آخر تحديث :الأربعاء-25 ديسمبر 2024-03:31ص
صفحات من تاريخ عدن

(صفحات من تاريخ عدن )إذاعة عدن .. بداية تأسيسها ومراحل تشغيلها وتطويرها ( 1954 ــ 1967م)

الخميس - 03 يناير 2013 - 11:07 ص بتوقيت عدن
(صفحات من تاريخ عدن )إذاعة عدن .. بداية تأسيسها ومراحل تشغيلها وتطويرها ( 1954 ــ 1967م)
مبنى الاذاعة القديم ـ عدن الغد
عدن((عدن الغد)) خاص:

كتب / خالد شفيق امان


عند الحديث عن الدولة المدنية الحديثة دائما مايتبادر الى الذهن المنجزات التي تحققت على ارض الواقع من قبل مؤسساتها المختلفة ، وأكثر هذة المؤسسات هي المؤسسة الإعلامية باجهزتها وقروعها المختلفة التي من خلالها يتم محاطبة الجماهير والعمل على تنمية معارفهم ومداركهم وملامسة وتنشر وابراز همومهم ومعاناتهم وتكون منابر تنويرية حقيقية وحرة هدفها المساهمة في بناء الانسان ومجتمعه المدني الحضاري ، وعدن التي تميزت بالريادة على مستوى المنطقة العربية في جميع المجالات الخدمية والإقتصادية والتجارية والإعلامية وغيرها ، في نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين وتحديداً للفترة الممتدة من العام 1850م وحتى 1967م ، الحديث يطول عن الريادة في هذة المجالات التي تحسب لعدن المدينة الحضارية التاريخية الراقية ، والحديت عن كافة الجوانب يتطلب إفراد مساحات واسعة من الصفحات .لكننا سنخصص هذة الصفحة في صحيفة (عدن حرة) للحديث عن إذاعة وتلفزيون عدن وبداياته الأولى عند التأسيس .

 


إذاعة عدن :
قبل ان نسترسل في الحديث عن هذا الصرح الإعلامي لابد لنا من شرح الأوضاع الحالية المأساوية التي آلت اليها اقدم اذاعة في المنطقة العربية وهي اذاعة عدن التي انشئت في عام 1954م ، فما آلت اليه لم يكن الا نتاج لمخطط من نظام الإحتلال يندرج في إطاته المتخلفة الحاقدة لطمس الهوية الجنوبية بصروحها المختلفة الإعلامية والتربوية والسياحية والإقتصادية، ومعالمها التاريخية العتيقة وآثارها الموغلة في القدم . نعم .. لقد حصلت اذاعة عدن على نصيبها من هذا الطمس والعبث بمقدرات وانجازات شعب الجنوب وتحديدا ابناء العاصمة عدن بشخصياتها وكوادرها وكفاءاتها الذين كان لهم الدور الابرز في تأسيس اذاعة عدن هنا عدن دعونا نسلط الضوء على هذا المنبر والصرح الإعلامي المتميز


: هنا عدن .. انطلق صوت المذيع عبر الراديو في السابع من اغسطس عام 1954م ، تلك كانت بداية محطة عدن للإذاعة ، هكذا كانت تسمى قديماً ، والبداية كانت متواضعة وكان يشرف عليها آنذاك مكتب العلاقات العامة والنشر التابع للإدارة البريطانية في عدن ، حينها لم يكن البث يزيد عن ساعة و 45 دقيقة وبجهود حثيثة من قبل الموظفين والفنيين من ابناء عدن تمكنت الاذاعة من تمديد هذا البث الى 7 ساعات وبتناوب ثلاثة مذيعين هم (الفقيد الشيخ محمد عبدالله حاتم والشاعران المعروفان لطفي جعفر امان ومحمد سعيد جرادة ) ، وكان المرحوم حسين الصافي هو اول من عين مذيعاً رسمياً . التجهيزات الفنية للإذاعة : كانت الإذاعة عند تأسيسها عبارة عن استوديوهين صغيرين تبث منهما جميع الفقرات البرامجية ومجموعة من الاشرطة والاسطوانات ولها ثلاث مسجلات ذات الإستخدام المنزلي وغرفة لضابط الصوت ، وكانت الاثاث فيها شبه معدومة وكان عدد الموظفين 25 موظفاً فقط ، وظلت القوة الارسالية للاذاعة حتى عام 1956م محدودة للغاية وتعتمد كلياً على شركة البرق واللاسلكي البريطانية في تشغيل اجهزة ارسالها التي كانت تتكون من جهاز ارسالها بموجة قصيرة قواتها 7 ونص كيلو واطات ،


