون تردد؛ لكي تميزه بين أقرانه، ويصبح معروفاً بها، دون الإجابة عن مدلولاتها، باستثناء المقربين منه طبعاً، مؤكداً على أنها غير مكلفة وبسيطة وفي متناول الجميع، وتستخدم من قبل غالبية الشباب.

 

تقليد أعمى :

وأشار " نسيم عبدالله " إلى أن مسببات هذه الظاهرة المتفشية بين أوساط الشباب متعددة، تبدأ من مخرجات المنزل التي نشأ عليها هذا الشاب، مضيفاً انها هي ما تسير تصرفاته ويصقلها على أي اتجاه كان، لافتاً إلى أن هذه الظاهرة انتشرت بشكل كبير جداًّ بين الشباب ,  بسبب التقليد الأعمى فيما بينهم، فتجد أن كلاً من أولئك يحرص أشد الحرص على أن يكون مميزاً بين أصحابه، لافتاً إلى أن الهواتف الخلوية الحديثة كانت سبباً رئيساً في انتشار هذه الظاهرة، لما تشكله في إبراز الألقاب والمسميات، وانتقلت بعد ذلك إلى نطاق أوسع ليصل إلى السيارات الشخصية لأولئك الشباب.

 

نفسية وعاطفية :

وقال " جمال القيناني ": إن مسببات هذه الظاهرة هي نفسية وعاطفية أكثر من غيرها، ف"الكبت" الذي يمر به الشاب يجبره على إخراج العبارات على أي شكل كان وبأي صفة، لذا لابد أن يكون العلاج من عدة جهات سواء كانت نظامية تمنع هذه الظاهرة، أو إتاحة طرق أخرى للتعبير بشكل أفضل حسب ما يوصي به المختصون في هذا المجال، مشيراً إلى أن السبب الرئيسي في التوجه نحو وضعها على السيارات، إنما هو إيقان منهم بأنها ستكون على مرأى من الجميع، وبالفعل أصبحت واضحة وجلية في كل مكان تتجول فيه.

 

خالف تعرف :

وأكد " فواز مقبل " على أن عدم القدرة على التعبير والمواجهة، من أهم الأسباب الواقفة خلف كتابة هذه العبارات، كنوع من الإفصاح للغير بما يدور في الذهن، وأنهم بذلك استطاعوا الهروب من المواقف التي لا يستطيعون مواجهتها، وخصوصاً إن كانت تنم عن مشاعر عاطفية مكبوتة، ذاكراً أن مبدأ: "خالف تعرف"، له الأولوية الكبرى في هذا المجال، فالشاب عادة ما يمر بمرحلة تكوين الشخصية وبنائها، وإيجاد المكان المناسب من خلال هذه التصرفات والسلوكيات، فغالبية متوسط أعمار هذه الفئة تقع ما بين (15) عاماً و(25) عاماً، ناصحاً بوجود علاج إيجابي لها، مع تغيير النمط الذي يسلكه أولئك الشباب دون كبت طاقاتهم قطعاً.

 

عادة ليست سيئة :

وقال "سند صالح ": إن هذه العادة ليست سيئة، وإنما تُعد نوعاً من أنواع التعبير، شريطة أن تكون في حدود الأدب والأخلاق العامة، مضيفاً: "نشاهد بعض أبيات الشعر التي تعد جميلة ورائعة وتضفي لمسة جمال وتكون معبرة، وما دون ذلك من عبارات تتعدى حدود الذوق العام فهي مرفوضة وغير مقبولة؛ لأنها تنافي عاداتنا وتقاليدنا التي نشأ عليها الشباب بشكل عام"، ناصحاً بضرورة الالتزام بالأخلاق الطيبة والاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم في جملة أخلاقه وعاداته.

 

نوع من الغموض :

وأوضح " علي  بانافع" أن هذه العبارات في الغالب تكون غير واضحة ومبهمة للقارئ، مما يخلق نوعاً الغموض في شخصية هذا الشاب الذي وضعها، أو تعبر عن حجم الألم والمعاناة التي يعاصرها ولا يجد من يفهمه، مضيفاً أن أولئك الشباب هم ثروة لهذا البلد، ويجب المحافظة عليهم، إلى جانب بحث كل ما يعيق إبداعاتهم ومحاولة صقلها وتوجيهها في الطريق السليم، ليكونوا في الغد رجالاً مثمرين، مع محاولة بحث خفايا هذه العادة من قبل الأخصائيين النفسيين، من حيث مسبباتها وطرق علاجها، وكيف يمكن احتواء هذه الفئة الغالية على قلوبنا جميعاً؟.

 

الكتابة على السيارة متنفساً لهم :

الباحث النفسي الدكتور عبد الكريم  عبدالقادر" : فسر هذه الحالة بانها انعكاس لواقع يعيشه المواطن يتسم بالبساطة، وان كان لايجيد القراءة والكتابة او يحسنها الا انه يجيد التمعن بكلام ذات معنى له وقعه في نفسه.

 

مشيرا الى ان «اكثر من يقوم بأعمال السياقة في سيارات  الأجرة  او الخاص أ والسيارات الحمل، هم شريحة بمستوى تعليمي لايتعدى الدراسة الابتدائية وقد يكون لايحمل شهادة أحيانا، ولكنهم في الوقت ذاته يحملون معاناة المعيشة اليومية وطريقة عملهم الذي يقتضي منهم التواجد في السوق والشارع والاختلاط بحيث يعتبرون الكتابة على السيارة متنفسا لهم.

 

متابعا .. لاتعد هذه ظاهرة معيبة خصوصا اذا ماكتبت عبارات لائقة وغير ممنوعة مروريا، وهي تدخل في انعكاسات لما يحويه عقلهم الباطن في علم النفس وخلجات نفسية تدغدغ مشاعره التي لا يملك الوقت الكافي للتعبير عنها او الانشغال بآلامه، كونه منصرفا الى عمل يومي يمتص توجهاته ويطغى على احاسيسه  ولا يستطيع ان يسمعها لاحد الا عن طريق الكتابة على سيارته .