آخر تحديث :الجمعة-20 سبتمبر 2024-12:43ص


الابداع والمبدع

السبت - 01 مارس 2014 - الساعة 10:59 م

أماني باخريبة
بقلم: أماني باخريبة
- ارشيف الكاتب


إن الارادة القوية والتفكير، واكتشاف الذات ، ومواصلة السير، وتحمل الضربات القاسية، ومواجهة الالم، والصبر الذي لا ينفد، ومداومة المطالعة في الكتب وتوظيف التجارب الحياتية الاخرى… كلها عوامل لصناعة العبقرية، والعبقرية في خلق الشي الجديد، والقضاء على التبعية والتقليد.

وأعلى درجات العبقرية الابداع وهي نهايته وليست بدايته، كما يعتقد البعض، والكثير من الناس تخلط بين العبقرية والنابغة ، فالعبقري هو الذي يشق طريقا جديدا ، والنابغة هو الذي يسلك طريقا معروفا بتميز.

 تلفتني كثيراً صفة لازمت مبدعين كثر عبر التاريخ ، وهي الظروف القاسية التي خلقت تحدياً كبيراً في دواخلهم.

 يبقى الإبداع لصاحبه همّاً ذاتيّاً وغربة تستمد من القلق روحاً، غربة لا يعرفها إلا من كابدها.

 فعالم المبدع غير مرتبط بزمن معين ، او سن معين ، أو نسل ، أنما يقوم ويتحقق بالكفاح الواضحة اهدافه ، وبقوة الايمان ، والاستمرار..

والشخص المبدع له روح مرهفة وقابلة للكسر، مسكون على الدوام بحميمية التفاصيل.. واسع الجمال .. ينتمي إلى قضيتة حدّ التلبّس، وقد يشتبك مع البيئة الأقرب إليه كونه يجد نفسه محاصرا داخل زمن لا يعنيه ومكان لا يختصّ به ووجوه يكاد لا يعرفها، لهذا يصفه المقربون بالغامض والمتناقض والسرّي.

هل تصنع السعادة مبدعاً ، أو هل تولّد أريحية العيش رغبة التحدي ؟ أو أن غياب الشمس يجبر الانسان أن «ينضج في الجليد» ويحفزه كي ينبت أزهاره فوق سطح الصقيع.. السعادة لا تصنع مبدعاً يقول جبران، وان أصحاب النبوغ تعساء مهما تسامت أرواحهم، تظل مكتنفة بغلاف من الدموع.

 وحده المبدع يعزف وينزف في آن معاً، ووحده القادر أن يحتمل النضج على نار المعاناة والإهمال بهدوء، وهو الهادئ كسطح بحيرة موغلة في العمق.. الصاخب كموج البحر.

 قدر المبدع غربته.. غربة ذاتية وغربة مجتمعية كلما اشتدت، تفجرت تجربته المختلطة بالعاطفة والمعاناة، وكلما تعمّقت، ترصّع إبداعه أكثر وتذهّب.
ولا تدري هل شقي بإبداعه أم شقي ابداعه به.. هذا الذي من بؤسه أن يتم تكريمه أو تذكّر وجوده وهو على فراش الوهن أو بعد موته في بيت متواضع !. كم ينقصنا التقدير لمبدعينا، فهم لا زالوا بيننا غرباء