اليمن يعيش واحدة من أكثر المراحل حساسية في تاريخه الحديث، حيث تواصل الميليشيات الحوثية الانقلابية السيطرة على مناطق واسعة من البلاد، مما يعمق معاناة الشعب اليمني ويفاقم أزماته الإنسانية. في المقابل، تقف القيادة الشرعية اليمنية، ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي، أمام مسؤولية تاريخية ومصيرية لتحرير البلاد من هذا الوضع الكارثي. تأسس مجلس القيادة الرئاسي ليكون المظلة التي تجمع القوى السياسية اليمنية المناهضة للانقلاب الحوثي، ولقيادة معركة استعادة الدولة. ومع ذلك، فإن أداء المجلس منذ تشكيله لا يزال موضع تساؤل وانتقاد شعبي واسع بسبب غياب خطوات حاسمة وواضحة نحو تحقيق هذا الهدف. المسؤولية الملقاة على عاتق المجلس ليست مجرد مسؤولية إدارية أو سياسية عادية، بل هي مسؤولية تاريخية ومقدسة تجاه الوطن والمواطن، خاصة في ظل المعاناة التي طالت الشعب اليمني منذ انقلاب الحوثيين عام 2014. أبرز ما يعيق القيادة الشرعية عن التحرك الجاد لتحرير الدولة هو استمرار الخلافات الداخلية بين أعضاء مجلس القيادة الرئاسي وبين القوى المنضوية تحت لوائه. هذه الخلافات تشكل العقبة الكبرى أمام تحقيق أي تقدم عسكري أو سياسي ضد الميليشيات الحوثية. التاريخ يعلمنا أن النصر في المعارك الكبرى لا يتحقق إلا بوحدة الصف وتجاوز المصالح الشخصية والحزبية. على مجلس القيادة أن يدرك أن التحدي المصيري الذي يواجه اليمن لا يحتمل الانقسامات، وأن توحيد الجهود هو المفتاح الأول للنجاح. إلى جانب الخلافات الداخلية، يواجه مجلس القيادة الرئاسي اتهامات بوجود فساد وعمالة للدول الاجنبية في بعض أعضائه، وهو ما يشكل خطراً آخر على جهود التحرير. الفساد والعمالة يضعف ثقة الشعب اليمني في القيادة الشرعية، ويستنزف الموارد التي يمكن أن تُوجه لمعركة استعادة الدولة. على القيادة الشرعية أن تبدأ بتنظيف صفوفها، وإظهار الجدية في مكافحة الفساد، لأن ذلك سيعزز ثقة الشعب بها، ويوفر بيئة أكثر انضباطاً وفعالية لتحقيق أهدافها. المعركة مع الميليشيات الحوثية تتطلب تخطيطاً استراتيجياً على المستوى العسكري والسياسي. لا يمكن للقيادة الشرعية أن تستمر في سياسة رد الفعل أو الاكتفاء بانتظار التطورات الدولية. يجب أن تأخذ زمام المبادرة من خلال، تعزيز الجبهة العسكرية بإعادة تنظيم القوات المسلحة والجيش الوطني، وتوفير الدعم اللازم لهم لتحرير المناطق المحتلة. وكذلك بناء تحالفات إقليمية ودولية فعالة والحصول على دعم حقيقي من التحالف العربي والمجتمع الدولي لدعم معركة التحرير. وأيضاً إطلاق مبادرات سياسية شاملة تهدف إلى تعزيز الوحدة الوطنية وإعادة بناء مؤسسات الدولة بعد التحرير. استعادة الدولة من الميليشيات الحوثية لا تقتصر على تحرير الأرض، بل تشمل تحرير المواطن اليمني من المعاناة التي يعيشها منذ سنوات. تحقيق ذلك يتطلب إعادة الخدمات الأساسية، معالجة الأزمات الإنسانية، وإنقاذ الاقتصاد الوطني من الانهيار.
الشعب اليمني الذي دفع ثمناً باهظاً لهذه الحرب ينتظر من القيادة الشرعية العمل على تخفيف معاناته، واستعادة حقوقه، وضمان مستقبله في دولة حرة ومستقرة. إن الأوضاع الحالية تمثل فرصة أخيرة للقيادة الشرعية اليمنية لإثبات جديتها وقدرتها على تحمل المسؤولية التاريخية. مجلس القيادة الرئاسي أمام مفترق طرق، فإما أن يتحرك بحزم نحو تحرير اليمن وتوحيد الجهود لمصلحة الشعب، أو أن يظل في دائرة الصراعات الداخلية، مما يمنح الحوثيين مزيداً من الوقت لتعزيز سيطرتهم. إن تحرير اليمن من قبضة الميليشيات الحوثية ليس مجرد تحدٍ سياسي أو عسكري، بل هو واجب وطني وأخلاقي يتحمل مجلس القيادة الرئاسي مسؤوليته الكاملة. الوحدة، محاربة الفساد، والحسم في مواجهة التحديات هي المفاتيح الرئيسية لاستعادة الدولة. الشعب اليمني ينتظر بفارغ الصبر هذه اللحظة التاريخية، وعلى القيادة الشرعية أن تدرك أن الوقت لا ينتظر، وأن مصير الوطن والمواطن معلق بخطواتها القادمة.