آخر تحديث :السبت-21 ديسمبر 2024-09:11م

رحلة بلا هدف أم مشهد آخر من الكوميديا السوداء؟

الأحد - 15 ديسمبر 2024 - الساعة 05:58 ص
أسعد ابو الخطاب

بقلم: أسعد ابو الخطاب
- ارشيف الكاتب


ها قد حان الموعد مجددًا، تلك اللحظة المنتظرة حيث تعلن الحكومة اليمنية والمجلس الرئاسي عن "عودة تاريخية" إلى العاصمة عدن.

هذا الخبر يملأ وسائل الإعلام، يثير الفضول وينعش أملًا مؤقتًا في قلوب المواطنين، لكنه أمل مشوب بالسخرية، لأن الجميع يعلم جيدًا أن هذه العودة ليست إلا مشهدًا متكررًا من مسلسل طويل عنوانه: "العودة إلى اللاشيء".


الوصول: الإنجاز الأعظم


تتوالى الصور الرسمية: موكب رئاسي مهيب، مسؤولون يهبطون من الطائرة بابتسامات عريضة، وعدسات الكاميرات توثق كل لحظة.

ولكن، لنكن واقعيين، هل باتت العودة إلى العاصمة عدن إنجازًا يُحتفى به؟


ما الفائدة من العودة إن لم تحمل معها حلًا للأزمات؟


كأن الحكومة والمجلس الرئاسي يتعاملان مع العاصمة عدن على أنها موقع تصوير وليس عاصمة تعاني كل يوم من الأزمات.


العاصمة عدن: منصة الظهور الحكومي


من الواضح أن العاصمة عدن أصبحت منصة لالتقاط الصور أكثر من كونها ساحة للعمل الحقيقي..فبدلاً من جلب الحلول، تحمل الحكومة معها المزيد من الوعود المتكررة والخطط الوهمية التي يعرف الشعب أنها ستظل حبيسة الأوراق.

عودة الحكومة أشبه بحضور نجم سينمائي إلى العرض الأول لفيلمه السيئ، حيث الأضواء حاضرة ولكن العمل غائب.


الكهرباء: أسطورة من زمن آخر


أحد أبرز الضحايا الدائمين لعودة الحكومة هو التيار الكهربائي، الذي يبدو أنه يهرب بمجرد أن تحط الطائرة الرئاسية على مدرج العاصمة عدن. المواطن اليمني بات يتساءل: هل الحكومة تعيش على نفس الكوكب الذي نعيش فيه؟


أم أنها تعتقد أن الظلام هو جزء من هوية العاصمة عدن ؟


الرواتب: أحجية بلا حل


المواطن العادي الذي لا يهمه الموكب الرئاسي أو بيانات العودة، لديه سؤال بسيط جدًا: "أين راتبي؟ الحكومة، من جهتها، يبدو أنها ترى أن الرواتب رفاهية، بينما الواقع يقول إن المواطن اليمني يناضل يوميًا من أجل لقمة العيش، وكأن صرف الراتب أصعب من تنظيم مؤتمر دولي.


اجتماعات بلا مضمون:


عندما يعود أعضاء المجلس الرئاسي إلى العاصمة عدن، فإن أولى خطواتهم عادةً هي عقد الاجتماعات، الكثير منها. صور الاجتماعات تُنشر بفخر على وسائل الإعلام، الجميع يبتسم، الأوراق ممتلئة، لكن النتائج؟ لا شيء.

ربما يعتقد المجلس أن كثرة الاجتماعات كافية لإقناع الشعب بأن الأمور تحت السيطرة، بينما الحقيقة أن تلك الاجتماعات لا تزيد عن كونها مسرحية عبثية.


الشعب: المتفرج الصامت


الشعب اليمني، كالعادة، يراقب من بعيد. يتابع الأخبار بتساؤلات ساخرة:


هل سيصلحون الكهرباء؟


هل سيصرفون الرواتب؟


هل سيبنون مدارس؟


لكن الإجابة دائمًا تأتي على شكل وعود فارغة.


المواطن اليمني بات أشبه بالكومبارس في مسرحية لا تنتهي، حيث دوره الوحيد هو التصفيق أو الصمت.


رحلة بلا هدف؟


يبقى السؤال الأهم: ما الهدف من هذه العودة المتكررة؟


هل تعتقد الحكومة أن مجرد وجودها في العاصمة عدن سيحل الأزمات؟


أم أن العودة أصبحت مجرد واجب روتيني يمارسونه لتأكيد وجودهم السياسي؟


الخاتمة: العاصمة عدن لا تزال تنتظر


في النهاية، تظل العاصمة عدن شاهدة على عبثية الوضع.. الحكومة تعود، المجلس الرئاسي يعقد الاجتماعات، الشعب ينتظر، والأزمات تبقى كما هي.

ربما حان الوقت ليدرك المسؤولون أن العاصمة عدن لا تحتاج عودة الجسد؛ بل عودة الفعل. إلى ذلك الحين، ستظل عودتهم مجرد رحلة بلا هدف، في مسرحية لا يبدو أنها ستنتهي قريبًا.