آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-01:32م

ملفات وتحقيقات


(عدن الغد) تناقش قضية عمل الأطفال..الطفولة في اليمن بين انتهاك الحقوق ومهام تفوق العمر

الأحد - 10 فبراير 2019 - 10:02 ص بتوقيت عدن

(عدن الغد) تناقش قضية عمل الأطفال..الطفولة في اليمن بين انتهاك الحقوق ومهام تفوق العمر

(عدن الغد)خاص:

اطفال صغار يخوضون معارك شرسة في مواجهة اعباء الحياة يندفعون إلى الشوارع، يتسولون ويتنقلون من مكان إلى آخر من أجل الحصول على لقمة العيش ليسدوا بها رمق الجوع، يفترشون الطرقات أو ينامون في المساجد، اطفال صغار باعمارهم كبار بهموم الحياة، يشمرون عن سواعدهم الصغيرة التي لا تقوى على حمل ثقل هم الحياة ليقفوا في مواجهة صعبة لا تتساوى فيها قواهم مع ظروف الحياة فيغزوا الشيب رؤوسهم وتختفي من وجوههم ملامح الطفولة البريئة لترتسم عليها خطوط الزمن الغائرة ليكبروا قبل الأوآن وتراهم ينظرون بحسرة إلى ضياع سنوات العمر ولسان حالهم يقول : قبل ساعات قليلة كنا اطفالاً نمرح ونلعب فغلبتني هموم الحياة فكيف السبيل لنعيش طفولتنا على سجيتنا نمرح ونفرح بكل مباهج الحياة، نحلم بالغد المشرق ونتطلع الى المستقبل بنظرة امل وتفاؤل نرسم فيها خطوات العمر الجميل الخالي من هموم الحياة التي تتكسر عليها احلامنا فهل من مجيب، هكذا يتساءل الأطفال المشروع في طرقات وشوارع وأزقة وأحياء عدن ولحج تحدثنا إلى مجموعة منهم وخرجنا بهذه الحصيلة.

استطلاع/محمد مرشد عقابي:

الطفل عايش سمير جابر احمد يبلغ من العمر 14عاماً امنيته ان يكون طبيباً تحدث الينا قائلاً : انا من منطقة العدين ولي ما يقارب 6 سنين في عدن وقد هربت من اهلي بسبب الضرب والفقر، انا درست الى الصف الثاني وفي يوم قال لي اخي بعدما اشبعني ضرباً روح اشقي على نفسك، وسألته كيف؟ قال : يعني اسير اطلب الناس، وعن علاقته بابيه يقول : ابي لايأتي الى عندنا لانه متزوج بأخرى وهو لايصرف علينا انا واخوتي عددنا تسعة وعن عودته إلى اهله يقول : لا اريد ان ارجع إليهم، ثم يصمت ثم يقول : لكن سوف ارجع اليهم بشرط ان تتعهد امي بان لا تضربنا ولا تخلي اخي يضربنا، وعن بقائه طيلة هذه الفترة في عدن يقول : منذ بداية وصولي تعرفت على مجموعة من أهل محافظة إب وعشت معهم وكنت اشتغل بين بيع قنينات المياه المعدنية الفاضيه وبيع الماء، وبيع الملابس المستخدمة في أسواق الحراج، كنت اقوم بهذا العمل مع واحد من الذين تعرفت عليهم للحصول على الاكل والشرب مع العلم بانني في الايام الاولى كنت انام على كراتين في الشارع وآكل من بقايا الطعام في المطاعم.

الطفل مهران عبد الله دماج العمر 12 عاماً ويتمنى أن يصبح طياراً مدنياً له فترة طويلة بعيد عن اهله كما يقول وعن اسباب تركه لمنزلهم قال : أبي رجل كبير في السن وفقير ولا يعمل وهو دائماً يضربنا، وهو دائماً يخلينا احطب واحمل الحطب على رأسي، ابي ضرب اخي وقيده بحبل وضربه بسلك الكهرباء عشان هذا انا خفت وشليت نفسي وهربت من جبل صبر الى تعز بعدها اجيت الى هنا، انا مبسوط هنا في عدن ومرتاح أشقى في بيع المياه الصحية في جولة القاهرة وبعد العصر اذهب الى محل عمنا الذي ابيع له الماء في الصباح لأساعده في بيع الملابس كي اضمن لنفسي لقمة العيش، فسألته هل تريد العودة الى اهلك؟ فاجاب وبشدة بالرفض ويصر على البقاء في عدن.

الطفل يعقوب تامر علي مهيوب يبلغ 13 عاماً يقول عندما نزلت الى عدن اول مرة نمت في الشارع فكنت خائفاً من اللواط والسرق والبلاطجة والمسلحين بعدها تيسرت لي الامور بالنوم في الجامع فهو بيت الله وآمن قبل أن أعثر على عمل، وكنت احيانا من طول البحث عن عمل اصل في وقت متأخر لانام في الجامع فاجده مغلق فكنت أسهر حينها لما الصبح وبعدين انام في الصباح لان لا احد يستطيع ان يمسكنا أو يفعل شيء ضار بنا في النهار لكون الناس يشوفوه وبايمسكوه والحمد لله تجاوزت كل تلك المخاطر ووجدت عمل وهو بيع المياه في الطرقات مع احد الاشخاص الذي يمنحني مقابل مادي كلما بعت له كمية من مياه الصحة، ويضيف بمرارة والم : تغيرت أحوالنا بعد ان تزوج ابي مرة اخرى فوق امي واصبح له بيتين.

