آخر تحديث :الثلاثاء-01 أبريل 2025-05:13ص

تداعيات التصعيد ومستقبل السلام بعد تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية

الخميس - 06 مارس 2025 - الساعة 03:40 ص
د. قاسم الهارش

بقلم: د. قاسم الهارش
- ارشيف الكاتب


يعد قرار الولايات المتحدة تصنيف جماعة الحوثي كمنظمة إرهابية دولية خطوة مفصلية في مسار الصراع اليمني، لما له من تداعيات سياسية واقتصادية وعسكرية على الأرض. فبينما ترى الحكومة الشرعية والتحالف العربي في القرار فرصة لتضييق الخناق على الحوثيين، تلوح الجماعة بمزيد من التصعيد العسكري، مما يجعل الأشهر القادمة حاسمة في تحديد مستقبل اليمن.

يأتي هذا التصنيف في وقت تشهد فيه المنطقة تطورات أمنية حساسة، كما يأتي القرار عقب سنوات من انتهاكات الحوثيين ضد المدنيين في اليمن، واستخدامهم للموارد الاقتصادية لتمويل حربهم. ترى واشنطن أن هذا التصنيف سيحد من قدرة الجماعة على الوصول إلى التمويل الدولي، ويزيد من الضغوط عليها للانخراط في عملية سياسية جادة..

تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية يعيد ترتيب أولويات الأطراف الفاعلة في الملف اليمني، سواء داخليا أو دوليا. فمن جهة، قد يدفع الحوثيين إلى عزلة دبلوماسية متزايدة، خاصة مع تقييد تحركات قادتهم وعزلهم عن أي مفاوضات مباشرة مع المجتمع الدولي. ومن جهة أخرى، قد تستغل الجماعة هذا التصنيف لتعزيز خطابها التعبوي داخليا، مدعية أنه استهداف سياسي يبرر استمرارها في القتال.

مع دخول القرار حيز التنفيذ، يتوقع أن ينعكس ذلك على المعاملات التجارية بين المناطق المحررة وتلك التي يسيطر عليها الحوثيون. فمن المرجح أن تتردد الشركات والمؤسسات المالية في التعامل مع التجار والمؤسسات الواقعة تحت سلطة الحوثيين خوفا من العقوبات، مما قد يؤدي إلى أزمة في الإمداد، وارتفاع الأسعار، وتفاقم الأزمة المعيشية. كما أن تجفيف مصادر تمويل الحوثيين، من خلال تضييق الخناق على التحويلات المالية والجبايات، قد يضعف قدرتهم على تمويل عملياتهم العسكرية.

وفي ظل تلويح الحوثيين بالتصعيد العسكري، قد يشهد اليمن تصاعدا في وتيرة الهجمات سواء داخل البلاد أو ضد الأهداف الإقليمية والدولية، مثل السفن التجارية في البحر الأحمر. بالمقابل، قد يؤدي القرار إلى تحركات عسكرية جديدة من قبل التحالف والقوات الشرعية، في محاولة لاستغلال الضغط الدولي لتضييق الخناق على الجماعة ميدانيا.

أن الأيام المقبلة ستكون اختبارا حقيقيا لمدى تأثير هذا القرار على مسار الصراع. فإذا نجحت الضغوط الدولية في تقليص نفوذ الحوثيين، فقد يدفعهم ذلك إلى تقديم تنازلات سياسية. أما إذا اختارت الجماعة التصعيد العسكري، فقد تدخل اليمن في مرحلة جديدة من العنف والتوتر. في كل الأحوال، يبقى الحل النهائي مرهونا بإرادة الأطراف اليمنية، ودعم المجتمع الدولي لجهود تحقيق السلام العادل والمستدام.

الأطراف الفاعلة في الملف اليمني أمام معادلة جديدة، حيث يصبح من الصعب على أي طرف دولي التعامل مع الحوثيين كجزء من عملية السلام دون تجاوز العقوبات. ومع ذلك، تبقى هناك احتمالات أن تدفع الضغوط الاقتصادية والعسكرية الجماعة إلى إعادة النظر في مواقفها، خاصة إذا تصاعدت الضغوط الداخلية من المجتمع اليمني المتضرر من سياساتهم.

الأشهر المقبلة ستكون حاسمة في تحديد ما إذا كان هذا القرار سيساهم في إنهاء الحرب عبر زيادة الضغط على الحوثيين وإجبارهم على التفاوض، أم أنه سيفتح الباب أمام مزيد من التصعيد العسكري والأزمات الإنسانية.

وسط أمل بأن يقود هذا المنعطف التاريخي نحو سلام حقيقي ومستدام.