 
: مشروع تطوير الاذاعة


اعد في عام 1957م مشروعاً لتطوير الاذاعة بكلفة 100 الف جنيه استرليني دفعت من مالية تطوير المستعمرات ورفاهيتها ، ومن خلاله تم تزويد الاذاعة بأجهزة حديثة واستمر العمل التطويري للاذاعة حتى عام 1960م حينها افتتح فيها اول قسم هندسي كما استحدث استديو ثالث وعين عدد من المهندسين للاشراف على الشؤون الفنية ، وظلت البرامج والتمثيليات تداع على الهواء مباشرة . كوادر الإذاعة : اعتمدت الاذاعة منذ تأسيسها على عدد من الشخصيات والكوادر العدنية ضمت الاساتذة (احمد محمد الزوقري ــ حسين الصافي ــ عمر محمد مدي ــ منور الحازمي ــ علوي السقاف ــ ابوبكر العطاس ــ محمد عمر بلجون ــ عبدالحميد سلام ــ اشرف جرجرة ــ محمد مدي ــ عبدالرحمن باجنيد ــ خالد محيرز ــ عبدالله عزعزي ــ محمد حامد ) وفي الجانب الفني ( المهندس رجب عبدالقادر ــ صالح علي عفاره ) ، كما اسهمت المرأة العدنية في هذا العمل الإعلامي ممثلة بــ ( صفية لقمان ــ ماهية نجيب ــ سعيدة باشراحيل ــ عديلة بيومي ــ فوزية عمر ــ فوزية غانم ــ عزيزة عبدالله ــ نبيهة محمد) والانجليزية (مس بيري) ، ومن اللواتي عملن في مكتبة الإذاعة (نوال خدابخش ــ فوزية جوباني) ووصل عدد العاملات في منتصف الستينيات الى نحو 15 فتاة


اول مدير للإذاعة :
كان اول مدير للإذاعة السيد توفيق إيراني وهو لبناني الجنسية ، ويعمل تحت اشراف المستشار البريطاني المستر (مارسك) احو كوادر مكتب العلاقات العامة والنشر ، واستمر مديراً للإذاعة حتى عام 1958م ، وبعد مغادرته من الإذاعة عين بديلاً عنه (احمد محمد زوقري) عام 1958م ، وفي عام 1960معين مسؤلا للإعلام في عدن .
دور الإذاعة في الثورة التحررية :
عندما نمت الثورة واتسع نطاقها شعرت الحكومة البريطانية بأهمية الجانب الإعلامي ، فأستقدمت مستشارا اعلاميا لها الحقته بمكتب المندوب السامي في عدن ، وكان من رجال السلك الدبلوماسي البريطاني ، وفي تلك الفترة بدأ الاعداد لتأسيس التلفزيون ، فأرادت الحكومة البريطانية تعيينه مديرا للإذاعة والتلفزيون ، وحينها واجهت اعتراضات قوية من قبل الجنوبيين القائمين على ادارة الاذاعة واحتدمت الخلافات وتم التوصل الى  حل لها من خلال تعيين الاستاذ (حسين الصافي ) مديرا للإذاعة والتلفزيون ، اما الزوقري فقد استمر في عمله الإعلامي كوكيلا لوزارة الاعلام الى ان سرح من العمل الحكومي مع كبار موظفي الدولة في مارس 1968م ، تاركاً بصماته في كثير من جوانب العمل الإذاعي .

