آخر تحديث :الأربعاء-24 أبريل 2024-02:19ص

ملفات وتحقيقات


"عدن الغد" ترصد ظاهرة تفشي جرائم العنف ضد الزوجات والابناء عن طريق القتل في صنعاء (تقرير)

الأربعاء - 06 فبراير 2019 - 01:00 م بتوقيت عدن

"عدن الغد" ترصد  ظاهرة تفشي جرائم العنف ضد الزوجات والابناء عن طريق القتل في صنعاء (تقرير)
مدينة صنعاء

صنعاء(عدن الغد)خاص:

 

تحقيق: عبد اللطيف سالمين.

 

 

 

انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة العنف ضد الزوجات والأبناء لتصل الى القتل المتعمد. وكما هو معروف فان جرائم العنف موجودة في كل الاماكن والازمنة على مر التاريخ.  الا ان الطرق تختلف وتكون متفاوتة في الاسباب والمسببات باختلاف نوع الضحية والمدينة والمرتكب للجريمة.

 

وبحسب الاحصائيات فان ما يزيد 40% من النساء حول العالم تعرضن في مرحلة ما من حياتهم لعنف من قبل الشريك ولكن أيضا للعنف درجات ويختلف مضمونه وأسبابه، فحينما تقتل امرأة لا يتبادر إلى أذهاننا عمل جنائي بالمعنى التقليدي المعروف بين رجل ورجل مثلًا، بل نفهم ضمنا أن هذه المرأة قتلت لأنها الحلقة الأضعف، وأن هناك أسبابًا لها علاقة بالاستبداد الذكوري، فهي تدفع من صحتها وأحيانًا حياتها ثمنا لعنف الرجل وساديّته وأنانيّته وذكوريته التي لا تنتهي والتي تحرم المرأة حتى من حق الاعتراض أو التساؤل. في أحيان كثيرة تكون الجريمة بلا مبرر منطقي، هذا ان كان هناك في الجريمة منطق أو تسلسل أحداث منطقي يؤدي إلى ارتكاب جريمة قتل.

 

*يقتلها زوجها بالرصاص امام اولادها.

 

أسباب مقتل الزوجة في أواخر الشهر الماضي في صنعاء، لا يقبلها العقل على الاطلاق والزوجة الضحية ام لستة من أطفال- الأصغر منهم لم يتجازو عمره شهراً واحد-تم قتلها أمام اعينهم دون ادنى مراعاة للطفولة.

والسبب شجار على استخدام الزوجة لهاتف الموبايل للتواصل مع اهلها بحسب اقوال اخ الضحية.

 

وقد اقدم الشاب الثلاثيني العمر - "ع. ع"من أبناء ريمة عزلة بني الضبيبي- بدم بارد بعد شجار مسبق في منتصف الليل بخصوص هاتف الموبايل. وكما أفاد اخ الضحية فإن الزوج قام   بضرب زوجته ضربا مبرحا لتقوم الضحية  في صباح اليوم التالي بأخذت ملابسها نية الهرب إلى أهلها وحين كانت تهم بالمغادرة وفي حضنها طفلتها الصغيرة قام الزوج القاتل  بأخذ الطفلة من حضن الام ووضعها مع بقية الأطفال في الغرفة واغلق الباب عليهم ليتناول سلاح الكلاشنيكوف ويطلق النار عليها وهي في حوش المنزل ولم يكتفي بذلك وحسب ليعود وياخذ الكلاشينكوف الاخر ويطلق 13 رصاصة أخرى في أنحاء  متفرقة من جسدها.

 

وكما وضح أخ الضحية فإن القاتل استخدم الوحشية في القتل مابين الحين والآخر كان يطلق بين الفين والاخرى طلقة كي لا يلفت أنظار سكان الحي.

 

وبعد ان ترك الضحية غارقة بدمائها ذهب لتسليم نفسه لقسم الشرطة واخبارهم بكل برودة بالجريمة الوحشية التي قام بها.. ويطلب من رجال الأمن الذهاب لمعاينة الجثة والاسلحة.. لم يصدق رجال الامن لحظتها حديث القاتل لولا انه أكد لهم اكثر من مرة ما حدث ليتم القبض عليه.

