آخر تحديث :السبت-29 مارس 2025-10:26م

الرياضة تصنع الفارق دوري أمني في عدن يعزز التلاحم ويعيد الحياة للملاعب

الجمعة - 21 مارس 2025 - الساعة 10:18 م
د. قاسم الهارش

بقلم: د. قاسم الهارش
- ارشيف الكاتب


بعد توقف دام قرابة عقد من الزمن شهدت العاصمة المؤقتة عدن حدثا رياضيا استثنائيا حمل في طياته معاني أعمق من مجرد منافسة كروية. فقد نظمت وزارة الداخلية، برعاية مباشرة من معالي الوزير اللواء الركن إبراهيم حيدان، بطولة كروية جمعت وحدات الأجهزة الأمنية في عدن بإشراف اللواء الدكتور قائد عاطف ورئيس اتحاد الشرطة الرياضي العميد الكابتن نور الدين عبدالغني إلى جانب حضور نخبة من القيادات الأمنية والرياضية.

هذه البطولة لم تكن مجرد مباراة على المستطيل الأخضر بل كانت رمزا لعودة الحياة وإشارة واضحة إلى أن الأمن والاستقرار يمكن أن يكون لهما وجه آخر أكثر إشراقا حيث تجتمع الفرق ليس لحراسة المدن وحسب بل أيضا لتعزيز الروابط بين أفرادها في ميدان الرياضة.

لم تكن هذه البطولة مجرد فعالية رياضية بل مثلت خطوة في مسار إعادة بناء الروح الجماعية وتعزيز التعاون بين أفراد الأجهزة الأمنية. فالرياضة لطالما كانت لغة عالمية قادرة على توحيد الصفوف وتجاوز الخلافات وهنا في عدن جاءت هذه الفعالية لتعيد لم شمل القوات الأمنية تحت راية واحدة ليس فقط في الميدان الأمني بل أيضا على أرض الملعب.

لقد أظهرت هذه البطولة أن الأمن ليس مجرد دوريات وتفتيش ومهام عسكرية بل هو أيضا بناء للثقة بين أفراد المجتمع وتعزيز للروح الجماعية داخل المؤسسات الأمنية مما ينعكس إيجابيا على أدائهم في الميدان.

لم يكن تنظيم هذا الدوري مجرد حدث رياضي بل كان رسالة واضحة بأن عدن تسير نحو الاستقرار وأن هناك رغبة جادة في إعادة إحياء النشاطات الاجتماعية والثقافية التي توقفت لسنوات بسبب الأوضاع التي شهدتها البلاد.

الحضور الجماهيري والتفاعل الكبير مع البطولة يعكسان تعطش الشارع العدني لمثل هذه الفعاليات فالملاعب لم تكن ممتلئة فقط برجال الأمن، بل كانت تعج بالمشجعين الذين وجدوا في هذه المباريات متنفسا جديدا يعيد لهم جزءا من حياتهم الطبيعية. الرياضة في جوهرها تعكس صورة المجتمع وعندما تزدهر الرياضة في مدينة ما فانها تدل على تعافيها واستعادة عافيتها وهذا ما بدأت عدن تخطو نحوه.

النجاح الذي حققته هذه البطولة يفتح الباب أمام المزيد من الفعاليات الرياضية التي يمكن أن تساهم في بناء جسر تواصل قوي بين أفراد الأمن والمجتمع. وربما تكون هذه الخطوة مجرد بداية لسلسلة من البطولات والأنشطة التي تعزز الروح الرياضية وتعكس الصورة الحقيقية للاستقرار في المدينة.

ما حدث في عدن لم يكن مجرد مباريات كروية بل كان تأكيدا على أن هذه المدينة رغم كل ما مرت به قادرة على النهوض وقادرة على احتضان الحياة مجددا.

لقد أثبتت هذه البطولة أن الرياضة ليست مجرد لعبة بل هي أداة قوية لإعادة بناء المجتمعات وتعزيز السلام والاستقرار. واليوم ومع عودة المنافسات الرياضية إلى عدن يفتح الباب أمام أمل جديد بأن تكون الملاعب شاهدا على مستقبل أكثر أمنا حيث تسمع صافرات الحكام أكثر من أصوات الرصاص وحيث تتلاقى الأقدام في الميدان بروح التنافس لا التناحر.

عدن اليوم ليست مجرد مدينة شهدت مباراة لكرة القدم بل هي مدينة أثبتت أن الحياة يمكن أن تعود مهما طالت فترات التوقف.