 

 

واهتم الصافي خلال عمله بكثير من الجوانب الادارية الداخلية والبرامج والانشطة الاذاعية فأستحدث كثير من الاعمال الاذاعية في المجال الرياضي والموسيقي ومايتعلق بشؤون المرأة وبرامج الأطفال ، كما عمل على تشجيع المرأة للإنخراط في العمل الإذاعي لابراز قدراتهن الإبداعية في هذا المجال ، وقد كان اولهن المذيعة (اسمهان بيحاني) التي بدأت حياتها العملية في الإذاعة كـ (عاملة تلفون) تم تدرجت بتشجيع منه الى ان اصبحت مذيعة مرموقة ،
وقام بتأهيل الكادر المحلي فأرسل عدد منهم للتدريب والتأهيل الى لندن وتحديدا في هيئة الإذاعة البريطانية ( B B C) .
برامج الإذاعة :


بعد قيام إتحاد الجنوب العربي الذي اعلن عنه رسمياً في 11 فبراير 1959م وانضمام مستعمرة عدن اليه رسميا في 18 يناير 1963م تم تغير اسم محطة عدن للإذاعة ليصبح (إذاعة الجنوب العربي) ،
كان للإذاعة عدد من البرامج منها البرامج الثقافية الأدبية كبرنامج (بريد الأدب ــ في رحاب الشعر) والبرامج التاريخية كبرنامج ( أيام خالدات ــ نافذة التاريخ) ، والبرامج التربوية والتعليمية كبرنامج ( ركن الطلبة ــ تعليم الإنجليزية بالراديو) ، والبرامج التوجيهية كبرنامج ( اقوال وحكايات ــ اجمل ماقرأت) ، وكان قسم الثقافة في الاذاعة يضم مكتبة تحتوي على الف كتاب متنوع والصحف والمجلات والنشرات اليومية وكلها كانت في متناول جميع العاملين والموظفين في الاذاعة لقراءتها والاستفادة منها في عملهم ،


ومن اشهر المتحدثين في هذة البرامج الاستاذ الدكتور (محمد عبده غانم) والصحفي الكبير (محمد علي باشراحيل) والشاعر (علي محمد لقمان) و (عبدالرحمن جرجرة ) والشاعر (لطفي جعفر أمان) والشاعر (محمد سعيد جرادة ) والمؤرخ (حمزة علي لقمان ) و (احمد شريف الرفاعي ) وغيرهم كثيرون .،


البرامج الرياضية :في عام 1954م عين (جعفر مرشد) مراسلاً رياضياً للإذاعة واستحدث برنامج (ركن الرياضة) الذي كانت مدته ربع ساعة يذاع في الساعة السادسة والنصف من مساء كل يوم احد ،   من خلاله كان يتم تزويد المستمعين بأخبار المباريات الرياضية ككرة القدم من الملعب البلدي بكريتر ،
كانت إذاعة عدن السباقة الى تقديم برنامج رياضي تابث من بين جميع الإذاعات العربية في تلك الفترة ولم تسبقها في هذا المجال سوى إذاعة القاهرة .

 


برامج المرأة والطفل :كانت برامج المرأة والطفل اسبوعية تقدم من احدى البريطانيات ، وطلب الصافي ان يكون البرنامج يومي لأهميته فأعتذرت فلجأ الى الكادر المحلي ، فكانت اول من لبت النداء هي السيدة (ماهية نجيب) والآنسات ( نبيهة محمد ــ فوزية عمر ــ صفية لقمان ــ نجاة راجح ــ عزيزة عبدالله) ، وبعد ان تحول الى برنامج يومي حمل عنوان (ربات البيوت) وانظم الى اسرته (فوزية غانم) التي نجحت في ابراز مجلة اسبوعية ، وعندما عُينت فوزية غانم
وعديلة بيومي رسمياً في الإذاعة تولت فوزية البرنامج وقفز في عهدها خطوات الى الامام ، كما اهتمت بتقديم برامج اسبوعية خاصة بالاطفال والاغاني الخاصة بهم والتمثيليات ، وبرع في هذا الجانب الاستاذ (علوي السقاف) الذي اشتهر بين الاطفال باسم (بابا علوي)
البرامج الدينية : تناوب الشيخان الفاضلان المرحومان ( علي محمد باحميش ــ محمد سالم بيحاني) على تقديم الأحاديث الدينية صباح كل يوم ، وفي العام 1957م تمكنت اذاعة عدن من نقل آذان المغرب للمستمعين في شهر رمضان من جامع العيدروس وكذا نقل شعائر خطبتي وصلاة الجمعة اسبوعيا عبر الأثير وصلاة العيدين .