 

 

واضاف اخ الضحية:

بعد ان تلقينا اتصال من عاقل الحارة ذهبت بعدها مباشرة نصف ساعة وانا في المنزل لأرى اختي شهيدة تنزف دما، وأطفالها يصرخون كاد كل عضو في جسدي يتفجر ولكن القاتل قد سلم نفسه للقسم .

واستطرد اخ الضحية قائلا: "اهكذا جزاء الإحسان ؟..القاتل في عز شبابه وبكامل قواه العقلية أخذته الكبره والعنجهية والغرور وكان يشكو من العمل. انا شخصيا مرارا وتكرارا عرضت عليه عدة أعمال ليشتغل وكان اخرها قبل اسبوعين عندما زرت المرحومة وهي مريضة جدا لكنه لم يقتنع بشيئ مع العلم القاتل لم يعاني من عجز مالي فنحن لم نترك بنتنا تصارع كبره وغروره وتتالم على أولادها ومع هذا كان يحاربها ويقوم بالمشاكل حتى تعطيه مبلغ القات وبالاخير الذئب الشرير يكافئها بثلاثة عشر طلقة في جسدها الشريف ويكافئنا على احساسنا لأننا صبرنا على ابنتنا تعيش معه من أجل الاولاد المساكين الذي لاحول لهم ولا قوة  حيث وان الأطفال اكبرهم بعمر 12 سنه طفله تقول اقتلوا ابي قاتل امي بثلاثة عشر طلقة والآخر الطفل الأكبر يقول اعطوني الكلاشينكوف اقتله بنفسي هذا قاتل مجرم ماذا فعلت به أمي."

 

وشدد اخ الضحية على ضرورة المحاكمة العاجلة للقاتل، قائلاً :نطالب بالقصاص العاجل طالما القاتل  بحوزة الجهات الأمنية بصنعاء.

 

 

 

 

*جريمة مزدوجة والضحية ام وابنتها.

 

ولم تمضي ساعات على هذه الجريمة لتهتز صنعاء على وقع جريمة أخرى أثر سلوك مخيف ومرعب.

حيث تدوالت مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلا مرئيا لامرأة كان زوجها قد قام بتقيدها بالسلاسل على مدى اربع  سنوات .

وكانت السلطات في صنعاء قد باشرت بإلتحقيق مع الزوج بعد ألقاء القبض عليه واتضح من خلال التحقيقات أن الزوجة مقيدة بالسلاسل ل 4 سنوات حبيسة في حجرة مظلمة دون علم عائلتها.

 

لتتبين فيما بعد تفاصيل الحادثة ومفاجاة اخرى صادمة وهي ان الزوجة حين تم اختطافها كانت حامل بابنته. وما إن وصلت الأم إلى بيت ابن عمها"الزوج" وهو قريبها الوحيد قام بتقييدها بالسلاسل، ولم يسمح القاتل بنقلها إلى المستشفى وولدت وهي مقيدة بالسلاسل.

 

 ونقل الناشط الحقوقي عمار محمد الشامي عن مصادر في البحث الجنائي بصنعاء أن الأم هي ابنة عم القاتل وليس لديها أب أو إخوة سوى أخ شقيق مصاب بحالة نفسية صعبة وتتشارك مع أبناء عمها ومن بينهم القاتل في أموال كثيرة بينها بيوت ومزارع وبيت في العاصمة صنعاء، وكان هدف القاتل تصفية ابنة عمه الوحيدة او إجبارها على التنازل عن كافة أملاكها وظلت مقيدة بالسلاسل في بيت القاتل لأربع سنوات. بحسب ما تم رصده الى الان..

 

هذه القضية مخيفة ليست الام وحدها الضحية. هناك ضحيتان فبجانب الام نجد ان ابنتها الثانية ذات الأربع سنوات تم قتلها ضربا وركلاً من قبل القاتل لنفس الأسباب الأولية بحسب مصادر في البحث الجنائي بصنعاء.

