آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-01:56م

أدب وثقافة


قصة قصيرة:(شدّةُ يد)

الأربعاء - 06 فبراير 2019 - 04:00 م بتوقيت عدن

قصة قصيرة:(شدّةُ يد)
تعبيرية

عدن(عدن الغد)خاص:

بقلم:رفيدة عبد الحفيظ

 

كان صغيراً، و كنتُ دائماً ما أمسكُ به عندما نعبرُ الشارع سوية، تارةً من يده، و أخرى من معصمه..

مضت أعوام و أنا أشدُّ على يدهِ إذْما مرت سيارةً مسرعة، و أحرصُ على جعلهِ يسير في الناحيةِ البعيدةِ من خطِّ السير، جاعلةً نفسيَ الأقرب من إطاراتِ السيارات، متى ما اضطررنا إلى المشي حذوها.

لاحظتُ بعد فترةٍ طويلة أنه باتَ يتحرّج إذا صادفَ صديقه بالطريق يمشي بأتمِّ حريته، في حين أنني ما زلتُ أقيدُه -بعين الحبِّ التي لا زالت تراهُ صغيراً -، لا لأنني أراهُ ليس كفواً لحمايةِ نفسهِ بعد - كما يعتقد-!

حينها عمدْتُ إلى تركهِ يسير حرّاً، على أن أبقيهِ نُصْبَ عينيّ.

و هكذا توالت الأيامُ و السنون حتى سِرنا في مرةٍ حذو بعضنا، فتسلَّلت يدهُ لتبادر هيَ هذه المرة و تمسك بيدي.

سألتهُ باستغراب:

-أَمَا كنتَ تتحرّج من أن أمسكَ بك؟

-بلى، لكنني كَبِرت، و صرتُ أعي أنني أنا الآن حاميكِ.

رفعتُ حاجبيَّ وقلبتُ شفتيَّ إلى الداخل في صمتٍ مذهولةً مبتسمة، و سِرنا نكمل الطريق.

ثوانٍ و قد شدَّ على يدي، بالرغم من أننا على الرصيفِ الان و لا وجود لسيارة قد تعترض طريقنا..

التفتُ إليه أطلبُ تفسيراً، فقال وهو يعضُّ على أسنانه :

- لا تلتفتي إليهم!

و أنا حقاً لم ألتفت.. كنتُ فقط أتفرّس ملامحَه، وأسترقُ النظر بصمتٍ إلى حُمرة الغيرة التي اشتعلتْ في وجهه، فأشيحُ بنظري لأُبصرُ طريقي و قلبي محبور بالذي ينضج على مهل..

و أُسائلُ نفسي :كيف للعينينِ التي لا زلتُ أرى حدقتيها كحلقتيّ أطفالٍ تدورانِ ببراءة، أن تحذرَ المارَّةَ شزراً من التمادي !