آخر تحديث :الخميس-18 أبريل 2024-01:43ص

ملفات وتحقيقات


ملف عن الأسباب الأبرز وراء إنهيار الإقتصاد في المدن المحررة

الثلاثاء - 09 أكتوبر 2018 - 02:24 م بتوقيت عدن

ملف عن الأسباب الأبرز وراء إنهيار الإقتصاد في المدن المحررة

القسم السياسي بصحيفة عدن الغد

فساد الحكومة وسياسة التحالف..صناعة الفشل ورعاية الفساد

كيف تخدم خطوات التحالف الإنهيار الإقتصادي داخل المدن المحررة؟

كيف يؤثر إغلاق الموانئ والمطارات على الإقتصاد؟

كيف يدعم فساد الحكومة ضرب العملة والإقتصاد؟

إيقاف تصدير النفط والغاز...لمصلحة من؟

 

تقرير/صالح المحوري

قبالة مكتب البريد في كريتر جنوبي عدن ،كان العديد من كبار السن يصطفون في طوابير طويلة لإستلام مرتباتهم الشهرية؛ لكن هذا لم يحدث إلا بصعوبة بالغة.

 

وفي الجهة الأخرى من الشارع الرئيس للمدينة القديمة، كانت هناك تظاهرة نظمها بعض النشطاء والسكان المحليين إحتجاجًا على تردي الوضع الإقتصادي وإنهيار العملة.

 

وهذه هي الصورة الحالية لما تشهده المدينة الساحلية التي تتخذها الحكومة المعترف بها دِوليًا مقرًا مؤقتًا لها.

فبينما تتصاعد الأزمة الإقتصادية، على وقع إيقاف عمليات التصدير للنفط والغاز، وفساد الحكومة التي يتزعمها أحمد بن دغر، كما جاء في التقارير الدولية عن الوضع في اليمن، تغيب الحلول الناجعة من الطرفين لإنقاذ الإقتصاد.

 

وهذا أنعكس بشكل مباشر على عمل المرافق الإدارية داخل المدينة التي لم تستطع تقديم خدماتها للأهالي.

والآن لم يعد ثمة من بديل للناس في عدن والمدن المحررة إلا الخروج رفضًا لإستمرار الفساد داخل المنظمومة الحكومية، ولسياسات التحالف العربي التي تمثل أحد الأسباب الحقيقية وراء تعاظم الأزمة الإقتصادية في البلد.

 

البحث عن هادي؟

 

من الناحية السياسية يبدو الرئيس اليمني عبد ربة منصور هادي أكثر المتضررين من إستمرار الأزمة الإقتصادية، فإدارة الرجل بدت عاجزة عن إتخاذ خطوات جريئة للحل من جهة ولم تفرض نديتها منذ البداية للتحالف الذي تقوده السعودية من جهة أخرى.

 

كان هادي يدرك منذ البداية كيف يتحرك التحالف داخل اليمن وكيف إن تلك الخطوات قد تضرب صميم الإقتصاد داخل البلد لأنها بالإساس تتحرك في مناطق تعد ركيزة اساسية لدعم الإقتصاد والحديث هنا عن السيطرة على المواقع النفطية في المدن المحررة.

 

ويدرك هادي جيدًا مدى الفساد المستشري الذي يبدأ من إدارته ويصل إلى أعضاء الحكومة، ولكن الرجل لم يقدم على خطوات لتقليص حجم التمثيل الدبلوماسي أو إتخاذ قرار لصرف مرتبات الجهاز الحكومي بالدولار.

 

إيقاف تصدير النفط والغاز.

 

تتضمن البيانات الرسمية داخل الإعلام الحكومي الموالي للرئيس اليمني، أخبار وقصص صحفية عن محاولات حثيثة تسعى لها إدارة الرجل لوقف نزيف الإقتصاد في البلد، لكن الذي ليس مؤكدًا مدى فاعلية تلك الخطوات مع غياب الركائز الأساسية لإنجاحها.

 

وتبدو إدارة هادي عاجزة عن فرض شروطها على التحالف العربي للبدء في تصدير النفط والغاز من المنشئات الحيوية الخاضعة لقوات محلية تدعمها الإمارات، وقبل ذلك فإدارة هادي تحصد ما يبدو أنه سوء إستخدام التحالف. لأنه بينما كان هادي يتحدث عن دحر الإنقلاب ورفع العلم الجمهوري في مران معقل الحوثيين، كانت السعودية والإمارات ترفعات أعلامهما في سقطرى والمهرة وعدن وشبوة وحضرموت.

 

وتبرز إزدواجية هادي مع التحالف الذي تدخل لإعادة شرعيته. فالأول يركّز على تحجيم الحوثيين ومحاربتهم، ويطالبهم بالمزيد دعمًا لقواته، لا يتأخر التحالف كثيرا في تمرير دعمه.

لكنه بعد إن أفرغ هادي وإدارته من عوامل القوة، بدأ يعزز سيطرته في محافظات لم يصلها الحوثيين، لكنها تحتضن منابع ثروة هائلة.

 

والحجة التي دأب الخليجيون على تقديمها ليبرروا حضورهم في تلك المحافظات، هي فرض الأمن ووقف عمليات التهريب التي يعتقدون أنها تأتي للحوثيين عبر المهرة.

 

لكن تواجد السعودية والإمارات داخل المطارات والموانئ لا يتعلق منطقيًا بوقف عمليات التهريب، لأن هذه المواقع لاتقع في الإطراف كما أنها ليست مواقع مناسبة للتهريب وبالتالي يشيء هذا بنوع من التمهيد لسيطرة عسكرية مستقبلية لتمرير مخططات إقتصادية من قبيل تمرير إنبوب النفط السعودي عبر المهرة وانشاء ميناء على ساحل البحر العربي بغية التخلص من الضغط التي تمارسه إيران بمحاولاتها إغلاق مضيق هرمز.

