✍️ رشيد محمد عجينة
رئيس مجلس عدن الوطني
الهيئة التنسيقية لمكونات عدن الوطنية ومنظمات المجتمع المدني العدني
حضرة اللواء الركن عيدروس قاسم الزبيدي، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، حفظكم الله،
نخاطبكم اليوم من قلب مدينة عدن، مدينة العلم والحضارة، التي كانت ولا تزال رائدة في احتضان النخب والعقول، والتي طالما أنجبت كفاءات ساهمت في بناء الوطن وخدمته. نوجه لكم هذه الرسالة بلسان أبناء المدينة، وبلسان طلابها وطالباتها الذين يقفون اليوم على مفترق طريق، بين مستقبلهم الأكاديمي المأمول، ومصير غامض قد يزج بهم إلى الشارع بفعل مناكفات سياسية لا علاقة لها بحقوقهم المشروعة في التعليم.
إن طلابنا في المرحلة الثانوية، لا سيما طلاب الصف الثالث الثانوي، هم نواة البنية التحتية البشرية لمستقبل البلاد، وهم من يعول عليهم في النهوض بالاقتصاد الوطني، ومواكبة التطورات التكنولوجية، وإدارة شؤون البلاد بأسلوب عصري ومتقدم. وعليه، فإن التعليم، وخاصة في هذه المرحلة المفصلية، يجب أن يُحمى من العبث السياسي، وأن يُرفع عنه غبار المكايدات النقابية أو التجاذبات الفئوية.
لقد تابعنا بأسف بالغ الدعوات المتكررة لتوقيف امتحانات الثانوية العامة في مدارس عدن، تحت ذرائع واهية، فيما تستمر العملية التعليمية بصورة طبيعية في بقية المحافظات، بل وتُجرى الامتحانات بشكل منتظم. فهل يُعقل أن يُمنح طلاب المحافظات الأخرى فرصة الالتحاق بالجامعات والمعاهد، بينما يُقصى أبناء عدن من هذه الفرصة، ويُحرمون من حقهم الطبيعي في استكمال تعليمهم الجامعي؟!
توقيف امتحانات الثانوية العامة ليس مجرد قرار إداري، بل هو قرار يهدد حاضر عدن ومستقبلها، ويفتح أبواب الفراغ والبطالة والتهميش لجيل كامل. جيلٌ نراه اليوم يترنح بين أمل التعليم وسياط الإقصاء، وهو ما يفتح المجال أمام تزايد حالات التسرب المدرسي، والانجراف نحو الشارع، وربما نحو مصائر مجهولة.
من هنا، نناشدكم – وأنتم أحد القادة المعنيين بمستقبل الجنوب وعدن على وجه الخصوص – أن تتدخلوا بشكل مباشر لإنقاذ ما تبقى من العام الدراسي، وفرض حماية حقيقية للعملية التعليمية، خاصة في هذه المرحلة الثانوية الحساسة. كما ندعو كافة المسؤولين في الحكومة والسلطة المحلية وسلطة الأمر الواقع، إلى أن يجعلوا من التعليم أولوية قصوى، ويفصلوه تماماً عن الخلافات السياسية أو النقابية، فالتعليم لا ينتظر، ومستقبل أبنائنا لا يحتمل المماطلة.
نريد لعدن أن تعود إلى موقعها الطبيعي كمركز علمي وثقافي، وأن تكون منارة للمعرفة، ومحرّكاً للتنمية الاقتصادية والعلمية، من خلال كوادرها الشابة المؤهلة في مجالات القانون، والاقتصاد، والمناطق الحرة، والصناعات، وعلوم البحار، والإدارة الحديثة. ولن يتحقق ذلك إلا بتمكين طلابنا من مواصلة تعليمهم، دون عراقيل.
إننا نثق بأن صوتكم سيكون حاسماً في هذا الملف، وأن عدن ستظل في قلب اهتمامكم، كما عهدناكم دوماً. فلنحمِ أبناءنا من الضياع، ولنحفظ لهم حقهم في التعليم، لأنهم أمل هذا الوطن، وصمام أمانه نحو المستقبل.