الأخ مبارك مبخوت حسن يقول عن انتشار هذه الظاهرة : يجب أن توفر الدولة قطاع يعنى بهذه الفئة المجتمعية ويجب أن تكون هناك جمعيات خيرية تهتم بتقديم الخدمة للطفل والمرأة خاصة هذه الفئتين من بين باقي فئات المجتمع وأن يخصص ذلك للمناطق المهمشة والأكثر فقراً، وأن تعمل تلك الجهات في حال وجودها على تعزيز ونشر الوعي بمختلف أشكاله بين أوساط النساء والفتيات والاطفال عن طريق حث أسرهم، كما يجب على الدولة أن تقوم بمعالجة مشاكل الفقر والعمل على توعية الأسر الفقيرة بضرورة واهمية التعليم لابنائهم، وعليها ايضاً أن تعمل على ابراز الانشطة والبرامج الهادفة لتأهيل وإدماج اطفال الشوارع في الحياة العامة والمجتمع المدني.

وأضاف : يجب على كل المنظمات الانسانية المهتمة بحقوق الطفل ان توسع من دوائر نشاطها في استيعاب وإيواء الطفولة المهدورة للحالات الحرجة وتوفير برامج الحماية والتأهيل ومنع الظواهر التي تنتهك من خلالها حقوق الطفولة، وكذلك معرفة مشاكل أطفال الشوارع ومساعدتهم على حلها، وتهيئة الظروف للتصدي لظاهرة أطفال الشوارع والحد من انتشارها وتقديم الرعاية والعناية الصحية والاجتماعية لهؤلاء الأطفال الذين شردتهم الظروف الاجبارية من منازلهم بما يضمن اعادة تأهيلهم نفسياً واجتماعياً ومهنياً وتعليمياً وتنمية قدراتهم وانتشال أوضاعهم وإخراجهم من دائرة عمل الشوارع الذي لا ينسجم أو ينطبق مع أعمارهم.

عمار وليد القيسري يقول : عمالة الأطفال ظاهرة سلبية متفشية في اليمن دون سواها من البلدان العربية ويعود ذلك باعتقادي لأسباب الفقر، وفي عدن ولحج يتواجد هؤلاء الأطفال المتجولين في الشوارع والطرقات الذين ليس لهم مأوى ومشردين في الشوارع ليلاً ونهاراً ويمارسون الشحاتة خلال حياتهم وفي جميع الاوقات بغض النظر عن هويتهم أو مناطقهم.

واضاف : يجب ان تكون هناك مراكز لإيواء هذه الفئة من المجتمع اليمني ترعاها الدولة والمنظمات الانسانية والحقوقية تضمن لهؤلاء حق العيش الكريم وتوفير أسباب الحياة من مأكل ومشرب وملبس وتعليم، ويجب على كل الجهات المهتمة بهذا الجانب الإنساني الاهتمام بهؤلاء الاطفال وتنمية مهاراتهم الابداعية والفكرية والفنية والثقافية والعلمية والرياضية وابرازها وإدماجهم في باقي مكونات المجتمع حتى يصبحوا عناصر فاعلة لها وجودها المؤثر على أرض واقع الحياة   العامة.

خاتمة.

انتهت لقاءات استطلاعنا هذا فهل ستنتهي معها مأساة هؤلاء الاطفال؟ وهل لنا ان نحلم بأن يكون هناك جهة محلية او دولية ترعى هذه الفئة وتوفر لها اسباب الطفولة الآمنة لتكون بمثابة مظلة يستظل تحتها الاطفال الموجودين في الشوارع بشكل يضمن لهم الاحتماء من قسوة الظروف، املنا كبير بان تحرك هذه الأسطر الآنفة كل الضمائر حتى تسارع لانقاذ الطفولة اليمنية من العبث وتعمل على انهاء هذه الظاهرة الغير انسانية التي برزت في الغالب لأسباب منها كثر عدد أفراد الاسرة الواحدة مع تزايد قسوة الظروف المعيشية الصعبة التي تعاني منها اغلب الاسر اليمنية مع تنامي النزاع المسلح وظروف الحرب التي يعيشها البلد، فمن هنا نقول هل تنتهي هذه الظاهرة من شوارع مدننا ويختفي مظهر وجود هؤلاء الأطفال في الخطوط والممرات العامة التي تتعارض مع مظاهر رقي الإنسان المعاصر وتقدمه، وهل ستعود الابتسامة المفقودة لمحيا مئات الأطفال الذين رمت بها الأوضاع الخاصة والعامة الى سلوك هذه الظاهرة لنراهم على حقيقتهم يمارسون عادات وتقاليد وأعراف وطقوس البراءة المرتبطة بطفولتهم بعيداً عن مشاغل الحياة وهمومها فهذا ما نتمناه.