 

التحالف العربي كان منذ البداية يسعى للتواجد داخل الموقع المهمة في البلاد حيث الموانئ والمنافذ ومنابع النفط والغاز وهذا هو التفسير لتواجد السعودية والإمارات في محافظات عدن حضرموت والمهرة وشبوة ومساعيها الجديدة لتعزيز الحضور في مدينة الحديدة جنوبي غرب البلاد.

 

وفي قراءة سريعة لدوافع الأزمة الإقتصادية، يتضح إن سياسة التحالف العربي بإيقاف تصدير النفط والغاز تنتج كلفة كبيرة على حالة الإقتصاد لأن وقف عمليات التصدير تضرب القيمة المالية للريال وتساهم في تراجعه بما ينعكس على المواطن بشكل مباشر.

 

كما إن ذلك يخلق أزمة أخرى في المشتقات النفطية التي ترتبط أساسًا بالكهرباء ووسائل النقل والمواصلات ما ينتج أزمات عديدة تضرب بدرجة رئيسية المجتمع.

 

فساد الحكومة

 

تبرز الحكومة اليمنية برئاسة د.أحمد عبيد بن دغر كأحد أكثر الأسباب وراء تدهور الوضع الإقتصادي داخل المدن المحررة وهذه هي نتائج تقارير دولية محايدة أبانت عن مسؤولية مباشرة للحكومة في تردي الحالة الإقتصادية في اليمن.

 

الحكومة اليمنية التي تضم أربعة وثلاثين وزيرًا نصفهم لا يؤدي عمله أو بالأحرى لم تعد للوزارات التي يتولون المسؤولية فيها أية مهام في ظل وضع الحرب، باتت مصدر دخل يدر أموالًا على أعضاء الحكومة وأقاربهم.

 

وهؤلاء الوزراء أستغلوا مناصبهم الحكومية ليقودوا عمليات فساد ونهب للمال العام، عبر سحب الأموال مقابل منح دراسية ورحلات سفر لابنائهم وأقاربهم، وكان البعض منهم يُسحب أموالًا ويودعها في حسابات بنكية وهذه تعد أحد وسائل الفساد ونهب المال العام.

 

وليس ببعيد عن هذا، تحصّل ابناء بعض الوزراء والوكلاء والمدراء داخل الوزارات وأعضاء يملكون درجات أصغر، على وظائف داخل الوزارات والمكاتب الإدارية وبعض السفارات والقنصليات في عدد من البلدان العربية والعالمية.

 

ومن بين أوجه الفساد داخل أروقة الحكومة اليمنية، هو إن الجهاز الحكومي خارج البلد الذي يضم الرئيس ونائبه ورئيس الحكومة والوزراء والوكلاء ومن يأتي بعدهم تبعًا لدرجة كل منهم، يتلقون مرتباتهم بالدولار ما تسبب بشكل أو بآخر في تصاعد الأزمة الإقتصادية وضرب العملة وإستهلاك ميزانية الدولة.

 

حكومة بن دغر لم تقدم خطوات ناجعة لوقف نزيف العملة والإنهيار الإقتصادي، فذهبت لتمول مشاريع وهمية داخل المدن المحررة كان الغرض منها تغذية جيوب نافذين داخل الحكومة اليمنية. لكن يمكن القول إن التحالف العربي كان يراقب ذلك، بيد أنه لم يفعل شيئًا ليوقف عمليات الفساد داخل الحكومة وهذا يبدو أساسًا يفيد إستمرارية التحالف ونجاح إستراتيجية داخل اليمن.

 

ومع أنه مضى عامين ونصف على تقلد بن دغر رئاسة الحكومة، إلا إن المؤتمري البارز في جناح الرئيس اليمني عبد ربة منصور هادي،لم يستطع وأعضاء حكومته إداره ملف الخدمات داخل المدينة بشكل ناجح.

 

هل من حلول؟

 

الأزمة الإقتصادية التي تضرب البلد منذ فترة، لا تحتاج إلى حلول مجتزئة أو ترقيعية ولكنها تتطلب خطوات فاعلة من قبيل السماح بتصدير النفط والغاز من المواقع النفطية التي يسيطر عليها حلفاء التحالف المحليين، وإذا ما تم البدء في تصدير النفط والغاز من مواقعها، فإن ذلك سيخدم إستقرار العملة وسيعزز من تعافي الإقتصاد شيئًا فشيئًا.

 

ومن جانب آخر لابد من تفعيل الحركة الملاحية داخل المطار والميناء في عدن لأن هذا أيضًا يُدر مبالغ في خزينة الدولة من البضائع والحركة السياحية من وإلى البلاد.ولكن الأمر لا يقتصر على مطار وميناء عدن فثمة مطارات وموانئ حضرموت والمهرة وإن بدت تعمل إلا أنها لا تعمل بالشكل الذي كان سائدًا حتى قبل الحرب.

 

كما وينبغي الإشارة إلى تفعيل الرقابة على محلات الصرافة وإيقاف الوكالات غير المرخصة التي تساهم في سحب العملة ما يؤثر بشكل مباشر على الوضع الإقتصادي بالمجمل. كما يجب بالضرورة صرف مرتبات الجهاز الحكومي خارج البلد بالعملة المحلية بما يعزز من قيمتها، وإيقاف الصرف بالعملة الأجنبية لما لذلك من تأثير سلبي على العملة المحلية.