الأخبار والبرامج السياسية : لم يكن للإذاعة عند افتتاحها مراسلون لنقل الأخبار ولا اجهزة خاصة بذلك ، وكان المصدر الرئيسي للأخبار هي هيئة الإذاعة البريطانية ، اما الأخبار المحلية فيتم استقاءها من ادارة البرق واللاسلكي وادارة الهاتف وادارة الهجرة والجوازات ، والمذيعان اللذان اشتهرا بتقديم الأخبار آنذاك المذيعان (محمد حامد عبدالغني ــ محمد صالح راجح) .

 

البرامج الموسيقية : اهتمت الاذاعة بتطوير التراث الغنائي من خلال اعادة تسجيل اغاني المطربين القدامى امثال الشيخ علي ابوبكر واحمد عبيد قعطبي وعلي عبدالله المسلمي وابراهيم الماس وغيرهم ، وافسح لهم المجال فيما بعد لتسجيل انتاجهم مباشرة في الاذاعة مع فرقة موسيقية متكاملة وتحفيزهم مادياً بدفع خمس شلنات مقابل تسجيل كل اغنية ، وسجلت ايضا اغاني بأصوات نسائية جماعية وقد اشترك في هذة التسجيلات الثلاثي اللطيف الذي تكون من الفنانات ( ام الخير العجمي ــ فتحية الصغيرة ــ صباح منصر) كما ظهرت بعد ذلك الفنانة (نبيهة عزيم) بأغاني مشتركة مع الفنانين (ابوبكر سالم بلفقيه ــ محمد صالح عزاني ) وتعد الفنانة نبيهة عزيم اول فنانة جنوبية عدنية تسجل اغانيها في الاذاعة ، وبعدها جاءت رجاء باسودان وصباح منصر . كانت فرقة (خليل محمد خليل) تسجل للإذاعة مجاناً لنشر الأغنية العدنية على اوسع نطاق ، وفرقة (يحيى مكي) التي كان من فنانيها احمد قاسم وعبدالرحمن باجنيد وحسن وحسين الفقيه ومحمد سعيد منصر وفرقة (حسن وحسين خدابخش) التي كان مديرها الفنان الكبير محمد سعد عبدالله ، وبعض التسجيلات الخارجية للموسيقيين من محافظة لحج وحضرموت وابين ، واسهمت الاذاعة في توثيق وتطوير الوان الغناء ( العدني واللحجي والحضرمي واليافعي ) ، وكان (عبدالحميد سلام) يقدم برامج متنوعة وكان اشهرها برنامج مايطلبه المستمعون التي كانت له شعبية واسعة وكان يستلم اسبوعيا مالايقل عن 2200 بطاقة طلب ما ادى الى زيادة وقت البرنامج اليومي في نهاية عام 1961م الى 9 ساعات اسبوعياً .


 
الدراما الإذاعية : كان للدراما الإذاعية عظيم الأثر في نفوس المستمعين من المجتمع المحلي ، فقد اشترك فيها كوكبة من الشخصيات الإجتماعية وجلهم من الموظفين والعاملين في الإذاعة ، تميزت الأعمال بالتمثيليات التي كان يحرص المستمعون على متابعتها يومياً ، ومن هذة الشخصيات ( الاديب الشاعر لطفي جعفر أمان) الذي كانت له مواهب متعددة وقدرة على لعب دور اكثر من شخصية في المسرحية الوحيدة و (علوي السقاف ــ محمد مدي ــ ابوبكر العطاس ) ومن خارج الاذاعة (خالد الصوري ــ جميل غانم )
اعمال درامية تمثيليات ومسرحيات كثيرة اذيعت خلال 1957 الى 1962م لعل اشهرها مسلس ( شمسان يتحدث) الذي اشترك فيه مايقرب من 43 شخصية وجميعهم من الموظفين والعاملين في الاذاعة حتى الحرس
فيها تم اشراكهم بأدوار تم تحفيظهم اياها جملة جملة نظرا لأميتهم ، ولكنهم ابدعوا جميعا نظرا لحبهم لهذا العمل