 

وهو ما أكدته الناشطة هيفاء مالك في روايتها للجريمة على عدم سماح القاتل بنقل المرأة إلى المستشفى عند ولادتها وأجبارها على وضع طفلتها وهي مقيدة بالسلاسل. وان المتهم لم يتوقف عند هذا الحد ليقوم بقتل طفلتها لاحقاً ضرباً وركلاً حتى فارقت الحياة.

 

 

*بلاء الهي أم شخصية الرجل العدوانية.

 

وفي السياق علق المحامي محمد الجوني على ان هذه الجرائم  بلاء إلهي ليميز الله الخبيث من الطيب. ويضع امام العباد نماذج فقط من الفضاعات والجرائم التي حدثت وستحدث لهم نتيجة ابتعادهم عن طريق الحق ونهج الحقيقة. وكما يعتقد الجوني فانه ليس هناك اي تفسير خارج هذا السبب ليس إلا نتيجة أو سبب فرعي.

 

هذا النموذج يمثل رأي سائد في اوساط المجتمع اليمني ونحن هنا لسنا بصدد التحدث فيه وما لايمكن التغافل عنه هو الرجل عادة، ولا أتحدث عن هذه الحوادث فقط، بل عموما يطلق العنان لغرائزه بلا رقابة لا ذاتية ولا محاسبة اجتماعية، ولكنه يحاسب المرأة على كل حركة ونأمة وتعبير وجه، لانه يخشى على مكانته ورجولته أن تتزعزع، كونه اعتاد أن يكون الملك بلا منازع على قلب المرأة وروحها وجسدها وحاضرها ومستقبلها وتفكيرها، ويعتبرها من أملاكه الخاصة التي يجب أن يتحكم بكل تفاصيلها الجسدية والروحية. فإذا ما تزعزعت هذه المكانة غضب وآذى لفظيا ثم جسديا وقد يصل أذاه حد الجريمة.

 

بلا شك أن للشخصية العربية وتركيبتها النفسية مقوماتها التي جعلت منها هذه الشخصية العدوانية تجاه المرأة القريبة بالذات، الأخت والزوجة والأم والابنة، نفس هذا الرجل تراه حنونًا كريمًا شهمًا مع المرأة الأجنبية، أو التي لا تخصّه بقربى، بحيث يظهر لها كل ما لديه من مواهب وطيبة وتسامح وفنون.

 

علينا أن نعترف بأن هناك بيئة اجتماعية حاضنة للرجل العنيف تجاه المرأة، بيئة متسامحة، لا ترى فيه مجرما حينما يقوم بتعنيفها لفظيا أو جسديا أو جنسيا، ولكن حينما يحدث المحظور وتحصل جريمة القتل، يفوق الناس وتجدهك يصدمون لوهلة ثم يعودون الى ما كانوا عليه.

 

وبالذات هؤلاء الرجال من المناطق الصغيرة، او القروية التي تجد فيها كل شخص  يحفظ أبناء أسرته وكيف يعيشون. هذه البيئة التي لا زالت حتى هذه اللحظة تعيش في منعزل عن الحضارة ولا تحترم الخصوصيات وتحشر انفها في كل صغيرة وكبيرة، خاصة حين يكون الأمر يتعلق بخصوصيات المرأة، وفي هذه البيئة التي تستخف بخصوصيات وحقوق المرأة تنشأ هذه الشخصية وتكون مؤثرة عليها وعلى جميع ردود فعلها وتوجهها خفية من خلال ملاحظة هنا أو نظرة هناك في التعامل مع المرأة، بحيث يحاول الرجل أن يبقى القوي المتمكن المسيطر القادر على قمع المرأة امام المجتمع الذي طالما لا ينفك عن مراقبته واعطاء اراءه.

 

لذا ما يجب ان نتعلمه من هذه الجرائم اذا ما اردنا عدم تكرارها حقا ان نتعلم تحمل المسؤلية كي نغير الواقع ونبدأ بالمبادرة ونصلح  أنفسنا و نرفع مستوى الوعي في قضية المرأة منذ السن المبكرة ووضعها على رأس سلم اهتماماتنا وقضايانا الملحة حتى لا تتكرر مثل هذه الحوادث المبكية.