آخر تحديث :الخميس-25 أبريل 2024-03:31ص

عيد مغلوب

الثلاثاء - 15 أكتوبر 2013 - الساعة 08:11 ص

عامر السعيدي
بقلم: عامر السعيدي
- ارشيف الكاتب


لا يوجد شيء اسمه عيد والمناسبات الدينية ليست مواسم للأفراح والأصل أن الحكمة من العيدين في تراثنا هي اجتماعية وليست احتفائية بمعنى أن المناسبة كانت من أجل ترابط المجتمع ورفع الوعي الانساني بالانسان كان الرسول في هذه المناسبات يعمل على مواساة الاطفال الايتام و المرضى و الارامل والعجائز والفقراء واصحاب الاحتياجات الخاصة ، وكان يحث على ذلك لكن مع الايام انحرف البعد الانساني وتحولت هذه المواسم الى مواسم فشخرة وكرنفالات رسمية وبطائق تهنئة .

 

في الواقع مايسمى بالعيد هو إساءة برجوازية لروح الانسان عموما  فقير في الحي يشعر بالحرج والعجز امام أطفاله وهم يشاهدون أصدقائهم وأبناء جارهم المترف يرفلون كعرائس بحرية .

 

الاطفال للأسف يعون جيدا حال أهاليهم وهذا مؤلم أكثر إذ لا ذنب للطفولة بتحمل قهر الواقع الذي يعيشون فيه غرباء .

 

طفل يتأمل الحزن العميق في عين والده ويسأل أمه لماذا أبي يضحك كثيرا عندما نكون معه ويبكي عندما نخرج ؟

 

امرأة في الشارع تبحث عن قوارير الماء الفارغة وأخرى تتسول في الجولة عجوز وحيد لا يمر عليه أحد ليقول له عيد سعيد طفلة تبكي لأن أمها الأرملة لم تشتري لها فستان كالذي مع صديقتها في المدرسة وأخرى تقول أن صديقتها تتمسخر منها لأن جزمتها رثة ومرقعه حكايات وحكايات .. كل منها أكثر وجعا من أختها ..

 

لا يوجد نظام ولاعدالة اجتماعية على المستوى الرسمي لا توجد انسانية عموما ومع هذا تسمع الخطابات الرنانة وهي تنال من جراح سواد الناس كلما تكلمت عن الحياة الكريمة والسعادة والخير .

 

فشخرة الأثرياء في مجتمع يعيش تحت خط الفقر ليست فرحا تفاخر رجال الدين بعدد مرات الحج وعدد الزوجات ووو ليس دينا العيد والفرح والدين والسعادة في قدرة الانسان العادي على الابتسامة رغم كل القذارة التي تحيط به في مجتمع منحط .

 

الله لن يكون سعيد بأن تذهب للحج وجارك أو أحد أقاربك مصاب مثلا بالسرطان لذلك جعل الحج من الكماليات وليس من الضرورات كما أن الله لن يتبسم لك وانت تزور قصر باذخ لصديقك وعندما تمر ببيت مهمش متواضع تتأفف وتتعالى حتى من رد السلام  قبل أيام كنت أقرأ رواية " الخيميائي " للسيد " باولو كويلو " طبعا الكاتب حسب ثقافتنا العامة يعتبر كافر لكنه تكلم عن بائع البلور المغربي المسلم  الذي قال له أنه يعيش على أمل أن يزور الكعبة ويؤدي شعيرة الحج طبعا العربي هذا يملك من المال يكفي لتحققيق أمنيته لكنه لم يفعل حتى يظل الأمل قائما ويظل يعمل بحيوية ليأكل وينفق على المساكين ويتصدق كما يريد الله ، يعني يدرك ان فعل الخير أحب الى الله من الحج .

 

خطيب الملك على جبل عرفات يغتسل بالنفط ويخرج ليحدث الناس عن القناعة كما يتعمد تجاهل المشاكل الاجتماعية والسياسية والفكرية للامة ويتنطع في الدعاء لولاة أمور المسلمين في الحقيقة نحتاج الى ثورة على الواقع عموما على النظام وعلى الدين وعلى القيم وعلى مراكز النفوذ وشبكات الفساد وبرجوازية الذئاب ومن أجل تحقيق المساواة والعدل وإحياء روح الانسانية التكافل الإجتماعي والرحمة والعدل والنظام والقانون و الاخلاق وأشياء ذات علاقة هي في الأصل ما سيجعل الرب مبسوطا منا بس للاسف المجتمع العربي مجتمع متوحش ويحتاج الى نظام انساني صارم لترويض هذه المخلوقات العجيبة .. كان عمر بن الخطاب نموذجا لا أدري لماذا أشعر أن عليّ أن أبصق في وجه الدنيا وأبتسم من أجل كل انسان في الدنيا ..

 

العيد هو بسمة بسيطة بدون تكلف ولا نفاق ابتسموا يا أشقياء العالم .. وأنتم أيها الكادحون إبتسموا ... وبس